الشرق الأوسط: «هدنة غزة»: «الانسحابات» تهدد الاتفاق وطلب بإرجائها لإنقاذ المفاوضات عقب رفض «حماس» إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 13 25|08:32AM :نشر بتاريخ

 تعثُّر مناقشات الانسحاب من مساحات جديدة احتلتها إسرائيل، الشهرين الماضيين، في قطاع غزة، أدخل مفاوضات الهدنة في الدوحة (التي دخلت يومها السابع) «نفقاً مظلماً» جديداً، مع رفض «حماس» إعادة الانتشار المطروح من جانب فريق حكومة بنيامين نتنياهو.

وسارع الوسطاء، لا سيما واشنطن، بحسب تسريبات إعلامية، إلى طلب ترحيل بند الانسحابات إلى نهاية المفاوضات، وهو مشهد يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة أخيرة لإنقاذ المفاوضات من فشل جديد لا ترغب فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب، على أمل أن تضغط على نتنياهو لإبداء مرونة، وإلا فسترفض «حماس»، باعتبار أن بقاء إسرائيل على هذا النحو مناورة للتسريع بمخطط التهجير، وفرض مناطق عسكرية بعد انتهاء الهدنة المحتملة والانقلاب على الاتفاق.

وأفاد مصدران فلسطينيان مطلعان، السبت، بأن «مفاوضات الدوحة تواجه تعثراً وصعوبات معقدة، نتيجة إصرار إسرائيل على خريطة للانسحاب قدمتها، الجمعة، لإعادة انتشار وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي وليس انسحاباً، وتتضمن إبقاء القوات العسكرية على أكثر من 40 في المائة من مساحة قطاع غزة، وهو ما ترفضه (حماس)».

وشدَّد أحد المصدرين، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على أن وفد «حماس» المفاوض «لن يقبل الخرائط الإسرائيلية المقدَّمة، لأنها تمثل منح الشرعية لإعادة احتلال نحو نصف مساحة القطاع، وجعل قطاع غزة مناطق معزولة دون معابر ولا حرية التنقل، مثل معسكرات النازية»، في إشارة للمدينة التي تتحدث إسرائيل عن أنها إنسانية، وستكون جنوب القطاع، ويُضمّ لها نحو 600 ألف فلسطيني.

وأشار المصدر الثاني إلى أن «(حماس) طالبت بانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق التي تمت إعادة السيطرة الإسرائيلية عليها بعد 2 مارس (آذار) الماضي»، أي بعد انهيار هدنة استمرت لشهرين، متهماً إسرائيل بـ«مواصلة سياسة المماطلة وتعطيل الاتفاق لمواصلة حرب الإبادة».

وتحدث عن أن الوسطاء القطريين والمصريين «طلبوا من الطرفين تأجيل التفاوض حول الانسحاب إلى حين وصول المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى الدوحة»، لكنه أشار إلى «تقدُّم» أُحرِز بشأن «مسألة المساعدات وملف تبادل الرهائن».

وبالتزامن، نقلت «أكسيوس» الأميركية عن مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة طلبت من «حماس» تأجيل مناقشة مسألة حجم انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، والانتقال إلى بحث قضايا أخرى، في محاولة لمنع انهيار مفاوضات صفقة تبادل الأسرى.

ونقلت «رويترز»، السبت، عن مصادر فلسطينية وإسرائيلية مطلعة تأكيداً مماثلاً، مشيرة إلى أن «محادثات الدوحة تتعثر حول مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، بعد رفض (حماس) خرائط الانسحاب التي اقترحتها إسرائيل، لأنها ستترك نحو 40 في المائة من الأراضي تحت السيطرة الإسرائيلية، ومنها كل منطقة رفح الجنوبية ومناطق أخرى في شمال وشرق غزة»، لافتة إلى أنه «من المتوقَّع استمرار المحادثات».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن إسرائيل تريد فرض شروطها، ومن ضمنها إمكانية استمرار تهجير الفلسطينيين؛ بعدم الانسحاب من عدة أماكن، منها ممر موراغ الجنوبي، مع السيطرة العسكرية على المنطقة الشمالية وترحيل السكان منها، ليكون الأمر سهلاً بعد انتهاء الهدنة في تهجيرهم، مؤكداً أن الموقف الأميركي الذي لم يضغط على إسرائيل بعد يضر المفاوضات، ولن يجدي تأجيل قضايا مثل هذه، ويجب أن تُحسَم مبكراً؛ كونها حاسمة.

ويعتقد أن «تأخر الوصول لاتفاق، في ظل تواصل العقبات واستهداف الفلسطينيين، يجعلنا أمام مناورة تريد استسلام المقاومة لإسرائيل، وهذا لن تقبله (حماس)، وليس أمام أميركا سوى الضغط على إسرائيل، خصوصاً أن هناك قضايا أخرى لم تُحسَم، مثل الانسحاب من (محور فيلادلفيا) الحدودي مع مصر الذي تطالب به القاهرة، وهناك غموض بشأنه».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن عدم الانسحاب من غزة، كما تطالب «حماس»، سيفجِّر المفاوضات، وقد يكون عاملاً في تعطيل حدوثها، مشيراً إلى أن ترحيل بند الانسحابات قد يكون محاولة لإنقاذ المفاوضات، ليس أكثر، وما لم تقدم حكومة نتنياهو تنازلات في القضايا السياسية، كالانسحابات، فلن يُنجَز الاتفاق قريباً، كما تروج واشنطن أو إسرائيل.

وقبل عودته، الجمعة، من زيارة إلى الولايات المتحدة، التقى خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال نتنياهو، الخميس: «آمل أن يتسنّى لنا إنجاز (الصفقة) خلال بضعة أيام».

وعقب لقاء نتنياهو في البيت الأبيض مرتين، الأسبوع الماضي، كرَّر ترمب الحديث عن هدنة قريبة، وحدد الأسبوع الحالي (أي بعد أيام) موعداً محتملاً. وقال وزير خارجيته، ماركو روبيو، الخميس، إن لديه «أملاً كبيراً» في التوصل إلى اتفاق.

لكن ميدانياً، تخالف الأوضاع تلك الأمنيات؛ إذ أفاد الناطق باسم الدفاع المدني بغزة، محمود بصل، في بيان بأن أكثر من 20 قتيلاً فلسطينياً سقطوا، السبت، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه «ضرب نحو 250 هدفاً إرهابياً» خلال الساعات الـ48 الأخيرة في أنحاء قطاع غزة.

بينما تواصل «حماس» عملياتها ضد الجيش الإسرائيلي؛ إذ أعلن الأخير، الجمعة، مقتل ضابط في وحدة الاستطلاع التابعة للواء غولاني، في معارك بمدينة خان يونس (جنوب غزة)، بخلاف إصابة جنديين في اشتباك شمال القطاع، وذلك بعد يومين من إعلانه مقتل جندي إسرائيلي كاد يُختطف جنوب قطاع غزة.

وحذرت الأمم المتحدة، في إعلان مشترك، السبت، من أن «شح الوقود في غزة بلغ مستويات حرجة»، مشيرة إلى أن «الوقود هو العمود الفقري للبقاء على قيد الحياة في غزة»، وفق ما ذكر بيان مشترك لسبع وكالات أممية، بينها: «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)» و«منظمة الصحة العالمية» و«برنامج الأغذية العالمي».

ووسط تلك المتغيرات السلبية على الأرض، يرى رخا أحمد حسن أن ترمب يملك إنجاز اتفاق فوري من الأمس وليس اليوم، مشيراً إلى أن الموقف الأميركي قادر على إنهاء كل تلك الأمور بالتوجُّه الحقيقي لفرض اتفاق؛ بالضغط على إسرائيل، والتراجع عن مشاريع التهجير وإبادة القطاع.

ويتفق نزار نزال مع هذا المسار، مؤكداً أن واشنطن ستتدخل حتى لا تفشل جهود ترمب المتطلع لجائزة نوبل للسلام، وستجبر نتنياهو على قبول خرائط انتشار أوسع، محذراً من أن عدم الذهاب لهدنة سيجعل شعبية رئيس وزراء إسرائيل تتضرر أكثر، وقد يخسر مكاسبه السياسية الأخيرة من حربه ضد إيران، وبالتالي فالأقرب لمصالحه تمرير الاتفاق مؤقتاً.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الشرق الاوسط