الجمهورية: عون يلتقي ملك البحرين.. والمجلس يتصدّى للفساد... برّاك سافر ليعود بزيارة رابعة: المشكلة معقّدة جداً
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jul 24 25|08:22AM :نشر بتاريخ
المشهد الداخلي متخم بالملفّات الضاغطة عليه بكلّ مفاصله، والقاسم المشترك بينها جميعها أنّ أفقها مجهول وليس معلوماً ما إذا كانت ستُحسم بالفعل وكيف ومتى، او ما إذا كانت هناك قدرة أصلاً على حسمها بصورة جديّة، في ظل واقع عالق يعاني التخبّط المزمن في الإرباكات والتناقضات، ومستوطن في حقل مفخّخ بصراع الإرادات والاصطفافات السياسية والشعبوية والاشتباك والتخاصم والنكد المتبادل على أتفه الأسباب. واللبنانيون في هذا الوضع يبحثون عن فسحة أمل، لعلّ فيها منفذاً في هذا الإنسداد نحو إيجابيات يفتقدونها، تؤسّس لانفراجات يتوقون إليها.
في صدارة المشهد، زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف إلى البحرين، وقرار مجلس النواب برفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان وإحالة ملفات مرتبطة بوزارة الاتصالات على لجنة تحقيق برلمانية، وكذلك ملف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، والتي تواكبت بالأمس مع تحليق مكثف للطيران التجسسي في الأجواء اللبنانية، ولاسيما فوق الضاحية الجنوبية، إضافة إلى الملف المرتبط بهذه الاعتداءات، ويتمثل بمشروع الحلّ الأميركي الذي يعدّ أكثر الملفّات الداخليّة سخونة ودقّة في هذه الفترة.
قمة لبنانية - بحرينية
رئاسياً، التقى رئيس الجمهورية في قصر القضيبية في المنامة، أمس، ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، حيث صدر في ختام القمة بيان مشترك، أكّد على ضرورة "تكثيف الاتصالات والزيارات المتبادلة، وتفعيل الاتفاقات ومذكرات التفاهم، مع التأكيد على مواصلة التنسيق في كل ما من شأنه تجنيب المنطقة زعزعة الأمن والاستقرار".
وتابع البيان: "البحرين تؤكّد ثبات موقفها في دعم سيادة لبنان واستقراره ووحدته، ورفض أي تدخّل في شؤونه الداخلية، وتشيد بجهود الرئيس عون والحكومة في المضي قدماً بالإصلاحين السياسي والاقتصادي".
ولفت إلى أنّ "مملكة البحرين تساند لبنان في استعادة دوره الحيوي غير القابل للتبديل أو الاستبدال، وتدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل وتنفيذ القرار 1701، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها".
وشدّد البيان على "أهمّيّة دعوة قمة البحرين 2024 إلى عقد مؤتمر دولي لمعالجة القضية الفلسطينية، وتعزيز الجهود الرامية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة"، مضيفاً أنّه يجب "دعم المساعي الرامية إلى استئناف مفاوضات الملف النووي بين الولايات المتحدة وإيران، والعمل على جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل".
وأكّد الرئيس عون في اللقاء مع ملك البحرين على المحبة المتبادلة بين لبنان والبحرين، وعلى التوق لعودة السفارة البحرينية كاملة الى لبنان. وقال "إنّ البلدين يتبادلان دوماً أغلى ما عندنا وهو إنساننا وثرواتنا البشرية، ومع ذلك نطمح ونطمع باستئناف التبادل التجاري الكامل بيننا، كما تعاوننا في شتى المجالات، وذلك لما فيه خير الشعبين ومصالح البلدين".
من جهته، أعلن ملك البحرين، عن قرار المملكة بإقامة بعثة ديبلوماسية بحرينية دائمة في بيروت، مؤكّداً على أهمية تفعيل اللجنة البحرينية - اللبنانية المشتركة لتنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقات المبرمة، وأكّد على حرص المملكة الدائم على الوقوف إلى جانب لبنان، ودعمها الكامل للمساعي اللبنانية الهادفة إلى تعزيز السيادة والوحدة الوطنية.
رسالة واضحة
وكان المجلس الينابي قد تصدّى بالأمس، لجانب من ملف الفساد، سواء في الخطوة الاستثنائية التي أقدم عليها برفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان، وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف الاتصالات.
وأكّدت مصادر نيابية لـ"الجمهورية"، "انّ المجلس بمبادرته هذه، وجّه بذلك رسالة في كل الاتجاهات الداخلية والخارجية، حول جدّية مواجهة الفساد المشكو منه، وإماطة اللثام عن هدر وارتكابات واختلاسات كان لها الأثر الكبير والمباشر على إرهاق الخزينة وإشعال الأزمة الاقتصادية والمالية الصعبة التي يعاني منها البلد".
الّا انّ المصادر عينها أكّدت أنّ "هذه الخطوة على أهميتها الكبرى، تبقى ناقصة وبلا أيّ قيمة، ما لم تقترن بجهد صادق، لمقاربة هذه الملفات، بالحيادية المطلوبة، وبالعزم الأكيد، بعيداً من أي مداخلات او محاولات للمماطلة والتمييع، على إظهار الحقائق كما هي، بإدانة المرتكبين والمشاركين وكل من له صلة بهدر او سرقة المال العام". وخلصت إلى القول: "لا بدّ من إظهار الحقائق ومحاسبة المرتكبين، والأهم استعادة المال المنهوب من مختلسيها".
وكان المجلس النيابي قد عقد جلسة عامة أمس، صوّت فيها بغالبية 99 صوتاً على رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان، كما صوّت بغالبية 88 صوتاً على ملفات تتعلق بوزارة الاتصالات إبان تولّي كل من الوزراء السابقين: بطرس حرب، نقولا صحناوي وجمال الجراح، مهام هذه الوزارة، إلى لجنة تحقيق برلمانية، تألّفت من نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب والنائب إبراهيم الموسوي والنائب غادة ايوب.
ملف متأرجح
على صعيد مشروع الحل، فرغم الحضور الأميركي المباشر لتمريره عبر الزيارات المتتالية للموفد الأميركي توم برّاك، لم يؤسس حتى الآن لمساحة التقاء مشتركة عليه، وخصوصاً في ما يتصل بملف سلاح "حزب الله"، وكذلك في ما يتصل بالضمانات التي يطلبها لوقف العدوان الإسرائيلي وعدم تجدده، وإلزام إسرائيل باحترام القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة والإفراج عن الأسرى اللبنانيين. حيث انتهت الزيارة الثالثة لبرّاك إلى ترحيل هذا الملف إلى زيارة رابعة له إلى لبنان، تسبق أو تلي الردّ الأميركي - الإسرائيلي، على الردّ الأميركي على جواب لبنان على مشروع الحل الأميركي.
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، هو أنّ هذا الملف تأرجح منذ بداية طرحه بين التفاؤل والتشاؤم، وهو ما تبدّى في المواقف التي قاربت المحادثات حوله، وتحدثت تارة عن أجواء إيجابية، وفي المواقف التي صدرت في موازاتها، وتحدثت عن أفق مسدود،.إلّا أنّ مجريات الزيارة الأخيرة وما تمّ طرحه داخل الغرف المغلقة، وفق ما تبلّغت "الجمهورية" من مصادر مشاركة في المحادثات المغلقة مع برّاك "ترفع مستوى التفاؤل في إمكان بلوغ حلّ في القريب العاجل، إنْ لم يطرأ في الطريق ما قد يأخذ الأمور في مجرى آخر، ويجب ألّا نغفل هنا العامل الإسرائيلي الذي يعتمد سياسة التصعيد والاستفزاز بقصد الابتزاز لبلوغ حلّ بحقق مصلحته حصراً".
ووفق معلومات "الجمهورية" من مصادر موثوقة، فإنّ الردّ اللبناني الذي قُدّم إلى برّاك، لم يأتِ باقتراحات جديدة او بتعديلات لمضمون الردّ اللبناني السابق، بل جاء بصياغة مكمّلة، تلحظ التزام لبنان بكل الثوابت والمسلّمات الواردة فيه في ما خصّ وقف العدوان، والالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف اطلاق النار والانسحاب وتحرير الأسرى. وتلحظ أيضاً تصوراً حول آلية حصرية السلاح بيد الدولة، وايضاً لما قد يقوم به لبنان من خطوات وإجراءات لتسهيل بلوغ حلّ تركّز بالدرجة الأولى على الالتزام بالقرار 1701 واتفاق وقف اطلاق النار المعلن في 27 تشرين الثاني من العام الماضي".
وفيما لوحظ انّ اياً من المسؤولين الذين التقاهم برّاك، تجنّبوا الحديث عن إيجابيات، بل يبدو أنّهم اكتفوا بترك الحديث عن تفاؤل وإيجابيات للموفد الأميركي، أبلغ مرجع كبير إلى "الجمهورية" قوله: "من يسمع كلامه يصعب عليه فهم ما يقصده، فتارةً يحكي عن إيجابيات، وتارةً أخرى يرفض تقديم ضمانات، ويصرّح بأنّ واشنطن لا تستطيع ان تلزم إسرائيل بشيء او ترغمها على شيء، وتارةً ثالثة يتحدث عن تفاؤل، وتارةً رابعة يتحدث عن أجواء ممتازة، كما قال بعد لقائه برئيس مجلس النواب نبيه بري، يعني "بيشدّ وبيرخي"، ولكن كلّ هذا لا يغيّر في حقيقة أنّنا نريد حلاً لمصلحة لبنان، وليس حلاً على حساب لبنان يوصف وكأنّه استسلام".
وبحسب المرجع عينه، فإنّ ما نسمعه داخل الغرف المغلقة، غير ما يُقال خارجها. فكل الامور تُبحث بالتفصيل، وبشكل معمّق، والبحث يتمّ بصورة هادئة وجدّية جداً، ودائماً نقول إنّ الامور في خواتيمها، والامور لم تنته بعد، وسنصل في نهايتها إلى نتيجة حتماً، وتبعاً لذلك لا نستطيع أن نتحدث عن إيجابيات مسبقة او عن سلبيات، بل انّ النقاش مستمر، والامور ليست مقفلة، ونحن على موعد جديد في وقت قريب مع ردّ وعد برّاك بإبلاغه الينا، سواء عبر السفارة الأميركية في بيروت او عبر زيارة جديدة له إلى لبنان".
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الردّ الذي سُلِّم إلى الموفد الأميركي يلحظ التزاماً بصورة مباشرة او غير مباشرة بسحب سلاح "حزب الله" شمال الليطاني، قال: "لا علم لي بوجود شيء من هذا القبيل. والكل يعلم أنّ منطقة جنوب الليطاني صارت خالية تماماً من سلاح "حزب الله".
لم يقدّم ورقة
إلى ذلك، وخلافاً للجو الذي جرى ترويجه قبل لقاء برّاك بالرئيس بري، بأنّ رئيس المجلس سيقدّم للموفد الأميركي "ورقة حلّ"، استغربت مصادر عين التينة هذا الامر، واكتفت بالقول لـ"الجمهورية": "الرئيس بري لم يقدّم اي ورقة لا الآن ولا قبل ولا بعد".
وعمّا إذا كان الرئيس بري متفائلاً قالت المصادر: "برّاك وصف اللقاء مع رئيس المجلس بأنّه ممتاز، وبرّاك نفسه عاد وقال إنّه متفائل. ومن هنا نأمل ان يكون لهذا التفاؤل ترجمته".
وفي موازاة تكرار الموفد الأميركي قوله بأنّ الاتفاق (اتفاق وقف إطلاق النار) قد فشل، أكّدت المصادر عينها انّ ما نهدف اليه، ليس الوصول إلى اتفاق جديد، وخصوصاً انّ هناك اتفاقاً موجوداً، المطلوب تنفيذه والالتزام به من قبل اسرائيل".
في بكركي
وكان برّاك، قد زار قبل مغادرته بيروت أمس، البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، وقال بعد اللقاء الذي تخللته خلوة مع البطريرك: "زيارتي اليوم تحمل الراحة والأمل، ولا بدّ من التركيز على الحل، فقد حان الوقت ليتخلّى الجميع عن شيء ما والتعاون معاً".
وسُئل عن الإيجابية التي تحدث عنها بالأمس، فقال: "لقد قلت سابقاً انّ المشكلة معقّدة جداً، المشكلة التي بدأت منذ نحو السنتين، أطلقنا منذ أربعة أسابيع مبادرة إيجاد حل لها. هي ليست بحدث آني وانما تتطلّب مساراً محدداً وتستغرق وقتاً. وانا أعتقد انّ الجميع يبذل أقصى ما يمكنه من جهود في هذا السياق، الّا انّ الأمر معقّد بالنسبة للقادة اللبنانيين وبالنسبة للجميع".
اضاف: "آمل أن يستمر الحوار وأن يتواصل تصويب الأمور وتذليل الصعوبات التي أتفهمها. اميركا والرئيس الأميركي مهتمان جداً بنجاح هذا المسار. الجميع يحب اللبنانيين، فلننطلق من هذا الأمر. ولكن لا يمكننا تحديد يوم معين للقول بأنّ المشكلة قد حُلّت. فالمسؤولية ليست آحادية وإنما تقع على عاتق الجميع، وهناك من يحمل حلاً، ولكنه ليس على طاولة الحوار، لذلك يجب مواصلة الحوار معه".
وعن إمكانية عودته إلى بيروت، قال: "طبعاً سأعود إلى بيروت. الجميع يرغبون في مساعدة لبنان، ولكن لا يمكن لأحد أن يفرض على الحكومة اللبنانية ما يجب فعله. القرار في يدها، وإن لم يتوصّل اللبنانيون إلى تثبيت الاستقرار فلن يأتي أحد للمساعدة. هناك مشاكل تمنع التطبيق الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، ووجهات النظر متعددة في هذا المجال".
وعن دور الرئيس نبيه بري، قال برّاك: "رئيس مجلس النواب نبيه بري يبذل جهوده في حلحلة الامور، لكنه مسار وعلى الحكومة ان تقّرر ما تريده. الاستقرار أساسي وحصرية السلاح نص عليها القانون ويجب تطبيقها، فالمطلوب قرار من الحكومة لحصر السلاح ووقف الاعتداءات، والمطلوب الصبر ليستمر الحوار دون خسائر. الكرة الآن في ملعب الحكومة، فهي التي عليها أن تقرر ما يجب فعله. وليست الولايات المتحدة وحدها من تريد مساعدة لبنان، بل أيضاً دول الخليج ودول الجوار. ولكن، من أجل أن تأتي المساعدة، على اللبنانيين أولاً تحقيق الاستقرار".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا