المرأةُ الإماراتيّةُ… رافعةُ الوطنِ وسِرُّ النَّهضةِ
الرئيسية مقالات / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 12 25|21:12PM :نشر بتاريخ
كتب الدكتور فاروق خداج في إبكو وطن:
قراءةٌ في التجربةِ الإماراتيّةِ، حيث تتحوّلُ المرأةُ من مُتلقّيةٍ للنَّهضةِ إلى صانعةٍ لها
«المرأةُ نصفُ المجتمعِ، ولن تبلغَ أمةٌ مرتبةَ الحضارةِ إلا إذا أقامتْ كلا نصفيها على قدمِ المساواةِ.
من رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
لم تكنِ المرأةُ الإماراتيّةُ يومًا هامشًا في حكايةِ الوطنِ، بل كانتْ منذ البداياتِ النَّبضَ الذي يمنحُ النَّهضةَ معناها الإنسانيَّ العميقَ. حين آمنَ القائدُ المؤسّسُ الشيخُ زايدٌ بقدرتِها، لم يكن ذلك إيمانًا عاطفيًّا بل رؤيةً استراتيجيّةً أدركتْ أنَّ أيَّ مشروعٍ حضاريٍّ لا يستقيمُ دون جناحَيْه: الرجلِ والمرأةِ.
تلك الرؤيةُ المبكّرةُ تحوّلتْ إلى سياساتٍ وتشريعاتٍ ومؤسّساتٍ، جعلتِ المرأةَ شريكةً في التعليمِ والاقتصادِ والثقافةِ والدبلوماسيّةِ. واليومَ، حين ننظرُ إلى الإماراتِ الحديثةِ، لا يمكنُنا أن نفصلَ صورتَها العالميّةَ عن بصمةِ المرأةِ فيها، في البرلمانِ، والوزاراتِ، ومراكزِ البحثِ، والمشروعاتِ الرياديّةِ، وحتّى في ميادينِ الفضاءِ والطاقةِ النوويّةِ.
لقد خرجتِ المرأةُ الإماراتيّةُ من حدودِ التقليدِ إلى فضاءِ المبادرةِ، لتُصبحَ نموذجًا عربيًّا نادرًا في الجمعِ بين الأصالةِ والحداثةِ. فهي لم تتخلَّ عن هويّتها، بل جعلتْ من تراثِها قاعدةً لانطلاقِها نحو المستقبلِ. من بيتِ الطينِ في الباديةِ إلى المراكزِ القياديّةِ في أبوظبي ودبي والشارقةِ، تمتدُّ سيرتُها كجسرٍ من الضوءِ بين الماضي والمستقبلِ.
اللافتُ في التجربةِ الإماراتيّةِ أنَّ الدولةَ لم تكتفِ بتمكينِ المرأةِ كفردٍ، بل حوّلتْ نجاحَها إلى ثقافةٍ وطنيّةٍ. فكلُّ إنجازٍ تُحقّقُهُ امرأةٌ يصبحُ جزءًا من السرديّةِ الجماعيّةِ التي تتغنّى بها البلادُ. وهنا يكمنُ السِّرُّ: أن تتحوّلَ المشاركةُ النسويّةُ إلى وعيٍ جماعيٍّ متجذّرٍ في وجدانِ الناسِ، لا إلى زينةٍ إعلاميّةٍ موسميّةٍ.
وحين نقارنُ المرأةَ الإماراتيّةَ بنظيراتِها في كثيرٍ من البلدانِ العربيّةِ، نرى الفارقَ في فلسفةِ الدولةِ قبل أيِّ شيءٍ آخر. ففي بعضِ الدولِ ما زالتِ المرأةُ تُمنَحُ الحقوقَ كمنّةٍ اجتماعيّةٍ أو شعارٍ سياسيٍّ، بينما في الإماراتِ تُمنَحُ إياها بوصفِها واجبًا وطنيًّا لا يقومُ المشروعُ من دونِه. لقد تجاوزتِ الإماراتُ مرحلةَ المطالبةِ بالمساواةِ إلى مرحلةِ تجسيدِ التكاملِ، حيث تعملُ المرأةُ لا لتُثبتَ ذاتَها، بل لتُكمِلَ صورةَ وطنِها.
في التعليمِ، تتفوّقُ الإماراتيّاتُ في نسبِ التحصيلِ العلميِّ. وفي الاقتصادِ، يقدنَ مؤسّساتٍ وشركاتٍ رائدةً. وفي الدبلوماسيّةِ، يُمثّلنَ بلادَهنَّ في المحافلِ الكبرى بثقةٍ وذكاءٍ. وفي المجتمعِ، يُربّينَ أجيالًا تحملُ بذورَ الانتماءِ والمسؤوليّةِ. إنّها المرأةُ التي تبني ولا تكتفي بالحلمِ، والتي ترى في كلِّ نجاحٍ فرديٍّ لبنةً في بناءِ الوطنِ الكبيرِ.
وما يُميّزُ التجربةَ الإماراتيّةَ أيضًا هو توازنُها بين الطموحِ الإنسانيِّ والانضباطِ القيميِّ. فبينما انفتحتِ المرأةُ على العالمِ، بقيتْ متمسّكةً بجذورِها، متصالحةً مع ثقافتِها، ووفيةً لروحِها العربيّةِ والإسلاميّةِ. إنّها تُثبِتُ أنَّ الحداثةَ لا تعني الذوبانَ، وأنَّ العراقةَ لا تعني الانغلاقَ.
اليومَ، حين تتحدّثُ التقاريرُ الدوليّةُ عن موقعِ الإماراتِ المتقدِّمِ في مؤشّراتِ التمكينِ والمساواةِ، فهي لا ترصدُ أرقامًا باردةً، بل تحصدُ ثمرةَ رؤيةٍ زُرعتْ في القلوبِ قبل القوانينِ. فالقيمُ التي أرساها الشيخُ زايدٌ والقيادةُ من بعدِه جعلتْ من المرأةِ الإماراتيّةِ صاحبةَ مشروعٍ ورسالةٍ، لا متفرّجةً على الإنجازِ.
هكذا، تحوّلتِ المرأةُ الإماراتيّةُ من متلقّيةٍ للنَّهضةِ إلى صانعةٍ لها، ومن شريكةٍ في البناءِ إلى رمزٍ له. إنّها اليومَ عنوانٌ لوطنٍ آمنَ بأنَّ النَّهضةَ ليستْ في الأبراجِ الشاهقةِ وحدَها، بل في الوعيِ الذي ينهضُ بالإنسانِ – رجلًا كان أو امرأةً.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا