البناء: برّاك محبط مع الفشل السوري… ويتفهّم الخوف من الحرب الأهلية بعد السويداء
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 22 25|08:57AM :نشر بتاريخ
شعر كل الذين التقوا المبعوث الرئاسي الأميركي إلى لبنان وسورية توماس برّاك بتغيّر نبرته الحماسية عن المثال السوري الذي كان يدعو لبنان إلى التشبه به، وإحجامه عن المبادرة عن الحديث عن سورية إلا إذا سئل، ويبدي أسفه لحالها، وهو محبط من الطريقة التي تعاملت بها «إسرائيل» مع سلطة تدعمها أميركا، لكن واشنطن لا تملي على «إسرائيل» ما يجب أن تفعل وتقف معها عندما تقول إن ما تفعله هو دفاع عن النفس، ولو بتهديد الآخرين لأن أمن «إسرائيل» تحدد شروطه «إسرائيل» نفسها، وأميركا تقف معها في هذه الحالة ولو تضرّرت السياسات الأميركية او أصيب حلفاء أميركا بالضرر، وبرّاك محبط أيضاً من فشل حكام سورية الجدد في التصرف كدولة لجميع السوريين ومحاباة فئات طائفية على حساب فئات طائفية أخرى، وضمّ جماعات مسلّحة متطرفة إلى صفوف أجهزتها، لا تؤمن بعقل الدولة ولا تتصرّف بمسؤولية عن أمن كل السوريين هي التي تسبّبت بالجزء الأكبر من الكارثة التي وضعت سورية على عتبة حرب أهليّة يصعب التيقن من السيطرة عليها.
لم يعّد برّاك يملك حجة ومنطقاً يسوقهما أمام اللبنانيين عن الحاجة لامتلاك شجاعة الإقدام لفتح ملف السلاح ولو باستخدام مؤسسات الدولة بوجه المقاومة، فهو يصف حكمة اللبنانيين بتجنب منزلقات الحرب الأهلية بالشجاعة التي يفتقد إليها حكام سورية، ولذلك فإن اعتماد الحوار لحل مشكلة السلاح هو الصواب بعينه، لكن ماذا عن الورقة التي سلمها برّاك قبل عشرة أيام لدعوة اللبنانيين الى مسار يبنى على خطوات متلازمة تضمن انسحاب الاحتلال ووقف إطلاق النار بصورة فعلية مقابل مسار موثوق ينتهي بسحب سلاح المقاومة؟
تراجع برّاك خطوة إلى الوراء عن ثقته بورقته وما فيها، وقد اختبر اللبنانيون الضمانات الأميركية التي قدمت لهم مرة، لكنهم رأوا قبل يومين مصير هذه الضمانات التي قدّمت لحكام سورية الجدد برفع اليد الإسرائيلية عنهم، وإذا «إسرائيل» تقصف العاصمة دمشق وتنتهك حصانة المقر الرئاسي ووزارة الدفاع، فيستدرك برّاك أن لا ضمانات يستطيع تقديمها حول التزام «إسرائيل» بوقف النار والانسحاب، بل تصوّر لما يمكن عرضه على الحكومتين في لبنان وكيان الاحتلال، بينما يؤكد لبنان التزامه بالاتفاق المبرم قبل تسعة شهور والذي لم يطلق خلاله لبنان طلقة واحدة، جيشاً ومقاومة، وينتظر التزام «إسرائيل» بإيقاف الاعتداءات التي تحصد أرواحاً لبنانية بلا هوادة منذ تسعة شهور، ويقول عندما تلتزم «إسرائيل» بوقف الاعتداءات يمكن للبحث بما يليه أن يبدأ جدياً، وقبل تلقي ضمانات بحدوث ذلك لا جدوى من تفريق اللبنانيين حول ما يجب وما ينبغي.
وأشار المبعوث الأميركي توماس برّاك الى أنّ «النقاشات التي أجريها مع الجميع تركّز حول استطاعة أميركا التوصل إلى اتفاقية «وقف الأعمال العدائية» التي تسمح لنا بمضمونها وبمعايير تنفيذها الانتقال إلى الخطوة التالية التي يحتاج أن يحققها لبنان».
وأوضح برّاك في حديث الى تلفزيون لبنان، بأن «لقاءاتي مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام كانت بناءة ومدروسة ومفعمة بالأمل ونحن نتقدم ونحرز تقدماً».
وأعلن المبعوث الأميركي أنه سيلتقي صباح اليوم برئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة. وأكد أنه «ليس لدى أميركا أي مطالب»، مشيراً إلى أن نية واشنطن إزاء لبنان هي كـ»صديق»، وأضاف: «جئنا تلبية لطلب المساعدة وإيجاد السبيل إلى تفاهم بين كل المكوّنات التي فشلت في التوصل إليه».
وقال: «لم أجر أي حوار مع حزب الله ويمكنهم إجراء هذه الأحاديث مع نظرائهم في الحكومة اللبنانية».
وعلمت «البناء» أن الرد اللبناني يتمحور حول أولوية تطبيق إسرائيل للقرار 1701 وإعلان وقف إطلاق النار وتنفيذ إسرائيل التزاماتها بالانسحاب من الجنوب من التلال الخمس ثم الى الحدود الدولية ووقف الاعتداءات والخروقات، وذلك بعدما نفذ لبنان التزاماته كاملة وبالتالي الكرة في ملعب «إسرائيل» والراعي الدولي لإعلان 27 تشرين الثاني الماضي، وبالتالي مفتاح تطبيق القرار 1701 يبدأ بالانسحاب الإسرائيلي ووقف الخروقات ولا يمكن إلزام لبنان بمهل وبخطوات ومبادرات والإسرائيلي لم يلتزم بأي من التزاماته. ويتضمن الرد اللبناني تأكيداً على ثوابت والتزامات الدولة اللبنانية والحكومة والرؤساء على حصرية السلاح بيد الدولة وفق مسار متدرج ووفق حوار مع حزب الله والتزام بتطبيق كافة مندرجات القرار 1701 والقرارات ذات الصلة. لكن لا يمكن للبنان الالتزام بمهل لتسليم السلاح في شمالي الليطاني في ظل استمرار الاحتلال والاعتداءات، كما يشدّد الردّ اللبناني على الضمانات للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووقف الاعتداءات بحال وضع لبنان خطة لحصرية السلاح وتطبيقها العمليّ.
وفي سياق ذلك، أشارت معلومات قناة «الجديد»، إلى أنّ «الموفد الأميركي توم برّاك عاد وأكّد أنّ المطلوب من لبنان آليّة تنفيذيّة لاتفاق وقف إطلاق النّار الّذي وُقّع في تشرين الّثاني 2024، مع الالتزام بالمهل الزّمنيّة، ولفتت إلى أنّ «برّاك تسلّم الرّدّ اللّبناني، ويحتاج إلى وقت لقراءته تفصيليّاً ومعرفة الأجوبة اللّبنانيّة على الأسئلة الّتي كانت قد طرحتها الإدارة الأميركيّة، على أن يرسلها إلى الخارجيّة الّتي ستعكف على دراستها»، مبيّنةً أنّ «رئيس مجلس النّواب نبيه بري سيحاول وإلى جانب الرّدّ الرّسمي اللّبناني، طرح التزام «إسرائيل» بوقف إطلاق النّار التّام لمدّة 15 يوماً، وعدم القيام بأي خروقات أو اغتيالات، مقابل مبادرة «حزب الله» بالقيام بالخطوة الأولى».
وأفادت المعلومات بأنّ «برّاك استبق طرح برّي بعدما كان قد تسرّب في الإعلام، بحيث إنّه لا يملك ضمانات من «إسرائيل»، ولا يمكن إجبارها على الالتزام بوقف إطلاق النّار»، موضحةً أنّ «برّاك بدا أكثر تشدّداً خلال هذه الزّيارة من زياراته السّابقة، وركّز على ضرورة التزام لبنان بما ورد في الورقة الأميركيّة، خصوصاً لجهة المهل الزّمنيّة الّتي تنص عليها الورقة الأميركيّة».
وقلّلَت مصادر سياسيّة مطلعة من إمكانية نجاح مبادرة برّاك لجهة الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس ووقف الاعتداءات وتقديم ضمانات للبنان، وذلك لأسباب استراتيجيّة لها علاقة بأطماع «إسرائيل» ومشروعها التوسيعي المرتبط بمخططها في سورية وما يدور من أحداث فيها اليوم. ولفتت المصادر لـ»البناء» الى أن كلام برّاك حول أن لا علاقة للولايات المتحدة بـ»إسرائيل» يعني منح إسرائيل المزيد من الوقت والتغطية الكاملة لأعمالها العدوانية في لبنان للضغط السياسي والتفاوضي لفرض الشروط الأميركية الإسرائيلية على لبنان. وأوضحت أن رفض برّاك تقديم ضمانات للبنان يعكس نيات أميركية خبيثة ويحمل في طياته شيئاً ما يمكن أن يكون ضربة عسكرية وأمنية مفاجئة أو عمل عسكريّ قادم من الحدود السورية اللبنانية. وتوقعت المصادر أن ترفض الإدارة الأميركية الرد اللبنانيّ والاستمرار بسياسة الضغوط القصوى على لبنان عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً بانتظار تطور المشروع الإسرائيلي الأميركي في سورية، ما يعني إطالة أمد المفاوضات بين لبنان والولايات المتحدة من دون نتائج عملية وتضييع الوقت وتحميل لبنان مسؤولية فشل المفاوضات وتبرير أي عمل عسكري إسرائيليّ موسّع ضد لبنان.
وأكد برّاك من السراي الحكومي بعد لقائه رئيس الحكومة نواف سلام، أهمية استعادة الاستقرار والأمن في لبنان وسنتابع الاجتماعات والقادة في البلد يحاولون معالجة المشاكل. أضاف: «مسألة نزع سلاح «حزب الله» داخليّة وبالنسبة لأميركا «الحزب» منظمة إرهابيّة ونحن نبحث مع الحكومة في كيفية المساعدة وتقديم الإرشادات لعودة الاستقرار والسلام إلى المنطقة. وأردف: أميركا ليست هنا لإرغام «إسرائيل» على القيام بأي شيء ونحن لا نرغم أحداً إنّما نقدّم المساعدة للوصول إلى خلاصة ولسنا هنا لنضع أي مصالح على الأرض. وقال: «لا ضمانات ولا نستطيع إرغام «إسرائيل» على فعل أي شيء»، معلنا «أننا لا نفكر حالياً في فرض عقوبات على لبنان». وأشار إلى أن «إن لم يحدث نزع سلاح حزب الله لن تكون هناك تبعات مباشرة أو أي تهديد، ولكنه سيكون أمراً مخيباً للآمال».
واستهل برّاك لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين من القصر الجمهوري في بعبدا، حيث استقبله رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في حضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، وسلّمه باسم الدولة اللبنانيّة مشروع المذكرة الشاملة لتطبيق ما تعهّد به لبنان منذ إعلان 27 تشرين الثاني 2024، حتى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، مروراً خصوصاً بخطاب القسم، وذلك حول الضرورة الملحّة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية. كل ذلك، بالتزامن والتوازي مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من قبل أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين.
وزار برّاك ترافقه السفيرة جونسون متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة وكانت مناسبة لمناقشة الأوضاع في لبنان والمنطقة.
أمنياً، أعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصّحة العامّة، في بيان، أنّ «غارة للعدو الإسرائيلي بمسيّرة استهدفت درّاجةً ناريّةً في الطيري ـ قضاء بنت جبيل، وأدّت إلى سقوط شهيد».
وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين جشي أنّ «زيارة برّاك إلى لبنان تأتي مجدداً في سياق الضغط للتخلي عن سلاح المقاومة»، مؤكداً أن «هذا السلاح ليس موضع مساومة، وأن من ينبغي عليه أن يتخلى عن تدخلاته هو الأميركي نفسه». وقال «حضر الموفد الأميركي إلى لبنان مجدداً، ويريد من بلدنا أن يتخلى عن سلاح المقاومة، بعد أن كان قد صرّح في جولة سابقة بأن على كل فريق أن يتخلى عن شيء، في حين أننا نقول له اليوم إننا لا نريد منكم شيئاً، بل عليكم أن تخرجوا العدو الإسرائيلي من أرضنا وبحرنا وسمائنا». وحول مطلب نزع سلاح المقاومة وتسليمه إلى الجيش اللبناني، أوضح النائب جشي «أنهم يريدون اليوم من لبنان أن يتخلى عن سلاح المقاومة بطريقة منمّقة، تحت عنوان تسليم السلاح الاستراتيجي للجيش اللبناني، إلا أنه وفي الحقيقة أن الجيش اللبناني الوطني يُمنع عليه الاحتفاظ بهذا السلاح، بل المطلوب تدميره كما حصل في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني». اضاف»فليطمئن الأصدقاء، وليعلم الأعداء والمتربصون أننا لن نتخلى عن السلاح مقابل وعود أميركية فارغة وزائفة، فنحن قوم أُباة للضيم، لا تنفع معنا التهديدات ولا الوعيد، نحن أبناء الإمام الحسين، وأتباع مدرسة كربلاء، وشعارنا سيبقى: هيهات منا الذلة».
على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية وجوب توحيد الجهود من قبل اللبنانيين والتصرف بموضوعية ومسؤولية لابعاد لبنان عن الصراع من حولنا. وشدّد على أن هدفه هو سلامة البلد وعدم المخاطرة باندلاع حرب، فلا قدرة لأحد على تحملها. وقال الرئيس عون إنه في مقابل المواقف عالية السقف التي كانت صدرت في الداخل اللبناني إزاء الأحداث المؤسفة التي حصلت في سورية أخيراً، صدرت مواقف عقلانية لكل من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي ابي المنى، والوزير السابق وليد جنبلاط، ورؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، «ساهمت في تخفيف التوترات وإبعاد لبنان عن الصراع من حولنا. وبالتالي، يجب توحيد الجهود من قبل اللبنانيين والتصرف بموضوعية ومسؤولية، وهي فرصة لحماية لبنان، على غرار ما حصل خلال الحرب بين إسرائيل وإيران، حيث بذلنا جهوداً لإبقاء لبنان بعيداً عن هذه الحرب».
بدوره، لفت رئيس «الحزب الدّيمقراطي اللّبناني» طلال أرسلان، إلى «أنّني سمعتُ باهتمام تصريح المبعوث الأميركي توم باراك، مشكوراً، الّذي علّق فيه على أحداث السويداء بالقول: «تجب محاسبة (ما يُسمّى) الحكومة السورية». وتوجّه في تصريح إلى «مجموعة الزقّيفة في لبنان»، قائلاً: «تفضّلوا، أسمعونا صوتكم… يا ترى ماذا ستقولون؟ بئس هذا الزّمن وبئس رجال الدّولة فيه».
إلى ذلك، دعا رئيس مجلس النّواب نبيه بري إلى عقد جلسة عامّة عند السّاعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غدٍ وذلك للاستماع إلى الوزراء السّابقين للاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة بطرس حرب، نقولا صحناوي، وجمال الجراح، ودرس طلب رفع الحصانة عن الوزير السّابق النّائب جورج بوشكيان.
قضائياً، ذكرت «الوكالة الوطنيّة للإعلام»، أنّ «النّائب العام التّمييزي السّابق القاضي غسان عويدات تغيّب عن جلسة استجوابه، الّتي كانت مقرّرة اليوم أمام المحقّق العدلي في قضيّة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وصرف الأخير النّظر عن استدعاء عويدات مجدّداً»، مشيرةً إلى أنّ «البيطار أرجأ اتخاذ القرار، إلى حين ختم التحقيق أسوةً بكل الّذين استجوبهم مؤخّراً».
وأعلن مكتب المدعي العام في باريس أنه سيتقدّم بطلب استئناف لإلغاء الإفراج المشروط عن جورج إبراهيم عبد الله، أحد أقدم السجناء الفرنسيين. ومن المقرّر إطلاق سراح الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين من السجن يوم الجمعة المقبل، ليعود إلى لبنان.
ورأت النيابة العامة أن قرار غرفة الاتهام الذي أذن بالإفراج المشروط عن الناشط في 17 يوليو، «لا يتوافق مع اجتهاد الغرفة الجنائيّة بمحكمة النقض، والذي يقضي بأن الشخص المحكوم عليه بالسجن المؤبد بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية لا يمكنه الاستفادة من الإفراج المشروط دون تدبير مع وقف التنفيذ». وأوضحت محكمة الاستئناف في باريس أنّ «هذا الاستئناف لا يعلّق تنفيذ القرار».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا