الجمهورية: القلق يتراكم داخلياً.. وأجواء المنطقة حربية... يتباكون على تصويت المغتربين ليصادروا التمثيل
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 03 25|08:59AM :نشر بتاريخ
يتزايد الضغط النفسي على اللبنانيّين، عبر مراكمة عوامل القلق في الأجواء الداخلية، سواء من خلال تجنّد بعض الغرف والقنوات للترويج والتخويف من جهة لتحضيرات المجموعات التكفيرية للاندفاع من الحدود السورية في اتجاه لبنان، ومن جهة ثانية لرسم سيناريوهات حربية إسرائيلية باتت وشيكة انطلاقاً من الجبهة الجنوبية، او من خلال جنوح بعض أطراف الداخل إلى تفخيخ الملفات الخلافية ومحاولة تفجيرها في واقع لبناني هشّ منقسم على ذاته، على ما جرى بداية الأسبوع الجاري مع المحاولة الفاشلة لتفجير الصّاعق الإنتخابي في الجسم اللبناني، وتعمّد صبّ الزيت على نار الملف الأكثر خلافية وحساسية، والمتعلق بسلاح «حزب الله»، وتثبيته حلبة الإشتباك العنيف حوله، وعلى نحو لا يبدو أنّه يستهدف السلاح كملف، بقدر ما يستهدف التوجّه الرئاسي بإبقائه في دائرة التعاطي الهادئ معه، والمقاربة المسؤولة وتجنّب اي خطوات تجاه هذا الملف، قد تترتب عليها تداعيات غير محسوبة.
الاثنين: مقاربة الملفين
داخلياً، تتسارع الخطى السياسية على خطين يلتقيان يوم الاثنين المقبل، يفترض أن يتبدّى في الاول الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويتظهّر الموقف اللبناني الرسمي من ورقة الحل الأميركية، ويُبلّغ إلى الموفد الأميركي توماس برّاك الذي سيصل إلى بيروت بداية الاسبوع المقبل، فيما تنطلق في اليوم نفسه جلجلة الانتخابات النيابية، مع الاجتماع المقرر للجنة النيابية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة لدراسة اقتراحات القوانين الانتخابية الستة المدرجة في جدول أعمالها، والتي من غير المستبعد ان تزيد أكثر ربطاً بالشهية النيابية المفتوحة على تعديلات لقانون الانتخابات النيابية الحالي.
الورقة الأميركية
عشية وصول الموفد الأميركي إلى بيروت، بقي الجواب اللبناني الرّسمي على طاولة النقاش في «اللجنة الرئاسية» لبلورته بصيغته النهائية. وفيما تُحاط نقاشات اللجنة بكتمان شديد، اكتفت مصادرها بالتأكيد لـ«الجمهورية» بأنّ اجواء النقاشات إيجابية جداً، وتتقاطع جميعها على ما يخدم مصلحة لبنان، التي تتأمّن بصورة أكيدة بوقف الإعتداءات الإسرائيلية والتزام إسرائيل باتفاق وقف اطلاق النار وإطلاق الأسرى اللبنانيين، والانسحاب من المناطق اللبنانية التي تحتلها».
ورداً على سؤال لـ«الجمهورية» قال مرجع سياسي: «في الورقة الأميركية الكثير من التفاصيل والعناوين، من الجنوب إلى الشرق أي الحدود السورية، مزارع شبعا، وصولاً إلى السلاح (سلاح حزب الله، والسلاح الفلسطيني)، وبالتالي تحتاج إلى مقاربة بعناية شديدة، وحتى الآن لم ننته من وضع جوابنا وملاحظاتنا على مضمونها، وربما ننتهي من إعداد الجواب في غضون الساعات الأربع والعشرين او الثماني والأربعين المقبلة، ومن الآن حتى يوم الاثنين عليكم خير».
وعن جوهر الجواب قال: «تعرفون انّ لبنان قام بما هو مطلوب منه، سواء بالالتزام باتفاق وقف اطلاق النار، والقيام بالإجراءات التي تعكس الالتزام الكامل بمندرجات القرار 1701 ونشر الجيش في منطقة عمل قوات «اليونيفيل». والبديهي في هذه الحالة ان ننص في جوابنا على ذلك». الّا انّ المرجع عينه لفت رداً على سؤال، إلى انّ الورقة الأميركية ليست منزلة، ومن قال ذلك، هي بداية نقاش، الأميركيون يقولون انّها فرصة لحل سياسي، ونحن موقفنا معروف اننا مع الحل السياسي، ونقاربها من منطلق الحرص على مصلحة لبنان، أي مصلحة لبنان اولاً، ورفض كل ما يمكن ان يتعارض مع هذه المصلحة».
وماذا عن سلاح «حزب الله»، قال: «حزب الله» هو الطرف المعني بالجواب حول هذا الامر، وما استطيع أن اقوله هو انّ النقاشات تتناول كل شيء، ولا ننسى أنّ رئيس الجمهورية اخذ على عاتقه مقاربة ملف السلاح بطريقة هادئة».
وصول بن فرحان
إلى ذلك، افادت معلومات اعلامية ليل امس، عن وصول الموفد السعودي يزيد بن فرحان الى بيروت، في زيارة تستمر أياما عدة، واشارت المعلومات الى انه سيلتقي الموفد الاميركي توماس براك.
استنفارات ومزايدات
وإذا كانت جلسة مجلس النواب التي انعقدت بداية الاسبوع الجاري، قد أحبطت المحاولة التي قادها حزب «القوات اللبنانية» ومعه حزب «الكتائب» ومجموعة من النوّاب الذين يسمّون أنفسهم تغييريّين وسياديّين، وعبر عريضة نيابية ذرفت نهراً من الدموع السياسية على حق المقيمين في الخارج في التصويت لكلّ مجلس النواب وليس تخصيصهم فقط بستة نواب على مستوى القارات، وحصر التصويت لهم، فإنّ الأجواء النيابية والسياسية السابقة لاجتماع الاثنين تؤشّر إلى أنّ الامور متّجهة نحو ما يصحّ وصفه بـ«صدام الاقتراحات»، حيث أنّ النقاش في الاقتراحات الانتخابية يبدو مفتوحاً على بازار سياسي كبير تتجاذبه استنفارات نيابية متقابلة ومزايدات كاذبة، يشدّ فيها كلّ طرف الحبل الانتخابي في اتجاهه، ومحاولة تسويق اقتراحه الانتخابي المفصّل على مقاس مصلحته الانتخابية وتعزيز رصيده من المقاعد النيابية.
وعلى ما توحي الأجواء، أنّه من غير المستبعد إعادة تكرار محاولة فرض إشراك المقيمين في الخارج في عملية التصويت لكل مجلس النواب، من قبل الجهات السياسية التي تراهن على صوت المغتربين كعنصر عددي لا أكثر، يتيح لها مصادرة التمثيل واحتكاره. ومن قبل نواب ما كانت أقدامهم لتطأ مدخل مجلس النواب وليس قاعته العامة، لولا الصدفة الإغترابية التي وفّرها لهم القانون الانتخابي في الانتخابات السابقة، ولذلك تراهم أكثر المتحمّسين لتكرار تلك الفرصة في الإنتخابات المقبلة لتجديد ولايتهم المهدّدة بالزّوال نهائياً.
ووصفت مصادر نيابية النقاش النيابي المرتقب، بأنّه عقيم، بالنظر إلى الفوارق الفاصلة بين المكونات السياسية. وأشارت إلى انّ اجتماع الاثنين المقبل، سيبدأ تلقائياً في البند الأبعد مدى، اي الاقتراحات المقدّمة من «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها الرئيس نبيه بري، الذي يقوم على التلازم بين الوصول إلى مجلس نيابي خارج القيد الطائفي عبر انتخابات على مستوى الدائرة الواحدة في لبنان، او على مستوى الدائرة الواسعة اي المحافظات وانتخاب مجلس للشيوخ.
وقلّلت المصادر من احتمال السير بهذا الاقتراح، كاشفة انّه مطروح للنقاش، فإن تمّ التوافق عليه نكون بذلك قد قدّمنا خدمة جليلة للبلد، واذا ما تعذّر ذلك فإنّ نواب كتلة بري مفتوحون على النقاش حول كل الاقتراحات، والتعديلات التي من شأنها تنقية القانون الحالي مما يعتريه من شوائب وثغرات كان لها الأثر البالغ في تخريب البلد، والأهم في سياق التعديلات هو إقرار البطاقة الانتخابية وضرورة العمل فيها في الانتخابات المقبلة.
وكشفت المصادر عن توجّه جدّي لطرح تعديل جذري في القانون الحالي، ولاسيما في ما خصّ الصوت التفضيلي، حيث ثمة اقتراحات برفعه إلى صوتين او ثلاثة. واما بالنسبة إلى تصويت المغتربين فالرئيس بري ووفق ما جرى في الجلسة التشريعية قبل يومين، وجّه رسالة إلى الجميع بأنّه لا مجال على الإطلااق للسير بهذا الأمر. وقالت المصادر انّ مهمّة اللجنة ليست طويلة او مفتوحة، بل مهمّتها محددة بفترة زمنية قصيرة، يُصار بعدها إلى طرح ما تعرضه اللجنة على الهيئة العامة للمجلس للبت به، وبالتالي فإنّ المسألة هي مسألة أسابيع قليلة، ليصار بعد ذلك إلى تفرّغ البلد ومكوناته للانتخابات والتحضير لها.
الملف الإقليمي
ولعلّ أكثر عوامل القلق خطورة، هو الورم الحربي، الذي لوحظ تزايد انتفاخه في الأيام الأخيرة على الجبهة الإيرانية- الإسرائيلية، وتتقاطع تقديرات المحللين والمعلقين عند الخشية من جولة حربية جديدة بين إسرائيل وإيران بمواجهات أكثر قساوة ممّا شهدته حرب الـ12 يوماً بينهما منتصف حزيران الماضي، وبتداعيات وارتدادات اقليمية ودولية اكثر تدميراً وشمولية.
الجو العام، متأثر إلى حدّ بعيد بما تتناقله كبريات الصحف والقنوات العالمية ممّا يرد في تحليلات كبار المحللين والمعلقين، من مؤشرات وموجبات وتحضيرات تعزّز فرضية استئناف الحرب بين إسرائيل وإيران، وبعضها يتحدّث عن أيام، كون الجولة الاولى من الحرب لم تحقق أهدافها، واتفاق وقف اطلاق النار المعلن بين الطرفين، لم يكن سوى تعبير عن حاجة طرفين تعرّضا لضربات قاتلة، إلى هدنة موقتة لاحتواء الضربات واستيعابها، وتعبئة مخازن السلاح الدفاعي والهجومي، والإنتقال إلى سيناريوهات اخرى، بعد فشل السيناريو الاول.
وعلى ما يقول أحد الخبراء العسكريين لـ«الجمهورية»، فإنّ ما بين إسرائيل وإيران في هذه الفترة حرباً قاسية، ولكن مع وقف التنفيذ حتى الآن، في انتظار ساعة الصفر لاشتعالها من جديد. والطرفان متحفّزان لاستئناف الحرب؛ فإسرائيل من اللحظة الاولى لاتفاق وقف اطلاق النار أوعزت لجيشها لوضع خطة هجوم جديدة، والإطاحة بالنظام الإيراني في رأس قائمة الأهداف. ومستوياتها السياسية والعسكرية تقول علناً انّها لا تستطيع ان تتعايش مع إيران التي تهدّد وجودها بترسانة صاروخية هائلة وبرنامج نووي باتت إيران من خلاله على مسافة إسابيع من امتلاكها السلاح النووي. واما إيران في المقابل فتقول إنّها على جهوزية كاملة للحرب، وتلوّح بمواجهة عنيفة وبأدوات لم تُستخدم في حرب الـ12 يوماً ومفاجآت قاصمة للعدو.
وبحسب الخبير عينه، فإنّ ما يعزّز القول بأنّ دافع استئناف الحرب يتقدّم بسرعة، تأسيساً على ثلاثة امور تُعدّ كافية لإسرائيل لكي تخطط من جديد لضرب ايران:
الاول، الشكوك حول تدمير البرنامج النووي، وهو ما اكّدته الصحف الأميركية استناداً إلى تقارير الاستخبارات الأميركية، التي تناقض ما وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإبادة البرنامج النووي الإيراني.
الثاني، الشرارة الجديدة التي صدرت عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بإعلان مديرها رافاييل غروسي بأنّ إيران تستطيع إعادة التخصيب في غضون اشهر قليلة، محذّراً من انّ الوقت ينفد من أمام المجتمع الدولي. وقوله هنا انّ الوقت ينفد يستبطن ما يستبطن. ومعلناً في الوقت ذاته، انّ ما سمّاها المجموعة الدولية لا يمكن أن تقبل انقطاع التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية.
الثالث، رفع إيران لسقف التحدّي بإعلان وقف تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإزالتها كل كاميرات المراقبة من المواقع النووية، ومنعها مدير الوكالة رافاييل غروسي من دخول البلاد واتهامه بأنّه عميل للموساد. (يُشار في هذا السياق إلى انّ الرئيس الايراني مسعود بزكشيان صادق بالأمس على قرار مجلس الشورى الإيراني بتعليق التعامل مع الوكالة، فيما برز إعلان رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف انّ البرنامج النووي السلمي الإيراني سيتقدّم بوتيرة أسرع).
لا حرب؟!
هذه القراءة تعزّز فرضيّة استئناف الحرب، ولكن في موازاتها مقاربة مناقضة لها تقلّل من احتمال الحرب، أقلّه في المدى المنظور، منسوبة إلى أحد كبار الديبلوماسيين الغربيين في لبنان، وخلاصتها:
اولاً، إنّ الحرب بفائض القوة المستخدم فيها، كانت مفاجئة لكلّ الأطراف من دون استثناء.
ثانياً، على الرغم من أنّ خيار الحرب قائم تبعاً لعدم تحقيق الهدف المتوخّى منها بتدمير البرنامج النووي الإيراني، إلّا أنّ حجم الخسائر والأضرار الناجمة عنها، فيه الكثير من الخفايا التي لم يُعلن عنها من قبل الجانبين، ما فرض على إسرائيل وإيران وقتاً طويلاً لاستيعابه وإزالة آثاره.
ثالثاً، ارتفاع وتيرة التهديدات والخطط العسكرية، لا يغيّر في حقيقة صادمة لها، مفادها انّ عنصر المفاجأة قد انتفى نهائياً، وانّه اذا كان هدف اي حرب هو إكمال الإجهاز على البرنامج النووي الإيراني، فكما بات معلوماً، انّ المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب بات محمياً اكثر من ذي قبل، ومودع في أماكن مجهولة، وتبعاً لذلك فإنّ استئناف الحرب في الحالة الراهنة لن يؤدي إلّا إلى تضخيم الخسائر وتوسيع دائرة الدمار لا أكثر.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا