الجمهورية: عون في قبرص: السلام لشعبينا... ونازحون يعودون... إسرائيل تقابل ردّ لبنان على الحل الأميركي بالتصعيد

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 10 25|08:13AM :نشر بتاريخ

الترقّب سيّد الموقف، ريثما تنجلي صورة الموقف الأميركي - الإسرائيلي من الردّ اللبناني على ورقة الحلّ الأميركي. والفاصل عن جلاء هذه الصورة، وكما تؤشر الوقائع، هو مسألة أيام قليلة، حيث يتحدّد آنئذٍ ما إذا كان لبنان سيبدأ مساره نحو واحة الهدوء والاستقرار، او سيعود إلى التخبط في دوامة القلق والضغوط والاحتمالات المفتوحة. على انّ البارز في هذا السياق، ما نقلته "Lbc i" عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بأنّ القوات المسلحة اللبنانية أحرزت تقدّمًا في نزع سلاح "حزب الله" في الجنوب، لكن لا يزال هناك المزيد من العمل المطلوب"، مضيفاً: "نحتاج إلى أن تقوم الدولة اللبنانية بالمزيد لإزالة الأسلحة والبنى التحتية التابعة لـ"حزب الله" والجهات غير الحكومية في أنحاء البلاد بشكل كامل"، وقال: "لا نريد أن نرى "حزب الله" أو أي جماعة أخرى في لبنان تستعيد قدرتها على ارتكاب أعمال عنف وتهديد الأمن في لبنان أو إسرائيل".
سياسياً، برزت أمس، الزيارة السريعة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى قبرص، حيث التقى الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، الذي اكّد دعم استقرار ووحدة وسيادة أراضي لبنان، والعمل على مقترح يتيح مشاركة لبنان في المجالس الأوروبية. وقال: "ندعم لبنان، ونريد تقليل حدّة التوتر في المنطقة، ونقوم بما يتسنى لنا من مساعٍ حتى نكون بمثابة الشريك الثابت". فيما قال الرئيس عون: "إننا "نريد لشعبينا السلام العادل عبر الحوار والحرية المسؤولة. وأصبحنا مع قبرص بلدين وشعبين. وكلّ ما بيننا قضايا مشتركة، ونحن نؤمن أنّ ما يجمعه التاريخ والجغرافيا لا تفرّقه الأرقام والحسابات".
لا إفراط في التفاؤل
من جهة ثانية، فما هو أصعب من هذا الترقب هو أنّ فراغ الإنتظار تملأه جوقة من غربان الشؤم جنّدت نفسها لدور وظيفي خبيث للعبث السياسي والإعلامي، واللعب بأعصاب اللبنانيين، وتفريغ زيارة الموفد الأميركي توم برّاك مما بدا فيها من إيجابيات، ورفع منسوب السلبيات بالنعيق المتواصل على وتر التهويل والتضليل وتعليق القادم من الأيام على حبل التوتير وتفخيخها بسيناريوهات دراماتيكية واحتمالات صعبة.
بمعزل عن نعيق الغربان وفلتانه الذي سبق وواكب وأعقب زيارة الموفد الأميركي ومحادثاته مع الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، فإنّ الردّ الأميركي على الردّ اللبناني، وكما وعد توم برّاك، لن يستلزم وقتاً طويلاً، مؤكّداً انّه سيُبلّغ إلى لبنان في القريب العاجل. والجوّ السابق لتلقي الردّ الأميركي، تقاطع تقييم الرؤساء على إضفاء الطابع الإيجابي المريح على المحادثات مع الموفد الأميركي، ولاسيما أنّ مضمون الردّ اللبناني الذي وصفه برّاك بأنّه "مسؤول ومتزّن"، وخلص بناءً عليه إلى القول بأنّه "متفائل جداً جداً"، يرسم خريطة طريق نهوض لبنان، ويستجيب في جانبه الأساسي لما لحظه مشروع الحل الأميركي من شروط ومتطلبات الأمن والاستقرار على امتداد لبنان، وعلى وجه الخصوص في منطقة جنوب الليطاني.
أجواء الرؤساء مريحة بشكل عام، وهو ما لمسه زوار رئيس الجمهوريّة، وكذلك جرى التعبير عن ذلك بوضوح في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، كما لوحظت بشكل جلي في عين التينة. وإذا كانت الأجواء الرئاسيّة تميل إلى التفاؤل، إلّا أنّها في الوقت نفسه لا تفرط فيه لأنّه، كما قال مرجع كبير لـ"الجمهورية": "لا يؤمَن لإسرائيل وغدرها على الإطلاق، والتجارب معها غير مشجعة، وربطاً بذلك تبقى الخشية قائمة من تعطيلها لهذا الحل، إلّا إذا بادر الأميركيون هذه المرّة إلى ممارسة الضغط الجدّي على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان والسير بالحلّ، والموفد الأميركي نفسه قال إنّه لا يمكن للوضع أن يستمر على ما هو عليه".
بري حذر
إلى ذلك، تجنّب الرئيس بري تناول أيّ تفصيل إضافي مرتبط بالردّ اللبناني، على ما سبق وقاله بأنّه بُني بحرص كبير على مصلحة لبنان وسيادته، وأخذ بهواجس اللبنانيين كافة وكذلك بمطالب "حزب الله". واكتفى بالقول رداً على سؤال لـ"الجمهورية" عمّا اذا كان يتوقع ترجمة إيجابية للردّ اللبناني: "إن شاء الله". وعندما سُئل عمّا إذا كان مطمئناً، وإن كان منسوب التفاؤل عالياً لديه، اكتفى بالقول: "انا دائما لا ألغي الحذر من حسباني، فلننتظر ما ستؤول إليه الأمور، وعلى ما أقول دائماً لا تقول فول قبل ما يصير بالمكيول".
تفاؤل ديبلوماسي
على أنّ اللافت للإنتباه في هذا السياق، نفحة تفاؤلية تبدّت في مقاربة ديبلوماسي غربي لمهمّة برّاك في بيروت، حيث قال رداً على سؤال لـ"الجمهورية": "التطورات الأخيرة التي تلاحقت في المنطقة، من غزة إلى ايران وسوريا، فرضت تحدّيات جديدة على كل الأطراف، وعدّلت أجندة الأولويات الدولية بصورة عامة، والأميركية بصورة خاصة، عمّا كانت عليه في أوقات سابقة، وضمن هذا المجال، تندرج رغبة واشنطن في بلوغ حل سياسي وتبريد جبهة لبنان بصورة عاجلة ونهائية، والتي ترجمتها بمشروع الحلّ الاميركي الذي تسوّقه عبر الديبلوماسي المخضرم توم برّاك".
وفي رأي الديبلوماسي الغربي، أنّ واشنطن لا تريد تجدّد الحرب بين لبنان وإسرائيل، ومشروع الحل الذي طرحته فائق الجديّة، وتعتبره فرصة وملحّ النفاذ، ليس فقط لكونه في صدارة أجندة اهتمامات وأولويات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل لكونه أيضاً، يستجيب لحاجة كلّ الأطراف (لبنان وإسرائيل) إلى الأمن والاستقرار في هذه المرحلة.
وعندما سُئل الديبلوماسي عمّا يضمن أن يكون الردّ الإسرائيلي ايجابياً على الردّ اللبناني، قال: "أنا اتحدث بشكل عام، وأقرأ الواقع على الارض كما هو. لم أطلع اساساً على مضمون الحل الأميركي، او على مضمون الردّ اللبناني، وبالتأكيد لا استطيع ان اتكهن بما سيكون عليه الردّ الإسرائيلي، فبمعزل عن المضامين والتفاصيل، انا اتحدث عن الحل كحلّ من حيث المبدأ، كونه حاجة ومصلحة للبنان وإسرائيل وخصوصاً في هذا الوقت".
أضاف: "وما أود الإشارة اليه هو أنّ واشنطن راغبة في بلوغ حل، والردود السلبية من هذا الطرف أو ذاك تعاكس واشنطن بالدرجة الاولى وتحبط مبادرتها للحل السياسي، مع العلم انّ التقييم الأوّلي لردّ لبنان كان مرضياً على ما جاء على لسان السفير برّاك. ولا استطيع أن اتوقع مسبقاً ما سيكون عليه الموقف الإسرائيلي سواء أكان متجاوباً مع رغبة واشنطن او معاكساً لها. ولكن ما يعزز مستوى التفاؤل لديّ هو قناعتي بأنّ الوقت يسابق كل الاطراف، وانّ الولايات المتحدة تدفع إلى السير بالحلّ مع الأخذ في اعتبارات كلّ الأطراف، التي تصبّ في ما عبّر عنه مسوّق الحلّ الأميركي توم برّاك بإشارته الواضحة إلى التنازلات المتبادلة التي تسرّع في ترسيخ الأمن والاستقرار".
نظرة متشائمة
في موازاة ذلك، أعرب مصدر سياسي رفيع عن تشاؤمه حيال مستقبل الوضع، وقال لـ"الجمهورية" إنّه لا يرى في الأفق ليونة إسرائيلية واستعداداً لبلوغ حل، بل على العكس من ذلك، ويُقرأ ذلك في عملياتها العدوانية التي تكثفت منذ وصول برّاك إلى بيروت، وتصاعدت وتيرتها بشكل كبير في الساعات الأخيرة، بما ينذر بتطورات خطيرة.
وقال المصدر: "الوضع دقيق جداً، لا يغيّر فيه بعض الكلام الظاهري الهادئ والمعسول والإشادة بالشكليات الذي جاء على لسان الموفد الأميركي، بل ينبغي التمعن في جوهره الذي يعكس من جهة ضغطاً هائلاً على لبنان، ولاسيما عندما نأى بواشنطن عن دورها في ضمان اتفاق وقف إطلاق النار، ومن جهة ثانية صلابة الموقف الأميركي حيال ما تعتبرها واشنطن أولويات في لبنان، ولاسيّما ملف سلاح "حزب الله" والمجموعات الفلسطينية. فواشنطن حدّدث سحبه هدفاً آنياً لها، وتريده ان يكون عاجلاً".
ولفت المصدر إلى انّ "الواقعية توجب الحذر من الجانب الإسرائيلي، وإذا كان ثمة من يراهن على تجاوب إسرائيل مع الحل السياسي المطروح، فقبل كل شيء ينبغي عليه ان يجيب على ما يلي: هل ثمة سابقة من هذا النوع؟ ثم هل أنّ واشنطن في وارد الضغط على إسرائيل للدخول في هذا الحل؟ وما هو موقف واشنطن فيما لو جاء ردّ إسرائيل المنتظر مقيّداً للبنان بمطالب وشروط قديمة أو جديدة، فهل ستعارضها واشنطن أم ستماشيها؟ ولتسهيل الجواب أكثر: أيهما الأقرب إلى الولايات المتحدة لبنان ام اسرائيل؟".
تصعيد ملحوظ
إلى ذلك، لوحظ أمس، تكثيف العمليات العدوانية الإسرائيلية في منطقة الجنوب، حيث اعلن الجيش الإسرائيلي أنّه بناءً على معلومات استخباراتية وتحديد أسلحة وبنى تحتية تابعة لـ"حزب الله" في عدة مناطق بجنوب لبنان، شنّ الجنود عمليات خاصة ومحددة لتفكيكها، ومنع "حزب الله" من إعادة تمركزه في المنطقة". وفي إحدى العمليات في منطقة جبل البلاط، "عثرت قوات من اللواء 300 على مجمع يحتوي على مستودعات أسلحة ومواقع إطلاق نار تابعة لـ"حزب الله"، وقام جنود الاحتياط بتفكيك البنية التحتية". وفي عملية أخرى، عثر جنود احتياط من اللواء التاسع على أسلحة مُخبأة في منطقة كثيفة في منطقة اللبونة، بما في ذلك قاذفة متعددة الفوهات، ومدفع رشاش ثقيل، وعشرات العبوات الناسفة"، لافتاً إلى أنّ "القوات صادرت وفككت المعدات والأسلحة العسكرية التي كانت موجودة في المنطقة. كما عثر الجيش الإسرائيلي: على مبنى تحت الأرض يُستخدم لتخزين الأسلحة، وتمّ تفكيك البنية التحتية له في عملية هندسية نفّذتها قوات اللواء". واعلن انّه "يواصل عملياته للقضاء على التهديدات الموجّهة ضدّ إسرائيل ومنع محاولات "حزب الله" لترسيخ وجوده، وفقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان".
في موازاة ذلك، تردّد في الساعات الأخيرة انّ بريطانيا تقدّمت بعرض رسمي نقله وزير الخارجية البريطاني دايفيد لامي إلى السلطات اللبنانية، السبت الماضي، لتثبيت أبراج مراقبة على طول الحدود الجنوبيّة مع إسرائيل، وتسليمها للجيش اللبناني لتعزيز قدراته على المراقبة وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية، وضمان تنفيذ القرار 1701، وذلك على غرار أبراج شبيهة ثبتتها بريطانيا خلال السنوات العشر الماضية على الحدود مع سوريا.
عودة النازحين
من جهة ثانية، وفي تطور لافت في ملف النازحين، أفيد بأنّ آلاف اللاجئين السوريين في لبنان يستعدون للعودة إلى ديارهم هذا الأسبوع، بموجب أول خطّة مدعومة من الأمم المتحدة تقدّم حوافز مالية، بعد أن أبدى حكام سوريا الجدد ترحيبهم بعودة جميع المواطنين إلى بلدهم رغم الأضرار الكبيرة التي خلّفتها الحرب والمخاوف الأمنية.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية في لبنان حنين السيد، إنّ السوريين العائدين سيحصلون على 100 دولار لكل منهم في لبنان و400 دولار لكل أسرة عند الوصول إلى سوريا. وأضافت أنّ الخطّة تغطّي النقل وأنّ سلطات الحدود قرّرت إعفاءهم من الرسوم.
وقالت لـ"رويترز": "أعتقد أنّها بداية جيدة ومهمّة. أجرينا مناقشات وننسّق هذا الأمر مع نظرائنا السوريين. وأعتقد أنّ الأعداد سترتفع في الأسابيع المقبلة".
ولفتت الوزيرة السيّد إلى ان نحو 11 ألفاً سجّلوا أسماءهم للعودة من لبنان في الأسبوع الأول، وإن الحكومة تستهدف بموجب هذه الخطة أن يتراوح عدد العائدين بين 200 و400 ألف هذا العام. وقالت إنّ الحكومة اللبنانية تركّز على المخيّمات غير الرسمية في لبنان حيث يعيش نحو 200 ألف لاجئ، وربّما تمنح الأشخاص الذين يعيلون أسرهم ويبقون في لبنان، تصاريح عمل في قطاعات مثل الزراعة والبناء إذا عادت أسرهم إلى سوريا.
إلى ذلك، نقلت "رويترز" عن ممثّل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فريسن عنه قوله، إنّه "بينما يستمر تطوّر الموقف بسرعة في سوريا، فإنّ المفوّضية تعتبر الوضع الراهن فرصة إيجابية لعودة أعداد أكبر من اللاجئين السوريين إلى ديارهم، أو البدء في التفكير في العودة بطريقة واقعية ومستمرّة".
أبراج مراقبة
تسعى بريطانيا لتوسيع مشروع أبراج المراقبة في جنوب لبنان لتعزيز قدرات الجيش اللبناني و"اليونيفيل" على مراقبة الخروقات وضبط الأمن، بما يضمن تنفيذ القرار 1701. العرض ما زال قيد الدرس ولم تُناقش تفاصيله التقنية بعد، وقد يُحال لاحقاً إلى قيادة الجيش بعد موافقة الحكومة. العرض ليس جديداً، إذ سبق طرحه خلال مفاوضات وقف إطلاق النار أواخر 2023، لكنه واجه سابقاً اعتراض "حزب الله" وتساؤلات تقنية حول وجهة الكاميرات. منذ 2014، موّلت بريطانيا بناء 39 برجاً مماثلاً على الحدود مع سوريا لمنع التهريب، وتعرض حالياً استكمال المشروع جنوباً لدعم الاستقرار.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الجمهورية