رعد: المقاومة لم تُهزم وما حصل في 5 أيلول خطوة تراجعية
الرئيسية سياسة / Ecco Watan
الكاتب : المحرر السياسي
Sep 08 25|21:01PM :نشر بتاريخ
رأى رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، أن "طريقة معالجة الأزمة التي يعيشها لبنان في هذه المرحلة تحتاج إلى كثير من الدقة والتعقل والحكمة وعدم التسرع، وإلى التزام صارم بالسيادة الوطنية والكرامة الوطنية أيضا".
وقال في مقابلة لإذاعة "النور": "لا يكفي أن نطلق عناوين، ولا أن نطرح شعارات، المهم أن نلتزم بمضامين ما يحقق مصلحة هذا البلد على مستوى حفظ سيادته وكرامة أبنائه، ويعالج المشكلات بمعزل عن الضغوط والإملاءات الإسرائيلية أو الأميركية أو غيرها، التي يستقوي بها البعض من أجل أن يفرض موازين قوى جديدة داخلية لمصلحته، ليركب على رؤوس اللبنانيين مستفيدا من العدوانية الإسرائيلية والدعم الأميركي لهذه العدوانية، ظنًا من هؤلاء بأن المقاومة قد أُجهض جناحها، وضعفت ونال العدو منها، فلم تعد تقوى على الوقوف، ولم يعد يُحسب لها حساب".
أضاف: "هذا التصور في الحقيقة هو تصور مضلِّل، ووهمي وغير حقيقي، ويراد أن يُعمَّم بالدعاية وبالإشاعة وبالتسلط على عقول الناس، من أجل أن يزرعوا فيهم الوهم ليقبلوا بالاستسلام الذي يدعوهم إليه هؤلاء البعض".
وأشار إلى أن "المقاومة عندما قبلت بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024، إنما قبلته من موقع أن يدها هي العليا في ساحة الميدان، وأن الإسرائيلي الذي حضّر لمناورة توغل برية فشل في تحقيقها على مدى 66 يوما، هذا الفشل هو الذي دفعه ودفع أسياده الأميركيين لينصحوه بوجوب القبول بوقف إطلاق النار، حتى لا يبدأ يسجل الخسائر بعد الإنجازات التكتيكية التي كان قد حققها في جبهة غزة".
وأكد أن "المقاومة لم تُهزم أمام الإسرائيلي في الميدان، وخرجت منتصرة، وهي التي وافقت بملء إرادتها على وقف إطلاق النار، والإعلان الذي تم بين ممثلي الدولة اللبنانية عبر الرئيس نبيه بري والمبعوث الأميركي آنذاك آموس هوكشتاين، وحصل الاتفاق الذي يلزم إسرائيل بوقف الأعمال العدائية، والانسحاب من الأراضي اللبنانية، وإعادة الأسرى، والبدء بورشة الإعمار، ثم يأتي بعدها إخلاء منطقة جنوب النهر من الوجود المسلح لحزب الله".
واعتبر رعد أن "هذا الاتفاق رغما عن الإسرائيلي تم إقراره، ويد المقاومة آنذاك كانت هي اليد العليا. نعم، الذي حصل فيما بعد، بعد عشرة أيام من هذا الاتفاق، هو التحول الذي حدث في سوريا، وقلب موازين المنطقة، ليس في لبنان فحسب، بل في كل المحيط. وهنا نهض القابعون في الزوايا من أجل أن يستثمروا على عدوانية العدو الصهيوني وعلى تَنَمُّره المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية، لفرض معادلات داخلية تنقلب على الوفاق الوطني، وعلى موازين التوازن الداخلي، تحقيقًا لبعض المنافع والمكاسب الفئوية الخاصة.هنا المشكلة في الحقيقة".
ورأى أن الانقلاب الذي حصل من أطراف داخلية "هو استثمار على العدوانية الإسرائيلية للانقلاب على موازين القوى، هذا الذي حصل. نحن نعرف موقف الزعيم وليد جنبلاط، وموقف الرئيس نبيه بري، الذي قضى بالإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، والسبب في ذلك، ألا يكون هناك فراغ يستثمر عليه من أجل أن يصل إلى رئاسة الجمهورية من هو جاهز ليركب فوق الدبابات الإسرائيلية".
وعما اذا كان ما حصل في جلسة الحكومة الأخيرة نوع من الفرملة لهذا المسار، أجاب: "قبل الجلسة الأخيرة، أصلا اتخاذ الحكومة قرارًا في الخامس من آب بحصر السلاح، واعتبار أن كل سلاح خارج سلاح الدولة هو سلاح غير شرعي، هذا مناقض للميثاق، وللوفاق، ولاتفاق الطائف، وللتوازن الوطني، وللواقع السيادي، وانقلاب على كل هذه الأمور".
وتابع: "أكثر من ذلك، قرار الخامس من آب هو عيب أخلاقي، وتخفُّف من المسؤولية الوطنية، عيب أخلاقي، بمعنى أن أربعين سنة من الردع الذي فرضته المقاومة على العدو الإسرائيلي ليس سهلاً أن نقبل بالتنكر له هكذا بشَحطَّة قلم. ان الآلاف من الشهداء في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي يصبح سلاحهم غير شرعي بلحظة غيْبوبة، وبلحظة سقوط أمام الإملاءات الأجنبية التي يعترفون بوجودها، ويتذرعون بأنها ضاغطة عليهم، ولا يستطيعون الانفكاك منها. الذي لا يستطيع أن يتحمل المسؤولية لا يعرّض أكتافه لتحملها. الخطيئة بدأت من هنا".
وسأل رعد: "كيف تتحقق السيادة الوطنية؟ بأن ننقل المشكلة من أن تكون بين المقاومة وجمهورها وبيئتها اللبنانية ضد العدو الصهيوني إلى أن تصبح مشكلة في الداخل بين اللبنانيين؟ نرمي كرة النار بيد الجيش الوطني الذي نلم له رواتب جنوده من هنا وهناك؟ كيف يقول الآن رئيس الحكومة: لا إعمار، لا انماء، لا مشاريع، لا إصلاحات من دون نزع السلاح. هذا يصرح به. إذًا، هذا أوسع من أن يقوله لنا بشكل مباشر. إذا كانت المسألة بهذا المقدار وأنت لا تستطيع أن تتحملها، إذاً قم بما يمليه عليك الواجب الوطني على الأقل. هل الواجب الوطني أن تدخل لبنان في نفق الفتنة الداخلية؟ هناك بعض عقل وحكمة موجود في هذا البلد".
وأضاف: "ما فهمناه نحن، أن قيادة الجيش تقول: حصر السلاح يحتاج إلى ثلاثة أمور:
أولا، وقف الأعمال العدائية. ثانيًا، وفاق وطني. ثالثًا، توفير إمكانات للجيش وقدرات من أجل أن يقوم بمهمته. فقط أن نصدر قرارًا حكوميًا ونرمي الكرة في ملعب الجيش حتى يحصل ما لا يحمد عقباه، خصوصًا مع تمسك المقاومة بسلاح المواجهة للعدو الإسرائيلي، الذي لا يزال يحتل نقاطًا ويتوسع في الاحتلال فيها. كانت خمس نقاط الآن أصبحت سبعة، ويريد أن يُنشئ منطقة عازلة، ويغروننا الآن بمنطقة اقتصادية، والمطلوب هو وضع سيادة البلد في قبضة العدو الإسرائيلي، والتحكم بكل تفاصيلها".
ورأى رعد ردا على سؤال أن ما حصل في الجلسة الأخيرة في الخامس من أيلول "هو خطوة تراجعيّة نتيجة شعور الكثيرين ممن هم في السلطة وفي الحكومة بأنهم أصبحوا أمام طريق مسدود في ما اتخذوه من قرار في الخامس من آب، ولذلك هم وجدوا صيغة ما لا تخرجهم من القرار الذي اتخذوه، لكن تفسح في المجال أمام بعض الهامش من الوقت ليروا ماذا سيفعلون في المستقبل. الأمر ليس حلاً، وليس فتحاً لأفق تسوية، وإنما هو تريّث ليروا ماذا سيفعلون، وماذا ستكون ردود الفعل من القوى الضاغطة الإقليمية والدولية، ومن العدو الإسرائيلي، وهذا ما يترصده الجميع في هذه الفترة".
وعن موقف "حزب الله" وكيف ستنتهي هذه الأزمة، قال رعد: "المقاومة تريد سيادة هذا البلد، وتمارس حقها المشروع الوطني والقانوني والإنساني والدولي في الدفاع عن أرضها، وسلاحها هو شرعي أكثر من شرعية الحكومة. وعندما تصر على أن يبقى السلاح معها طالما هناك اعتداء إسرائيلي، واحتلال إسرائيلي، فليس هناك منطق سيادي ولا قانوني في العالم يمكن أن ينتزع منها هذا الحق".
وأشار رعد ردا على سؤال، الى أن كل الخيارات مطروحة، مؤكداً "أننا نقاتل عدوًا يمارس تسلطًا وعدوانية مفضوحة أمام أعين العالم، ونفتدي أرواحنا ووجودنا في مواجهة هذا العدو، أفضل من أن نستسلم له ونخضع لإرادته ونستذل أنفسنا نتيجة قرارات خاطئة يمارسها من هم في الحكم".
وعما اذا تم النكث بالتفاهمات، قال رعد: "عندما يكون كلام بين الرجال، فالالتزام للرجال، وما تفاهمنا عليه هو أن نحفظ سيادة البلد، وأن نكون معًا في حفظ سيادة البلد. أما أن يُقال لنا، ان الضغوط أكبر منا، فثمة من كان في السلطة تعرض لضغوط أكثر مما تعرضت هذه السلطة لضغوط. الضغوط التي مورست على سعد الحريري أكبر من الضغوط التي مورست على هذه الحكومة. 12 سنة سعد الحريري تحمل الضغوط، لكن لم يقبل أن يسفك دم في الداخل، ودفع ما دفعه من ثمن أيضاً".
أضاف: "علينا أن نلتفت إلى مخاطر الاستخفاف بالمصير الوطني، ومد اليد طوعًا الى المتسلط الطاغية المستكبر الذي يدعم الإسرائيلي، ويمارس أبشع صورة وحشية في عمر البشرية على مر التاريخ. ما يفعله الإسرائيلي في غزة من بشاعة إبادة وقتل وتجويع للأطفال وتدمير للمستشفيات وقتل للإعلاميين، فاق الهولوكوست بملايين المرات. وكل من يعطي للإسرائيلي حقًا في الدفاع عن نفسه ويبرر له هذه الإبادة بهذا الحق، فهو شريك له في جرائمه".
واعتبر أن "الإبادة كشفت وحشية الحضارة الغربية التي كنا نسوق لشعاراتها، سواءً على مستوى الديمقراطية أو على مستوى حفظ حقوق الإنسان او على مستوى الكرامات الإنسانية وعلى مستوى الجماليات في الحياة البشرية، لكن تبيّن أن كل هذه الأمور تصبح حكرًا لعنصرية مقيتة يمارسها الغرب ضد الشعوب الأخرى، ومنها شعوب منطقتنا".
وأشار رعد إلى أن "هناك الكثيرين ممن سقطوا في كل مراحل التاريخ، لكن الذين يصنعون التاريخ هم القلة الذين يستشهدون من أجل نصرة حقهم التزاماتهم".
ولفت الى أن "ما مارسه حزب الله من ضبط نفس، ومن غض طرف عن كل التحريض والممارسات والاستفزازات، كان بفعل القوة التي يتحلى بها. الضعف لا يضبط النفس، الضعيف يتوتر ويستفز. صاحب الموقف المرتجل والانتهازي هو الذي يسقط في الأفخاخ". وقال: "نحن تصرفنا بكل تعقل، وحكمة، بكل حرص على السلم الأهلي، والتفاهم الداخلي، على الحوار الذي يحصل في جو هادئ من أجل وضع استراتيجية أمن وطني ودفاع وطني تحفظ سيادة لبنان، وتحدد دور سلاح المقاومة كما تحدد دور سلاح الجيش. وربما يستحدث سلاح آخر أيضًا، من أجل تحقيق استراتيجية الأمن الوطني التي يتفاهم عليها اللبنانيون. لكن هذا يتم بمعزل عن الضغوط، عن الاحتلال، عن التهديد، هذا يتم في ظل تحقق سيادة وطنية، وضمن سلطة وطنية راعية لمثل هذا الحوار. ما فعلناه هو نتاج قوة، ويعبر عن قوة، وليس عن ضعف".
وأكد أن "المطلوب كان استدراجنا للإخلال بالأمن الداخلي، وللإسراع في ارتكاب ما لا يحمد عقباه في الداخل. هم المجرمون الذين كانوا يفعلون ذلك من أجل استدراج بيئتنا، وليس استدراج نفس حزبنا. في النهاية، لكل أمر حد ولكل مسار نهاية، وعندما يصل الأمر إلى حد الخطر الوجودي الذي يطال أي إنسان أو أي جهة، ستتصرف بما يدفع الخطر الوجودي عنها".
وشدد رعد رداً على سؤال، على أن "حزب الله لا يخوض مباراة إظهار قوة في الداخل، لكن على الآخرين الذين يستعرضون قوتهم، مراهنين على الدعم الغربي الأميركي والإسرائيلي أيضًا، هذا الدعم لن ينفعهم في الضغط على حزب الله من أجل أن ينتزعوا منه ما لا حق لهم به، وما هو تخلٍّ عن حقه الوطني المشروع في الدفاع عن أرضه ووطنه وسيادته وكرامة شعبه".
وأوضح أننا "منفتحون على النقاش حول السلاح، لكن دعونا نحقق السيادة ونناقش". وقال: "تعالوا نوحد موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي، ونقول له: يجب أن تنضبط بالاتفاق الذي تم بضمانة الأميركيين والفرنسيين، ثم تنصلوا من هذه الضمانة. علينا أن نرغم هؤلاء على الالتزام بضماناتهم من أجل الضغط على الإسرائيليين لوقف العدوان والانسحاب من لبنان".
أضاف: "موضوع السلاح، نحن حاضرون أن نناقش في أهميته وفي دوره وفي ثقله وفي مدى حاجة لبنان اليه، ضمن استراتيجية حقيقية سيادية وطنية تحفظ لبنان، وتستطيع من خلال هذه الاستراتيجية، الحكومة وأي حكومة لبنانية تُشكل أن تدافع عن لبنان إذا ما تعرض لأذى".
وعن الثوابت لدى "حزب الله" في موضوع السلاح، قال رعد: "الثوابت أن هذا السلاح حق مشروع طالما هناك احتلال، وعدم التزام إسرائيلي بوقف إطلاق النار، وطالما هناك أسرى لدى الإسرائيلي، كيف يمكن أن نبحث بموضوع هذا السلاح في الداخل؟ عندما يجلو الإسرائيلي عن أرضنا، وعندما يوقف الاعتداءات عنها، نتفاهم نحن اللبنانيون في ما بيننا".
وعن أن ما حصل كان ناتجاً عن حوار حصل بينكم وبين الطرف الآخر الذي هو الحكومة أو رئاسة الجمهورية، أجاب: "الطرف الآخر في الحقيقة كان متسلطًا على وسائل الإعلام، منتهزًا فرصة الزهو بأن الإسرائيلي يعربد في لبنان كيفما يشاء بدعم من الأميركيين الذين هم أصدقاؤه، ويراهنون على هذه الصداقة لوصولهم إلى السلطة، فهم يعتبرون أن هذه اللحظة هي اللحظة المؤاتية والثمينة والتي لا يمكن أن يأتي مثلها في الزمن القادم، ولذلك علينا أن نبذل أقصى الجهود من أجل أن نستثمر هذه الفرصة حتى نصل إلى ما نريد في السلطة، على حساب السيادة الوطنية، والتوازن الوطني، وكرامات اللبنانيين".
أضاف: "الذين يتنكرون الآن ما هو منطقهم؟ منطقهم الآن: أن هذا السلاح أصبح ذريعة مؤذية للبنان. يا أخي.. هذا السلاح هو شرف لبنان، هو الذي حرر لبنان، هو الذي منع الإسرائيلي من أن يستخف بلبنان، وردع الإسرائيلي عن الاعتداء على لبنان طيلة السنوات الماضية.
الآن حصل تطور ما، أخلّ بميزان القوى لمصلحة الإسرائيلي، موقتًا، لكن لا يجب أن يقود هذا الأمر التقني التكتيكي إلى التخفف من ثوب الحرية والكرامة والوطنية والسيادة. واللجوء إلى الاستسلام والخضوع لإرادة الإسرائيلي، بدل التفكير بإعادة النظر في ميزان القوى الذي نملك ساحات مفتوحة كثيرة وخيارات مؤاتية من أجل أن نستعيد ميزان القوى لمصلحة الحوار".
وعما حصل خلال اللقاء بينه وبين مستشار رئيس الجمهورية، قال رعد: "المجالس بالأمانات، لكن ما نقوله بصراحة، هم يعرفونه، وما نقوله في الإعلام يسمعونه، وما نقوله لهم نقوله في الإعلام. ليس عندنا ما نخفيه من صراحتنا في الدفاع عن حقنا وعن مصلحة البلد".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا