الشيخ بارودي في ذكرى المولد: كم نحتاج لنُجدِّدَ البيعةَ للنبي بإحياءِ سُنّتِه

الرئيسية مجتمع / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Sep 04 25|17:17PM :نشر بتاريخ

كتب بلال بارودي أمينُ فتوى طرابلس، وشيخُ قُرّائها، في ذكرى المولد: 
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين،
والصلاةُ والسلامُ على جميعِ الأنبياءِ والمرسلين، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمّا بعد:

فإنَّ الرسلَ والأنبياءَ ـ عليهم الصلاةُ والسلام ـ جعلهم اللهُ بحكمتِه مثالَ الكمالِ الإنسانيِّ في أرقى صُوَرِه وأجملِها، فهم الغايةُ في التمامِ والجمالِ خَلْقاً وخُلُقاً، وهم أطهرُ البشرِ قلوباً، وأزكاهم أخلاقاً.

وفي شهرِ ربيعٍ الأوّل، شهرِ مولدِ النبيِّ الحبيبِ صلّى اللهُ عليه وسلّم ـ كما اتّفقت الأمّةُ على أنّه يومُ الاثنينِ منه ـ يستروحُ الناسُ نَسائمَ الشمائلِ المحمّدية، ويرتاحونَ لذكرِها والترنُّمِ بها، ويطربونَ لسردِها وقراءتِها وسماعِها.

وكم نحنُ بحاجةٍ إلى أن نُجدِّدَ البيعةَ له باتّباعِه ومحبّتِه، وإحياءِ سُنّتِه وهَدْيِه، لتكونَ علاقتُنا به صلّى اللهُ عليه وسلّم ربيعَ حياتِنا، كما تكونُ العلاقةُ بالقرآنِ ربيعَ قلوبِنا.

وأكتفي بذِكْرِ هذا الأثرِ الذي رواه ابنُ سعدٍ عن وهبِ بنِ مُنَبِّهٍ رحمه الله تعالى، والذي يُعرِّف فيه بنبيّنا صلّى اللهُ عليه وسلّم وبصفاتِ أتباعِه، لعلّنا نُحييها في حياتِنا ونُعطِّر بها مجالسَنا:

قال:

*“أوحى اللهُ إلى شِعْيا (نبيٍّ من أنبياءِ بني إسرائيل): إنّي باعثٌ نبيّاً أُمِّيّاً، أفتحُ به آذاناً صُمّاً، وقلوباً غُلْفاً، وأعيناً عُمْياً. مولدُه بمكّة، ومهاجَرُه بطيبة، ومُلكُه بالشام، عبدي المتوكِّل، المصطفى المرفوع، الحبيب المنتخَب المختار. لا يُجْزي بالسيِّئةِ السيِّئةَ، ولكنْ يَعفو ويَصْفَح ويَغْفِر. رحيماً بالمؤمنين، يَبكي للبهيمةِ المُثْقَلَة، ويَبكي لليتيمِ في حِجْرِ الأرملة. ليس بفَظٍّ ولا غَليظ، ولا سَخّابٍ في الأسواق، ولا مُتَزَيِّنٍ بالفُحش، ولا قَوّالٍ بالخَنا. لو مرَّ إلى جنبِ السِّراجِ لم يُطْفِئْه من سكينتِه، ولو مشى على القَصَبِ الرَّعراع (اليابس) لم يُسمَع من تحتِ قدميه.

أبعثُه مُبشِّراً ونذيراً، أُسَدِّدُه لكلِّ جميل، وأَهَبُ له كلَّ خُلقٍ كريم. أجعلُ السكينةَ لباسَه، والبرَّ شعارَه، والتقوى ضميرَه، والحِكمةَ عقلَه، والصدقَ والوفاءَ طبيعتَه، والعفوَ والمغفرةَ والمعروفَ خُلُقَه، والعدلَ سِيرتَه، والحقَّ شريعتَه، والهُدى إمامَه، والإسلامَ ملّتَه، وأحمَدَ اسمَه.

أَهْدي به بعد الضَّلالة، وأُعلِّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخَمَالة، وأُسمِّي به بعد النُّكْرة، وأُكثِّر به بعد القِلَّة، وأُغني به بعد العَيْلة، وأجمع به بعد الفُرقة، وأُؤلِّف به بين قلوبٍ وأهواءَ مُتَشَتِّتة، وأُمَمٍ مختلفة. وأجعلُ أُمّتَه خيرَ أُمّةٍ أُخرِجَتْ للناس، آمِراً بالمعروفِ، ناهياً عن المنكر، توحيداً وإيماناً بي، وإخلاصاً لي، وتصديقاً بما جاءتْ به رسلي. وهم رُعاةُ الشمس. طوبى لتلك القلوبِ والوجوهِ والأرواحِ التي أخلَصَتْ لي.

أُلهِمُهم التسبيحَ والتكبيرَ والتحميدَ والتوحيدَ في مساجدِهم ومجالسِهم ومضاجعِهم ومُنْقَلَبِهم ومثواهم. يَصُفّون في مساجدِهم كما تَصُفّ الملائكةُ حولَ عرشي. هم أوليائي وأنصاري، أنتقم بهم من أعدائي عَبَدةِ الأوثان. يُصلّون لي قياماً وقعوداً ورُكَّعاً وسُجوداً، ويخرجون من ديارِهم وأموالِهم ابتغاءَ مَرْضاتي أُلُوفاً، فيُقاتلون في سبيلي صُفوفاً وزُحوفاً.

أَخْتِمُ بكتابِهم الكُتبَ، وبشريعتِهم الشرائعَ، وبدينِهم الأديانَ. فمَن أدركهم فلم يُؤمنْ بكتابِهم، ولم يَدخُلْ في دينِهم وشريعتِهم، فليس منّي وأنا منه بريء. وأجعلُهم أفضلَ الأُمم، وأجعلُهم أُمّةً وَسَطاً، شُهَداءَ على الناس. إذا غضِبوا هلَّلوني، وإذا قُبِضوا كبَّروني، وإذا تنازعوا سبَّحوني. يُطهِّرون الوجوهَ والأطراف، ويَشُدّون الثيابَ إلى الأنصاف، ويُهَلِّلون على التِّلالِ والأشراف. قُربانُهم دماؤُهم، وأناجيلُهم صدورُهم، رُهبانٌ باللّيل، لُيوثٌ بالنهار، ويُناديهم مُنادِيهم في جوِّ السماء، لهم دَوِيٌّ كدَوِيّ النحل.

طوبى لمَن كان معهم، وعلى دينِهم ومناهجِهم وشريعتِهم، ذلك فَضلي أُوتيه مَن أشاء، وأنا ذو الفضلِ العظيم.”*

فإنْ كان شهرُ رمضانَ هو شهرَ القرآن، كي نُقبِلَ عليه ونتدبَّره ونُقيمَ الليلَ به،
فهذا شهرُ ربيعٍ الأوّل، فلنُقْبِلْ على التعرُّفِ إلى نبيِّنا رحمةِ اللهِ للعالمين،
صلّى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابِه أجمعين.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan