البناء: عشرات القتلى ومئات الجرحى في السويداء… وتموضع إسرائيليّ وراء اتفاق باكو
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 15 25|08:44AM :نشر بتاريخ
بين فرضيّة خروج الوضع عن السيطرة وفرضية تطبيق خطة مسبقة وجدت مدخلاً لها في حادث ظرفيّ، دخلت محافظة السويداء السورية في حمام دم بات واضحاً أنه تحوّل إلى إطار لحسم عسكري تسعى إليه حكومة دمشق الجديدة، كما قالت بيانات وزارتي الدفاع والداخلية فيها، مع سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، وبدا واضحاً أن اتفاق باكو بين حكومة دمشق وكيان الاحتلال يُرخي بظلاله على المعارك، حيث يتمّ ترسيم حدود انتشار القوات بالنار، وتحضر في بيانات الاحتلال مفردات جديدة مثل الحديث أنّها تنسق مع حكومة دمشق وأنها تدعو قيادات السويداء للبحث عن حل سياسيّ مع حكومة دمشق، ما أعاد التذكير بما شهدته مفاوضات قوات سورية الديمقراطية مع حكومة دمشق مع ضغط أميركيّ على قسد لقبول الصيغة المعروضة من دمشق، ومثلما استبدلت واشنطن دفاعها عن خطة خصوصية كردية في شمال شرق سورية رغم التأزم الذي تسبب به ذلك مع الحليف الأبرز في حلف الناتو الذي تمثله تركيا، بحيث لا يفهم التخلّي عن هذه الخصوصية لصالح حكومة دمشق إلا بحساب المصالح والحصول على مكاسب أهم وأكثر وزناً، بدا أن «إسرائيل» تفعل شيئاً شبيهاً مع تموضع عند موقف مخالف لمشروع السعي لكانتونات درزية وكردية، في ضوء المكاسب المحققة في العلاقة مع حكومة دمشق تستدعي تموضعاً جديداً شهدت عليه مواقف أمس، من أحداث السويداء، وهو ما دفع بعض المتابعين إلى الاعتقاد بأن الجديد هو اتفاق التعاون مع حكومة دمشق في مواجهة إيران وحزب الله، الذي ترجمه توماس براك بإشارته لسقوط سايكس بيكو وتهديد لبنان بضمّه إلى سورية.
في الملف الفلسطيني وبينما سجلت المقاومة عمليّة نوعيّة ضخمة في جباليا اعترف كيان الاحتلال بمقتل ثلاثة جنود فيها داخل دبابتهم بعد وقوعها في كمين للمقاومة، وقد وصف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي جرى بيوم عصيب لـ»إسرائيل»، بينما كانت المفاوضات التي لم تُحرز أي تقدم تشهد تراجعاً إسرائيلياً عن خريطة الانسحابات التي تضمن ابتلاع نصف غزة، لتستبدلها بخريطة تكتفي بربع القطاع، وهو ما كرّرت المقاومة رفضه مطالبة بالعودة الى خرائط الاتفاق السابق في 19 كانون الثاني الماضي، برعاية أميركيّة مثلها المبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف نفسه.
لبنانياً، أعاد توماس براك التموضع خارج خطاب التهديد بضمّ لبنان إلى سورية، ليتحدّث عن تفهم الخطة التي تعمل الدولة اللبنانيّة على أساسها في ملف سلاح المقاومة، وما في ذلك من حرص على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي والخشية من حرب أهلية، ولكن على قاعدة الاقتناع بأن حقوق لبنان مستولى عليها من كيان الاحتلال وأن واشنطن معنية بتنفيذ ضمانتها بإلزام كيان الاحتلال بتنفيذ موجباته من اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، ورداً على تسريبات تتحدّث عن مطالبة براك للدولة اللبنانيّة بجدول زمنيّ لإنهاء ملف السلاح قال مصدر لبناني معنيّ بالمفاوضات مع براك، أن لبنان ينتظر التزاماً إسرائيلياً بالانسحاب حتى الحدود الدولية على مرحلتين، واحدة مستحقة فوراً بعدما أدّى لبنان بكل ما عليه في هذه المرحلة عبر انتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني وانسحاب حزب الله من المنطقة، ومرحلة ثانية تضمّ الانسحاب إلى ما وراء الحدود الدولية للبنان، إضافة لوقف الاعتداءات وانتهاك الأجواء والمياه اللبنانية في المرحلة الأولى، فهل يستطيع توماس براك جلب جدول زمنيّ لتنفيذ هذه الالتزامات من كيان الاحتلال ليضع لبنان على أساسه جدولاً زمنياً موازياً ومتزامناً؟
وفيما ينتظر لبنان الجواب الأميركي الرسمي من المبعوث توم براك على ورقة الملاحظات اللبنانية، تحضر الملفات الساخنة في الجلسة النيابية العامة المخصّصة لمناقشة الحكومة في سياساتها، ووفق معلومات «البناء» فإن نواب حزب القوات اللبنانية سيطرحون موضوع سلاح حزب الله ويوجهون سؤالاً للحكومة ورئيسها حول عدم طرح ورقة توم برّاك وورقة الملاحظات اللبنانية عليها على مجلس الوزراء لمناقشتها واتخاذ القرار حيالها. في المقابل سيطرح نواب الثنائي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر موضوع كلام براك حول ضم لبنان إلى سورية وسيطالبون بموقف حكومي ونيابي يستنكر موقف براك لانتهاكه سيادة لبنان وحدوده وتهديد وجوده. كما سيحضر في مناقشات النواب وفق الأوراق الواردة ملف العلاقات اللبنانية – السورية وملف الإصلاحات المالية والودائع والموازنة والتعيينات الأخيرة القضائية والمالية والإدارية وآلية التعيينات.
كما علمت «البناء» أن وزراء الثنائي سيطالبون الحكومة بموقف واضح وصريح ضد مواقف براك والاعتداءات الإسرائيلية واتخاذ كافة الخطوات لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب من الجنوب ووقف الخروقات وتطبيق القرار 1701.
من المتوقع أن تستمرّ الجلسة النيابية حتى المساء على أن تعقد جلسة ثانية صباح غدٍ الأربعاء.
وفيما لفتت مصادر وزارية لـ»البناء» إلى أنّه حتى مساء أمس الأول لم يتسلم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة جوابًا أميركياً على ورقة الملاحظات اللبنانية، أشارت قناة «أل بي سي» إلى أن «لبنان الرسميّ تبلغ ردًا عبر السفارة الأميركية على الورقة التي قدّمها للمبعوث الأميركيّ توم براك وهو منكبّ على دراستها وخلاصة الردّ يكمن في وجوب التزام لبنان بمهل زمنية محددة لحصر سلاح «حزب الله» في يد الدولة على أن لا تتعدى المهلة نهاية العام الحاليّ.
وأشار المبعوث الأميركي توم براك الى أن «الخوف من نزع سلاح حزب الله ومنع الحكومة اللبنانية من ذلك قد يؤدي لحرب أهلية، معتبراً أن عملية تخلي حزب الله عن سلاحه تبدأ بمبادرة من الحكومة اللبنانية».
ولفت توم براك في تصريح له، الى ان الأسلحة التي نريد من حزب الله التخلي عنها هي تلك التي تهدّد «إسرائيل»، ونحن لا نتعامل فقط مع حزب الله بل أيضاً مع معسكرات فلسطينية مسلحة. وشدد على أن الولايات المتحدة تنظر إلى حزب الله «منظمة إرهابية»، معتبراً أن الخريطة الطائفية في لبنان معقدة للغاية.
واعتبر براك أن سورية تحتاج إلى موارد لإعادة البناء بسرعة وهي بحاجة لدعم عالمي، ورأى أن رفع العقوبات عن سورية هو منح الناس الأمل.
وعلمت «البناء» أن المبعوث الأميركي براك هو الوسيط بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمعالجة الملفات المشتركة بين البلدين، كاشفة عن تقدم في عدد من الملفات لا سيما الموقوفين الإسلاميين، وأضافت أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيقوم بزيارة قريبة الى لبنان، لكن توقيتها مرتبط بزيارة توم براك المقبلة الى لبنان ونتائجها على صعيد ملف سلاح حزب الله وتطور المفاوضات على صعيد الملفات المشتركة بين دمشق وبيروت.
أمنياً، ألقت محلقة إسرائيلية قنبلة صوتية قرب أحد رعاة الماشية في بلدة مارون الرأس.
وفيما يستكمل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون برنامج زياراته الخارجية فيزور خلال الشهر الحالي البحرين والجزائر، استقبل أمس، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح الذي جال على كبار المسؤولين، مؤكداً دعم لبنان ومواجهة كل ما يؤدي إلى عدم الاستقرار.
وأكد الوزير الكويتي بعد اللقاء أن «الكويت بحاجة الى لبنان والعكس صحيح، ولن تنسى يوماً اعتراف لبنان بدولة الكويت أيام الغزو العراقي».
وشدد على أن «الكويت تقف إلى جانب لبنان في هذه المرحلة» لافتًا إلى أن «الشعب اللبناني شعب كريم ومبدع وأقلّ جالية أرى فيها مشاكل في الكويت هي الجالية اللبنانية»، متمنيًا «أن يزيد عددها». وبالنسبة لحزب الله، قال الصباح: «سوف نواجه كل ما يؤدي الى عدم الاستقرار في المنطقة والرئيس عون هو في الأساس رجل أمن ويعرف المخاطر الأمنية التي قد تواجه البلاد ونحن في الكويت ليس لدينا أحزاب، وبالتالي لن يكون هناك وجود لحزب الله».
في المقابل، أشار الرئيس عون إلى أن «لبنان حريص على تعزيز التعاون الثنائي والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة ولا سيما في مكافحة تهريب المخدرات وكل ما من شأنه الإخلال بالأمن في البلدين». وقال: «العلاقات المتجذّرة بين لبنان والكويت تزداد رسوخاً يوماً بعد يوم، لكونها قائمة على أسس صلبة من الأخوّة والتعاون والاحترام المتبادل لسيادة كلٍّ من البلدين واستقلاله».
ومن عين التينة حيث استقبله الرئيس نبيه بري، أكد أن «لبنان سيبقى لبنان وسورية ستبقى سورية»، انتقل الوزير الكويتي إلى السراي الحكومي حيث عقدت محادثات لبنانية – كويتية ترأس الجانب اللبنانيّ رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، والجانب الكويتي الوزير الصباح وتناولت المحادثات العلاقات بين لبنان والكويت وأهمية تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين مع الحرص الكويتي على استكمال المساعدات للبنان، إضافة إلى التطورات المحلية والإقليمية والدولية. زار الوزير الكويتي وزير الداخلية أحمد الحجار معلناً للبنانيين أن «هناك خبراً إيجابياً ستسمعونه من رئيسكم قريباً وليس مني».
ووفق معلومات «البناء» فإن الكويت وعدت لبنان بالمساعدة في أكثر من ملف لا سيما تقديم دعم ماليّ للأجهزة الأمنية والعسكرية، وفي إعادة بناء الإهراءات في مرفأ بيروت، إلى جانب تسهيلات للبنانيين في الكويت.
وكان الرئيس عون شدّد خلال لقائه وفدين، سياحي وإسكاني، على أن «وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة وطنيّة، كرّسها الدستور، ويحميها الجيش اللبناني، وتحصّنها إرادة اللبنانيين الذين قدّموا التضحيات على مرّ السنين للمحافظة عليها». وقال: «لقد أقسمت اليمين، بعد انتخابي رئيسًا للجمهورية، على الحفاظ على «استقلال الوطن وسلامة أراضيه»، ويُخطئ من يظن أن من أقسم مرّتين على الدفاع عن لبنان الواحد الموحّد، يمكن أن ينكث بقَسَمه لأي سبب كان، أو أن يقبل بأي طروحات مماثلة».
وحضرت التطورات العسكرية والأمنية في سورية بقوة على الساحة اللبنانيّة، حيث أشار رئيس حزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، في كلمة من عين التينة، إلى أن «ملفات عديدة نوقشت مع بري على صعيد ملف الجنوب الذي نعتبره في أيادٍ أمينة ولن أتدخل به». ولفت جنبلاط، إلى أن «التعيينات الباقية ستسير في المسار المطلوب وبموضوع الاعتداءات الإسرائيلية إما يكون هناك وقف لإطلاق نار أو لا يكون ولستُ بمتشائم بشكل كبير».
وقال «نحن مع ضبط الأمن وعقد مصالحة في السويداء برعاية الدولة السورية والبعض في السويداء لم يفهمني وينادي بالحماية الدوليّة والإسرائيلية وموقفي أنها منطقة ككل المناطق السورية».
وتابع جنبلاط «مشاكل كبيرة بما يتعلق بصناعة المخدرات وحصل تضخيم لموضوع خلية بتبيات والجيش اللبناني يقوم بواجباته».
بدوره، تابع شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى التطورات والمستجدات الأمنية في مدينة السويداء، مع مشايخ المدينة وفاعلياتها الروحية، وفي مقدّمهم مشايخ العقل، مبدياً «أسفه البالغ للأحداث الدامية الحاصلة»، ودعا إلى «ضرورة التعاطي برويّة وحكمة وتعقل، لوقف التدهور الأمني والدخول بالقوة الى المحافظة، والعمل على إيجاد حلول تضمن الاستقرار والأمان وتحقن الدماء بين أبناء الوطن الواحد».
وحثّ الشيخ أبي المنى في بيان، «الدولة السورية على تحمّل مسؤولياتها الوطنية، إذ ان تبعات مواجهات كهذه لا تخدم مصلحة البلاد ولا تنهي النزاعات»، داعياً إلى «التفاهم والاتفاق تحت سقف الدولة ومؤسساتها الشرعية».
كما أشار رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال أرسلان الى إنه «لا يمكن اعتبار ما يحصل في السويداء مجرّد إشكال بين الدروز والعشائر الموجودة في المحافظة، إذ تخطّى الأمر كل التوقّعات وبات يُشبه إلى حدّ كبير ما شهدته بعض مناطق الساحل السوري»، فـ»الدولة»، التي يُفترض بها أن تتدخّل بأجهزتها لفضّ النزاع والتحكيم بين أبناء الوطن الواحد، دخلت كطرف بشكلٍ واضح وعلنيّ، وهذا ما يُساهم في تدمير الأوطان لا بنائها.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا