الجمهورية: تصعيدٌ ديبلوماسي لاستكمال الانسحاب وحديث عن طرح أميركيّ يزامن بين الخطوات
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jun 25 25|08:04AM :نشر بتاريخ
وفي اليوم الثاني عشر توقفت الحرب الإسرائيلية ـ الأميركية على إيران، ليتركّز الاهتمام على ما سيكون لنتائجها من انعكاسات وتداعيات على لبنان والمنطقة، في ظل تخوف البعض من أن يكون ما حصل جولة أولى من مجموعة جولات قد تحصل لاحقاً، خصوصاً انّ وقف إطلاق النار المعلن، لم يتضمن أي بنود تُلزم الطرفين المتحاربين بعدم العودة إلى الحرب. والمرجح لبنانياً، أن ينشط الجهد الديبلوماسي اللبناني في اتجاه الراعيين الأميركي والفرنسي للاتفاق على وقف إطلاق النار، بغية وقف الخروقات الإسرائيلية واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من التلال الخمس. وهو ما كان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بحث فيه مع الموفد الأميركي توماس براك، الذي وعده بإثارة الموضوع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية وحسب معلومات لـ «الجمهورية»، شدّد على انّ حصول الانسحاب الإسرائيلي الكامل من شأنه أن يسهّل تنفيذ القرار 1701، ويؤمن الظروف المناسبة لمعالجة موضوع السلاح، إذ لا يمكن البحث في شأنه مع «حزب الله» ما لم يتحقق الانسحاب الإسرائيلي الكامل مما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلة.
وفيما يبدو أنّ لبنان اجتاز «قطوع» التورط في الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية على إيران، إذا كانت هذه الحرب قد توقفت فعلاً، يعود إلى الواجهة محلياً ملف اتفاق وقف النار المتعثر منذ توقيعه في 27 تشرين الثاني الفائت.
ولوحظ أنّ إسرائيل تعمّدت في اليومين الأخيرين إطلاق العنان لمسيّراتها في أجواء الجنوب بغير انقطاع، للمرّة الأولى منذ فترة طويلة، كما كثفت ضرباتها في عدد من المناطق.
ووضعت مصادر مطلعة هذا الاستعراض والتصعيد العسكري الإسرائيلي في سياق ممارسة الضغط السياسي على لبنان، واستغلال اللحظة السياسية التي يتحرّك فيها الأميركيون من خلال موفدهم، السفير في تركيا، توماس براك، في سعي منه إلى إقناع لبنان بتنفيذ البند الوارد في القرار 1701 واتفاق وقف النار، والمتعلق بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، ضمن مهلة محدّدة.
وإذ تردّد أنّ براك «منح» الحكومة مهلة 3 أسابيع ليعود إلى بيروت، ويتبلّغ منها قراراً حازماً بتنفيذ هذا البند، فإنّ اهتمام أركان الحكم يتركز في هذه الفترة على تحضير الصيغة المناسبة للردّ على طرح واشنطن، باللغة التي تفهمها وتقنعها. ويتلخّص الردّ اللبناني بالطلب من الأميركيين أن يضغطوا في المقابل على إسرائيل لتنفيذ البند المتعلق بانسحابها الكامل من كل الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها على سيادة لبنان، بحيث يكون هناك تزامن في التنفيذ من الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
مقاربة «الثنائي»
وإلى ذلك، قارب مصدر بارز في «الثنائي الشيعي» عبر «الجمهورية»، انعكاسات وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بالآتي:
«جاء المبعوث الأميركي توماس براك إلى لبنان بعناوين سبق أن تحدث بها الأميركي، لكنه رتّبها بأكثر حنكة وبلغة أخف حدّة، وأراد من خلالها أن يدفع في اتجاه شرعنة حصرية السلاح، وطرح هذا الأمر على مجلس الوزراء، بالإضافة إلى إجراء بعض الخطوات المتزامنة، خصوصاً أنّ وجهة نظر رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله» الأساسية، هي الانسحاب ووقف العدوان واسترداد الأسرى، كمقدمة لمناقشة الاستراتيجية الوطنية التي من ضمنها سيُطرح ملف السلاح».
وأضاف المصدر «أنّ الغرب مع قسم من الداخل، أولوياتهم مختلفة، تنادي بتسليم السلاح كمقدمة للإنسحاب الإسرائيلي، وكل طرف متمسك بوجهة نظره، والرئيس عون مدرك أنّ طرح نزع السلاح في هذه الظروف يمكن أن يؤدي إلى وضع داخلي غير مستقر، لذلك يحاول إيصال رسالة إلى الأميركيين بضرورة مساعدته في هذا الأمر. وأشار المصدر إلى أنّ الجديد الذي أتى به براك هو فكرة التزامن في الخطوات، أي خطوة من الدولة وخطوة من إسرائيل. وهذا الكلام لم يكن مرتبطاً منطقياً بالعدوان على إيران ولا بنتائج الحرب، لأنّ احداً لم يكن يتوقع أن تصل الامور إلى هذا الحدّ، وأن تندلع مواجهات لمدة إثني عشر يوماً، وأن يخرج الإيراني منتصراً من هذه المعركة قياساً على الأهداف المعلنة وغير المعلنة من إيران، وهناك احتمال كبير في إطار التهدئة في الإقليم والمنطقة، أن تقوم الأطراف الفاعلة بنوع من التفاهمات في ظل المنحى الذي أخذته الاوضاع».
وتحدث المصدر نفسه عن «احتمال أن تتحرك بعض الأمور في المنطقة، خصوصاً أنّ ترامب يعتبر أنّ المحور كمحور تقوده إيران تعرّض لضربة في الملف النووي بمعزل عن التفصيل، وأنّ هذا سيحفّز على التهدئة في المنطقة وإطفاء الحرائق المشتعلة من جانب إسرائيل، وأنّ لبنان في هذه الحال ينتظر اليوم التالي لما بعد اتفاق إطلاق النار وربما ينسحب تهدئة. ثم انّ هناك مجموعة عوامل ترتبط بعضها ببعض وتتعلق بالمحددات الثلاثة؛ أولاً، ما جاء في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، وثانياً، البيان الوزاري للحكومة الذي وافق عليه وزراء «الثنائي الشيعي» لجهة حصرية السلاح مع حق لبنان في الدفاع عن نفسه وأرضه، والنقطة الثالثة، أنّه حتى الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قال إنّ الحزب مع تثبيت حصرية السلاح، وانّ سلاح المقاومة مرتبط بالحرب مع إسرائيل. والفكرة الأساسية هنا أنّ هذه السياقات هي سياقات ليست متناقضة إنما متكاملة. وفي النهاية عندما يستردّ لبنان أرضه وسيادته لا ضرورة للسلاح، خصوصاً أنّ المقاومة تتبنّى من الأساس فكرة أن تكون للبنان استراتيجية دفاعية يتفق عليها اللبنانيون».
جعجع في بعبدا
وكان الحدث السياسي الداخلي البارز اللقاء الذي عُقد في القصر الجمهوري بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي زاره للمرّة الاولى منذ إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وتحدث بعد اللقاء معلناً انّ «التواصل لم يتوقف مع الرئيس عون قبل إنتخابه وبعده»، وقال: «بحثنا في الأوضاع الأخيرة وأجرينا تقييماً، خصوصاً للقرارات المطلوبة داخلياً بعد ما حدث، وكان التوافق مئة في المئة». وأكّد «انّ الرئيس عون لديه كل النية والتصميم لقيام دولة فعلية في لبنان، وقد حصل تقدّم كبير في هذا الخصوص». وقال: «لم نوجّه أي رسالة للرئيس عون بل نتواصل معه ونبحث في المواضيع». ولفت إلى انّه «حان الوقت لأن تقوم دولة فعلية في لبنان، وهي مصلحة جميع اللبنانيين قبل ان تكون مطلباً خارجياً».
ورداً على سؤال، قال جعجع: «كانت هناك وضعية شاذة في المنطقة بدءاً من اليمن ووصولاً إلى لبنان، ولم يكن ممكناً أن يستمر ذلك. وأعتقد أننا سنصل إلى تفاهم أميركي ـ إيراني جدّي تبعاً لما يتلاءم مع نظرتنا إلى الأمور ومع مصالح لبنان العليا». وشدّد على انّه «لقيام دولة في لبنان يجب أن يكون لدينا جيش واحد وقرار السلم والحرب بيد الحكومة والدولة هي من تتخذ القرار».
ورداً على سؤال، قال جعجع: «لم ألمس «أي نَفَس فساد» في العهد منذ 5 أشهر».
ونقلت مصادر رسمية عن جعجع ارتياحه إلى اللقاء مع عون، وانّ البحث خلاله تناول كل القضايا المطروحة. وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»، انّ وجهات النظر كانت متقاربة حول مواضيع ومتباينة حول أخرى، ولكن التباين لم يفسد في الود قضية. واشارت إلى أنّ اللقاء الذي دام لأكثر من ساعة شرح جعجع خلاله وجهة نظره من القضايا المطروحة بما فيها موضوع سلاح «حزب الله». وفي المقابل شرح عون وجهة نظره، لافتاً إلى ما يجريه من مشاورات واتصالات داخلية وخارجية في شأن هذه القضايا في إطار ما التزمه في خطاب القَسَم الرئاسي وكذلك في ضوء ما يشهده لبنان والمنطقة من أحداث وتطورات متلاحقة.
عون والشرع
وكان الرئيس عون اتصل مساء أمس بالرئيس السوري احمد الشرع، معزياً بضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف مساء الاحد الماضي، كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة في دمشق. وكرّر استنكاره لـ«هذه الجريمة التي ذهب ضحيتها أبرياء وطاولت صرحاً دينياً له حرمته وقدسيته»، وأكّد «تضامن لبنان رئيساً وشعباً مع عائلات الضحايا ومتمنياً الشفاء العاجل للجرحى».
وشكر الشرع لعون «التعازي والتضامن مع الشعب السوري»، مؤكّداً أنّ «السلطات الأمنية السورية ألقت القبض على المتهمين بالمشاركة في تنفيذ الجريمة والذين ينتمون إلى خلية ارهابية»، لافتاً إلى «إجراءات ستًتخذ لمنع تكرار ما حصل».
دعم قطري
في غضون ذلك، أكّد رئيس الحكومة نواف سلام من قطر بعد محادثات أجراها مع اميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومع نظيره رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن «ان لا استقرار في لبنان ما لم تنسحب إسرائيل من النقاط الخمس». وقال: «نحمد الله أنّه في الأسبوعين الأخيرين تمكنا من منع جّر لبنان إلى حرب جديدة أو توريطه في النزاع الإقليمي الذي كان دائراً. ونتطلع اليوم إلى صفحة جديدة من العمل الدبلوماسي». وأضاف: «نشكر قطر على دعمها الذي تقدّمه للبنان منذ أكثر من سنتين، ومستمرون في النقاش مع أشقائنا في قطر للتوصل إلى تفاهم لدعمنا في مجال الطاقة».
واعتبر سلام أنّ «العدوان على إيران انتهاك لسيادتها وللقانون الدولي»، مشيرًا إلى أنّ «الجميع يريد منطقة خالية من السلاح النووي». وأمل في أن يؤدي وقف النار بين إيران وإسرائيل إلى العودة للديبلوماسية.
وأكّد سلام «تضامن لبنان مع دولة قطر وإدانته الشديدة للهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية والذي يُعتبر انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة»، مشدّداً على «رفض لبنان القاطع لأي اعتداء يهّدد أمن وسلامة دولة قطر ويقوّض أمن واستقرار المنطقة». وشكر لقطر «مواقفها الداعمة للبنان ومساعدته خلال المرحلة الراهنة التي تمرّ فيها المنطقة».
بدوره، اكّد الشيخ تميم «دعم قطر المتواصل للجمهورية اللبنانية».
فيما أشار رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن، إلى أنّه بحث مع سلام في «حاجات لبنان من الطاقة وإمكانية توفير ما يمكن توفيره». مضيفاً انّهما بحثا ايضاً في «جهود إعادة الإعمار وتطورات الإقليم»، وقال: «ندين انتهاكات إسرائيل لسيادة لبنان». مضيفاً: «إننا نتمنى للعلاقات السورية ـ اللبنانية مستقبلاً أفضل وندعم مسار تعزيز العلاقات بين سوريا ودول المنطقة».
في سياق آخر، قال رئيس الوزراء القطري، إنّ «المنطقة مرّت بتحدّيات لم نمرّ فيها منذ فنرة، وكان هناك إعتداء على سيادة قطر. ونحن ندين بأشدّ العبارات اعتداء الحرس الثوري الإيراني على قاعدة العديد القطرية». وأوضح «إننا أدنا منذ اليوم الأول الاعتداءات الإسرائيلية على إيران، والهجوم على دولة قطر من إيران تصرف غير مقبول. وفوجئنا بالهجوم على قاعدة العديد. وأشيد بدور القوات المسلحة في صدّه».
وقال إنّ «تصرفات إسرائيل غير المسؤولة لا تولّد سوى عدم الاستقرار في المنطقة»، مشيرًا إلى «أننا نؤثر دوماً الديبلوماسية والحكمة على أي شيء آخر».
إلى ذلك، أفاد عبدالرحمن بأنّ «أميركا طلبت منا التواصل مع إيران لمعرفة مدى انفتاحها على وقف إطلاق النار»، وقال: «قمنا بالاتصالات اللازمة التي أسفرت عن إعلان الرئيس الأميركي وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا