افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 27 يونيو 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jun 27 25|08:06AM :نشر بتاريخ
"الأنباء" الالكترونية:
مرة جديدة يثبت الرئيس وليد جنبلاط إيمانه بالدولة وقواها الأمنية التي وحدها الضامن لكل اللبنانيين في السلم والحرب. وأنها الوحيدة القادرة على حمايتهم والدفاع عنهم. ففي مؤتمر صحفي يحمل العديد من الدلالات في توقيته ومضمونه ورسائله، أعلن أنه أبلغَ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بأنَّ هناك سلاحًا في موقع ما في المختارة، مضيفًا: "طالبت الرئيس عون بأن يتسلّم الجيش هذا السلاح، وانتهى التسليم منذ ثلاثة أسابيع أو أكثر".
وأوضح جنبلاط أن السلاح أتى تدريجيًا بعد أحداث 7 أيار من العام 2008 خلال التوتر بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله. مشيرا الى أنه سلاح خفيف ومتوسط بالإضافة إلى بعض الرشاشات الثقيلة وقد سلّم إلى الدولة. موقف جنبلاط المتقدم والذي يأتي في خضم الجدل القائم حول سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني، والضغوط الدولية على لبنان لاستلام سلاح الحزب وفق القرار 1701، فتح بوابة واسعة أمام الدولة اللبنانية وشكل رافعة قوية لموقف رئيس الجمهورية والحكومة التي بات عليهما المبادرة إن لناحية إطلاق حوار جدي ومباشر مع القوى المعنية بذلك، أو من خلال دعوة الأحزاب التي لا تزال تمتلك السلاح لتسليم سلاحها إلى الدولة اللبنانية، خاصة وأن جنبلاط قال إن "وسائل المواجهة السابقة لم تعد صالحة" وإن "السلاح كل السلاح يجب أن يكون في يد الدولة". مضيفا "إذا كان هناك من حزب لبناني أو أحزاب لبنانية أو غير لبنانية تمتلك سلاح، أتمنى أن يجري تسليمه بالطريقة المناسبة للدولة". وأشار جنبلاط إلى أن "السلاح الأفعل للأجيال الُمقبلة هو سلاح الذاكرة، لذلك يجب أن نورث ذاكرة البطولات والمقاومين الإسلاميين والوطنيين"، مشيرًا إلى أنه في جولة اليوم انتصرت إسرائيل والغرب بالتحالف مع أميركا و"ما في شيء بدوم"، أضاف "الجولة انتهت ومقبلون على مستقبل، لذا يجب أن لا ننسى بطولات أبائنا وأجدادنا في مواجهة إسرائيل وعملاء إسرائيل، خاصة كي لا نُقبل غدا وقد نُقبل على التطبيع، والتطبيع قد يحمل في طياته كتابة تاريخ مختلف عن التاريخ الذي نعرفه وسيخفي كلّ البطولات."
وانتقد جنبلاط من سماهم أبواق من الكتّاب ينهالون يومياً على "الحزب" بتسليم السلاح، ولكن ليس بهذه الطريقة نخاطب "الحزب" والطائفة الشيعية، ويجب معالجة هذا الموضوع ويجب إعطاء الحقوق الكاملة للفلسطيني في لبنان بعيدًا عن الجنسية والتعامل معه بطريقة العزل".
وردًا على سؤال حول مزارع شبعا، أكّد جنبلاط على موقفه السابق من أن "مزارع شبعا هي تحت القرار 242 الصادر عن الأمم المتحدة وهي أرض سوريّة احتلّتها إسرائيل وفق الآلية التي تحدثنا عنها بالجلسة الأولى للحوار عندما جمعنا الرئيس بري مع السيد حسن نصرالله في العام 2006، واتفقنا آنذاك أن نتوجه إلى سوريا لكي نرسّم سويا مزارع شبعا ما إذا كانت لبنانية وتبليغ الأمم المتحدة لتقرر، أما جبل الشيخ فمحتلّ من إسرائيل وقسم منه لبناني والآخر سوري.
في سياق متصل، جدد المجلس الأوروبي دعمه للشعب اللبناني ورحب بجهود السلطات الجديدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني. وأكد في بيان عقب جلسة مناقشة حول الوضع في الشرق الأوسط في العاصمة البلجيكية بروكسل "دعم سيادة الدولة اللبنانية وسلامة أراضيها"، مذكرا بالدور الأساسي "الذي تؤديه قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" في تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان".
كما جدد المجلس الأوروبي دعوته كافة الأطراف إلى تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 27 تشرين الثاني 2024 وتطبيق قرار 1701
من جهة أخرى كشفت مصادر مطلعة لـ "الأنباء" الالكترونية أنّ المبعوث الأميركيّ إلى سوريا توم باراك، اجتمع في الرياض مع الأمير يزيد بن فرحان في لقاء ثنائي امتدّ حتى ساعات متأخرة من الليل. وأنّ الملف اللبناني حضر على الطاولة خلال اجتماع باراك وبن فرحان."
وأشارت المصادر الى أن الأوساط السياسية اللبنانية منكبة على دراسة ما سمي بورقة باراك، التي تتناول موضوع سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني وتحديد آليات تسليمهم الى الجيش اللبناني والقرارات الإصلاحية المطلوب إقرارها، وموضوع ترسيم الحدود اللبنانية السورية، ورزنامة تنفيذ هذه العناوين، وأشارت المصادر ان الرؤساء الثلاثة على تشاور دائم لإنجاز إجابات على رسالة باراك المتوقع عودته الى لبنان في السابع من تموز القادم".
وفيما لا تزال الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران ترخي بثقلها حيث تنشغل الإدارة الأميركية في الرد على تقارير مسربة عن وكالة الإستخبارات الأميركية تشكك بفعالية الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية الثلاث لا سيما منشأة "فوردو"، وما إذا كانت إيران قد نجحت في نقل اليورانيوم المخصب إلى منشأة أخرى، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي، أن "إيران انتصرت على إسرائيل وأميركا"، وذلك في أول رسالة مصورة له منذ وقف إطلاق النار، مضيفاً أن "إسرائيل كادت تنهار تحت الضربات الإيرانية". وقال خامنئي إن "أميركا دخلت الحرب لأنها شعرت أنها إذا لم تفعل ذلك فستدمر إسرائيل بالكامل، مشيراً إلى أن أميركا لم تحقق أي إنجاز من هذه الحرب". وأضاف "إن ترامب هوّل من نتائج الضربات على مواقعنا النووية"، مشدداً بالقول: "مواقعنا النووية لم تتعطل".
وتوعد خامنئي بالقول: "لدينا القدرة على استهداف قواعد أميركا في أي وقت"، كما شدد على أن "إيران قوية ولن تقبل بالاستسلام"، مشيراً إلى أن "ترامب يحاول إخفاء حقيقة ما جرى".
بدوره قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه "لم يتم نقل أي شيء من منشآت إيران النووية قبل ضرباتنا"، وعقب انتهاء المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع بيت هيغسيت ورئيس الأركان الأميركي دان كين، والذي تم فيه استعراض تفاصيل العملية، كتب الرئيس ترامب على حسابه في منصته "تروث سوشيال": "كان واحدًا من أعظم المؤتمرات الصحافية وأكثرها احترافية رأيتها في حياتي! وتأكيدا على "الأخبار الكاذبة" طرد كل من شارك في هذه الحملة الشرسة، والاعتذار لمحاربينا العظماء، وللجميع!".
وأضاف الرئيس الأميركي: "كانت السيارات والشاحنات الصغيرة في الموقع تابعة لعمال الخرسانة الذين يحاولون تغطية قمم الأعمدة. لم يُخرج أي شيء من المنشأة. سيستغرق نقلها وقتًا طويلاً، والمواد خطيرة للغاية، وثقيلًة جدًا ويصعب نقلها!".
من جهتها قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إنه لا يوجد ما يشير إلى نقل أي يورانيوم مخصب من أي من المواقع الثلاثة في إيران، التي استهدفتها الولايات المتحدة في هجمات يوم السبت.
وشنّ الرئيس دونالد ترامب هجوماً عنيفا على وسائل إعلام أميركية بعدما نشرت تقريرا سريا للاستخبارات الأميركية يشكك بفعالية الضربة العسكرية التي نفّذتها الولايات المتحدة دعما لإسرائيل.
وكان خبراء طرحوا احتمال أن تكون إيران قد استبقت الهجوم بإفراغ هذه المواقع النووية من مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب والبالغ حوالي 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%.
"النهار":
لا يبدو المشهد اللبناني مريحاً أو باعثاً على الاسترخاء للانطباعات المتفائلة بانعكاسات النهاية "المفترضة" للحرب الإسرائيلية- الإيرانية أو وقف النار بينهما عليه، إذ إن جوانب عدة من التطورات الجارية غداة سريان وقف النار هذا لا تزال تثير مخاوف ومحاذير، سواء عامة تتصل بمصير الهدنة أو وقف النار أو تحديداً بما يمس بالوقائع اللبنانية.
ذلك أن الأيام القليلة الماضية التي أعقبت توقف الحرب واطلقت العنان للسيناريوهات للمرحلة التالية المقبلة، شهدت من الزاوية اللبنانية تصعيداً إسرائيلياً لافتاً ومتدرجاً أعاد الوضع المشدود عند الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل إلى عين الأولويات الساخنة الملحة، بما يصعب وفق المطلعين على الوضع الميداني والديبلوماسي المتصل به فصل هذه السخونة المتدرجة عن تداعيات ونتائج ما خلفته الحرب بين إسرائيل وإيران.
وبصرف النظر عن دقة أو صدقية الكثير مما يثار إعلامياً عن المهمة التي قام بها الموفد الأميركي توماس برّاك في بيروت قبل أكثر من أسبوع، وما يثار استباقيا حول زيارته الثانية المرتقبة في 7 تموز المقبل كما تردد، فإن الثابت والواضح أن التحمية الميدانية الإسرائيلية للواقع الحدودي مع لبنان واستئناف عمليات اغتيال كوادر وعناصر في "حزب الله" كما حصل في اليومين الماضيين، تعتبر توطئة لإعادة فتح ملف نزع سلاح الحزب بقوة أكبر من السابق هذه المرة، ومحاصرة لبنان بضغوط ميدانية إسرائيلية من جهة وديبلوماسية واقتصادية غربية وخليجية من جهة أخرى، لحمله على التزام عملي لبرمجة نزع سلاح الحزب بشكل واضح لا لبس فيه بعد هذه المرحلة.
وهو أمر يؤكد المطلعون أن كل أهل السلطة باتوا يدركونه عن ظهر قلب، ولكن الحجة الجاهزة المتصلة باشتراط انسحاب إسرائيل من التلال الخمس الحدودية في الجنوب للشروع في ملف نزع السلاح لم تعد كافية للرد عن لبنان محاذير الضغوط المتوقعة عليه في قابل الأسابيع والأشهر، خصوصاً في ظل تداعيات الحرب الإسرائيلية والضربات الأميركية على إيران.
تبعاً لذلك، غلب الانطباع في لبنان أمس، على أن ردة فعل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي على نتائج الحرب، طبعتها الدعائية الفاقعة وسياسات الإنكار التي تصوّر الهزائم انتصارات، ولو أن النتيجة الوحيدة التي تستخلص من الحرب هي أنها لم تسقط النظام الإيراني، فيما تعرضت ايران لضربات قاصمة. وهو الأمر الذي يثير التساؤل، هل ستبقى إيران تمضي في سياساتها السابقة مع أذرعها في المنطقة، أم أن هذا الجانب ضرب بدوره ولم يعد ينفع إيران ولا أذرعها وفي مقدمتهم "حزب الله " المضي في سياسات دعائية فارغة من المضمون الواقعي؟
وفي خضم هذا المشهد، جاء المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، وكشف فيه تسليم الحزب التقدمي الاشتراكي أسلحة كانت موجودة في المختارة منذ سنوات، ليشكل رسالة بالغة الأهمية والأثر في موضوع تسليم جميع الأحزاب والقوى اللبنانية وغير اللبنانية الأسلحة للجيش اللبناني. وبدت مبادرة جنبلاط أشبه برمي حجر كبير في الجمود الداخلي، لجهة تقديمه نموذجاً حياً عملياً في تسليم أسلحة في البلدة التي تشكل رمزية كبيرة لزعامته أي المختارة تحديداً، الامر الذي أسبغ على مبادرته بعداً ودلالات كبيرة.
وقد اعتبر جنبلاط في المؤتمر الصحافي الذي عقده عصر أمس في دارته في كليمنصو وإلى جانبه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، "أن هناك صفحة جديدة فُتحت في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن السلاح يجب أن يكون حصرًا بيد الدولة اللبنانية. وأوضح جنبلاط أنه في حال وجود أي سلاح لدى حزب لبناني أو غير لبناني، فإنه يتمنى أن يُسلَّم هذا السلاح إلى الدولة بطريقة مناسبة. واعتبر أن "السلاح الأنفع للأجيال المقبلة هو سلاح الذاكرة"، داعيًا إلى توريث ذاكرة البطولات والمقاومة ضد إسرائيل وعملائها. وكشف أنه أبلغ رئيس الجمهورية بوجود سلاح في موقع ما في المختارة، وطلب من الأجهزة الأمنية المختصة تولّي هذا الموضوع، وقد تمّ تسليمه بالكامل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وبيّن أن هذا السلاح كان قد جُمع تدريجيًا بعد أحداث 7 أيار 2008، خلال فترة التوتر بين "حزب الله" والحزب التقدمي الاشتراكي.
وأضاف جنبلاط أنه عمل على تجميع هذا السلاح بشكل مركزي، وهو سلاح خفيف ومتوسط، وقد تم تسليمه بالكامل إلى الدولة اللبنانية. أضاف: "رسالتي حول تسليم السلاح هي للجميع، وهناك أبواق من الكتّاب ينهالون يومياً على "الحزب" بتسليم السلاح ولكن ليس بهذه الطريقة نعالج الموضوع ويجب إعطاء الحقوق الكاملة للفلسطيني في لبنان بعيدًا عن الجنسية".
وإذ أكد أن الجولة الحالية شهدت انتصار إسرائيل والغرب بتحالفهم مع الولايات المتحدة، استدرك، "لكن ما من شيء يدوم"، بحسب تعبيره.
وقال جنبلاط رداً على سؤال: "برّي حليفي وصديقي وموضوع السلاح لن يقدّم أو يؤخّر في موضوع الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، ومزارع شبعا هي تحت القرار 242 الصادر عن الأمم المتحدة وهي أرض سوريّة احتلّتها إسرائيل" .
أما على الصعيد الميداني، فتلاحقت أمس العمليات الإسرائيلية في الجنوب، حيث استهدفت أولاً غارة إسرائيلية جرافة "بوبكات" بين برعشيت وشقرا وأسفرت عن سقوط إصابة. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان، أعلن أن الجريح الذي أصيب هذا الصباح بالغارة الإسرائيلية، كانت استهدفت جرافته بين بلدتي شقرا وبرعشيت، استشهد في المستشفى متأثرا بإصاباته البليغة.
وترك الجيش الإسرائيلي لافتة أمام منزل المواطن الذي استهدفه بغارة نفذتها طائرة مسيّرة في بلدة حولا قبل أيام، بعدما أقدم فجر أمس على تفخيخ المنزل وتفجيره بالكامل.
ووصِفت رسالة التهديد المكتوبة أمام المنزل المُستهدف بأنّ هدفها نشر الرّعب بين السكان واستكمال عملية التصفيات المعنوية.
إلى ذلك، أطلق موقع الرادار الإسرائيلي رشقات رشاشة غزيرة باتجاه أطراف بلدة شبعا. كما نفذ الجيش الإسرائيلي تفجيراً بمحيط جبل بلاط، قبالة بلدتي مروحين وراميا في القطاع الأوسط.
كما استهدفت مسيّرة إسرائيلية على المدخل الغربي لبلدة بيت ليف، دراجة نارية ما أدى الى سقوط قتيل. وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع للوزارة، بيان أعلن أن الجريح الذي أصيب بمسيّرة إسرائيلية استهدفت دراجته النارية في بلدة بيت ليف قضاء بنت جبيل، استشهد في المستشفى متأثرا بإصاباته البليغة.
في المقابل، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية عن مقتل عنصرين في "حزب الله" بغارات جوية جنوب لبنان. ولاحقاً أعلن الجيش الإسرائيلي، "قتلنا قائداً بقوة الرضوان وآخر بوحدة المراقبة التابعة لحزب الله ببيت ليف وبرعشيت في جنوب لبنان".
"نداء الوطن":
بدأ العدّ العكسي لعودة الموفد الأميركي توم برّاك مرّة ثانية إلى لبنان، للضغط على المسؤولين اللبنانيين باتجاه إطلاق مسار نزع السلاح غير الشرعي، من دون أي تأخير، وهو الملف الذي عاد مجدّدًا إلى الواجهة، مع إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، في وقت يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف قياديين لـ "حزب الله" ومراكزه في جنوب لبنان بشكل شبه يوميّ.
وفي هذا السياق، علمت "نداء الوطن" أن لبنان الرسمي يترقّب مرحلة وقف إطلاق النار، حيث ستبقى التعليمات برفع حال التأهّب في الجنوب والمخيمات الفلسطينية، أقلّه حتى الأيام العشرة المقبلة، مع ضرورة عدم التهاون في هذا المجال، لكي لا تُمنح إسرائيل أي ذريعة لإشعال الحرب مجدّدًا، حيث أنّ وقف الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، لا يعني في قاموس الدولة التراخي جنوباً.
من جهة ثانية، يُنتظر مرور مهلة العشرة أيام لتقييم وقف النار بين إسرائيل وإيران واستئناف المفاوضات، لكي يتمّ تحريك ملفّ سلاح "حزب الله"، حيث يؤكد الرئيس جوزاف عون أن العام 2025 هو عام حصر السلاح بيد الشرعية وبسط الدولة سيادتها وتحرير الأرض المحتلة وإعادة الأسرى. أما طريقة تحقيق هذا الهدف فيتولّى أمرها رئيس الجمهورية، بحسب المصادر نفسها.
جنبلاط والسلاح
وأمس، برز موقف متقدّم للرئيس السابق لـ "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، الذي كشف في مؤتمر صحافي، أنّه انتهى قبل ثلاثة أسابيع من تسليم الدولة السلاح الخفيف والمتوسط وبعض الرشاشات الثقيلة، معتبرًا أنّ صفحة جديدة فتحت في الشرق الأوسط، وأساليب المواجهة السابقة لم تعد صالحة.
وشدّد جنبلاط على أهمية حصر السلاح بيد الدولة، داعيًا كل الأحزاب اللبنانية وغير اللبنانية أن تحذو حذو "الاشتراكي"، مشيرًا إلى أنه في جولة اليوم انتصرت إسرائيل والغرب بالتحالف مع أميركا و"ما من شيء يدوم". كما أثار الجدل باعتباره أنّ مزارع شبعا كانت وستبقى سورية، ما استدعى ردود فعل مندّدة بموقفه من هوية "المزارع".
مصادر سياسية متابعة أشارت لـ "نداء الوطن" إلى أنّ جنبلاط قرأ جيدًا مسار الأمور في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية الخاطفة، وفهم جدية الموقف الأميركي حيال لبنان، فحاول بموقفه من السلاح، دعوة الأطراف الأخرى، ولاسيما "حزب الله" والفصائل الفلسطينية للبقاء تحت عباءة الدولة وحدها، لأنّ ذلك هو السبيل الوحيد لإبعاد شبح الحرب والعقوبات عن لبنان.
انتصار إيران؟
في الغضون، ردّد الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم معزوفة "انتصار إيران"، عندما اعتبر أنها "خرجت منتصرة بعد 12 يومًا من العدوان"، وأنها "أفشلت الأهداف الثلاثة للعدوان وهي: وقف تخصيب اليورانيوم وضرب البرنامج الصاروخي وإسقاط النظام".
هذا الموقف، لاقى فيه المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي سبقه وبارك ما أسماه بـ "الانتصار على الولايات المتحدة"، وذلك في أول خطاب له منذ انتهاء الحرب. وتوعّد خامنئي بأنّ إيران ستردّ على أي هجوم أميركي في المستقبل، بضرب قواعد عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.
في المقابل، اعتبر البيت الأبيض أن خامنئي يحاول الحفاظ على ماء الوجه، في وقت، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الانتصار على إيران يُتيح فرصًا جديدة لاتفاقيات السلام، واعدًا بمواصلة التعاون مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهزيمة من وصفهم بـ "الأعداء المشتركين".
وسط هذه الأجواء، يستمرّ الجدل بشأن الأضرار التي سبّبتها الضربات الأميركية على المواقع النووية الإيرانية. حيث نفى ترامب، ووزير دفاعه بيت هيغسيث، وحتى البيت الأبيض، المعلومات التي سوّقتها إيران وتحدّثت فيها عن إخراج اليورانيوم من المنشآت النووية لحمايته من الهجمات.
"الشرق الأوسط":
يتصدّر الإعلان الإسرائيلي عن استهداف الصراف هيثم بكري في جنوب لبنان، الثلاثاء، بذريعة تحويل أموال لـ«حزب الله»، قائمة الملاحقة الإسرائيلية لأموال الحزب، والتي بدأت تتكشف في عام 2020 في سوريا، وشهدت ذروتها خلال الحرب الموسعة الأخيرة على لبنان؛ إذ استهدفت الغارات الإسرائيلية مباني تحتوي على أموال يُعتقد أنها عائدة للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ويعد الإعلان الإسرائيلي عن ملاحقة صراف، ونشر معلومات عن صرافين آخرين اتهمتهم بمساعدة الحزب على التموّل، إعلاناً إسرائيلياً نادراً، بالنظر إلى أن الإعلانات السابقة كانت تتحدث عن استهدافات عسكرية، وهو ما كان ينفيه سكان الضاحية، قبل أن تتضح صحة بعض تقديراتهم بعد الحرب؛ إذ ظهر أن بعض الأهداف كانت متصلة بأموال.
ولجأ الحزب إلى الاقتصاد النقدي بشكل كامل، بعد إخراج جميع المشتبه بأنهم من محازبيه وأنصاره وعائلاتهم من النظام المصرفي اللبناني، بدءاً من 2011، حسبما تقول مصادر مالية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن الضغوط الإسرائيلية على هذا الجانب «تتناغم مع الضغوط الدولية لتجفيف قنوات التمويل بالكامل»، بينها الإجراءات في مطار بيروت، وإغلاق ممرات التهريب مع سوريا.
أموال محترقة تحت الركام
في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت عناصر من «حزب الله» تضرب طوقاً أمنياً حول مبنى مدمر في حارة حريك، خلال عملية رفع الركام، حسبما تقول مصادر في الضاحية شاهدت رفع «ما تبقى من خزنات حديدية» من الموقع المستهدف. وتقول إن «أياً من السكان الذين حضروا لانتشال مقتنياتهم الثمينة من تحت الركام، لم يقل إنها عائدة له»، مما يرجح أنها للحزب.
وتلك الحادثة لم تكن الوحيدة؛ إذ يتبادل سكان الضاحية مشاهد رأوها خلال عمليات إزالة الركام. يتحدث أحدهم لـ«الشرق الأوسط» عن مشاهدته أوراقاً نقدية من فئة «مائة دولار» محترقة جراء قصف إسرائيلي طال منطقة المريجة خلال الحرب، لكنه لا يجزم بما إذا كانت للحزب، أو لأحد سكان المبنى.
تتوسع الروايات إلى جنوب لبنان، فيتحدث السكان عن العثور على أموال تعرضت للاحتراق في إحدى قرى قضاء النبطية، بعد تعرض المنزل لاستهداف إسرائيلي، في حين قُتل عنصر في الحزب كان مسؤولاً عن نقل الرواتب خلال الحرب في شمال لبنان، حسبما أفادت وسائل إعلام لبنانية آنذاك.
وتقود تلك الروايات إلى قناعة راسخة لدى جمهور الحزب بأن إسرائيل «عملت خلال الحرب على التضليل بزعمها أن جميع المباني التي استهدفتها كانت تتضمن معدات عسكرية»، ويقول هؤلاء إن «ما كشفته الحرب من أسرار أمنية، أن هناك أهدافاً لم تكن تعلن عنها، تتصل بأموال الحزب»، رغم عدم إعلان «حزب الله» عن ذلك.
البداية من سوريا
والحال أن مسار الملاحقة الإسرائيلية لأموال الحزب ومؤسساته الخدمية يعود إلى عام 2020 على أقل تقدير، واستُهدفت سيارات نقل أموال إيرانية عبر سوريا إلى لبنان. ففي أبريل (نيسان)، استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في جديدة يابوس الحدودية مع لبنان بريف دمشق، حيث ألقت صاروخاً قرب السيارة، مما أتاح لركابها الخروج منها، قبل أن يتم استهداف السيارة مباشرة. وقال ناشطون معارضون لنظام الأسد في ذلك الوقت إن السيارة «كانت تقل أموالاً لـ(حزب الله)».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، استهدف قصف إسرائيلي شاحنات في منطقة جبل المانع في ريف دمشق الجنوبي، وتبين أن الشاحنات كانت تنقل أموالاً نُقلت أيضاً عبر طائرة شحن إيرانية إلى دمشق، حسبما قال ناشطون سوريون معارضون لنظام الأسد.
تكررت الاستهدافات في سوريا منذ ذلك الوقت، مع أن إسرائيل لطالما أعلنت رسمياً، أو عبر تسريبات لوسائل إعلام عبرية، عن استهداف معدات عسكرية. وتقول مصادر سورية كانت قريبة من نظام الأسد لـ«الشرق الأوسط»، إنه في فبراير (شباط) 2022 استهدفت غارات إسرائيلية مستودعات مواد غذائية في محيط دمشق، كانت عائدة لـ«حزب الله»، وذلك في ذروة توسيع الحزب لـ«تعاونية السجاد» في لبنان التي أطلقها في ظل الأزمة المالية في لبنان. يومها عانت مستودعات «السجاد» من شحّ في المواد، مما اضطرها لشراء الأصناف بأسعار أعلى من السوق المحلية.
وفي خريف العام نفسه، استهدفت إسرائيل شاحنات تحمل مواد غذائية في البوكمال قرب الحدود العراقية في دير الزور، كانت قادمة من إيران عبر الأراضي العراقية. وشهدت منطقة دير الزور لاحقاً استهدافات لسيارات كانت تقل أموالاً للحزب الذي «اختار سلوك طريق البر لنقل الأموال عبر الأراضي السورية، بعدما كانت الطائرات الإيرانية تتعرض لمراقبة، ولاستهدافات إسرائيلية تطول مطارات سوريا ومحيطها بشكل مكثف في السنوات الخمس الأخيرة»، وفقاً لما تقوله مصادر سورية معارضة لنظام الأسد لـ«الشرق الأوسط».
خلال الحرب الموسعة
وتكثفت تلك الضربات خلال الحرب الموسعة على لبنان بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر الماضيين؛ إذ أعلن الجيش الإسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، عن أنه ضرب عشرات المواقع في لبنان في إطار استهداف الذراع المالية لـ«حزب الله»، من بينها مخبأ يحتوي على عشرات الملايين من الدولارات من النقد والذهب، وذلك بعد هجمات واسعة طالت مقرات «جمعية القرض الحسن» على سائر الأراضي اللبنانية. كما أعلن في الشهر نفسه عن قتل رئيس وحدة تحويل الأموال في «حزب الله»، في غارة على العاصمة السورية.
ومن غير تأكيد تلك الوقائع أو نفيها، ترى مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» أن استهداف المؤسسات الخدمية العائدة لـ«حزب الله»، في إشارة إلى «القرض الحسن» أو «تعاونية السجاد»، «لم يكن جهداً لتجفيف مصادر تمويل الحزب، بقدر ما هو مسعى إسرائيلي لتقليب الرأي العام وضرب حاضنته الشعبية، وهو جزء من الحرب الإسرائيلية»، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «اعتمدت استراتيجية تخويف الناس، وبث الدعايات والشائعات، وذلك بهدف إبعاد جميع اللبنانيين عن الحزب»، لكنها ترى أن تلك الجهود «فشلت لأن الالتفاف الشعبي على الحزب أكبر من أن تقوّضه إسرائيل بالنار والدعاية، بدليل نتائج الانتخابات»، في إشارة إلى الانتخابات المحلية في مايو (أيار) الماضي الذي حاز فيه تحالف «حركة أمل» و«حزب الله» مع العائلات على أغلبية مطلقة في جنوب لبنان وشرقه.
شركات الصرافة
وبعد مسار من الغموض، وأبرزه العثور على جثة الصيرفي محمد سرور بعد تعرضه للتعذيب في منطقة المتن بجبل لبنان في أبريل (نيسان) 2024، تفتح إسرائيل اليوم مساراً جديداً في الاستهدافات، بذرائع متصلة بأنشطة تمويلية لـ«حزب الله»، تطال شركات الصرافة التي حدد الجيش الإسرائيلي أربعاً منها، مما يرسم مخاطر على سمعة هذا القطاع، وهو ما يتطلب من الدولة اللبنانية «تنفيذ حوكمة وإقرار إطار مالي شفاف، لسحب الذرائع الإسرائيلية»، حسبما يؤكد الخبير الاقتصادي البروفسور بيار خوري لـ«الشرق الأوسط».
ويقول خوري: «الاعتداءات الإسرائيلية غير قانونية بالمطلق، وتحت أي حجة؛ لأنها تمسّ بلداً ذا سيادة، لكن على الحكومة اللبنانية أن تسحب أي حجة إسرائيلية، مما يجعل الاستهدافات، في حال تكررت، صفر ذريعة». ويشرح: «تتحدث التقارير الدولية عن أن المؤسسات المالية اللبنانية، ومن ضمنها المصارف، غير ملتزمة بالكامل للموجبات الدولية لمكافحة تبييض الأموال»، داعياً الدولة إلى أن تقوم بجهد كافٍ «لأن تؤمّن الشفافية المالية عبر أجهزة متمكنة، مما يساهم في تغيير الصورة الدولية عن لبنان بأنه أرض خصبة للمال السياسي وتبييض الأموال».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا