الرئيس عون يختتم زيارته الى عمان: السلطنة ولبنان يتطلعان إلى تحقيق شراكة استراتيجية

الرئيسية سياسة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
Dec 10 25|19:37PM :نشر بتاريخ

عاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى بيروت عند الثالثة عصر اليوم، برفقة الوفد اللبناني الرسمي، مختتماً زيارته الرسمية الى سلطنة عمان التي استمرت ليومين، وعقد خلالها خلوتين مع السلطان هيثم بن طارق.

وكان في وداعه في المطار السلطاني الخاص، نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع شهاب بن طارق آل سعيد، وعدد من المسؤولين في السلطنة.

وبعث الرئيس عون الى السلطان هيثم بن طارق، برقية شكر وتقدير لدى مغادرته الأجواء العمانية، جاء فيها: "إذ أغادر أرض عمان الطيبة، يطيب لي أن أتقدم إلى جلالتكم بأسمى آيات الشكر والتقدير على كرم الضيافة والاستقبال الحافل الذي حظيت به خلال زيارتي لسلطنة عمان العزيزة. لقد كانت هذه الزيارة فرصة ثمينة لتعزيز أواصر الأخوة والصداقة التاريخية الراسخة بين بلدينا الشقيقين، ولبحث سبل تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات بما يخدم مصالح شعبينا الصديقين. إن اللقاءات والمحادثات التي أجريناها كانت بنّاءة ومثمرة، وقد لمست فيها حرص جلالتكم الكريم على دعم العلاقات الأخوية بين بلدينا وتعزيز التعاون المشترك. كما أعرب عن بالغ امتناني للشعب العماني الكريم على ما أبداه من حفاوة وترحاب، مما يعكس عمق الروابط الأخوية التي تجمع شعبينا. أدعو الله العلي القدير أن يحفظ جلالتكم ويديم عليكم الصحة والعافية، وأن يوفقكم لما فيه خير وازدهار سلطنة عمان وشعبها الكريم. تقبلوا جلالة السلطان فائق الاحترام والتقدير".

المتحف الوطني
وفي اليوم الثاني والأخير من الزيارة، زار الرئيس عون والوفد المرافق، المتحف الوطني، حيث جال في أرجائه، واستمع من الأمين العام للمتحف جمال بن حسن الموسوي، إلى شرح عن التحف الموجودة، والقاعات التي تُبرز جوانب مهمة من تاريخ السلطنة وحضارتها، مبتدئاً بقاعة التاريخ البحري، حيث تعرّف على مجسم لسفينة "بغلة مسقط" المسلحة، التي تُعد أكبر سفينة بحرية تجارية وناقلة في الخليج العربي وأكثر السفن العربية زخرفة، ومنها الى قاعة أرض اللبان التي تضم المباخر العمانية والأرمينية المُعارة من متحف التاريخ في أرمينيا تبرز مكانة اللبان ورمزيته في الثقافة الأرمينية، كما عاين قاعة ما قبل التاريخ والعصور القديمة التي تضم أقدم مبخرة يعود تاريخها إلى قرابة ألفي عام قبل الميلاد، وهي من روائع حضارة ماجان، أول حضارة عرفتها عمان.

كما اطلع الرئيس عون على الطبعة الثانية من الإنجيل التي تعود إلى عام 1960، من قبل المطبعة البولسية ببلدة حريصا اللبنانية، المُهداة إلى السلطان الراحل قابوس بن سعيد من البطريرك السابق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث بمناسبة زيارته إلى سلطنة عُمان في العام 2006.

وجال الرئيس عون في قاعة عمان والعالم، وركن السلطان الراحل قابوس، وقاعة الأرض والإنسان واطلع على مجموعة من المقتنيات والوثائق التي تُجسد عمق العلاقات التاريخية بين السلطنة ولبنان.

وفي ختام الزيارة، دوّن الرئيس عون كلمة في سجل كبار الزوار، جاء فيها:
"إن زيارتي اليوم للمتحف الوطني في مسقط، تأخذني في رحلة إلى تاريخ هذا البلد الشقيق، وآثاره الضاربة في التاريخ والتراث والحضارة. لقد وجدت في هذا المكان نموذجاً رفيعاً للعناية بالتراث وصونه. فبين أجنحته تتجلى حضارة متميزة سطّرها العُمانيون عبر البحر والصحراء والجبال، وقدموا من خلالها إسهامات رائدة في التجارة والمعرفة والتواصل بين الأمم. إن هذا المتحف لا يحفظ الذاكرة فحسب، بل يفتح نافذة واسعة على المستقبل، عبر ما يعرضه من تنوع ثقافي ورؤية حداثية تُظهر احترام عُمان لتاريخها وتمسكها بقيم الانفتاح والحوار".

دار الأوبرا
ثم زار الرئيس عون دار الأوبرا السلطانية، واستمع إلى موجز عن أقسامها ومرافقها وطبيعة العروض التي تقدمها ومواسمها وبرنامجها على مدار العام، إضافة إلى التجهيزات التي تضمنتها، بحيث تُعد من أحدث المعدات المستخدمة في مجال العروض الموسيقية العالمية. وحضر عرضاً موسيقياً، أعد خصيصاً ترحيباً بزيارته.

ودوّن في السجل العبارة التالية: "في أول دار أوبرا في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، تتجسد رؤية مضيئة للنهضة العُمانية الحديثة. إن دار الأوبرا، والتي هي تحفة معمارية فريدة، ليست مجرد معلم فني رائد، بل هي جسر حضاري يجمع الشرق والغرب، ويعكس ريادة السلطنة في احتضان الفنون الرفيعة وتعزيز الحوار الإنساني عبر الثقافة والموسيقى. أغادر هذا المكان وأنا أحمل أطيب الانطباعات عن عظمة ما وصلت إليه عُمان في مجالات الفن والثقافة، وعن الجهود المباركة التي جعلت من دار الأوبرا في مسقط منارة إشعاع حضاري في المنطقة".

وتعتبر دار الأوبرا السلطانية في مسقط مؤسسة رائدة في مجال الفن والثقافة في السلطنة. وتكمن رؤيتها في أن تكون مركزاً للتميز في التواصل الحضاري والثقافي ومجالات الفنون الراقية مع مختلف دول العالم، بهدف إثراء الحياة ببرامج فنية وثقافية وتعليمية.

وتم إنشاؤها في العام 2011، بهدف إعادة إحياء العديد من الفنون، وتتميز طريقة بنائها بمزجها بين العمارة الإسلامية والإيطالية، علاوة على وجود عدد من الحدائق الجميلة المحيطة بها. وهي توفر مساحة كبيرة للثقافة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وانعكاساتها، كما أنها تلهم جمهورها وتغذي إبداعاتهم من خلال البرامج المبتكرة التي تعزز الحراك الثقافي، وتطلق العنان للمواهب.

جامع السلطان قابوس الأكبر
وانتقل الرئيس عون بعدها الى جامع السلطان قابوس الأكبر، واستمع والوفد المرافق له خلال الزيارة، من مساعد الأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم داود الكيومي، إلى إيجاز عن تاريخ بناء الجامع، وتعرّف على مختلف التصاميم المعمارية العُمانية والإسلامية التي بُني وفقها.

وكانت له في السجل الخاص بالجامع الكلمة التالية: "يرسِّخ جامع السلطان قابوس، أصالة الروح العُمانية والقيم المبنية على الاعتدال والتسامح. أن أكون اليوم هنا، في هذا الصرح الديني البهي، فهي مناسبة لأشهد على فن معماري مبدع، وروحانية جميلة، ورؤية حضارية رفيعة وضع أسسها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، ورسّختها القيادة الحكيمة للسلطنة. أسأل الله تعالى أن يديم على هذه البلاد الطيّبة الأمن والإيمان والرخاء، وأن يبقى جامع السلطان قابوس منارة هدى وعلم وتسامح للأجيال القادمة".

ويقع الجامع في ولاية بوشر، وهو الجامع الأكبر في السلطنة، واستغرق بناؤه ست سنوات. جرى افتتاحه في العام 2001، ويتسع إلى أكثر من 6500 مصلي، علاوة على احتوائه على مكتبة ضخمة تضم حوالي 20 ألف مجلد في مختلف العلوم، والثقافات سواء الإسلامية أو الإنسانية، إضافة إلى احتوائه على 12 قاعة للفنون المختلفة، وخصوصاً الإسلامية، والتراثية.

 تصريح عون
وكان الرئيس عون، أدلى قبل مغادرته بتصريح لوكالة الأنباء العمانية، أكد فيه أن زيارته إلى سلطنة عُمان ولقاءه بالسلطان هيثم بن طارق، "سيدفعان بمستوى العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى آفاق أوسع للتعاون الاقتصادي والاستثماري ويهيئان الاستثمارات وتيسير التبادل التجاري".

كما شدد على "عمق العلاقات التاريخيّة العُمانية اللبنانية، وسعي البلدين الى المضي قدماً لتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات بما يعود عليهما وعلى شعبيهما الشقيقين بالنفع".

وأوضح الرئيس عون أن "سلطنة عُمان ولبنان يتطلعان إلى تحقيق شراكة استراتيجية مبنية على المصالح المشتركة، وعلى رأسها تعزيز الشراكات في قطاعات التجارة والتجزئة، والتشييد، والصناعة التحويلية، والنقل، والخدمات الغذائية، والذكاء الاصطناعي والتعليم والزراعة والخدمات والرعاية الصحية وتفعيل الترانزيت بين البلدين، ويُستدل على ذلك من الأرقام التي سجلت أخيراً، بحيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان ولبنان خلال النصف الأول من عام 2025 بنسبة 29.4 بالمائة كما بلغ عدد الشركات اللبنانية المسجلة في سلطنة عُمان أكثر من 1035 شركة حتى سبتمبر 2025"، مشيراً إلى "أهمية تفعيل الاتفاقيات الثنائية في المجالات التجارية والزراعية والصحية والثقافية".

وأشاد رئيس الجمهورية بدور سلطنة عُمان الدبلوماسي المشهود له، مؤكداً أن "لبنان يثمّن الدور الرائد القائم على السياسة المتوازنة التي تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف مما مكّنها من القيام بوساطات محورية لحل النزاعات والتوتر في المنطقة"، لافتاً الى أن لبنان "حريص على إعادة العلاقات مع الدول العربية بما في ذلك تعزيز التواصل مع دول مجلس التعاون الخليجي".

وقال الرئيس عون إنه يعمل على "تغليب لغة الحوار"، وأطلق دعوة لنبذ الحروب وإطلاق الحوار والتفاوض باعتباره حلاً للمسائل العالقة، آملاً "فتح صفحة جديدة في المنطقة تقوم على السلام العادل والشامل، وفقاً لمبادرة السلام العربية التي أقرت في بيروت عام 2002".

رجي
وأجرى الوفد الوزاري الرسمي المرافق للرئيس عون، عدداً من اللقاءات خلال الزيارة.
فالتقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي، وتم البحث في العلاقات الثنائية والأوضاع والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة.

وأشار رجي إلى الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، مؤكداً "ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية والإفراج عن المعتقلين". وشدد على "أهمية حصر السلاح بيد الدولة وبسط سيادتها على كامل أراضيها وتنفيذ القرارات الدولية"، لافتاً إلى أن "الحل يجب أن يكون دبلوماسياً لأن السلاح لم يحقق الحماية المطلوبة للبنان".

بدوره أبدى الوزير العُماني تأييده "لكل ما تتخذه الحكومة اللبنانية من خطوات لبسط سيادتها واسترجاع قرارها الوطني".

وتناول البحث جملة من الملفات التي من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين. وجرى التشديد على إعطاء دفع جديد للتعاون الاقتصادي، وتفعيل الخط المباشر للطيران بين لبنان والسلطنة، بما ينعكس إيجاباً على حركة النقل الجوي، ولا سيما عبر "طيران السلام"، في وقت تستعد فيه شركة "الطيران العُماني" لإطلاق رحلات إلى بيروت.

كذلك تناول البحث موضوع التوأمة بين مدينتي صور العُمانية وصور اللبنانية، إضافة إلى التعاون في المجال اللوجستي وربط الموانئ البحرية بين البلدين، وتعزيز التعاون السياحي على قاعدة الاستثمارات المتبادلة. وتم التطرق إلى التعاون في مجال الطاقة المتجددة والقطاع الصحي، نظراً إلى خبرة لبنان في هذا المجال وإمكانية الاستفادة منها.

واتفق الجانبان على تفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، على أن تعقد اجتماعها في الأشهر المقبلة، مع العمل على إعداد مشاريع اتفاقيات ليتم توقيعها خلال انعقاد اللجنة. كما جرى البحث في تنشيط عمل مجلس رجال الأعمال اللبناني–العُماني وأهمية إشراك القطاع الخاص في مسار التعاون الاقتصادي.

الحجار
وعقد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار اجتماعاً ثنائياً مع نظيره العُماني حمود بن فيصل البوسعيدي، في قصر العلم في مسقط. وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين الوزارتين، وشدد الجانبان على "أهمية تعزيز أطر التعاون المشترك، لا سيما في مجالات الأمن والشُرطة، وسبل تعزيزها وتطويرها بما يواكب التحديات ويخدم المصلحة المشتركة للبلدين".

كما تم التطرق إلى آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، والجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية لترسيخ الأمن والاستقرار.

ونوه الوزير الحجار بـ"دور سلطنة عُمان الفاعل في دعم الاستقرار والحوار على مستوى المنطقة"، مشيداً بـ"العلاقات الأخوية المتينة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين".

منسى
وضمن اللقاءات التي عقدها الوزراء الذين رافقوا الرئيس عون في زيارته الرسمية إلى عمان، التقى وزير الدفاع اللواء ميشال منسى نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع شهاب بن طارق آل سعيد في قصر العلم العامر. وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية الأخوية الطيبة التي تربط سلطنة عمان بلبنان، إلى جانب بحث عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، ومجالات التعاون العسكري القائم بين وزارتي الدفاع للبلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة.

هاني
كما التقى وزير الزراعة الدكتور نزار هاني وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه العماني الدكتور سعود بن حمود الحبسي، وبحث معه في أوجه التعاون بين البلدين في مجالات الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه والأمن الغذائي.

ناصر الدين
كذلك التقى وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين نظيره العماني الدكتور هلال بن علي السبتي، وعرض معه آفاق التعاون الصحي وتبادل الخبرات بين البلدين.

وجرى خلال اللقاء بحث التوأمة مع أحد المستشفيات الحكومية، والتبادل في الصناعات الدوائية، وتبادل الخبرات في مجال ادارة الكوارث والأزمات، والاستفادة من الخبرة العمانية في مجال الرقمنة الصحية.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : ايكو وطن-eccowatan