الخطيب : الطائفة الشيعية أساسية في هذا البلد
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
May 23 25|14:45PM :نشر بتاريخ
أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة، قال فيها :
قال تعالى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظُرُونَ).
وقال تعالى: ( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )
والحديث في هاتين الآيتين عن الكفار.
ولذلك لا بد من الحديث عن الكفر وحقيقته.
الكفر في اللغة هو الستر والتغطية، وفي الاصطلاح ما قابل الايمان. ولعل المناسبة بينهما ان الكفر ما يُغيّب الحق ويستره عن الناس.
والكفر بهذا المعنى أمر سلبي غرائزي لأنه يحرر الانسان من الالتزام بالحدود التي يفرضها الايمان فالانسان بطبعه يهرب من القيود، وهو امر يولد معه منذ الطفولة ويسعى الى التحلل منها.
والايمان أمر فطري والفطرة الاستعداد الذي يستلزم معرفة الخالق بلا احتياج معه الى تعليم والكفر كأنه حجب لهذا الإيمان عن الناس. فهو امر طارئ، وخلاف الأصل. والاصل هو الإيمان.
فالكفر امر سلبي على خلاف ما تقتضيه الفطرة التي تقيد النزوع نحو التفلت والفوضى وتجعل من عملية الخلق أمراً عبثياً وسلبياً، بينما الفطرة تنسجم مع فكرة الهدفية للخلق، وتجعل للضوابط التشريعية عمقا طبيعيا يجعلها منسجمة معه، بحيث لا ترفضه النفس البشرية. ولأن الغريزة تميل نحو التحرر من القيود يحصل التصادم بينها وبين ما تقتضيه الفطرة .
فقد يكون الانسان عالما ًمن الناحية النظرية الا ان هذا الايمان يبقى نظرياً ولا يتحول الى سلوك من الناحية العملية. وهذا ايمان.. لكنه ایمان ناقص، فضلاً عن ألا يكون قوي الايمان فيختفي عند قوة الغرائز ويقع في الكفر، والعياذ بالله فالايمان النظري يتقوى بالايمان العملي اذا صح التعبير، والعكس صحيح. ومن هنا صحّ إطلاق لفظ (اصحاب الأهواء) على الكفار، وهو ما نفهمه من قول رسول الله (ص): ( كل مولود يولد على الفطرة ولكن ابويه يهوّدانه او ينصّرانه ).
فالتربية هي اما توافق الفطرة او تجانبها، فتخرج صاحبها عن الايمان الذي هو الدين، وهو يتمثل اليوم بالإسلام. ففي الحديث عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن قول الله عز وجل " فطرة الله التي فطر الناس عليها " قال: على التوحيد.
ولأن الكفر مجاف للفطرة التي هي الوجدان والادراك الأولي، من هنا نرى ان الكفار، طبعاً الجاحدين منهم، تجمعهم حالة واحدة وهي الاصرار على العناد وعدم الاذعان مهما واجههم به الانبياء من براهين وادلة، ويطلبون من الانبياء الادلة المعجزة لأنهم لا يريدون الايمان تعنّتاً كما ورد في الآية الكريمة التي افتتحنا بها الكلام.
(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعِ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
واهل الكتاب هنا ليس على سبيل الحصر، وانما على سبيل الأولوية.
وقد حدث ان طلب المشركون من رسول الله (ص) أنواعاً من الآيات وخوارق العادات. كما ان عناد المشركين اخذ يقوى ولجاجتهم تشتد، وقد أرادوا إخراج الرسول (ص) وسلم وتحديه بمطالبته بالإتيان بمعجزات تثبت نبوته.
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك. قال: «وَتَفْعَلُونَ»؟ قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح لهم
الصفا ذهبًا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت لهم باب التوبة والرحمة؟ قال: " بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ".
وإن مطالبهم والرد عليها قد سجلها القرآن الكريم؛ فقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيَكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا.
وخلاصة هذه المطالب أنهم:
1- يطلبون أدلة مادية، طلبوا منه أن يوسع عليهم أرضهم، وأن يبعث أمواتهم.
2- وطلبوا أن يبعث لهم مَلَكاً يشهد لنبوته.
3- وطلبوا منه أن يجعل أرضهم القاحلة جنات، وفيها كنوز، وفيها قصور من ذهب وفضة، واتهموه كذباً بأنه يعلمه رجل من اليمامة.
4- وطلبوا أن يسقط عليهم من السماء كسفا.
5- وطلبوا منه أن يحضر سُلَّماً يرقى فيه إلى السماء، وأن ينزل ومعه كتاب في قرطاس.
هذا، ولما رأى المشركون ضعفهم عن مقاومة المسلمين بالبرهان تحولوا إلى سياسة القوة التي اختارها قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما عجزوا عنه حيث قالوا: (حَرَقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ) كما في سورة الأنبياء.
أما هؤلاء فازدادوا بالأذى على كل من أسلم رجاء صدهم عن اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يتركوا بابًا إلا ولجوه، فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: «تَفَرَّقُوا فِي الأَرْضِ، فَإِنَّ اللَّهَ سَيُجَمِّعُكُمْ»، فسألوه عن الوجهة، فأشار إلى الحبشة.
وتابع :"والغاية ان اهل الكفر ليسوا اهل حجة ودليل، بل يسلكون كل مسلك باطل من اجل الحصول على مرادهم في كل زمان ومكان، كما هو الحال في وقتنا الحاضر حيث يتوسل اعداؤنا كل السبل من اجل بلوغ اهدافهم الخبيثة، بما فيها القتل الجماعي والابادة دون تفريق بين الكبير والصغير والمرأة والطفل، او بين هدف مدني او عسكري بين منزل ومستشفى ويعطون لأنفسهم المبرر في ارتكاب المجازر واستباحة استخدام كل ادوات الجريمة دون رادع من قانون او شرعية اممية، بل يقف العالم متفرجا على ارتكابها."
أضاف العلامة الخطيب :لقد خَبِرْنا في لبنان القرارات الدولية والامم المتحدة ومجلس الامن من العدوان الصهيوني على لبنان، التي لم تكن الا أبراً للتخدير، افساحا في المجال امام العدو لتحقيق المزيد من اهدافه العدوانية. وها نحن اليوم في تجربة جديدة مع القرار الدولي ۱۷۰۱ ، وما حصل من تفاهم على تطبيقه بضمانة الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وتحت اشرافهما، فما الذي حصل منذ حصول هذا التفاهم؟ وهل تم تنفيذ أي بند من بنوده المفترض ان يبدأ العدو بالانسحاب من الارض اللبنانية، ولكن الذي حصل هو العكس تماماً، حيث بدأ الجانب اللبناني بتنفيذ الاتفاق من جانبه، بينما استغل العدو الاتفاق ليحتل النقاط الخمس بتأييد من الولايات المتحدة الامريكية، واستمر في الحرب على لبنان من دون أن نرى موقفاً من لجنة الاشراف على الاتفاق، بل بتواطؤ من بعضها التي اكتفت بنقل طلبات العدو والتصريح بوجوب تنفيذها وربط اعادة الاعمار بنزع سلاح المقاومة".
وأردف :"اما الحكومة اللبنانية فتكتفي بتنفيذ الأوامر بالتضييق على المسافرين من الطائفة الشيعية، وتشديد الحصار عليهم. فإلى أين تأخذون البلد؟ وهل تدفعونه الى الانفجار، لأن الطائفة لن تستسلم للأمر الواقع، ولن تبقى تتفرج على ما تتعرض له. وانا أنصحكم الا تُجرّبوها، فقد جربتموها من قبل، وتعرفون جيداً النتائج التي أودت اليها سياسة التهميش والاستضعاف والتهديد والاستعانة بالخارج الاسرائيلي او الامريكي او غيرهما".
ونصح الخطيب، السوريين "ان يستفيدوا من تجاربهم السابقة مع هؤلاء الذين سبق لهم ان استقدموا الجيش السوري واستعانوا به ثم قلبوا له ظهر المجن، ثم استعانوا بالاسرائيلي عليه. اما نحن فقد عبرنا عن ان من حق الشعب السوري ان يقرر مصيره بنفسه وكما يريد. ومن جهتنا لا نريد له الا الخير. لذلك فنحن لا نرى في الشعب السوري بكل اطيافه الا الاخوة، وبين البلدين الا المصالح المشتركة وما فيه خير البلدين. لذلك فإن اعداءنا يريدون اعادة تجربة الامس للايقاع بيننا وتحقيق مآربهم الخبيثة على حساب البلدين".
وقال :"وليطمئن أولئك الذي يلعبون هذه اللعبة الخبيثة .. انهم كما فشلوا مع كل الدعم الخارجي الذي قدم لهم في السابق، سيفشلون مجدداً ولن نكون لقمة سائغة للواهمين الذين يقنعون انفسهم بأنهم قادرون على اعادة الساعة الى الوراء.
وأكرر هنا ما رددته سابقاً، ان الطائفة الاسلامية الشيعية هي طائفة اساسية في هذا البلد، ومن يريد حذفها من المعادلة بالممارسات التي نراها في المطار والمرفأ وغيرهما، انما يأخذون البلد الى ما لا تحمد عقباه. فنحن ابناء كربلاء نموت جميعاً ولا نخضع، واذا كان البعض يراهن على اخذنا بالوعود الفارغة ومع الوقت حتى ينفذ ما عهد اليه، فهو واهم وواهم جداً، وليبدأوا بالعمل على اعادة الاعمار والترميم، ووقف مساعدة العدو بالحصار المالي على الطائفة الشيعية. فما هو المبرر للحصار على من يفترض انكم مسؤولون عنهم وضربتم على صدوركم واخذتم على انفسكم للناس عهداً، فاذا لم يفِ لكم الذين اخذوا عهداً بتنفيذ الاتفاق، فكيف يمكن لنا ان نُسلّم لهم بتسليم الرقاب.
وتابع : حذارِ حذارِ من الاستمرار بهذه الخفة في التعامل مع امر مصيري كهذا. فهل رأيتم ان المسلمين الشيعة يتصرفون كمهزومين رغم ما اصابهم من جراح، ام يتصرفون بواقعية ويمارسون دورهم الوطني بشكل طبيعي غير محبطين او مكسورين، بل يعتزون بما قدمته المقاومة وبشهدائهم الميامين، غير منكفئين عن المشاركة في اداء واجبهم الوطني في الانتخابات البلدية بهذا الاداء الرائع، وبهذا الحرص على الوحدة الوطنية في بيروت بتأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، بينما نرى الصورة معكوسة في مناطق أخرى".
وعن الاستحقاق الانتخابي في الجنوب غداً، قال الخطيب :"غدا السبت سيعبر الجنوبيون فيه من خلال صندوق الانتخاب عما يجعله يوماً وطنياً جامعاً، ويثبتون مرة اخرى انهم على مستوى المسؤولية الوطنية، في ظل ظروف صعبة يزيد من معاناتها استمرار العدوان الاسرائيلي الغاشم على ابنائنا الذين يسقط يومياً منهم شهداء، وسط احتلال لعدد من المناطق. ومع ذلك يُعبّر اهلنا عن تمسكهم بمقاومتهم لهذا الاحتلال من خلال وفائهم لهؤلاء الشهداء، وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة سماحة السيد حسن نصر الله ورفاقه الميامين ووفاء لامامهم المغيب سماحة السيد موسى الصدر، وذلك عبر خيارات التزكية في المدن والبلدات الجنوبية التي تزايدت يوما بعد يوم، وما ذلك الا تعبيراً واضحاً عن تمسكهم بخياراتهم الوطنية، وانتمائهم لدولتهم ومقاومتهم وجيشهم فألف تحية الى أهلنا الصامدين الصابرين المجاهدين".
أضاف :"ومع هذا الاستحقاق الوطني الذي يسبق يوما عظيما من ايامنا الوطنية المجيدة ، وهو يوم التحرير والمقاومة الذي يصادف الاحد المقبل ، لا يفوتنا هنا الا ان نعبر عن اسمى آيات التقدير والعرفان لكل الشهداء والجرحى الذين بذلوا ارواحهم، وللذين تحملوا المشقات والمعاناة والنزوح ، من أجل أن يكون الخامس والعشرون من أيار عام الفين، يوماً مجيداً في تاريخنا اللبناني والعربي والاسلامي".
وختم :"اننا في هذه المناسبة نستلهم المعاني العظيمة لعيد المقاومة والتحرير لنقول لكل من له اذن تسمع وعين ترى انه لم يعد جائزا السكوت عن الواقع الراهن والتعاطي مع الحالة الراهنة وكأن شيئا لم يكن. وعليه فإننا نرفع الصوت عاليا ونحذر من استمرار التعامل مع هذه الحالة وكأنها أمر واقع ، اذ لا طاقة للناس على المزيد من التحمل، واخشى ما نخشاه ان يولد ذلك انفجارا لا يُبقي ولا يذر، والسلام على من اتبع الهدى".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا