فضل الله: لا يمكن إنهاء الاحتلال إلا بوحدة تأخذ بالاعتبار مصلحة البلد وقوّته
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Jul 11 25|13:10PM :نشر بتاريخ
ألقى العلامة السيّد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين ومما جاء في خطبته السياسية:
"عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بالموقف الّذي وقفه الإمام زين العابدين (ع) حين ثار أهل المدينة على يزيد يومها والّتي أدّت بعد ذلك إلى واقعة الحرّة الّتي حدثت في 13 محرّم من السنة 63 للهجرة أي بعد ثلاث سنوات من استشهاد الإمام الحسين (ع).
يومها أراد مروان بن الحكم الّذي كان يقود الأمويّين في المدينة، الهرب من المدينة، وراح يبحث عمّن يضع عنده عائلته، فلم يقبل أن يودعها عنده سوى الإمام زين العابدين (ع)، رغم كلّ أفعال مروان تجاه أهل البيت (ع) وكراهيته لهم، فمروان بن الحكم شارك في الحرب على عليّ (ع) في الجمل وصفّين وهو من منع الحسين (ع) من دفن أخيه الحسن (ع) إلى جنب جدّه رسول الله (ص)، وهو من أشار إلى والي المدينة عندما دعا الإمام الحسين (ع) ليبايع يزيد، بقوله له: لا تدعه يخرج حتّى يبايع، وإلّا فاضرب عنقه. لكنّ الإمام زين العابدين (ع) لم يتصرّف برد فعل تجاه عائلته بل بوحي إيمانه وإنسانيته، وهي الّتي عبر عنها الشّاعر عندما قال:
مَلكْنا فكان العَفْو منَّا سَجيَّةً فلمَّا ملكْتُمْ سالَ بالدَّمِ أبْطَحُ
فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ
وقد أشارت إحدى بنات مروان بن الحكم إلى مدى الرّعاية الّتي حظوا بها عند الإمام زين العابدين (ع)، فقالت: والله لقد وجدنا من الرّعاية من الإمام زين العابدين (ع) وتفقّده لنا ما لم نجده من أبينا".
أيّها الأحبة، إنّنا أحوج ما نكون إلى أن نستلهم أهل البيت في أخلاقهم الّتي بها كسبوا قلوب النّاس ووصلت حتّى إلى أعدائهم وبها نفتح قلوب النّاس علينا وبذلك نكون أكثر وعيًا ومسؤوليةً وقدرةً على مواجهة التّحديات".
اضاف:"البداية من العدوان المستمرّ على لبنان والّذي شهدناه في الغارات الّتي طاولت مناطق جديدة في الجنوب والبقاع، وعمليّات الاغتيالات اّلتي توسّعت دائرتها لتصل ولأوّل مرّة إلى الشّمال اللّبنانيّ... وعبر المسيّرات التّجسّسيّة الّتي تجوب المناطق اللبنانيّة والاستهداف المستمرّ للقرى الحدوديّة والتهديم للبيوت فيها... والّتي يهدف من خلالها العدو إلى مزيد من الضّغط على الدّولة اللّبنانيّة وعلى اللّبنانيين للانصياع للإملاءاته والّتي تمسّ أمن هذا البلد وسيادته ومستقبله.
وسط كل ذلك، تأتي زيارة المبعوث الأميركيّ، المكلّف أميركيًّا بمتابعة الملف اللبناني لاستلام ردّ الدّولة اللبنانيّة على مطلبه الأساس بسحب سلاح المقاومة ودعوة لبنان للالتحاق بقطار التّسوية الجارية في المنطقة ليحظى لبنان بما يعده به من مكتسبات يوفّرها السّير في هذا الطّريق".
وفال:" جاء الرّدّ اللّبنانيّ الموحّد من قبل الرّئاسات الثّلاث، والّذي أشار إلى الخطوات الإيجابية الّتي أقدمت عليها الدّولة اللّبنانيّة لجهة ما قامت به من تنفيذ ما طلب منها من الاتفاق، فيما لم يقم العدو الصّهيوني بالحد الأدنى المطلوب منه بل ازدادت عدوانيّته، ودعا الرد المبعوث الأميركي إلى الضّغط على هذا الكيان لايقاف عدوانه والانسحاب، وبعد ذلك إذا كان من مطالب يدعى إليها لبنان فاللبنانيّون كفيلون بحلّ هذه القضايا وسيجدون الوسيلة لعلاجها.
لذلك يبقى لبنان على حافّة الانتظار إلى حين يأتي الرّدّ الأميركيّ على ما قدّمه، والّذي نخشى أن يكون سلبيًا بسبب الموقف الإسرائيلي المتعنّت الّذي يصرّ على التّعامل مع لبنان من موقع الضّعيف الّذي يملى عليه".
وتابع:"إنّنا أمام ما يجري نعيد التّأكيد على أهميّة الحفاظ على الموقف الرّسمي الموحّد وندعو اللّبنانيين إلى الالتفاف حول هذا الموقف ودعمه بدلًا من التّصويب عليه لضمان انهاء هذا الاحتلال وعدوانه واستعادة سيادة الدّولة على كل أراضيها، حيث لا يمكن أن يتم ذلك إلّا بهذه الوحدة الّتي تأخذ بالاعتبار مصلحة هذا البلد وقوته".
واسف "لأن نرى هناك من لا يزال يراهن على العدو وعلى املاءاته وشروطه لتحقيق أهدافه في السّاحة الدّاخليّة وتقوية موقعه فيها... ولو كان ذلك على حساب وحدة هذا البلد وسيادته وأمنه، فيما يعلم الجميع أنّ هذا العدو ما عمل ولا يعمل لحساب طائفة أو مذهب أو موقع سياسيّ، بل هو يعمل لحسابه ولتكون له الهيمنة على لبنان وعلى المنطقة كلها".
واكد "إن اللّبنانيين معنيّون في هذه المرحلة الّتي ترسم فيها خرائط المنطقة كلّها أن يرتقوا إلى مستوى التّحدّي الّذي يواجههم لكي يكونوا في منأى عن تداعياته وأن لا يخلدوا لمن يقول لهم سارعوا إلى اللّحاق بقطار المنطقة قبل أن يفوتهم علمًا أنّ اللّبنانيين جميعًا يعون أنّه لن يوصلهم إلى ما يصبون إليه من استعادة حقوقهم وكل التّجارب السّابقة أكّدت ذلك".
وتابع:"في هذا الوقت لا يزال اللّبنانيون ينتظرون مبادرات الحكومة لاخراج البلد من حال المراوحة الّتي يشهدها على الصّعيدين الاقتصاديّ والمعيشيّ والّتي لا تقف عند حدود زيادة الرّواتب والّتي لا تلبّي الحد الأدنى من احتياجات اللّبنانيّين المتزايدة ومن متطلّبات حياتهم، بل تأكلها الزّيادات الّتي تطرأ على الأسعار.
في الوقت الّذي نعيد دعوة الدّولة إلى الوفاء بما التزمت به على صعيد الإعمار، فرغم أنّنا نعي حجم الضّغوط الّتي تمارس على لبنان على هذا الصّعيد واعتباره ملفًّا سياسيًّا لا انسانيًّا يمسّ آلاف العائلات الّتي دمّرت بيوتها، لكن لا بدّ من عدم الاستسلام لها والتّفكير في بدائل تضمن الخروج من هذا الواقع الصّعب الّذي بات لا يحتمل".
واضاف:"نصل إلى المأساة المستمرّة في غزّة والّتي تستكمل في الضّفّة الغربيّة حيث يواصل العدوّ الصّهيوني حرب الإبادة فيها على الرّغم من المفاوضات الأخيرة الّتي تجري لوقف اطلاق النّار والّتي يحاول العدو المماطلة فيها لاستكمال عمليّات القتل والتّدمير الّتي يهدف من ورائها إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة رغم ما يتعرّض له من استنزاف داخلي من خلال العمليّات البطوليّة الّتي تقوم بها المقاومة ومن استنزاف خارجي في سمعته الّتي تزداد سوءًا والّتي وصلت إلى مجتمعات الدّول الرّاعية له وحيث تستمر هذه الدّول في تقديم كلّ سبل الدّعم له ما يستدعي تحرّكًا من العرب والمسلمين لممارسة دورهم في منع الكثير من هذه الدّول من تقديم دعمها لحرب الإبادة، بعد أن حان الوقت لتحّسس خطورة ما يجري في فلسطين والّذي لن يكونوا بمنأى عن تداعياته".
وختم بادانة"ما حدث في سوريا من استهداف أحد العلماء فيها، وهو الشّيخ رسول محمّد شحود"، ودعا"إلى معالجة جادّة لمنع استمرار هذه الممارسات وإلى معاقبة فاعليها حتّى لا تتكرّر وحرصًا على الوحدة الوطنيّة وعلى أمن هذا البلد واستقرار ونهوض وبناء الدولة، الّتي نريد أن يشعر كلّ المواطنين فيها بإنسانيتهم ومواطنيتهم وبكلّ تنوّعاتهم الطّائفيّة والمذهبيّة والقوميّة فيه".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا