جعجع لـ"الشرق الأوسط": لبنان أمام خطر خسارة أصدقائه وسنكمل ضغوطنا السياسية

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Jul 29 25|11:47AM :نشر بتاريخ

حذر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ، في حوار مع "الشرق الاوسط"، من "الاستمرار في التمايل يميناً ويساراً، وعدم حل مسألة سلاح حزب الله الذي بات بلا فائدة في حماية لبنان، ولا يجلب إليه سوى الضرر والخراب"، معتبراً أن "لبنان أمام خيارين، أولهما اتخاذ قرار حكومي بحل التنظيمات العسكرية والأمنية، أو مواجهة صيف ساخن، أو في أحسن الأحوال صيف سيئ".

وعن ما ينتظر لبنان من صيف قد يكون ساخناً في ظل الكلام عن انتهاء المهلة الأميركية في الأول من آب لبدء عملية حصر السلاح بيد الدولة؟ قال:" لا أعرف على وجه اليقين ما إذا كان الصيف المقبل ساخناً بالمعنى التقليدي، أي حصول حرب إسرائيلية واسعة، أو تصعيد عسكري أوسع... لكن الأكيد أننا إذا بقينا هكذا سنكون أمام صيف سيئ».

أضاف:"اتفاق وقف النار الذي وقّعه لبنان في تشرين الثاني 2024، يشمل حصر كل السلاح في يد أجهزة الدولة. كانت لدينا مهلة 120 يوماً لتنفيذه، الاتفاق حدد حصراً الأجهزة التي يمكن أن تحمل الأسلحة بدءاً من الجيش وصولاً إلى الحرس البلدي. البعض يتناسى هذا الجانب ويتحدث عن تعديات إسرائيل وبقاء جيشها في النقاط السبع (المحتلة في جنوب لبنان) وغيرها، وهذا تحصيل حاصل. نحن لا نستطيع اليوم بقوانا الذاتية الاستقواء على هذا العدو، لكن يمكننا أن نجمع نقاط القوة التي تساعدنا في ذلك، لقد رأينا إلى أين أوصلتنا الشعارات والخطابات".

تابع: "الآن ، ترى العالم كله يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة، بينما لا نسمع كلمة واحدة عمّا تفعله في لبنان. علينا أن نجمع نقاط القوة للاستقواء على إسرائيل، ونحن لدينا نقاط قوة خارجية تبدأ بعلاقاتنا مع دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وصولاً إلى دول الغرب وعلى رأسها أميركا، لنستطيع من خلالها وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وأن نُخرج إسرائيل من أرضنا ونعود إلى الوضع الطبيعي في لبنان".

وأخذ جعجع على المسؤولين اللبنانيين "رماديتهم" في التعاطي مع هذا الملف الشائك والخطير. وقال: "نحن نتلهّى طوال الوقت بالحديث عن إسرائيل لكننا لا نقوم بما يجب علينا فعله، وبالتالي نضيع كل الفرص على أنفسنا".

واعترض ب"شدة على المنطق القائل بأن الذهاب نحو نزع سلاح الحزب من دون موافقته يؤدي إلى خطر الحرب الأهلية"، قائلاً: 'أنا أعارض كلياً هذا المنطق، فبعد كل الذي حصل لم نتصرف بمنطق الدولة، ولن يتغير شيء في لبنان. أنا أرفض هذا الكلام جملةً وتفصيلاً. رئيس الجمهورية انتُخب بأغلبية كبيرة، والحكومة الحالية نالت الثقة مرتين من مجلس النواب المنتخب شرعياً، هذه السلطات عليها أن ترى ما يجب فعله لا أن تتذرع بأمور مثل هذه".

وتابع:"المطلوب أن يجتمع مجلس الوزراء الآن، وأن يتخذ قراراً بحل كل التنظيمات المسلحة العسكرية والأمنية في البلد في مهلة شهر أو اثنين أو أربعة أشهر، ويكلّف الجيش اللبناني بتنفيذ هذا القرار. يجب أن نبدأ من مكان، فليس المطلوب من الجيش اللبناني القيام بحملة عسكرية على الضاحية الجنوبية، بل المطلوب أن تظهر الدولة بعض الهيبة، فبعد أن تتخذ الحكومة قراراً مماثلا تبدأ عملية توقيف لكل مخالف تباعا، وإحالة هؤلاء إلى المحاكمة".

واعلن رفضه " الكلام عن تسليم السلاح الثقيل للحزب والإبقاء على الخفيف"، وقال:"سلاح حزب الله الخفيف والثقيل والأثقل، لم يعد يخيف إسرائيل. لا داعي أن نضحك على أنفسنا، الكلام الآن ليس عن السلاح المعدني هناك تنظيم مسلح في دولة يفترض أن تكون مستقلة وصاحبة قرارها. كيف يمكن للعالم كله أن يأخذك على محمل الجد، وأنت لا تفعل؟ القرار السيادي والاستراتيجي، كلها أمور من اختصاص الدولة، وهي من يجب أن يكون قادراً على إعطاء الإجابات حوله".

أضاف:"لن نستطيع أن نكمل على هذا المنوال بأن نطرح الأمور على رئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس بري يتحدث إلى حزب الله ثم يتحدث إلينا، وهكذا دواليك. هذا معناه أن السلطة ليست بكاملها عند الدولة، وأن الأمور مقسمة بين قسم في الدولة وقسم خارجها، وبالتالي لا يعود ثمة مَن يعترف بنا كدولة".

وحذر من "المسّ بالصداقات التي استجمعناها مجدداً بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة"، وقال:"هؤلاء الأصدقاء يقولون لنا بالفم الملآن وبالإعلام كما في الغرف المغلقة، إن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذه الحال، نحن أمام خطر أن يدير لنا أصدقاء لبنان ظهورهم، بدءاً من دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية مروراً بالولايات المتحدة ومعها أوروبا هذه المرة".

واشار إلى أن "فرنسا وعدت بمؤتمر لمساعدة لبنان لكنها لم تحدد موعداً له بعد بسبب الرفض الأميركي، كما أن المؤتمر المقرر في الخريف قد لا يُعقد أيضاً بسبب أن الخارج بدأ يمل منا، ومن هذا الوضع غير الواضح وغير السليم ووضع الدولة واللادولة".

وسأل:"لماذا يتمسك حزب الله بهذه (الحراتيق) التي معه؟ولماذا يتمسك بوجود تنظيم عسكري بالتوازي مع التنظيم العسكري للدولة؟ وأن يكون لديه تنظيم أمن آخر موازٍ لتنظيمات الدولة الأمنية؟.

وقال:"الكلام عن أن هذا السلاح للدفاع عن لبنان هو كلام فارغ، فأين دفاعه؟، ورأى أن "الحزب «يحاول أن يحافظ على تركيبة عسكرية وأمنية لا يوجد لديها أي تأثير على الدفاع عن لبنان إلا تأثيرات سلبية"، مؤكدا أن "المطالبة بنزع سلاح الحزب وحل تنظيماته العسكرية والأمنية ليس مطلباً دولياً بقدر ما هو مطلب لبناني ينص عليه خطاب القسم وبيان الحكومة الوزاري واتفاق الطائف. علينا أن نتخذ قراراً؛ هل نريد أن نكون دولة كاملة الأوصاف أم لا؟ اللبنانيون يتركون بلادهم لأن أي مجتمع لا توجد فيه دولة لا أفق له".

وأخذ جعجع على "المسؤولين اللبنانيين تمايلهم يميناً ويساراً"، وقال:"نحن ‏على تواصل مع الحكومة بشكل دائم ولغاية أمس، والأجوبة تكون دائماً برّاك قادم، وبرّاك ذاهب، والرئيس بري حاول... وهذا كله لم أصدقه يوماً... أنا أعرف منذ البداية أن كل ما يحصل هو طبخة بحص".

واضاف: "لا تستطيع أن تعطي أحداً يمتلك حتى ولو عصا، خياراً بتسليمها لك، على العكس يجب أن تقول له: سلمها وإلا... الدول لديها منطق. لدينا مسؤولون شرعيون، رئيس جمهورية مسؤول شرعي، ورئيس الحكومة، كذلك الحكومة جرى اختيارها، وهؤلاء عليهم أن يقرروا، لا أن يذهبوا إلى الرئيس بري وهو يذهب إلى حزب الله. السلطة لا تستجدي أحداً. يمكنها كحد أقصى أن تقوم ببعض الاتصالات وتجس النبض ليوم أو اثنين، لا أن تبقى السلطة بكاملها بانتظار رأي من خارجها، على المسؤولين أن يتخذوا القرارات التي يمليها عليهم ضميرهم وخطاب القسم والبيان الوزاري".

وردا على سؤال قال:"سنكمل ضغوطنا السياسية. هناك تواصل مستمر مع رئيس الحكومة من جهة ومع رئيس الجمهورية من جهة أخرى، ونقول لهما لن ننتظر كثيراً. ‏الكل بات يدرك أن هذه نهاية المطاف. فما الذي نفعله؟ هل نبقى متفرجين على بلدنا ينهار، فيما الضربات الإسرائيلية تزداد وشبابنا يهاجر؟ نحن نكثف اتصالاتنا مع معظم القوى السياسية الممثلة في الحكومة من أجل إصدار قرار بحظر كل التنظيمات العسكرية المسلحة والأمنية".

ورفض "بقاء ‏الوضع على ما هو عليه"، معرباً عن "خشيته من أن يؤدي بالحد الأدنى، إلى وقف التمويل عن القوات الدولية في جنوب لبنان، أو وقف التمويل للجيش اللبناني". وقال:"في الوقت نفسه هناك مشاريع عربية في سوريا أقلها بعشرة مليارات دولار، فيما نحن هنا ننتظر الرئيس بري ورحلات الموفد الأميركي توماس براك".

‏وجدد "رفضه قصر نقاش هذا الملف الحيوي على بعض المسؤولين من دون عرضه على الحكومة، ساخراً من الذين يقولون إن المفاوضات الدولية من اختصاص رئيس الجمهورية"، مؤكداً أن "هذا الأمر في صلب مسؤوليات الحكومة بعد أن وافق لبنان على وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024، وبالتالي هنا مخالفة دستورية تحصل".

وكرر جعجع أن "التنظيم العسكري للحزب لا فائدة منه ولا يُنتِج إلا الضرر"، وقال:"كان هذا الضرر جهة إسرائيل والغرب، والآن أصبح من الشرق وسوريا. وبالتالي لا بد من السؤال عن أسباب التريث في معالجة هذا الوضع الشاذ"، لافتا الى أنه "في سوريا يتم كل يوم تقريباً اكتشاف خلايا معظمها يزودها (حزب الله) بالسلاح، فكيف سيكون موقف السلطات السورية الجديدة؟".

وقلل من تأثير "حملات التخويف التي تحصل في لبنان مما يجري في سوريا"، وقال: «"نحن نحكم على الأشياء كما نراها ولا نحكم على النيات، ما الذي حصل حتى الآن يثير المخاوف من السلطات السورية الجديدة؟ لن نستطيع أن نحكم على السلطة السورية الجديدة انطلاقاً من آيديولوجيتها السابقة. منذ وصول أحمد الشرع لرئاسة الجمهورية وحتى الآن لم تسر العلاقات مع لبنان كما هو لازم، لكننا على الأقل لم نشهد أي شر منهم".

أضاف:"هناك ثلاث دول مؤثرة جداً في الواقع السوري هي: المملكة العربية السعودية وتركيا والولايات المتحدة، فهل هذه الدول الثلاث ولأسباب مختلفة ترغب في استقرار لبنان أم لا؟"، مشيرا إلى أن "عملية التخويف سببها أن حزب الله ومحور الممانعة يريدون جمع كل الأوراق الممكنة للتمسك بالسلاح".

وردا على سؤال عن "المخاوف من أن ينعكس التطور الجديد في سوريا تطرفاً في لبنان، قال:"في عز الأزمة سابقاً، وفي ظل وجود داعش لم يحصل تطرُّف، فهل سيحصل الآن؟".

وختم:"الشعب اللبناني وسُنة لبنان بطبيعتهم معتدلون، وأكبر دليل أن ما حصل في الماضي لم يظهر معه التطرف ولن يحصل في المستقبل، كما أن الأجهزة الأمنية اللبنانية ساهرة وتتولى ضبط الوضع وقمع أي محاولة قبل حصولها".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الشرق الاوسط