افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الاحد 20 يوليو 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 20 25|07:34AM :نشر بتاريخ
النهار
أصدر مجلس شورى الدولة قراره في الطعن بقرار زيادة الضرائب على المحروقات، وقضى بـ"تجميد قرار الحكومة فرض ضريبة على المحروقات" إلى حين بت أساس المراجعة. فهل يلزم هذا القرار الحكومة؟
استعادت الحكومة في قرار أصدرته في 10 حزيران / يونيو الفائت سياسة فرض الضرائب على اللبنانيين لتمويل ما يشبه "سلسلة رتب ورواتب عسكرية". ولم تجد باباً للتمويل سوى "معشوقة الحكومات الدائمة"، صفيحة البنزين وأخواتها، فقررت تجميد أسعار المحروقات عند مستويات مرتفعة، من دون الأخذ في الاعتبار تراجع سعر النفط عالمياً في الفترة التي اتخذت فيها الحكومة ذلك القرار، ما سيحمّل اللبنانيين والمنتجين على حد سواء الأعباء الكبيرة ويفاقم تراجع القدرة الشرائية المنهارة أصلاً لدى فئات واسعة، بمن فيها العسكريون في الخدمة والمتقاعدون.
وبعد مراجعة تقدم بها رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورؤساء نقابات سياحية، قرر مجلس شورى الدولة تجميد قرارات الحكومة إلى حين بت أساس المراجعة.
صحيح أن القضاء الإداري في لبنان غالباً ما يستند في أحكامه إلى الاجتهادات، إلا أن قراراته ملزمة، عدا عن أن مراجعته مفتوحة أمام كل صاحب مصلحة وكل ذي صفة، بخلاف القضاء الدستوري الذي حدد بوضوح من يحق لهم مراجعته.
بيد أن الإدارة تعمد أحياناً إلى صرف النظر عن قرارات مجلس شورى الدولة في مخالفة لجوهر إنشاء هذا المجلس، علما أن الحكومة التي تصدر قرارات إدارية خاضعة لرقابة مجلس الشورى، ما خلا حالات نص عليها القانون، ومنها ما يتعلق بالأعمال الحكومية أو القرارات التي تصدر استناداً إلى الظروف الاستثنائية.
وتجميد أسعار المحروقات عند المستوى الذي بلغته في شباط / فبراير الفائت، هو قرار إداري خاضع لرقابة القضاء الإداري، وبالتالي على الإدارة (الحكومة) التزام القرار القضائي.
فالمادة 93 من قانون المجلس تنص على الآتي: "على الشخص المعنوي من القانون العام أن ينفذ الأحكام الصادرة عن مجلس شورى الدولة، تحت طائلة المسؤولية (...)".
لذا على الحكومة تنفيذ القرار القضائي، وتاليا إعادة أسعار المحروقات إلى ما كانت عليه قبل فرض الزيادات عليها.
تظهر هنا إشكالية في شأن مصير رواتب العسكريين التي ارتفعت بعد قرار الحكومة، وإذا نفذت الحكومة قرار مجلس شورى الدولة فإنها ملزمة وقف مفاعيل القرار الذي أصدرته.
يؤكد الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين لـ"النهار" أنه "من حيث المبدأ، وبمعزل عن قضية محددة بالذات، وفي ما خص أيّ مراجعة، يعود لمجلس شورى الدولة في معرض النظر في الدعوى، إذا طلبت الجهة المستدعية، أن يوقف تنفيذ القرار المطعون به موقتا، إلى حين الفصل في أساس المراجعة، إذا تبين له أن تنفيذ القرار المطعون به قبل بت الدعوى من شأنه إلحاق الضرر".
ويلفت إلى أن "قرار تعليق التنفيذ ليس نهائيا ولا يقيد مجلس شورى الدولة الذي يمكنه التراجع عنه في ما لو طرأت معطيات جديدة قبل فصل الدعوى، كما يمكنه مع الحكم النهائي أن يتخذ مسارا مطابقا أو مخالفا".
ويخلص إلى أن "أي قرار بوقف التنفيذ بصورة عامة ملزم للإدارة، من دون التطرق إلى مراجعة معينة معروضة أمام القضاء".
وفي حال عدم تنفيذ الحكومة القرار القضائي، لا سبيل قانونياً لإلزامها، علماً أن قرارات مجلس شورى الدولة نافذة حكماً، لكن الممارسة أظهرت أن هناك تقاعساً من الإدارة (الحكومة) في التنفيذ، وقد طالب قانونيون بإضافة نص إلى قانون مجلس شورى الدولة يلزم الإدارة أو الوزير أو الموظف تنفيذ الأحكام ضمن مهلة زمنية معينة، تحت طائلة ملاحقة الممتنع عن التنفيذ بأملاكه وأمواله الشخصية، ما دام هناك مبدأ عام يقول إن أموال الدولة لا تحتجز".
الديار :
الاجواء التي تسبق زيارة الموفد الاميركي توم برّاك مطلع الاسبوع المقبل، تبدو ملبدة ومثقلة بالتسريبات والتكهنات حول المفاوضات التي يجريها، في شأن تنفيذ اتفاق وقف النار والقرار 1701. وما يعزز مناخ القلق بصورة عامة، التطورات المستجدة في سوريا والمشهد الدامي في السويداء، وما جرى ويجري فيها وتداعياتها المحتملة ليس على سوريا فحسب، بل ايضا على لبنان والمنطقة.
وعشية وصول برّاك الى بيروت بعد غد الثلثاء، لم يصدر عن الموفد الاميركي اي تصريحات جديدة تتعلق بلبنان، بعد تلك التصريحات التي صدرت عنه مؤخرا، واحدثت موجة من القلق بسبب حديثه عن الخطر على وجود لبنان، والمخاوف من عودته الى بلاد الشام .
وتضاربت المعلومات حول ما سيحمله برّاك معه، بالاضافة الى جوابه على الورقة اللبنانية، التي كان تسلمه الرؤساء الثلاثة عبر السفارة الاميركية .
تسريبات عن جدول اميركي
وقال مصدر مطلع لـ<الديار» امس، ان الرؤساء الثلاثة اعدوا اجوبتهم على الرد الاميركي، في ضوء الاتصالات واللقاءات التي جرت بينهم، ومنها لقاء رئيس الجمهورية جوزاف عون برئيس المجلس نبيه بري في قصر بعبدا اول امس .
واضاف المصدر «ان لبنان ينتظر ما سيحمله برّاك من اضافات وافكار ، وان هناك تشديدا على وجوب التزام «اسرائيل» باتفاق وقف النار ووقف اعتداءاتها، والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة».
ولفت المصدر الى « ان هناك تلميحات وتسريبات تتعلق بطلب اميركي، لجدولة تنفيذ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وفق روزنامة وجدول زمني، وتحديد مهلة تتراوح بين اوائل الخريف المقبل ونهاية العام الجاري ، لكن هذه المعلومات تحتاج الى تدقيق قبل مناقشتها».
المطالب اللبنانية
وفي هذا الاطار، كشفت مصادر مطلعة لـ»الديار» عن «ان الرؤساء الثلاثة اتفقوا عشية وصول الموفد الاميركي على خطوط عريضة لاثارتها وبحثها معه، ابرزها واولها المطالبة بضمانات اميركية واضحة وموثوقة لانسحاب العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة ، ووقف اعتداءاته واعادة الاسرى اللبنانيين» .
واضافت المصادر «ان النقاش سيتركز ، الى جانب طلب هذه الضمانات، على كيفية التلازم بين تنفيذ لبنان و»إسرائيل» لبنود اتفاق وقف النار ، ومراحل التنفيذ .
برّاك لا يحمل ضمانات
ونقل مصدر سياسي مطلع عن مصادر ديبلوماسية لـ<الديار» امس، ان برّاك «لا يحمل معه في زيارته جديدا في خصوص توفير ضمانات اميركية ملموسة للبنان ، وانه سيكتفي بنقل اجواء الموقف «الاسرائيلي» العام بقبول الانسحاب من لبنان، بعد تنفيذ بنود اتفاق وقف اطلاق النار وفق التفسير والرؤية الاسرائيلية».
وكان رئيس الحكومة نواف سلام قال في حديث تلفزيوني ان «ورقة الموفد الاميركي تتضمن مجموعة افكار من تنفيذ ترتيبات اتفاق وقف العمليات العدائية ، وتقوم على فكرة اساسية وهي التلازم بين الانسحاب «الاسرائيلي»، واتمام عملية بسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها». واضاف ان برّاك «قادم لبحث كيف نترجم ذلك والانسحاب «الاسرائيلي»، في اطار التلازم والتنفيذ على مراحل .
مفاوضات مفتوحة والحسم ليس قريباً؟
وحول نتائج زيارة برّاك المرتقبة قال مصدر بارز لـ<الديار»:«علينا الانتظار لبحث موقفه من الرد اللبناني على افكاره الاخيرة ، لكن الاجواء المحيطة بالزيارة لا تؤشر الى ان زيارة الموفد الاميركي ستنتهي الى نتائج حاسمة ، وان البحث سيتركز على ملاحظات وموقف لبنان من الرد الاميركي».
واضاف : «ان الكلام الذي يسبق كل زيارة لبرّاك عن الحسم، هو مجرد تكهنات وتسريبات صناعة لبنانية. وان الاجواء التي تسود لبنان والمنطقة وما يجري في سوريا ، تؤشر الى ان حسم مهمة الموفد الاميركي لم يحن بعد ، وان ثمة مفاوضات مفتوحة وجولات جديدة معه مرتقبة في المرحلة المقبلة>.
ميقاتي وسلام والسنيورة عند جنبلاط
ودعوات لنبذ الفتنة
من جهة اخرى، تواصلت الاتصالات واللقاءات لدرء مخاطر تداعيات ما جرى ويجري في السويداء السورية، التي اعلن فيها امس عن وقف لاطلاق النار لم يترجم حتى مساء امس، في ظل استمرار المشهد المأساوي والمفجع في المدينة وقرى المحافظة .
وتركزت الجهود بين الفاعليات الدرزية والسنية على وجه الخصوص، للعمل على مواجهة اي عمل يثير الفتنة ويهدد السلم الاهلي .
والبارز امس، زيارة رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في كليمنصو، للوقوف على خاطره بشأن الاحداث الدامية والمؤسفة في السويداء، وللتأكيد على وحدة الموقف الاسلامي والوطني، والتصدي لاي محاولة لزرع الفتنة في البلاد .
وقال جنبلاط «حتى الآن نتمسك بالبيان الذي صدر امس ( اول امس)، ونصر عليه بوقف اطلاق النار في السويداء ، وبعد ذلك ننطلق الى المرحلة الثانية».
وناشد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابو المنى رؤساء وقادة الدول الراعية والمؤثرة في وضع سوريا والامين العام للامم المتحدة « التدخل الفوري لايقاف المجزرة بحق الموحدين الدروز في السويداء>، ودعاهم «للضغط من اجل فك الحصار على مئات الالاف من ابناء السويداء وقرى المحافظة» .
من جهته، رحب رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال ارسلان بوقف اطلاق النار « بين جميع مكونات الشعب السوري الحبيب في السويداء، لتبقى سوريا واحدة موحدة كما كانت عبر التاريخ بوصلة للمواقف العربية الاصيلة، متجاوزة كل المحن والفتن الطائفية والمذهبية>.
كما عقد امس، لقاء موسع درزي - سني في دار افتاء زحلة والبقاع الغرب، بحضور قيادات من الحزب «التقدمي الاشتراكي» والعشائر العربية وفعاليات سنية . واكد النائب وائل ابو فاعور خلال اللقاء «انه لا يمكن القبول بنشر الفتنة الداخلية بين العشائر العربية وبني معروف «، لافتا الى « ان ابناء سلطان باشا الاطرش لا يمكن ان يكونوا الا في الموقف الوطني>.
واشار مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ علي الغزاوي الى « ان لبنان لا ينبغي ان يكون ممرا لفتنة في سوريا، وجماعتنا ستغلق ابواب الفتنة في اي مكان>.
سلام: ملتزمون بالمنحة للعسكريين
وسنسعى لتأمين التمويل
على صعيد آخر، تفاعلت قضية المنحة المالية للعسكريين والمتقاعدين العسكريين مجددا، بعد قرار مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ الضريبة على المحروقات، التي كان ملحوظا ان تمول هذه الزيادة وتنفيذها اعتبارا من اول تموز الجاري .
ومن المنتظر ان تتكثف الاتصالات والجهود لمعالجة هذا الوضع الناشىء عن القرار المذكور، ووقف الضريبة على المحروقات، والعودة الى الاسعار ما كانت عليه قبلها.
واكد رئيس الحكومة نواف سلام الالتزام بقرار المنحة المالية للعسكريين والمتقاعدين منهم وكذلك بقرار مجلس الشورى ، مشيرا الى السعي والبحث عن تمويل آخر غير ضريبة المحروقات ، عن طريق تفعيل الجباية الجمركية وتفعيل جباية الضرائب.
مصدر في «المالية» للديار:
المنحة حق والقرار للحكومة
وكانت وزارة المال اصدرت بيانا مقتضبا اوضحت فيه « ان المسألة قيد الدرس بين وزير المال، الذي قدم الى مجلس الوزراء عرضا للموضوع وانعكاساته، وبين المجلس لاتخاذ القرار المناسب، باعتبار انه هو صاحب القرار النهائي في هذا الشأن».
وساد لغط في اليومين الماضيين حول هذه القضية، التي يفترض ان تكون على طاولة مجلس الوزراء في جلسته يوم الخميس المقبل، او ربما قبل ذلك اذا تقرر عقدها مطلع الاسبوع ، مع العلم ان زيارة الموفد الاميركي باراك قد تحول دون تقديم الموعد .
واوضح مصدر بارز في وزارة المال لـ<الديار»: ان الوزير ياسين جابر «هو من بادر الى العمل، من اجل اعطاء هذه المنحة المالية للعسكريين والمتقاعدين العسكريين، نظرا للظروف الصعبة التي يعيشونها».
واضاف المصدر ان الوزير «شرح بالتفصيل جوانب هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي، رغم ان المجلس لم يكن تسلم بعد قرار مجلس شورى الدولة. ودار نقاش لاكثر من ساعة ونصف الساعة ، لا سيما ان كلفة هذه المنحة المالية تبلغ سنويا 360 مليون دولار>.
واشار المصدر الى «ان هناك وضعا ملتبسا بعد قرار مجلس الشورى ، لا سيما ان تفسير قرار هيئة التشريع في شأن قانون تعليق المهل، يعطي الحكومة الحق في التشريع الجمركي . وهنا لا بد من التأكيد على ان القرار النهائي بشأن ما استجد بعد قرار مجلس الشورى، يعود للحكومة».
واوضح المصدر ان وزارة المال «تأخذ في عين الاعتبار في كل موضوع بحاجة الى تمويل المسار الاصلاحي، الذي تنتهجه الحكومة والمفاوضات مع صندوق النقد . وهي منذ البداية اتخذت قرارا مبدئيا بعدم اعتماد طريقة سلف الخزينة ، انطلاقا من تحقيق الانتظام المالي>. ولفت المصدر الى «شرط صندوق النقد بعدم الصرف، من دون تأمين المدخول لتفادي الوقوع في العجز>.
وقال المصدر ان الوزير ياسين «سيعرض كل هذه الامور على مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وان القرار النهائي سيكون للمجلس». وكرر المصدر ان جابر «هو من بادر الى العمل لاعطاء المنحة للعسكريين والمتقاعدين العسكريين ، وان الوزارة بصدد درس اعطاء زيادة للمتقاعدين المدنيين وموظفي القطاع العام، في اطار تأمين التمويل اللازم لها، وفي اطار الحفاظ على التوازن المالي، لكي لا نعود الى ما كان يجري في الماضي».
واكد المصدر ان مجلس الوزراء «سيبحث هذا الموضوع بكل مسؤولية ودقة، مع التأكيد على حق العسكريين والمتقاعدين العسكريين بهذه المنحة ، وسيتخذ قراره المناسب من دون ان يقدم على دعسة ناقصة. وامامنا وقت لمعالجة هذا الموضوع قبل نهاية الشهر الجاري».
«سكانر» حديثة لمرفأي بيروت وطرابلس
وعن الخطوات الاخرى لوزارة المال لزيادة وتحسين واردات الدولة، كشف المصدر للديار عن «ان الوزارة طلبت مؤخرا من الجهات الامنية والقضائية توقيف عدد من المخالفين في الجمارك، وانها بادرت الى شراء 3 اجهزة «سكانر» حديثة تعمل وفق الذكاء الاصطناعي، وعملت على تسريع وصولها خلال فترة 8 اسابيع بدلا من انتظار سنة . وهي اجهزة حديثة للغاية سيخصص 2 لمرفأ بيروت وواحد لطرابلس ، وقدرة كشف كل جهاز على الكونتينيرات تبلغ 60 في الساعة ، بينما تقتصر قدرة «السكانر» الحالي على 40 فقط في اليوم ، مع العلم ان عدد «الكونتينيرات» التي يستقبلها مرفأ بيروت يوميا هو بين 700 و 800 .
ولمكافحة اللعب بالاسعار والتهرب الضريبي، كشف المصدر عن تفاوض مع احدى الشركات لتحديث عملية معرفة الاسعار من بلد المنشأ قبل الشحن .
نظام المعلوماتية في العقارية والمرفأ
كما كشف المصدر عن تلزيم مشروع نظام المعلوماتية في المرفأ بمنحة من البنك الدولي والاتحاد الاوروبي ، تبلغ مليونين ومئتي الف دولار . وهناك مشروع لنظام المعلوماتية في الدوائر العقارية، لتحديث النظام الضريبي وتحسين ادارة هذا القطاع الهام ، وهو ممول من البنك الدولي والاتحاد الاوروبي بستة ملايين دولار.
الأنباء:
مستجدّات خطيرة تعيد خلط الأوراق في المشهد السوري، مع تجدد الاشتباكات في مدينة السويداء، في خرق واضح للاتفاق الذي اعلن عنه الرئيس السوري أحمد الشرع قبل ساعات قليلة من عودة التوتر، والذي تضمن سلسلة بنود واضحة وفق خطة مرحلية لتخطي هذه الأزمة ومحاسبة جميع المتورطين في الأحداث الأخيرة.
جنبلاط يجدد التمسك بوقف النار
إلى ذلك، يكمن القلق على مستوى المشهد المحلي إثر خشية واضحة من ترددات الأحداث في سوريا على الساحة اللّبنانية. وفي ظلّ الجهود الحثيثة التي يقوم بها الرئيس وليد جنبلاط تفادياً لأي سيناريو مستجد قد يشهده لبنان إزاء إشعال فتيل الفتنة في أي لحظة مع استمرار التوتر، أكّد جنبلاط التمسك بالبيان الذي صدر خلال الاجتماع الاستثنائي في دار طائفة الموحدين الدروز، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار في السويداء للشروع بالمراحل التالية.
جنبلاط شدد على أنَّ الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد للحفاظ على هيبة الدولة السورية وتلبية المطالب المشروعة لأبناء جبل العرب، مؤكداً ضرورة إطلاق حوار بين جميع المكونات الدينية والسياسية والطائفية برعاية الدولة.
رفض طروحات الحماية الدولية
وإذ أدان جنبلاط بشدة أي تصريح يدعو إلى حماية دولية أو إسرائيلية، أكد أنّ هذه الطروحات تشكّل مسّاً بسيادة سوريا وتاريخ السويداء الوطني والعربي، داعياً إلى وقف التصعيد ورفع الحصار عن المناطق المتضررة، والعمل الجاد لتفادي الانزلاق إلى مزيد من التوتر.
وأضاف أن دروز سوريا جزء أصيل من النسيج العربي والوطني السوري، ولا يجوز إخراجهم من عروبتهم أو التعامل معهم كجسم منفصل عن محيطهم الطبيعي.
لقاء تضامني ودعوات للوحدة الوطنية
وفي ظلّ الدعوات إلى رص الصفوف للوقوف في وجه الفتنة، سواء في سوريا ولمنع امتدادها إلى لبنان، عُقد لقاء جمعَ جنبلاط ورؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة، تمام سلام ونجيب ميقاتي، في كليمنصو، بحضور رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط، والنواب مروان حمادة، هادي أبو الحسن، أكرم شهيب، وائل أبو فاعور، بلال عبدالله وفيصل الصايغ، صدر بموجبه بيان عن المجتمعين أثنوا خلاله على مواقف جنبلاط، مؤكدين ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية الداخلية والتضامن الكامل مع المجتمع السوري.
في السياق، لفتَ أبو فاعور إلى أنَّ البيان تضمن بصورة أساسية الدعم الكامل لجنبلاط ومواقفه وحكمته في التعاطي مع المستجدات الراهنة، لافتاً في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى أن النقاش تمحور حول الوضع في السويداء، في ظلّ تفاهم تام حول عدم السماح لأي توتر في الداخل اللبناني، المتمثل بدعوات جنبلاط المستمرة لعدم الانجرار وراء التحريض وحجب الفتنة عن البلد.
أبو فاعور أشار إلى أن اللافت في البيان كان تبني المطلب الذي أعلن عنه جنبلاط من المجلس المذهبي بمحاسبة كلّ المسؤولين عن الفظائع التي ارتكبت بحقّ أبناء المجتمع السوري وهو يعدّ أمراً أساسياً.
استنكار سني
بدوره، استنكر اللواء أشرف ريفي أعمال العنف والتجاوزات التي شهدتها السويداء في الأيام الماضية، داعياً إلى طيّ هذه الصفحة السوداء بتمتين الوحدة الوطنية التي تغلق كل أبواب الفتنة والثغرات والمبررات لتدخّل الأعداء.
وفي حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية، أكد ريفي أن الصراع في سوريا والمنطقة العربية لا يخدم سوى مشروع العدو الصهيوني، مشدداً على أهمية الترابط والتماسك بين أبناء الطائفة الدرزية والأمة العربية والإسلامية، والإلتزام بالحوار والتفاهم لما فيه مصلحة الوطن والأمة.
إلى ذلك، رأى ريفي أن السُّنة يشعرون بانتصار الثورة السورية، معتبراً أن الصراع ليسَ مع الدروز، فالعلاقة معهم إيجابية وبالتالي لا خوف لأن تمتد النيران إلى لبنان.
مواقف متضامنة
في سياق متصل، تلقى جنبلاط سلسلة اتصالات متضامنة، من شخصيات سياسية ودينية أثنت على مواقفه الحكيمة وشجاعته على ضوء الأحداث الدموية في السويداء، والتأييد الكامل لخطابه العاقل بهدف منع ارتداد الأحداث السورية إلى لبنان.
الشرق الأوسط:
أثارت أحداث السويداء الدامية بين فصائل محلية درزية وقبائل البدو المؤيدة للقوات الحكومية في دمشق، وما رافق ذلك من دخول عشائر عربية في المعركة لصالح البدو، تكهنات بأن ما حصل في الجنوب السوري يمكن أن يتكرر في شرق البلاد وشمالها من خلال احتمال اندلاع انتفاضة عشائرية ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً.
وظهر هذا الاحتمال بعد وصول آلاف من مقاتلي العشائر لجبهات المواجهة في السويداء، تلبيةً لنفير عشائري عام، قادمين من محافظات حلب ودير الزور والرقة، علماً أن هذه المحافظات تتقاسم السيطرة عليها قوات «قسد»، وهي تحالف كردي - عربي، والحكومة السورية.
يرى شيخ مشايخ قبيلة شمر العربية الشيخ مانع حميدي دهام الجربا أن الربط بين أحداث السويداء والوضع في منطقة الجزيرة السورية غير وارد. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نثمن دور قوات (قسد) وقائدها الجنرال مظلوم عبدي، في تحقيق توافقات وتوازنات سياسية خلال هذه المرحلة العصيبة البالغة الحساسية، وقد تمكّنا عبر شراكتنا من الوصول إلى تفاهمات تُعد إنجازاً تاريخياً لمنطقتنا وعموم أهلنا»، على حد تعبيره.
وقبيلة شمر الموجودة بشكل رئيسي في محافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا) تتبع لها قوات «الصناديد» التي تشكلت عام 2013، ويقدر عددها بين 7 و10 آلاف مقاتل ينتشرون في قرى تل علو وتل تحميس شرق مدينة القامشلي على طول الحدود العراقية شرقاً. وهي شريك مؤسس في قوات «قسد» إلى جانب فصائل عربية محلية من مدن الرقة ودير الزور.
يضيف الشيخ مانع: «خلال هذه السنوات وصلنا إلى مرحلة نُسمي فيها أنفسنا إخوة التراب، فنحن أبناء منطقة واحدة وأصحاب قضية مشتركة، تجمعنا روح التآخي بين جميع مكونات هذه المنطقة».
وعرفت قوات «قسد» نفسها في بيانها الأول الذي أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بأنها «قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين، تجمع العرب والكرد والسريان، وجميع المكونات الأخرى على الجغرافية السورية». ووقع قائدها مظلوم عبدي اتفاقاً تاريخياً مع الرئيس السوري أحمد الشرع في 10 مارس (آذار) يقضي بدمج قواته وإدارته المدنية في وزارة الدفاع وهياكل مؤسسات الدولة مع نهاية هذا العام.
وأوضح بدر ملا رشيد، الباحث المختص بالشأن الكردي في مركز «رامان» للبحوث، أن «قسد» ومنذ تأسيسها؛ استندت في إعلانها إلى تحالفات مع مجالس عسكرية عربية ذات طبيعة عشائرية. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد ستؤثر أحداث السويداء على تحالفات شمال شرقي سوريا وقد تطرح عدة سيناريوهات، بينها أن تحاول حكومة دمشق الاستفادة من الواقع الجديد في غياب فاعل محلي بالجزيرة لتزيد من ضغطها على قوات قسد».
واستبعد هذا الباحث فرضية وقوع انتفاضة عشائرية في ظل الظروف الحالية، مشيراً إلى وجود جهود أميركية لتثبيت الاستقرار، ورفع جزئي للعقوبات الاقتصادية عن سوريا، بالإضافة إلى عملية السلام مع الأكراد في تركيا. ولفت ملا رشيد إلى وجود عدة عوامل أخرى تستبعد تكرار ما حصل في السويداء في شمال شرقي البلاد، لافتاً إلى غياب فصيل محلي عسكري مثل فصائل السويداء، وعدم وجود طرف إقليمي يدعم هذا الاتجاه. وتابع قائلاً: «الولايات المتحدة تسعى للحافظ على استقرار سوريا، إضافة إلى أن تركيا منخرطة حالياً في عملية السلام مع (حزب العمال الكردستاني)، ولن تدعم حدوث مواجهات شاملة في مناطق (قسد) حتى لا تؤثر على مسارها الداخلي».
شيوخ عشائر... تأكيد على وحدة سوريا وسلامتها
وتنتشر في منطقتي الجزيرة والفرات شمال شرقي سوريا قبائل وعشائر عربية أبرزها البكارة وطي وشمر وجيس والعكيدات والولدة والبو شعبان، لكنها عانت على مدار سنوات الحرب الماضية من انقسامات حادة. وشهد صيف العام الماضي مواجهات دامية بعدما قاد إبراهيم الهفل، شقيق شيخ عشائر قبيلة العكيدات مصعب الهفل، تمرداً عسكرياً متحالفاً مع عشائر ومقاتلين محليين ضد قوات «قسد»، بدعم من النظام السوري السابق وميليشيات إيرانية. وراح ضحية تلك المواجهات مئات المدنيين والعناصر المسلحة.
غير أن أكرم محشوش الزوبع، رئيس مجلس الأعيان في الإدارة الذاتية ومستشار قبيلة الجبور العربية من مدينة الحسكة، وفي رده حول إمكان حصول أي مواجهات بين «قسد» وعشائر محلية سواء في دير الزور أو الرقة، أو انتقال مقاتلي العشائر من جبهة السويداء إلى مناطق الجزيرة السورية، شدّد على أن «هذه الدعوات والتحركات لا تمثل قيم العشائر العربية. هنا امتزج دم مكونات المنطقة من العربي والكردي والمسيحي في المقاومة التاريخية ودحر إرهاب (داعش)، وسنبقى كلنا شعباً واحداً وسنبقى حريصين على بلدنا وقواتنا».
ونوه هذا المسؤول العشائري إلى أن قوات «قسد» تمثّل جميع المكونات، «على الرغم من مساعي جهات عديدة لإثارة الفتنة، لكننا نرفض الموقف الرمادي والمساعي الرامية لإحداث شرخ بين مكونات شمال وشرق والقوات العسكرية»، وعدّ مناطق الإدارة الذاتية الأكثر استقراراً مقارنة بالمناطق والمحافظات الأخرى، لافتاً إلى أنهم أصحاب الأرض و«نحن نقرر مصيرنا وليس صفحات التواصل الاجتماعي. فالقبيلة أو العشيرة يمثلها من هو موجود على الأرض لا أشخاص خارج المنطقة. إننا نؤكد على وحدة وسلامة الأراضي السورية ولا أحد يستطيع المزايدة علينا بالوطنية».
ويتفق الشيخ حامد الفرج شيخ عشيرة الولدة العربية المنتشرة في مدينة الطبقة ومحافظة الرقة مع كلام شيخي شمر والجبور، مؤكداً دعم أبناء العشائر العربية الموجودة في مناطق الإدارة الذاتية لقوات «قسد». وقال: «جميع العشائر العربية والمكونات هنا متضامنون يداً بيد مع (قسد) ضد أي أجندات تحاول العبث في أمن واستقرار مناطقنا»، داعياً أبناء العشائر إلى «ضرورة تكاتف الجميع للوقوف ضد المشاريع التي تسعى بشكل يومي لضرب الاستقرار في مناطق الإدارة. (قسد) قضت على الإرهاب وتحمي أمان شعوب المنطقة، وتقدم جميع الخدمات وفقاً للإمكانيات المتاحة».
وبالطبع لا تلقى المواقف المؤيدة لـ«قسد» من هذه العشائر العربية إجماعاً بينها، إذ إن هناك منتمين إليها يقيمون خارج مناطق الإدارة الذاتية يجاهرون برفضهم لسيطرتها وتأييدهم تسليم مناطقهم لحكومة الرئيس أحمد الشرع في دمشق.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا