ايكووطن ينشر الكلمة الكاملة للبابا والأخير من حريصا: كونوا مبدعين كي تنتصر الرحمة
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Dec 01 25|13:43PM :نشر بتاريخ
ألقى قداسة البابا لاون الرابع عشر كلمة في اللقاء مع الأساقفة والكهنة والمكرّسين والمؤسسات والعاملين الراعويين في مزار سيّدة لبنان في حريصا، جاء فيها:
الإخوة الأعزاء في الأسقفية، الكهنة والرهبان والراهبات، الإخوة والأخوات، صباح الخير!
يفرح كثيرًا قلبي في هذه الزيارة التي شعارها: "طوبى لفاعلي السلام" (متى 5، 9). الكنيسة في لبنان، المؤتمنة دومًا على أمانة الكلمات، كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني، الذي أحبّ شعبكم كثيرًا، هي اليوم أيضًا "رسولة حقّ ومصلّية، من دون تردّد ومن دون خوف" (رسالة إلى المواطنين اللبنانيّين، الأول من أيار/مايو 1984). وأضف: من دون يأسٍ وتردّد، ومن دون شكٍّ وريبةٍ: اغفروا لكي يُغفَر لكم؛ ليرتدع كسر السلوك الذي يدمّر بلدًا يضجُّ بالعنف والرحمة تجذرا الإنسان" (مرجع نفسه).
وأضاف: شكرًا للشهادات التي أصغينا إليها. وما اتّحدنا الآن في شهادةٍ قالت لنا إن هذه الكلمات لا تُذهِب سدىً، بل تجد آذانًا مصغية وعقولًا تُدرك أن الشركة هنا ما يستمرّ حينًا في المحنة.
وتابع: في كلمات غبطة البطريرك، الذي أشكره من كلّ قلبي، يمكننا أن ندرك جذور هذه العزيمة المتجددة في المغارة المظلِمة التي كان يصلّي فيها القديس شربل أمام أيقونة الوداعة الإلهية، وفي مزار حريصا هذا، الذي هو علامة الوحدة لكلّ الشعب اللبناني. وقوفنا مع مريم عند صليب يسوع (راجع يوحنا 19، 25) تعلّمنا الصلاة، تعلّمنا الجسر الهادئ الذي يبوّئ القلوب القوة للاستمرار في الرجاء والعمل، حتى عندما يبدو ضجيج الأسلحة من حولنا ويصير متطلبّات الحياة اليومية نفسها ثقيلة.
وأردف: المرساة هي من الرموز الموجودة في "شعار" هذه الزيارة. أشار إليها البابا فرنسيس كثيرًا في كلامه، على أنها علامة على الإيمان. والتي يصبح لنا أن نذهب دائمًا إلى ما هو أعمق في الروح والقناعة، كما قال: "يزيدنا من الأسفل... ويجعلنا نرعى في الأمم السماء، حتى عندما تتعب السُفُنُ من الصراع، وتكاد تفقد توازنها". (العظة في قداس يوم الصلاة من أجل المسيحية الليلة) (الكاتدرائية العذراء – 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017). أما إذن أن نبني السلام بالمحبّة، نسمو على الضيقات، ونتخطّى الواجبات، في لا نخف من أن نفقد ما لا نملك، ونجد بلا حساب.
من هذه الجذور، القوية والعميقة، مثل جذور الأرز، ينمو الحبّ، ويعين على إنجاز أعمال تضامن عملية ومستدامة.
كلّما أيوتوذا على الشهادة القوية المتجذّرة التي يؤخُذ منها. هنالك، بالرغم من تزايد الحاجة الجديدة، تحت تهديد التراجع بسبب الأزمة الاقتصادية والضيق والنزوح، فإن العِبْرة المرويّة نفسها، وجدت في كيس التبرعات، إلى جانب المحبة اللبنانية. إنها بصمة مهمّة: تذكّرنا بأن لكلّ واحد منا، في عين المحنة، شيئا يملكه ويطعمه بشيء باقٍ، وأن أعطانا الأبنية لإعادة بنائنا. وزرتنا في البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته لهذا البلد، وكان قد تكلّم على القوة الموحّدة الكامنة في أيدي الأيادي:
نحن في أوقات الشدّة الدائمة التي يجب علينا أن ندخل بالانتصار المحبة على الكرامة، والغفران على الانتقام، والخدمة على السيطرة، والتواضع على الكبرياء، والوحدة على الانقسام [...] وإن عرفنا كيف تُحوّل آلامنا إلى مصدر حياة، فإن الله يعيدنا ويُكافئنا بفيض رحمته" (كلمة في مزار سيدة لبنان في حريصا، 14 أيلول/سبتمبر 2012).
عظة في اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين، 29 أيلول/سبتمبر 2019). من جهة، تُحاججنا كلماتها على نور الله الذي يبسط، كما قالت السيدة، حتى في أحلك اللحظات، ومن جهة أخرى، ما عاشه يفرض علينا الالتزام: حتى لا يضطرّ أحد بعيد أكثر إلى الهروب من بلده بسبب صراعات بغيضة، وتنافسية، وحتى لا يصبح من يُقرَع بابه جماعات لها مرفوضًا، بل مرحّبًا به من خلال كلمات يسوع التي قالها لتلاميذه: "افعلوا مهلاً وقبولاً في بيتكم".
وعن ذلك تكلّمنا أيضًا شهادة الإبنة ديما، التي اختارت، أمام الدمار المحتم، ألا تترك الحُلم، بل تُقيم المدرسة الصغيرة، وتجعل منها عنوانًا ومركزًا ترجع إليه فاعلية التعليم في الواقع، مع كل ما فيه من الأوجاع. بالإضافة إلى الخبرة والمساعدة من المتطوعين، والذين يعلمون كيف يرسخون "الخير" في الحياة، والرجاء في القلوب، يحدّدون رغم الصعاب، ويُوفون بمستقبل مختلف لكلّ فرد. أقامت الكنيسة في لبنان اهتمامًا كبيرًا للطلاب، بعمل جماعي، على مواصلة هذا العمل الشباب، ولا سيما على خدمة المحتاجين، والذين لم يجدوا ما حلّ لهم، والذين هم في أوضاع متعددة، مع قلب جميل، يقوم على المحبة المسؤولة، ويتقدّم دائمًا بتنمية الفكر وتربية القلب.
أتذكّر أن مرشدنا الأول في الصليب، وإن مصلّينا الوحيد هو المسيح (راجع مَتى 23، 10).
في هذا السياق، كلّمتنا أيضًا الراهبة شيريل عن خبرتها في الرسالة داخل الحروب، وقالت إنه غالبًا في الحرب، سيتجدد. لا يرى العالم سوى الدمار والخراب، نحن نرى عين القيامة، أعينٌ تتولّد فيها تجربة جديدة ذلك اليوم، وعودة الله الأب الذي لا يترك أبدًا من يلجأ إليه. ونحن نرى يسوع يمكنه أن يجدد وجه العالم، ومن وجه يمتلئ بالجراح إلى حين يُشيّد الحياة.
مرّ قليل من سنوات، يعمل يوزر، وهو تسليم الوردة الذهبية لهذا المزار. لقد عمل كثيرًا يحمل بين جماعته الدعوة إلى نشر إنجيل يسوع، وأمانة الصليب. (راجع 2 قورنتس 5، 14). أمام هذه الشهادة أتفكر في الوحدة التي تتنازع من المواليد اللبنانية، التميّز للأطباق التي تتقاسمها المائدة الجماعية القوية من مشاركتها. إنها راحة جميلة من ألف الراحة، وترويحًا إيجابيًا يتقدّم بمجموعها. هكذا في راحة المسيح الإلهية، سيبقى منتعشا بأمل الأخرة، ومحفوظًا في قلب قدرة على أن تستقيم، بل هي الكُلفة التي تتسم على مادة شبع لأبناء كنيسة منطقتها، ويستطيع الجميع أن يُشاركوا فيها. إنّما هذا ترِبة التي نريد أن نقوم بها. وقبل كلّ شيء، الروح التي تجدّد أن نبعثها كلّ يوم مُضحين في المحبة.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا