خيرالله في قداس البحر : تعالوا نترك لأجيالنا الطالعة ذاكرة منقّاة من كل حقد وبغض وانتقام

الرئيسية ثقافة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 06 25|23:34PM :نشر بتاريخ

 أحيت مدينة البترون ورعية مار اسطفان وتعاونية صيادي الاسماك والسياحة والتراث ذكرى الصيادين، الذين قضوا في البحر. وجريا على العادة السنوية، اقيم قداس البحر على متن قارب صيد في ميناء الصيادين، ترأسه راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، وعاونه خادما الرعية الخوري بيار صعب وفرانسوا حرب، الخوري أندريه ضاهر والخوري جان كحاله.

خدمت القداس جوقة رعية مار اسطفان، وحضره رئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك، النائب الثالث لرئيس حزب الكتاىب الدكتور نبيل الحكيم، رئيس تعاونية صيادي الاسماك والسياحة والتراث إتيان عسال، مخاتير، عائلات الصيادين، حشد من ابناء المدينة والجوار.

وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: "نحتفل اليوم، كعادتنا كل سنة، بقداس البحر، ونذكر فيه شهداءنا الأحباء في السماء، وأبناء مدينتنا البترون الحبيبة، وجميع إخوتنا اللبنانيين الذين لا يزالون يغامرون ويبحرون في بحر هائج وسط عواصف شديدة الخطورة تهبّ على وطننا لبنان بعد خمسين سنة على اندلاع الحرب فيه، وتهدّد كيانه وهويته، وهم يعانون من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية. 
لكن قداسنا هذه السنة له طعم الرجاء، إذ نجدّد إيماننا وثقتنا بالرب يسوع المسيح، ربّان السفينة وقائدها، الذي لا يخيّب من يؤمن به. إنه يلاقينا ماشيًا على المياه فوق الأمواج ومتحدّيًا والعواصف، ويمدّ يده لينتشلنا، كما فعل مع سمعان بطرس. 
ويقول لنا: يا قليلي الإيمان لماذا شككتم ؟ ثقوا، أنا هو، لا تخافوا !
وبدل أن نمدّ أيدينا إليه لينتشلنا، نرى أننا ما زلنا نتلهّى في صراعاتنا الضيّقة وغارقين في تفاصيل متاهاتنا الفارغة ومهاتراتنا الكلامية ونتعامل بالكيدية والانتقام السياسي. ونرى أن بعض المسؤولين عندنا لا يزالون غارقين في الفساد وفي تأمين مصالحهم الشخصية وتغذية حسابات الربح والخسارة ومصرّين على مقاومة كل محاولات الإصلاح التي يسعى إلى تحقيقها المسؤولون في الدولة، بدعم من الدول الشقيقة والصديقة" .

وسأل: "هل نحن واعون أننا نغامر في السفينة نفسها ونواجه المخاطر ذاتها، وجميعنا مهدّدون على السواء بالغرق والموت ؟!
إني أرى أن وضعنا اليوم هو أشبه بوضع بولس الرسول ورفاقه عندما كانوا مُبحرين في طريقهم إلى روما، « وهبّت عليهم ريح عاصفة واندفعت السفينة ولم تقوَ على مغالبة الريح. فاستسلموا إليها يُساقون على غير هدىً، وكانت العاصفة تهزّهم هزًّا شديدًا »، كما نقرأ في كتاب أعمال الرسل. فاضطروا إلى أن يرموا الحمولة في البحر، وحتى أغراضهم الشخصية، ليُنجوا بأنفسهم من الغرق المحتّم". 

وقال: "نريد اليوم يا يسوع أن نتابع الرحلة معك من على متن هذه السفينة، بعد أن خسرنا تقريبًا كل شيء، وأن نبتعد معك إلى العمق، ونترك جانبًا همومنا ومآسينا وانشغالاتنا اليومية وقلقنا على المستقبل والمصير، لنخوض معك مغامرة الحبّ الذي هو وحده سترةُ النجاة والخلاص. 
معك يا يسوع لن نيأس ولن نستسلم. كلنا ثقة، يا معلّم، أنك تقود السفينة إلى ميناء الأمان وأنك تردّد على مسامعنا كلّما اعترانا الخوف: «ستعانون الشدة والاضطهاد في العالم، لكن ثقوا، لا تخافوا، أنا غلبت العالم»."

وتابع: "تعالوا يا أخوتنا البترونيين واللبنانيين نخوض مغامرة الثورة على الأنا المنغلقة على ذاتها، ونتحرّر من الخوف وروح الانتقام، ونجرؤ على مواجهة الواقع المؤلم بالإيمان والرجاء والمحبة. 
تعالوا نضحّي بمصالحنا الشخصية، ونرمي من السفينة كل ما هو ليس ضروريًا للنجاة، ونحتفظ فقط بما هو ضمانة لوحدتنا وللخير العام".

وختم خير الله: "تعالوا نجلس معًا، ونعيد قراءة تاريخنا بواقعية وموضوعية وروح متجرّدة ونقدية، وننقّي الذاكرة، فنصل معًا إلى مصالحة وطنية، ونترك لأولادنا وشبابنا وأجيالنا الطالعة ذاكرة منقّاة من كل حقد وبغض وانتقام، تبشّر بالاحترام والسلام وفرح العيش معًا. 
وعند ذاك يعود الهدوء ويعود لبنان وطن رسالة، تكونون أنتم، يا صبايانا وشبابنا، أبطال العهد الجديد، وأنبياء الرجاء، ورسل المحبة والمصالحة والسلام !"

وبعد القداس، أبحر القارب في عرض البحر لرمي أكاليل من الزهر في المياه، تكريما لشهداء البحر.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan