الشرق الأوسط: لبنان أمام مفترق سياسي - أمني واحتمالات التصعيد ترتفع
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 22 25|08:47AM :نشر بتاريخ
يقف لبنان عند مفترق طرق سياسي - أمني مع ازدياد الضغوط الخارجية عليه، وانسداد الأفق السياسي الذي يترافق مع تصعيد عسكري، وتواصل الانتهاكات الإسرائيلية اليومية.
وهذا الانسداد كان قد عبّر عنه رئيس البرلمان نبيه بري معلناً عبر «الشرق الأوسط» عن سقوط مسار التفاوض المقترح بين لبنان وإسرائيل، أو ما يعرف بـ«الورقة الأميركية»، وهو ما جاء بعد ساعات على تحذير المبعوث الأميركي توم براك من أنه «إذا استمرت بيروت في التردد بشأن نزع السلاح، فقد تتصرف إسرائيل بشكل أحادي، وستكون العواقب وخيمة»، مؤكداً أنه «حان الوقت الآن ليتحرك لبنان بشأن سلاح (حزب الله)».
وفيما قال بري إن «براك أبلغ لبنان بأن إسرائيل رفضت مقترحاً أميركياً يقضي بإطلاق مسار تفاوضي يستهل بوقف العمليات الإسرائيلية لمدة شهرين، وينتهي بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق مسار لترسيم الحدود وترتيبات أمنية»، كان براك قد رمى مسؤولية التعطيل على لبنان، بالقول: «قدمت الولايات المتحدة خطة عبارة عن إطار لنزع السلاح المرحلي، وحوافز اقتصادية تحت إشراف الولايات المتحدة وفرنسا، لكن رفض لبنان اعتمادها بسبب تمثيل وتأثير (حزب الله) في مجلس الوزراء اللبناني».
تخوّف من تصعيد
من هنا، يبدو الترقّب سيّد الموقف لما سيكون عليه الوضع في المرحلة المقبلة لجهة كيفية انعكاس هذا الانسداد على الوضع الأمني في لبنان، لا سيما وأن تمسّك بيروت باتفاق وقف إطلاق النار الذي عدّه بري أنه «المسار الوحيد حالياً» مع ما يرافقه من عوائق مرتبطة بنزع سلاح «حزب الله»، لا يعني التزام تل أبيب به.
ولا تنفي مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية أن التصعيد العسكري في المرحلة المقبلة وارد، وتقول: «لا شك أن المرحلة دقيقة والتصعيد قد يحصل في أي لحظة، علماً بأن الانتهاكات الإسرائيلية لم تتوقف»، مذكرة أن «المسيّرات الإسرائيلية لا تغيب عن بعبدا، مقر الرئاسة اللبنانية في الأيام الأخيرة».
ورغم أن المصادر ترفض الحديث عن انسداد أفق التفاوض، فإنها تؤكد «أن تل أبيب لا تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار»، وتعد «أن أميركا لا تمارس عليها الضغوط المطلوبة لتنفيذه»، سائلة: «كيف يمكن أن يستكمل الجيش انتشاره عند الحدود الجنوبية، فيما الاحتلال الإسرائيلي لا يزال مستمراً».
وتجدد المصادر التشديد على أن رئيس الجمهورية فتح باب التفاوض انطلاقاً من تجربة الترسيم البحري الذي التزمت به إسرائيل و«حزب الله»، إضافة إلى تمسك لبنان باتفاق وقف إطلاق النار، «لكن المشكلة تكمن في أن الطرف الثاني لا يتجاوب ولا يلتزم بما تم الاتفاق عليه، فيما تلتزم أميركا الصمت المطبق»، وفق تعبير المصادر.
انتكاسات متتالية
في ظل هذا الواقع المتوتر، يعد اللواء الركن المتقاعد، الدكتور في العلوم السياسية عبد الرحمن شحيتلي، أن «اتفاق نوفمبر (تشرين الثاني) سقط، وبتنا اليوم أمام واقع مر»، فيما يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عماد سلامة، أن «لبنان يمرّ حالياً بمرحلة تصعيد واضحة، خصوصاً مع ابتعاد القوى السياسية عن خيار التسوية التفاوضية مع إسرائيل في ظل غياب أي ضمانات جدّية من الجانب الأميركي أو الإسرائيلي». وذكر سلامة «بتحذيرات برّاك المتكرّرة من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية جديدة، بحجّة فرض نزع سلاح (حزب الله)، بينما الواقع يشير إلى سلسلة انتكاسات متتالية في مسار التفاهمات الأمنية».
مقاربة شبيهة باتفاق غزة
بعد عام على اتفاق نوفمبر، يقول سلامة: «الثقة بالمسار الدبلوماسي تتراجع يوماً بعد يوم، فلا مؤشرات تؤكّد أن أي عملية لنزع السلاح ستقابل بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة أو بوقف دائم للخروقات. وهذا ما يعمّق شعور الشكّ داخل لبنان بأن الضغوط الأميركية تسعى إلى فرض معادلة أمنية تخدم مصالح إسرائيل».
من هنا، يبدو، بحسب سلامة «أن أي اتفاق لبناني محتمل يحتاج إلى مقاربة شبيهة بالاتفاق الذي أُبرم في غزة، ومن خلال راعٍ إقليمي وتعاون إيراني ضامن بوصف ذلك عاملاً أساسياً في تثبيت وقف إطلاق النار، وتهيئة أرضية لتسوية أوسع، وبالتالي من دون مثل هذه الضمانات الإقليمية والدولية المتوازنة، سيبقى احتمال التصعيد قائماً، بل سيكون مرجّحاً، مع توسّع دائرة الاشتباك الميداني والسياسي في الجنوب».
ضغوط لتفاوض مباشر
يرى شحيتلي أن «هدف الضغوط الإسرائيلية المستمرة بموافقة أميركية هو إجبار لبنان على الدخول بمفاوضات مباشرة، وكل ما حصل حتى الآن مع جولات المبعوث الأميركي توم براك ليست إلا تضييعاً للوقت حينما كانت تل أبيب منهمكة في حرب غزة»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أما اليوم فيبدو أنها تنقل اهتمامها باتجاه لبنان عبر الضغط العسكري للوصول إلى مفاوضات مباشرة»، موضحاً: «وبالتالي قد نشهد في المرحلة المقبلة تصعيداً كبيراً على بيئة (حزب الله) كي يكون أي وقف إطلاق النار مشروطاً باتفاق سياسي، حيث إن تل أبيب تعد أنها انتصرت في الحرب، وتريد أن تفرض شروطها».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا