البناء: سورية تنزف والكيان آمن والحرب الأهلية رديف وهم التخلي عن مواجهة الاحتلال

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 19 25|08:30AM :نشر بتاريخ

تواصلت عمليات القتل والتهجير جنوب سورية، وتصاعدت حالة التجييش الطائفي في أنحاء سورية، بدعم من السلطات الحاكمة التي سهلت وصول مجموعات مؤيدة للحكم تعيد إلى الذاكرة ما جرى من نفير للهجوم على الساحل انتهى بالمجازر الموصوفة، واستخدمت حكومة دمشق هذه التعبئة للتمهيد لإدخال قواتها إلى منطقة السويداء، تحت شعار الفصل بين المتحاربين، بينما لا تزال حالة عدم الثقة بين أهالي السويداء وأجهزة السلطة تحول دون انتشار وحدات من وزارة الداخلية في مناطق الاشتباكات، رغم الموافقة الإسرائيلية المعلنة.
في المنطقة تتواصل بيانات التنديد بالاعتداءات الإسرائيلية من دون ترجمة دعم السلطات السورية التي تعتمد بوجه الاحتلال وصفة عربية إسلامية مدعومة من الدول العربية وتركيا، كما ورد في البيان العربي التركي، الذي اعتبر عدم المواجهة مع المحتل خياراً يعبّر عن عين العقل والحكمة، بعدما أتاحت حكومة دمشق للاحتلال تدمير كل مقدرات سورية العسكرية، وأعلنت الحكومة أنها تلتزم منع أي محاولة لإلحاق الأذى بـ”إسرائيل” من الأراضي السورية، لكن ذلك لم يشفع لها لتجنبها الإذلال والإهانات التي حملتها الغارات التي استهدفت مقار وزارة الدفاع في دمشق، والحكومات العربية والإسلامية التي تعتبر مقاومات غزة ولبنان قوى مغامرة ولا تجد ما يدعوها لوضع ثقلها لمنع العدوان عليها، تشيد بحكمة الحكومة السورية، لكنها لا تفعل لها شيئاً، وبيدها القدرة على اتخاذ مواقف من نوع تعليق العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كيان الاحتلال حتى ضمان السيادة السورية، بينما دولة إقليمية عظمى مثل تركيا تعتبر الحكم السوري الجديد مولوداً أبصر النور تحت عباءتها، ترتبك أمام الضربات الإسرائيلية، يقول وزير خارجيتها، إن صبرها بدأ بالنفاد دون أن يوضح الخطوة التالية لنفاد الصبر.
في فلسطين مواجهة مستمرة تخوضها المقاومة بوجه جيش الاحتلال وعمليات نوعية متصاعدة، بينما مفاوضات الدوحة تراوح مكانها، وأمس، أطلّ الناطق بلسان قوات عز الدين القسام أبو عبيدة بكلمة قال فيها، إن المقاومة تمنح فرصة للتفاوض لمرة أخيرة لاتفاق جزئي إن فشلت بالخروج باتفاق، سوف تتمسك المقاومة بحل كامل ينهي الحرب مقابل كل الأسرى، وقال أبو عبيدة إن المقاومة وضعت استراتيجية تعد فيها للاحتلال وجيشه مقتلة ينتظر جنوده وضباطه فيها الموت أو الأسر، محملاً الحكومات والنخب العربية مسؤولية التخلّي عن غزة وشعبها والاكتفاء بكلام لا قيمة له فيما بأيديهم فعل الكثير.
لبنانياً، تحدث الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، فأكد أن المقاومة جاهزة للمواجهة الدفاعية، مشيراً إلى تفاهم المقاومة مع الرؤساء الثلاثة داعياً المراهنين على خلاف المقاومة والدولة إلى صرف النظر عن رهاناتهم، مشيراً إلى أن المسعى الأميركي يقوم على محاولة إنتاج اتفاق جديد، لأنهم اكتشفوا أن الاتفاق القائم يريح المقاومة والدولة ويحفظ التعاون بينهما، مضيفاً أن المقاومة لن تقبل بالبحث في اتفاق جديد لأن المطلوب واضح بعدما نفذت المقاومة ما عليها في الاتفاق القائم وهو أن تنفذ “إسرائيل” موجباتها.

وأكّد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أنّ الأميركيين والصهاينة «اكتَشفوا أنّ اتفاق وقف إطلاق النار فيه مصلحة للبنان، وذهبوا إلى الضغط الميداني علّه يؤدّي إلى تعديلات» في الاتفاق.
وقال الشيخ قاسم، في حفل تأبين القائد الجهادي الكبير الحاج علي كركي (أبو الفضل كركي)، إنّ «»إسرائيل» خرقت 3800 خرقاً»، قال الشيخ قاسم: «اكتَشفوا أنّ الاتفاق فيه مصلحة للبنان ولذلك اعتبروا أنّ المطلوب تعديل الاتفاق وذهبوا إلى الضغط الميداني علّه يؤدّي إلى تعديلات»، منبّهاً في المقابل إلى أنّ «كل هذا الضغط لم يعدّل في الاتفاق».

ولفت الانتباه إلى أنّ «أميركا تطرح اليوم اتفاقاً جديداً، ما يعني أنّ كل الخروقات خلال 8 أشهر كأنّها لم تكن»، مؤكّداً أنّ «الاتفاق الجديد يبرّئ «إسرائيل» من كل فترة العدوان السابقة».
وأوضح الشيخ قاسم: اكشتفوا أنّ اتفاق وقف إطلاق النار لا يحقّق الأهداف التي يريدونها، والمبرّر الوحيد في هذا العدوان نزع سلاح حزب الله لأنّهم يريدون من نزعه طمأنة «الإسرائيلي» وهو مطلب «إسرائيلي».
وأشار «قول البعض: كيف تنسحب «إسرائيل» إذا لم تنزعوا السلاح؟»، مستدركاً بالقول: «لكنْ هي («إسرائيل») معتدية»، متسائلاً: «لماذا تعتدي «إسرائيل» في سورية وتشنّ الغارات في الوقت الذي لا يوجد فيه أيّ تهديد؟».
وحذّر من أنّه «تحت عنوان أمن «إسرائيل» لا تظل أيّ زاوية إلاّ ويريدون (الصهاينة) تفتيشها واحتلالها وضربها». وتساءل: «لماذا قصفت «إسرائيل» إيران تحت عنوان وجود نووي، لكنّ كل المفتشين أثبتوا أنّه سلميّ؟»، فـ»هي («إسرائيل») تريد القضاء على إيران لكنّ إيران استطاعت أنْ تنتصر»، بحسب الشيخ قاسم.
وإذ نبّه إلى أنّ «»إسرائيل» توسُّعية وهي خطر حقيقي»، أشار إلى ما قاله «(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب عن «إسرائيل» وعن غزة، حيث اعتبر أنّ «إسرائيل» دولة صغيرة المساحة وتكبر مساحتها بالاحتلال فطرح «ريفييرا»».
وعلّق الأمين العام لحزب الله على حديث المبعوث الأميركي طوم برّاك بأنّ «لبنان على وشك الانقراض إذا لم يُسرع بالتغيير»، فقال: «أي يقول (برّاك) بتسليم لبنان لـ «إسرائيل»»، معتبراً أنّ «المطلوب أنْ يكون هناك «إسرائيل» الكبرى، فهم يريدون تقسيم المنطقة».

وحذّر الشيخ قاسم من أنّ «التحريض على الفتنة وإلحاق لبنان بقوى إقليمية، على الأقل إلحاقه مرحلياً، بالشام، هذا خطير»، قائلاً: «هم (الأميركيون) يريدون للبنان أنْ يتقسّم بين «إسرائيل» وسورية».
وفي ما بيّن أنّ «المسألة ليست سحب السلاح، بل هذه خطوة من خطوات التوسُّع لـ «إسرائيل»»، أكّد أنّ «السلاح عقبة لأنّه جعل لبنان يقف على رجليه ويمنع «إسرائيل» من التوسُّع».
وأضاف الشيخ قاسم: «نحن كحزب الله وحركة أمل ومقاومة وكخط سياديّ يريد استقلال لبنان ونؤمن بأنّ لبنان وطن نهائيّ للبنانيين ونخضع جميعاً للطائف ومندرجاته، نشعر بأنّنا أمام تهديد وجوديّ للمقاومة وبيئتها وللبنان بكل طوائفه». وأوضح أنّ «كل الطوائف مهدّدة في لبنان»، مخاطباً اللبنانيين بالقول: «انظروا ماذا يحدث في سورية وفلسطين حتى الكنيسة الكاثوليكيّة في غزة قُصفت. انظروا ماذا يحدث في سورية من بعض المجموعات المسلحة من ذبح».

وجزم بأنّه «إذا كان اليوم هناك قرار لا يحتاجون (المجموعات المسلحة) إلى وقت كبير للهجوم من شرق لبنان».
وأشارت مصادر مطلعة نقلاً عن مصادر غربية لـ «البناء» الى أن سورية ستلعب دوراً عسكرياً وأمنياً وسياسياً في لبنان بتوافق دولي أميركي وعربي وتركي في إطار الوظيفة الاستراتيجية التي يُراد ان يلعبها النظام السوري ليس فقط في لبنان وعلى الحدود اللبنانية السورية بل في المنطقة وعلى الحدود السورية – العراقية وفي الصراع العربي الإسرائيلي لجهة الانخراط في الاتفاقات الإبراهيمية.
ووفق معلومات «البناء» فإنّ القرار لدى أحزاب وفصائل المقاومة الإسلامية والعربية في لبنان هو مواجهة المشاريع الأميركية الإسرائيلية الإرهابية بكافة الوسائل السياسية والإعلامية والعسكرية، وبالتالي إنْ الحديث عن تسليم السلاح بكافة أشكاله في ظلّ التطورات الأخيرة في سورية والمنطقة لهو ضرب من الجنون حيث باتت المعادلة وفق التجربة خلال الأشهر القليلة الماضية هو أن من يسلّم سلاحه يذبح على مائدة المشاريع الإسرائيلية.

ووفق تقديرات دبلوماسية أوروبية لـ «البناء» فإنّ الوضع في المنطقة يتجه الى مزيد من التأزم والتصعيد، حيث دخلت سورية في نفق مجهول ومخاض طويل من غير المعروف كيفية الخروج منه والنتائج التي سترسم مصير سورية وجزءاً كبيراً من المشهد في المنطقة برمتها». وتشير الجهات الى أن «المسار الذي تسلكه الأمور في سورية منذ سقوط النظام السابق وتسلم النظام الجديد يدلّ بما لا يرقى للشك إلى انّ سورية لن تعيش الأمن والاستقرار بل تسود حالة من الفوضى والتقاتل ربما تمهد للتقسيم او كيانات مستقلة ضمن الدولة السورية». ولفتت الجهات الى أنّ الأحداث السورية تهدد استقرار المنطقة ولا سيما العراق ولبنان فيما الوضع في غزة لن يشهد نهاية للحرب والصراع حتى لو توصلت الأطراف المعنية الى اتفاق لوقف إطلاق النار أو هدنة مؤقتة يجري تمديدها لأن التقدير في «إسرائيل» يؤكد ان الامن الاستراتيجي لـ»إسرائيل» لن يسمح ببقاء حركة حماس وسلاحها يهدد «إسرائيل» في غزة. كما رجحت الجهات ان تتجدد الحرب بين «إسرائيل» وإيران في اي وقت الى جانب تبادل الضربات بين «إسرائيل» واليمن. وبحسب الجهات الأوروبية فإن لبنان سيتعرّض في الاسابيع والاشهر المقبلة الى ضغوط قصوى حتى يسير في المشاريع الخارجية ولن يستطيع مواجهة التطورات الكبيرة وموازين القوى الجديدة في المنطقة.
في غضون ذلك اتخذت الأجهزة الأمنية والعسكرية أقصى درجات الحذر والحيطة لوأد ايّ محاولة لنقل التطورات السورية الى لبنان، وتابع الرؤساء والوزراء المعنيون والقادة الروحيون التطورات وأعطوا التوجيهات في الميدان لمنع تعكير الاستقرار.

وفرضت الأحداث اجتماعاً بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد ظهر أمس في قصر بعبدا. وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد من مختلف وجوهها، والتطورات الإقليمية الراهنة. وغادر الرئيس بري قصر بعبدا من دون أن يدلي بأي تصريح. وأفيد أن عون وبري وضعا اللمسات الأخيرة على الردّ الأميركي بشأن حصر السلاح، كما تشاورا في سبل درء الخطر الأمني عن البلاد. وتوقعت مصادر دبلوماسية عودة المبعوث الأميركي توماس برّاك الى بيروت نهاية الشهر الحالي لتبلغ الردّ اللبناني.
وكشف رئيس الحكومة نواف سلام أنّ «المبعوث الأميركي توم براك آتٍ إلى لبنان الأسبوع المقبل، والورقة الّتي قدّمها هي مجموعة من الأفكار المتعلّقة بتنفيذ إعلان ترتيبات وقف الأعمال العدائيّة، الّذي تبنّته الحكومة السّابقة، وأكّدت حكومتنا التزام لبنان بها».

وأجرى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اتصالاً بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، وأثنى على الدور المسؤول والرصين الذي أدّته المرجعيات الروحية، وفي طليعتها الشيخ أبي المنى، في تهدئة النفوس ووأد الفتنة والحفاظ على السلم الأهلي. كما تمّ التأكيد المشترك على أهمية صون وحدة سورية، ورفض أي محاولة لزرع الانقسام بين أبنائها، والتشديد على أن ما يجري خارج حدود لبنان لا ينبغي أن يتحوّل إلى مادة للتأجيج الداخلي.
في إطار ذلك تلقى شيخ عقل الموحدين الدروز سامي ابو المنى اتصالاً هاتفياً من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، للتأكيد في رسالة مشتركة على «الأخوّة الإسلامية والوطنية التي تجمع بين الطائفتين الكريمتين السنيّة والدرزية، من علاقات ودّ واحترام وتاريخ طويل من المصير المشترك، وإعتبار الأسى والحزن العميق إزاء ما يحصل في مدينة السويداء من نزف للدماء الزكية بين اخوة في الوطن الواحد ألماً واحداً يصيب الجميع». وأشار شيخ العقل إلى أنه وسماحة المفتي دريان أكدا خلال الاتصال، «رفضهما التام الانجرار وراء أي خطابات تحريضية، وتغطية أي أعمال استفزازية من شأنها أن تؤجج التوتر المذهبي وأن تعطي صورة غير حقيقية عن علاقة الطائفتين بعضهما ببعض». ودعيا إلى «تفادي الوقوع في فخ الفتنة التي يريدها أعداء الإنسانية، في ظل مرحلة عصيبة جداً يغذّي سلبياتها بعض الإعلام بمعلومات خاطئة ومضللة أحياناً كثيرة، الأمر الذي يحتاج من الجميع تغليب صوت العقل والحكمة والصبر والتحلّي بروح المسؤوليّة، لدرء خطر الفتنة وحقناً للدماء». كما شدّدا على «رفض أي تدخلات خارجية واعتداءات تسهم في زعزعة تلك الوحدة».
واقترح الرّئيس السّابق للحزب «التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بعد اجتماع استثنائي للهيئة العامّة للمجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدّروز، “وقف إطلاق النّار، من أجل الدّخول في حوار، وهناك من جهة الدّولة السّوريّة، ومن جهة ثانية فاعليّات أو غير فاعليّات في السويداء. والبند الأوّل في وقف إطلاق النّار، هو التّثبيت أنّ جبل العرب في السويداء جزء لا يتجزّأ من سورية”.

من جهتها، أعلنت قيادة الجيش في بيان أن “لبنان يواجه في المرحلة الراهنة مجموعة من الظروف الاستثنائية، أبرزها استمرار الاعتداءات وانتهاكات السيادة الوطنية من جانب العدو الإسرائيلي، إضافةً إلى تحديات حفظ الأمن في الداخل وضبط الحدود، فضلاً عن التطورات المعقدة في المنطقة”.
وشددت على أنّ الجيش “لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي، ويؤكد في الوقت نفسه أنّ تجاوُز هذه المرحلة يتطلّب وحدة اللبنانيين وتضامنهم ووعيهم لخطورة المرحلة والتحلّي بالمسؤولية، وعدم القيام بأي عمل من شأنه أن يترك تداعيات غير محسوبة على أمن اللبنانيين”.
وفي قصر بعبدا، رأس رئيس الجمهورية جوزاف عون اجتماعاً وزارياً وأمنياً خُصّص للبحث في الوضع الأمني، ودراسة مسألة الاكتظاظ في السجون اللبنانية نتيجة ارتفاع عدد السجناء، بمن فيهم السجناء السوريون، والإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة هذا الأمر، ووضع الأطر القانونية كافة التي تتيح تسريع المعالجة.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : البناء