النهار: أجواء المراوحة تطبع لقاءات الموفد الأميركي... برّاك: لا ضمانات ولا نرغم إسرائيل بأي شيء

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jul 22 25|08:29AM :نشر بتاريخ

 محبطاً من اصطدام وساطته ودور إدارته بالمجريات الدامية التي حصلت في سوريا، ومتشككاً وعلى شفير الخيبة حيال المراوحة التي تطبع وساطته ودور إدارته بين لبنان وإسرائيل، بدا الوسيط الأميركي توم برّاك في اليوم الأول من جولته الثالثة في لبنان كأنه يعاند اللحظات الحاسمة لإعلان عدم خروج وساطته من المربع الأول الذي تدور فيه حول نفسها. ولم تبدد صورة اللقاءات الكثيفة التي يعقدها برّاك على امتداد أربعة أيام "يقيم" فيها في ربوع مسقط جذوره اللبنانية، من وقع الأجواء المتشككة للغاية في أي اختراق محتمل لمهمته التي تراوح عند استعصاء المسألة الجوهرية المتصلة بنزع سلاح "حزب الله" ضمن مهلة زمنية محددة ولو على مراحل، والتي يبدو واضحاً أن الردّ اللبناني الرسمي في شأنها الذي تسلّمه براك أمس لم يتضمن تعهداً قاطعاً حيالها. بل إنه في الوقت الذي لفتت فيه كثافة اللقاءات التي يجريها برّاك أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والتي تشبه "لقاءات علاقات عامة" واسعة النطاق، تقاطعت المعلومات التي تفيد أن معالم الدوران ضمن المربع الأول برزت من الجهتين اللبنانية والأميركية معاً. فالجانب اللبناني سلّمه مشروع "المذكرة الشاملة" لتطبيق ما تعهّد به وقد خلت من أي جداول زمنية وخطوات عملية على صعيد تنفيذ عملية حصر السلاح بيد الدولة، وتمسّكت المذكرة بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي الجنوبية التي تحتلها. وفي المقابل، صدم برّاك من راهن على ضمانات أميركية لإلزام إسرائيل بالانسحاب، مشدداً على أن مسألة نزع سلاح "حزب الله" مسالة داخلية وأن واشنطن تريد مساعدة لبنان، وأن لا ضمانات لتقديمها لبيروت، وأيضاً أن بلاده لا يمكنها إرغام إسرائيل على شيء.

وعُلم أن الموفد الأميركي شدّد امام المسؤولين الذين التقاهم أمس على ضرورة الانتقال من النظري إلى المرحلة التنفيذية، إن بالنسبة لحصر السلاح بيد الدولة أو الشروع في الإصلاحات.

وتجدر الإشارة إلى أن تصريحات أخرى صدرت أمس عن برّاك رسمت إطاراً قاتماً لأجوائه حيال التطورات السورية، إذ انتقد التدخل الإسرائيلي الأخير في سوريا، واصفاً إياه بأنه "جاء في توقيت غير مناسب"، وأنه عقّد الجهود الرامية إلى استقرار المنطقة. وفي ما يخص التدخل الإسرائيلي، أوضح أن الولايات المتحدة "لم تُستَشر ولم تشارك في القرار"، مضيفاً أن "توقيت التدخل الإسرائيلي خلق فصلاً جديداً من التعقيد".

ولكن الاهتمامات ستتركز على لقاء الموفد الأميركي المقرر اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سيقدم إليه ورقة منفصلة عن الردّ الرئاسي الثلاثي، إذ يحمل في جعبته موقف "حزب الله" من المقترحات الأميركية المتصلة في شكل أساسي بسلاحه. ذلك أنه بالرغم من الجهود التي أفضت إلى إنجاز ورقة لبنانية موحّدة تردّ على تلك المقترحات، إلا أن الرد الفعلي والعملي سيكون لدى بري، لأنه يحمل موقف الحزب، وهو الوسيط الفعلي وصلة الوصل مع الحزب.

وقد استهل برّاك لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين من القصر الجمهوري في بعبدا، حيث استقبله رئيس الجمهورية جوزف عون في حضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون. وأفادت معلومات قصر بعبدا أن الرئيس عون سلّم برّاك باسم الدولة اللبنانية "مشروع المذكرة الشاملة لتطبيق ما تعهد به لبنان منذ إعلان 27 تشرين الثاني 2024، حتى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، مروراً خصوصاً بخطاب القسم، وذلك حول الضرورة الملحة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية من دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية. كل ذلك، بالتزامن والتوازي مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من قبل أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين".

ومن السرايا حيث التقى برّاك رئيس الحكومة نواف سلام، قال الموفد الأميركي إن "المسالة أن هناك اتفاقية لوقف الأعمال العدائية قد دخلت حيز التنفيذ لكنها لم تنجح، وهناك أسباب لعدم نجاحها وهذا جزء مما نحاول جميعا ان نحله". واعتبر "أن نزع سلاح الحزب مسألة داخلية للغاية، وتذكروا أن "حزب الله" بالنسبة لأميركا منظمة ارهابية أجنبية وليس لدينا أي علاقة بذلك ونحن لا نبحث مع "حزب الله"، نحن نبحث مع حكومتكم كيفية المساعدة. نحن نحاول أن نساعد ونؤثر ونرشد ونجمع الافرقاء، أي فقط نوع من التأثير للعودة إلى النموذج الذي تريدون أن ترونه جميعاً، اي الازدهار والسلام لأولادكم في المنطقة، ليست هناك عواقب، نحن هنا بشكل طوعي للمحاولة لمساعدتكم في الوصول إلى الحل".

وقال في رد على سؤال: "لا اعرف الضمانات التي سألتني عنها، ولكننا لا نستطيع أن نرغم إسرائيل على القيام بأي شيء، اميركا ليست هنا لكي ترغم إسرائيل على القيام باي شيء، نحن هنا لنستخدم تأثيرنا ونفوذنا للوصول إلى نهاية، وكما قلنا نحن هنا للمساعدة للوصول الى نهاية، والمسألة تعود لكم أي للحكومة وللجميع عندما تكونوا قد سئمتم من هذه المناكفات والمنافسات، حيث يصل الجميع لخلاصة إلى ضرورة فهم أكبر وسلام مع الجيران لكي تكون الحياة أفضل، لسنا هنا لنضع أي مصالح على الأرض، نحن لن نقوم بذلك".

وحول عقوبات بحق المسؤولين اللبنانيين قال برّاك: "هذا بالتأكيد خارج إطار أي شيء نقوم به. إن العقوبات بحق المسؤولين اللبنانيين هو موضوع معقد للغاية وهو موجود ومتوتر، وليس قيد التفكير الآن. ما نحاول القيام به هو الإتيان بالسلام والاستقرار وليس إضافة رماد أكثر على النار".

والتقى الموفد الأميركي لاحقاً، كلاً من ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، ثم الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل وحاكم المصرف المركزي كريم سعيد، كما التقى مساء مجموعة من الوزراء والنواب إلى مائدة عشاء أقامتها السفارة الأميركية في عوكر، وسيلتقي مساء اليوم مجموعة أخرى من النواب إلى مائدة النائب فؤاد مخزومي، وسيلتقي غداً الأربعاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

في سياق داخلي آخر، تقرّر في الاجتماع المشترك لهيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل النيابية أمس في عين التينة، أن يعقد مجلس النواب جلسة غداً الأربعاء للتصويت على رفع الحصانة عن وزير الاقتصاد السابق النائب جورج بوشيكيان، وعرض ملف وزارة الاتصالات لتاليف لجنة تحقيق برلمانية في الملفات المتصلة بالوزراء السابقين، جمال الجراح وبطرس حرب ونقولا صحناوي. وعلى اثر هذا القرار أصدر الوزير والنائب السابق بطرس حرب بياناً توجه فيه "بالشكر العميق من رئيس مجلس النواب ومكتب المجلس لاستجابتهم لمطلبي باستعجال تعيين جلسة للبتّ بطلب الاتّهام الموجّه ضدّي ووزراء آخرين"، وأعرب عن "استعداده الكامل للمثول أمام الهيئة العامة لمجلس النواب للإدلاء بمرافعتي ودحض كل ما نُسب إليّ من أفعال مخالفة للقانون".

واذ تردّد أنّ بوشيكيان غادر عبر قبرص إلى كندا قبل قرار رفع الحصانة عنه وهو يحمل الجنسية الكندية، أصدر مكتبه الاعلامي بياناً مساء أمس، لفت فيه إلى أنه سافر في زيارة شخصية قبل صدور أي قرار بملاحقته، واكد أنه على "استعداد للتعاون مع أي مرجع مختص في المكان والزمان المناسبين".

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : النهار