لبنان يتّجه نحو الزراعة التعاقدية: لتحقيق السيادة الغذائية وتعزيز دخل المزارعين.

الرئيسية اقتصاد / Ecco Watan

الكاتب : المحرر الاقتصادي
Jun 20 25|12:12PM :نشر بتاريخ

في إطار التوجّه الحكومي نحو إصلاح السياسات الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي الوطني، عُقد في وزارة الاقتصاد والتجارة لقاء موسّع برعاية وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور عامر بساط ووزير الزراعة الدكتور نزار هاني، وبمشاركة ممثلين عن نقابات مزارعي القمح ونقابة أصحاب المطاحن في لبنان.
وشكّل هذا اللقاء محطة مفصلية على طريق اعتماد نموذج الزراعة التعاقدية كخيار استراتيجي، من خلال وضع آلية تنفيذية واضحة تتيح شراء القمح المحلي مباشرة من المزارعين لصالح المطاحن، ما يعزز التكامل في سلسلة الإنتاج ويؤسس لشراكات طويلة الأمد بين المنتجين والمصنّعين.
الوزير هاني: الزراعة التعاقدية أداة لتحقيق السيادة الغذائية
وخلال اللقاء، شدّد وزير الزراعة الدكتور نزار هاني على أن تحقيق السيادة الغذائية لم يعد خيارًا بل أولوية وطنية، مشيرًا إلى أن الزراعة التعاقدية تمثّل إحدى الركائز الأساسية لهذه الاستراتيجية. وأكد أن وزارة الزراعة، وبتوجيهاته المباشرة، تعمل على دعم الإنتاج المحلي من القمح عبر:
• توفير البذور المحسّنة عالية الجودة
• إطلاق برامج إرشاد متقدمة
• دعم الممارسات الزراعية المستدامة
• تعزيز القدرة التفاوضية للمزارعين
وقال الوزير هاني: "نعمل على نقل القطاع الزراعي من نمط الإنتاج العشوائي إلى نموذج إنتاجي حديث قائم على التعاقد المسبق، ما يوفّر الحماية للمزارع، والاستقرار في الأسعار، وضمان تصريف الإنتاج، وكلها عناصر حيوية لتحقيق أمن غذائي مستدام."
تكامل حكومي ومؤسسي لدعم سلسلة القمح
بدوره، أكد وزير الاقتصاد الدكتور عامر بساط على أهمية تقليص الاعتماد على الاستيراد، معتبرًا أن الزراعة التعاقدية تُشكّل حجر الأساس في استراتيجية تعزيز الإنتاج المحلي. وأشار إلى أن هذا التعاون بين الوزارتين، إلى جانب النقابات، يهدف إلى بناء سلسلة متكاملة تبدأ من الأرض وتنتهي برغيف الخبز.
الزراعة التعاقدية: نموذج مبتكر للتنمية الريفية
يعتمد نموذج الزراعة التعاقدية (Contract Farming) على اتفاقات مُسبقة بين المنتجين والمشترين، ما يعزّز استقرار العلاقة التعاقدية، ويحد من المخاطر التي يواجهها المزارعون. وقد أثبت هذا النموذج فعاليته عالميًا في رفع جودة الإنتاج وتحقيق دخل مستقر، خاصة في الدول التي تمر بتحديات اقتصادية ومالية.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، فإن الزراعة التعاقدية تسهم في:
• تحسين فرص حصول المزارعين على التمويل والمدخلات
• تخفيف تقلبات الأسواق
• رفع جودة الإنتاج الزراعي
• تحسين دخل المزارعين بنسبة تصل إلى 50%
الخطوة التالية: إطار قانوني ومنصة رقمية
كخطوة عملية، ستتولى الوزارتان إعداد إطار قانوني وتنظيمي شامل للزراعة التعاقدية، يضمن حقوق الطرفين، ويحد من النزاعات عبر آليات تحكيم واضحة. كما سيتم إطلاق منصة رقمية وطنية لربط المزارعين بالمطاحن والمصانع الغذائية، وتسهيل التعاقد الإلكتروني وإدارة البيانات والإنتاج.
نحو رؤية وطنية للإصلاح الزراعي
يعكس هذا التوجّه الجاد رؤية إصلاحية يقودها الوزير نزار هاني للنهوض بالقطاع الزراعي، عبر إعادة بناء الثقة بين الدولة والمزارع، وخلق شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، ما من شأنه أن يوفّر فرص عمل، ويثبّت السكان في أرضهم، ويعزز صمود المناطق الريفية.
وفي ظل ما يمرّ به لبنان من أزمات اقتصادية متراكمة، تمثّل هذه الخطوة بداية لمسار إصلاحي طويل الأمد يرسّخ دعائم الأمن الغذائي والسيادة الإنتاجية، ويعيد الاعتبار للقطاع الزراعي كأحد أعمدة النهوض الوطني.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan