زخور ينتقد قرارات محاكم الإيجارات
الرئيسية اقتصاد / Ecco Watan
الكاتب : المحرر الاقتصادي
Jun 27 25|12:05PM :نشر بتاريخ
اصدر رئيس تجمع الحقوقيين المحامي اديب زخور بيانا يتعلق بتعليقه على قرارات محاكم الايجارات في المتن وغيرها من القرارات الصادرة عن بعض القضاة المنفردين، استشهد بداية بأقوال العلامة عبد الرزاق السنهوري (مصر): "الأحكام الاستثنائية تفسَّر تفسيرًا ضيقًا ولا يجوز التوسع فيها، لأنها تخالف الأصل العام." المرجع: الوسيط في شرح القانون المدني – السنهوري، الجزء الأول
اضاف:" من هنا يتوجب توافّر شرط وحدة القانون في احكامه واجراءاته وربطها ببعض والتأكد من وجود مؤسساته وعمله والاجراءات امامه بطريقة فعلية وليس رمزياً وعدم ابتداع اجراءات للاسقاط خارج النصوص، كما لا يمكن عند احتساب بدء السنوات التمديدية بدء احتساب المهل دون وجود اللجان والصندوق وعملها وتمويلها بخاصة ان القانون ربط بينها وبين بدء المهل وبالتزامن مع بدء تقديم الطلبات بالتوازي كل عام واعطاء التعويضات تحت طائلة سقوط المهل والحقوق والتعويضات والطلبات وسقوط معه بدء احتساب المهل والهيكلية القائم عليها القانون، بحيث لا يمكن لمحاكم بداية واستئناف ايجارات المتن ان تخالف وحدة القانون، واصدار قرارات بعد مرور سنوات على ثبات الاجتهاد بانطلاقة القانون منذ العام 2017.
كما تذكر بعض الاحكام انها تراعي وحدة المواد كقرار قاضي الايجارات في جبيل ولكن هذه العبارة جاءت على المستوى النظري، ولكن عملياً يوجد 37 مادة في قانون الايجارات السكنية 2/2017، وعملياً متصلة بأغلبيتها باللجان والحساب التي لم تنشأ عملياً وتمارس عملها اصولاً وهي وحدة ككل متماسكة، لا يجوز فصلها عن اي مبدأ أو مادة او عدم تطبيقها دون المساس بجوهر القانون وتوازنه وللحقوق المكتسبة وتتحقق المخالفة لأحكام القانون كوحدة متماسكة ولكل مادة منفردة، بل اكثر من ذلك عمد المشرّع على وضع مادة مستحدثة وجديدة في القانون 2017 وهي المادة 58 علّق بموجبها جميع الاجراءات ذات الصلة بكافة ابعادها وجاءات على سبيل المثال، للتأكيد على عدم سريان القانون وذلك لحين انشاء الحساب ودخوله حيّز التنفيذ،
ويقول العلامة رودولف فون ييرينغ " يجب اعتبار القانون ككل متماسك، فلا يجوز فصل مادة أو مبدأ دون المساس بتوازنه"
(Rudolf von Jhering (« Le droit doit être considéré comme un tout cohérent, on ne peut isoler un article ou un principe sans en compromettre l’équilibre. »
بخاصة ان القانون فرض العديد من الاجراءات التي اصبحت غير قابلة للتطبيق كونها بدورها مباشرة بعمل اللجان والحساب ومتصلة بكافة مواد قانون الايجارات ويتوجب ممارستها كل عام، وأخذ الحقوق في وقتها وتقديم الطلبات اليها تحت طائلة سقوط هذه الاجراءات عند عدم ممارستها او تقديمها وتؤدي الى اسقاط الحقوق بالتعويضات للمستأجرين وضمن شروط محددة من التمديد، واصبحت غير قابلة للتطبيق، اضافة الى الاختلاف والانتقائية في تطبيقها بين الاقلام والمحاكم. وبالرغم من ان المادة 58 علّقت كل هذه الاجراءات دون اي شرط، ابتداء من الاجراءات المترافقة لتعيين الخبراء (بقولها تعلّق ايضاً كل ما يؤدي الى تحديد بدل المثل والخطوات الاولى منها تعيين الخبراء والكشف والتقارير وحتى الاتفاق الرضائي)وهي منصوص عليها ومتصلة بكافة مواد القانون مروراً بدعاوى الاسترداد وتحديد بدل المثل والاستفادة من الحساب المتصلة بصلاحية اللجان والمتصلة بدورها بالصندوق والمرتبطة بدورها بمهل واجراءات اصبح مستحيلاً ممارستها لانها منصوص عليها تحت طائلة الاسقاط.
والأهم، لا يمكن فرض شروط واجراءات خاصة على المستأجرين من خارج النصوص والمواد ، وصولاً لاسقاط حقهم من التمديد، كفرض شروط على المستأجر في إحدى القرارات الصادرة عن قاضي الايجارات في المتن بإعلام المالك تحت طائلة سقوط حقه، كون قانون الايجارات استثنائي ولا يجوز التوسع بتفسيره، كما تشكل مخالفة واضحة للمادة 16 التي لم تفرض الاسقاط الحكمي كما بينا سابقاً، ولتعذر تطبيقها، ولوحدة القانون وتماسكه، بخاصة ان الخطأ يقع على الدولة بعدم انشاء وعمل اللجان والحساب واستحالة ممارسة الاجراءات والخيارات العائدة للمستاجر حتى تاريخه والمنصوص عليها في بعض الحالات تحت طائلة الاسقاط وبحاجة الى تعديل لإمكانية ممارستها ولا يكفي الاشارة الى القانون بشكل عام.
يراجع محكمة التمييز- مدنية رقم 53 تاريخ 31/5/2006" ان الاسقاط من حق التمديد يفترض ادارة ثابتة غير متنازع فيها فيأتي منصباً على طلب الجهة المؤجرة اسقاط المستأجر من حق التمديد المحددة حصراً في القوانين الاستثنائية للإيجارات".
وبالتالي، ان التعليق لكل هذه المواد ال 37 للايجارات السكنية مستمر لحين انشاء الحساب ودخوله حيّز التنفيذ استناداً الى المادة 58، والتزاماً بوحدة النصوص والمعايير، ولحين التمويل والدفع الفعلي وتعديل المواد الاجرائية والمهل التي سبق ومرت دون تطبيق، مع التذكير ان الحكومة افرغت الحساب من اي فلس الذي تم تمويله اولاً بشكلا رمزي من هذا التاريخ، واعيد افراغه بموجب المرسوم رقم 8836/2022، وهي غير قادرة على التمويل،
ويقول العلامة والفيلسوف جان بودان إن "القانون وحده لا يحكم، بل المؤسسات والآليات التي تطبقه هي التي تحقق سيادته."
يراجع: جان بودان (Jean Bodin) – الفيلسوف والقانوني الفرنسي
"Le droit seul ne gouverne pas; ce sont les institutions et les mécanismes qui l'appliquent qui assurent sa souveraineté."
هذا القول يؤكد أن القانون لا يحقق هدفه إلا بوحدة النصوص وبوجود مؤسسات وآليات تنفيذية تؤمن وحدته وسيادته، اي سيطرته التطبيقية، وإلا يبقى مجرد نص على الورق، وهذا ما اوضحه القرار الصادر بتاريخ 28/4/2025 عن محكمة الاستئناف في جبل لبنان برئاسة الدكتورة القاضية ريما شبارو والمطابق لقرارات محكمة التمييز ولا سيما قرار الرئيس حدثي والمستشارتين علاّوي وغنطوس، تاريخ 30/12/93، ولا يمكن حتى ان تبدأ بمباشرة تعداد السنوات بدون وجود هذه المؤسسات وضمان ممارسة الاجراءات امامها، بعكس ما جاء عن محكمة استئناف الايجارات في المتن وفي القرار الصادر عن قاضي الايجارات في جبيل، على سبيل المثالن
زد على ذلك ان القانون اعطى الافضلية للمستأجرين بالحصول على القروض بالافضلية من مصرف الاسكان والمؤسسة العامة للاسكان، كما هو منصوص عليه في المادة 37 والتي عطفها المشرّع صراحة على المادة 15 وذكرها بالتخصيص وتوضح ان التمديد بعد انشاء المؤسسات وعملها وتصحيح الاجراءات وضمان تنفيذها واعطاء الحقوق كاملة، فتكون الانطلاقة من سريان القانون وفقاً للمادة 60 من تاريخ نشره في العام 2017،
وتكون القرارات خالفت تفسير النصوص الصريحة للقانون وأخطأت في تطبيق القانون وافرغته من محتواه القانوني، وجزأته للوصول الى انهاء القانون بشكل انتقائي ومجتزأ، ومخالف للقانون.
كما إن القول في حيثيات قرار محكمة استئناف ايجارات المتن تاريخ 27/2/2025، وبعض القرارات الصادرة بداية، ان القانون في المادة 15 منه اضاف عبارة " لغير المستفيدين من الصندوق 12 سنة" ، وان هذه العبارة جديدة وتختلف عن المادة 15 المذكورة في القانون 2014، وانتهى بالقياس وبربطها بالقانون المذكور للقول بانطلاقة السنوات التمديدية من العام 2014، بالرغم من ان النص واضح في القانون 2017 التي نصت حرفياً " تمدد لغاية تسع سنوات، والمستفيدين من تقديمات الصندوق لغاية 12 سنة، من تاريخ نفاذ هذا القانون،.."اي من 28/2/2017، وان العبارة واضحة وسهلة ومباشرة وقد صدرت العديد من القرارات بداية واستئنافاً مع عطفها على المادتين 59 و60،
يراجع:العلامة . د. سليمان الطماوي (مصر)
"يُفسّر النص الاستثنائي تفسيرًا ضيقًا، ولا يجوز القياس عليه أو التوسع فيه لأنه ورد على خلاف الأصل."
ويقول العلامة جان بودان (Jean Bodin)فيلسوف وقانوني فرنسي من القرن الـ16، وهو من المؤسسين لمفهوم السيادة والقانون الموحد، ويؤكد على أن القانون الأحدث يلغي القانون الأقدم في حالة التعارض.
"La loi postérieure prévaut sur la loi antérieure en cas de contradiction."
القانون اللاحق يسود على القانون السابق في حالة التعارض.
وبالتالي يجب عند مقاربة اي من القانونين بغض النظر ان قانون 2014 تم ابطاله في المجلس الدستوري وعطّل 37 مادة متعلّقة بالايجارات السكنية، والاشكاليات المطروحة، فإنه القانون الاحدث يلغي القانون الاقدم في حالة التعارض فكيف لو كان هناك نصّ صريح في المادة 59 من القانون 2017،
ومن العودة الى النصوص،
فإن المادة ٥٩ من قانون الايجارات ٢/٢٠١٧ نصّت على الغاء جميع الاحكام المخالفة او المتناقضة معه، وبالتالي مع اختلاف احكام المادة 15 من القانون 2017 مع تلك الموجودة في العام 2014 كما جاء في القرارات الصادرة عن محكمة استئناف جديدة المتن تاريخ 27/2/2025، وبعض القرارات البدائية، فإن هذه القرارات عمدت على تعديل المادة 15 وعطفها على تلك الموجودة في القانون 2014، وتعديل مواد القانون 2/2017 بدلاً من الغاء المواد المخالفة سندا للمادة 59، ومن بين القرارات البدائية من فسّر بأن هناك خطأ من المشرّع، وبعضها قارن مع قوانين تعليق المهل، وغيرها، علماً أنه يعود للقضاء تفسير المعاني والالفاظ ومواد القانون بترابطها ببعض،
وفي مطلق الاحوال، لا يمكن تجاوز المادة 59 الصريحة في القانون 2/2017، حيث يتحقق الالغاء حكماً ولا يجوز التعديل عند اي اختلاف او تناقض سواء القانون كوحدة لا تتجزأ او بكل مادة على حدة، سواء مع المادة 15 او غيرها،
ومن هنا يوضح الفقه الفرنسي والفقه القانوني العام أن: الإلغاء (abrogation) هو رفع النص من النفاذ وعدم تطبيقه، وهو إجراء يفقد النص القديم قوته القانونية.
بل اكثر من ذلك، لا يجوز التعديل (modification) في ظل وجود الالغاء، بل ونصوص واضحة بالالغاء الكلي والجزئي،
كما أكد مارسيل فالين (Marcel Waline):
"L'abrogation implique la disparition de la norme ancienne,
كما ان ذهاب بعض المحاكم الى تعديل المادة 15 تارة بالقياس مع المادة 15 من القانون 2014، يكون خالف القانون حيث لا تصح اصلاً لوجود نص صريح في الالغاء ولكون القانون الجديد يحلّ حكماً مكان القديم، ولكونه لا يجوز القياس في النصوص الاستثنائية، والاهم لوضوح المواد القانونية ومنها المادة 15، يوضح العلامة فالين ان القانون الاستثنائي لا يُمدّد أو يُقاس عليه لأنه خروج عن الأصل العام
يراجع: . مارسيل فالين (Marcel Waline) – فقيه فرنسي:
"Les règles dérogatoires ne s'interprètent pas par analogie."
"القواعد الاستثنائية لا تُفسّر بالقياس."
بخاصة ان المادة 15 صريحة وواضحة ولا تحتاج لا الى تفسير او توضيح، حيث لا يمكن التوسع بشرح القانون الاستثنائي بخاصة عند وضوحه وضوح الشمس،
يراجع: Maxime latine – Interpretatio cessat in claris
: «Quand la loi est claire, il ne faut point en éluder la lettre sous prétexte d’en pénétrer l’esprit.»
اي"عندما يكون النص واضحًا، لا ينبغي التهرب من حروفه بزعم الانغماس في روحه"
قالها Jean Étienne Marie Portalis في الخطاب التمهيدي للقانون المدني الفرنسي القاه في العام 1801
discours preliminaire du premier projet de code civill 1801
وفي ظل المادة 60 التي حصرت نطاق عمل القانون 2/2017 من تاريخ نشره في 28/2/2017، ودون اي مفعول رجعي، فتكون المواد كافة والتعديلات على المواد التي ابطلها المجلس الدستوري خارج نطاق التعديل، ومنها اللجان وتأليفها وتطبيقها وعملها على درجة واحدة، اي ان الابطال الدستوري لا يزال قائماً في اللجان وتأليفها ودرجاتها وعملها العائدة للقانون 2014، زد على ذلك عدم انشاء الصندوق الذي تغيّرت هيكليته الى حساب في القانون 2/2017، ومن جهة ثانية اضاف المشترع مادة جديد "59"بإلغاء جميع الاحكام المخالفة للقانون 2/2017، ومنها القانون 2014، مع التشديد ان المواد المضافة او المعدّلة طالت القانون برمته، بحيث اعيد نشره كاملاً بعكس التعديلات على قانون الايجارات عام 1994 الذي عدل بعض مواد 160/92 بمفعول رجعي، كما لا يمكن تطبيق نصين قانونيين متناقضين في نفس الوقت على الحالة ذاتها، مع تكريسها بوضوح في المادة 59 المستحدثة حصراً في القانون 2017/2،
يراجع: قرار المحكمة العليا الفرنسية (Cour de cassation)
في قرارها الرقم 1234/1999، قالت المحكمة:
« Il est impossible d’appliquer simultanément deux textes législatifs contradictoires régissant une même situation juridique. Le texte postérieur prime et annule le texte antérieur en cas de conflit. »
"لا يمكن تطبيق نصّين قانونيين متناقضين في نفس الوقت على نفس الوضع القانوني. النص الأحدث هو الذي يسود ويلغي النص السابق عند التعارض."
وهذا القرار يُعتبر من المبادئ الراسخة في القانون الفرنسي وحل النزاعات التشريعية.
كما ضمن هذا السياق يمكن مراجعة القرار المميّز بتعليله وحيثياته الصادر قاضي الايجارات في طرابلس القاضية سمر البحيري تاريخ 24/2/2025، الذي قضى يردّ دعوى اخلاء المأجور واعتبار قانون 2014 ملغى والقانون 2017 حلّ مكانه،
كما ان الذهاب الى القياس والمقارنة مع القانون 2014 لتبرير شرح التمديد المذكور في المادة 15 على انه من العام 2014 وبعكس صراحة ومضمون المادة ذاتها الصريحة وبدلاً من مقارنتها وارتباطها واتصالها بذات مواد القانون 2/2017، يكون خالف تفسير وتطبيق مواد القانون ووحدة مواده وتماسكها كما بينا. أمّا التبرير تارة ان المشرّع اخطأ في كتابة النص، وتارة القياس والخروج عن النصوص والرجوع الى قوانين اخرى، هي أقوال وتفاسير مخالفة ومبالغ فيها ويعكس ان المفهوم التمديد وفقاً للمادة 15 من القانون 2017 هو صحيح بينما التفسير والتطبيق خاطئين بعطفها على القانون 2014، بخاصة أنه لا يؤخذ بحيثية "خطأ المشرّع" والقياس والخروج عن النص الواضح، الذي يخالف ايضاً مبدأ سيادة النص المكتوب وهو القاعدة حيث لا يجوز التوسّع في شرح القوانين الاستثنائية كما بينا،
«Le texte formulé de la loi doit prévaloir sur les intentions réelles ou supposées du législateur…»
اي: النص التشريعي المكتوب هو الأعلى، ولا يمكن تجاوزه بالعودة إلى نوايا المشرّع.
المرجع: قرار Luxembourg, Cour de cassation 19 ديسمبر 2024
وأقلّه عند تعارض مواد القانون 2/2017 مع غيرها تطبق مواد القانون الجديد، وقد صدرت عن غرفة الرئيس ايمن عويدات العديد من القرارات ومنها قراراً بتاريخ 24/6/2021 تحت الرقم 318/2021، واعتبر سريان القانون والزيادات وفقاً لقانون الايجارات هو من تاريخ نشر القانون الرقم 2/2017، وصدرت بعدها مئات القرارات من مختلف المحاكم بداية تؤكد هذا التوجه مستندين الى صراحة المواد 15 و58 و59 و60 من قانون الايجارات، باستثناء محكمة استئناف الايجارات في جديدة المتن ومن بعض القضاة المنفردين، حيث أخطأت في بعض القرارات في قراءة وتفسير القانون وتطبيقه كما بينا، وتنعكس سلباً على العائلات اللبنانية التي ينقسم مدة التمديد لهم تبعاً للمنطقة التي يسكنوها وبانتظار التعويضات المنتظرة والمطلوب توحيد الاجتهاد رأفة بالعالم".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا