البناء: القمة العربية الإسلامية تنتقل من خطاب التنديد إلى «مراجعة» و«دراسة وفحص»

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Sep 16 25|08:01AM :نشر بتاريخ

 لم تستطع القمة العربية الإسلامية تجاوز الخط الأحمر الأميركي، فتجنبت إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية للمشاركين فيها مع كيان الاحتلال، وتفادت إعلان وقف أي نوع من أنواع العلاقات الاقتصادية مع الكيان، ووقف المبادلات التجارية معه، ولم تصل إلى إعلان إقفال الأجواء والمياه الإقليمية لدولها أمام الطائرات والسفن الإسرائيلية، وكلها إجراءات ليس فيها حشد جيوش ولا خوض حروب، بل عقوبات يمكن ربطها بوقف الحرب على غزة وقبول حل الدولتين الذي أكد المجتمعون أنهم يرونه الحل الوحيد للأزمات في المنطقة، لكنهم لم يحددوا خريطة طريق لبلوغه بديلة عن خريطتهم السابقة الفاشلة القائمة على استرضاء أميركا ورؤسائها وإغرائهم بالأموال والقواعد الأميركية في الدول العربية والإسلامية، أملاً بأن تضغط أميركا على «إسرائيل» لوقف الحروب وقبول الحل التفاوضي وفق قاعدة حل الدولتين، وخلال ربع قرن أثبت هذا الرهان عقمه، وصولاً إلى العدوان على قطر الذي قال إن أميركا وقواعدها لا تحمي أحداً من «إسرائيل»، وإن القدس عاصمة أبدية موحدة لـ«إسرائيل» بمباركة أميركية، وإن المحاكم الدولية إذا فكرت بمساءلة «إسرائيل» وقادتها تصبح عرضة للعقوبات الأميركية، ومثلها المؤسسات الإنسانية التي ترعى الفلسطينيين في ظل حرب الإبادة، وعلى قاعدة عدم مراجعة القمة لهذا الرهان الخاطئ، قررت عدم إزعاج خاطر أميركا بإجراءات المقاطعة، واكتفت بالدعوة لمراجعة الاتفاقات القائمة مع «إسرائيل» سياسياً ودبلوماسياً، ومراجعة وفحص التعاون مع كيان الاحتلال، وفيما عدا ذلك دعت القمة إلى أشياء كثيرة مثل اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كيان الاحتلال وقادته، كما دعت إلى فرض العقوبات وملاحقة قادة الكيان أمام المحاكم الجنائية، ودعت إلى تعزيز السعي لفرض حل الدولتين، وكلها دعوات تنتظر لترجمتها إرادة ثالثة تملك واشنطن قدرة تعطيلها، خصوصاً عندما يتصل الأمر بالمنظمات الأممية.

بنيامين نتنياهو الذي استبق القمة بصفعة قاسية لحكام الدول العربية والإسلامية بتظهير جوهر زيارة وزير خارجية أميركا ماركو روبيو للكيان بصفتها إطاراً لتأييد دعم الكيان وعدم تأثر العلاقات الأميركية الإسرائيلية بالعدوان على قطر، خلافاً لما سوّق له عدد من المشاركين في القمة حول غضب أميركي سوف يترجم خلال زيارة روبيو بمشروع اتفاق لوقف الحرب على غزة دون التمسك بالشروط الإسرائيلية المستحيلة، ورد نتنياهو على القمة بتفجيرات نوعيّة في غزة وصلت أصواتها إلى تل أبيب، كما قال مراسلو القنوات العبرية، وربما تكون وصلت إلى أكثر من عاصمة عربية.

وفيما لم يسجل المشهد السياسي الداخلي أي جديد باستثناء شن الاحتلال الإسرائيلي غارات على مدينة النبطية، خطفت القمة العربية الإسلامية الطارئة في قطر الأضواء وما تخللها من مواقف لا سيما لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي أشار إلى أن «إسرائيل» تعمل على تقسيم سورية وزعزعة استقرار لبنان وزجّه بحرب أهلية.

وتوقفت مصادر سياسية لبنانية عند كلام أمير قطر عن أن «إسرائيل» تعمل على زج لبنان بحرب أهلية، مشيرة لـ«البناء» أن «هذا يكشف حجم التآمر الإسرائيلي على لبنان وأمنه واستقراره واقتصاده منذ عقود وليس الآن، ما يفترض على اللبنانيين حكومة ورؤساء وجيشاً وشعباً ومقاومة الوقوف صفاً واحداً في مواجهة المشاريع الإسرائيلية – الأميركية التي تستهدف لبنان بأمنه واستقراره وثرواته ووجوده، وبالتالي أن تتعامل الحكومة بكل دراية وحكمة ووطنية مع ملف سلاح المقاومة انطلاقاً من كيفية حماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية وتحرير الأرض المحتلة واستعادة الأسرى ومواجهة المشروع الإسرائيلي بإقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان ومنع عودة الجنوبيين إليها وقضم المزيد من الأراضي واستباحة لبنان وتنفيذ اغتيالات بشكلٍ يومي»، وبالتالي على الحكومة وفق المصادر أن «تتنبّه للفخ الذي ينصبه العدو للبنان عبر إيقاع الفتنة بين اللبنانيين عبر الضغط الأميركي – السعودي على الحكومة ورئيسها لإصدار قراري 5 و7 آب الماضي ووضعت البلد على فوهة فتنة أهلية تريدها «إسرائيل» وتعمل على حصولها، لكن حكمة قيادة المقاومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة الجيش اللبناني حال دون ذلك، ما دفع بأهل القرارين الى إعادة حساباتهم وتصحيح المسار عبر قرار 5 أيلول الذي أعاد الربط بين مصير سلاح حزب الله والمقاومة وبين الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووقف الاعتداءات».

لكن المصادر حذرت من أن «»إسرائيل» لن تهدأ ولن تكل وتمل من تكرار محاولات جر لبنان الى الفتنة الأهلية بين مكونات البلد أو بين المقاومة وبيئتها وبين الجيش اللبناني لإغراق حزب الله وحركة أمل في فتنة داخلية لاستنزاف قدرة المقاومة في وقت تكون إسرائيل تحضر لحرب واسعة جديدة على لبنان للقضاء على حزب الله والمقاومة في إطار مشروعها الشرق الأوسط الجديد وإعلان دولة «إسرائيل» الكبرى». ودعت المصادر الحكومة ووزير الخارجية الى «استغلال العدوان الإسرائيلي على قطر وبيان وقرارات القمة العربية – الإسلامية عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية للضغط على «إسرائيل» للانسحاب الكامل من الجنوب ووقف العدوان واستعادة الأسرى، وإلا يصبح خيار المقاومة هو الأجدى لتحرير الأرض وردع الاعتداءات وإعادة الأسرى رغم التضحيات الكبيرة التي يمكن أن تترتّب على هذا الخيار لكنه يبقى أقل كلفة من حرب الاستنزاف والموت البطيء التي تشنها «إسرائيل» على لبنان من جانب واحد فيما لبنان ملتزم بالهدنة ووقف إطلاق النار من طرف واحد».

وطالبت عائلات الأسرى اللبنانيين المعتقلين في سجون العدو الإسرائيلي الحكومة بالتحرّك السريع والفعّال من أجل تحرير أبنائها من سجون الاحتلال، معتبرةً أن عدم اكتراثها بهم يشكّل وصمة عار على جبين الدولة، ويعكس تخليها عن واجباتها تجاه شعبها.

إلى ذلك واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على الجنوب، وبالتزامن مع إعلان بيان ومقررات القمة العربية الإسلامية في قطر، شنّ الطيران الإسرائيلي غارة استهدفت حي كسار زعتر في النبطية.

وأفادت وزارة الصحة عن «إصابة ثمانية مواطنين بجروح في حصيلة أولية في الغارة الإسرائيلية على منطقة كسار زعتر في مدينة النبطية»، فيما تحدّث الإعلام العبري عن اغتيال لأحد قيادات حزب الله لكن لم يعلن أي معلومات حول ذلك.

كما أعلن المركز أن «غارة العدو الإسرائيلي على سيارة في بلدة ياطر جنوب لبنان أدت إلى إصابة مواطن بجروح».

وحذرت أوساط دبلوماسية أوروبية من نيات إسرائيلية عدوانية تجاه لبنان، مشيرة لـ«البناء» الى أن «إسرائيل» لن تنسحب من جنوب لبنان وتريد إنشاء منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي بعمق 7 كلم في المرحلة الأولى على أن تنتظر الفرصة المناسبة لتوسيع مساحة المنطقة العازلة الى حدود الليطاني، كاشفة عن قرار في الحكومة الإسرائيلية وبتغطية أميركية كاملة بتدمير غزة المدينة بشكل كامل تمهيداً لتنفيذ اجتياح برّي واسع مطلع الشهر المقبل، على أن تتفرّغ للوضع اللبناني بعد الحسم في قطاع غزة.

واعتبر المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل، أن «إملاءات خارجية صيغت تحت عنوان حصرية السلاح بنسة 99 بالمئة، وما ورد في خطاب القسم وفي البيان الوزاري يخالف ما يجري طرحه اليوم بهذا الشأن». ولفت إلى أن «المواقف الرائدة والحازمة للرئيس نبيه بري والوحدة بين حركة أمل وحزب الله عززت موقفنا السياسي الثابت»، مشدداً على أن «لم نلجأ إلى الشارع للضغط على الحكومة لكن وقفنا وقفة مشرفة وكبيرة جداً».

وأشار إلى أن «موقف قائد الجيش في تقديم ما سُمّي بالخطة العسكريّة لتنفيذ قراري 5 و7 آب اتسم بالحكمة أكثر بكثير من قرارات الحكومة وساهم في تنفيس الأجواء». وقال «أذكّر أنفسنا والحكومة وقادة هذا البلد أن لدينا أموراً أساسيّة تجب معالجتها، على رأسها وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب الإسرائيلي الكامل عن التراب اللبناني المحتل وإعادة الإعمار وإعادة الأسرى». وتابع «لبنان من حيث موقعه الجغرافيّ ما زال في مهبّ العاصفة، فهو على تخوم فلسطين المحتلة بوجود عدوّ إسرائيلي لا يكفّ عن اعتداءاته ومشروعه التوسّعي الكبير، لذا علينا تجنيد أنفسنا ومجتمعنا والحكومة للتعاضد ومقاومة المحتلّ». ولفت إلى أن «إذا بقيت قيادة الجيش حكيمة بلغتها وبممارساتها على الأرض، فإن لا أحد يريد التصادم على الأرض، لذا نأمل استمرار هذه الفرملة من أجل استقرار البلد». وشدّد على أن «أصحاب الوصاية كانوا يعملون في الليل والنهار لإقصاء حزب الله عن الحكومة، وعليه فإن وجودنا داخل الحكومة أمر جيّد وإيجابي، مع المقارعة من داخل الحكومة وخارجها والوقوف كسدّ منيع داخل الحكومة وخارجها».

وأشار الرئيس جوزاف عون في مؤتمر القمة العربية الإسلامية في قطر إلى أن «نحن لم نأتِ إلى هنا لنتضامنَ مع دولةٍ شقيقة، نحن هنا، باسمِ لبنان، كلِ لبنان، لنتضامنَ فعلاً وعمقاً، مع أنفسِنا». وأكد أن «المستهدف الحقيقي في العدوان على الدوحة هو مفهوم الوساطة ومبدأ الحلول بالحوار»، لافتاً إلى أن «أنا هنا لأقول إن الصورة بعد عدوان الدوحة باتت واضحة والتحدّي المطلوب يجب أن يكون بالوضوح نفسه».

وقال «لنذهب إلى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بموقف موحّد»، مضيفاً «لنقول للعالم إننا جاهزون للسلام وفقاً لمبادرة السلام العربية التي لاقت تأييداً دولياً واسعاً».

وعقد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون سلسلة لقاءات فور وصوله إلى مقر مؤتمر القمة في فندق شيراتون في الدوحة، فزار أمير قطر في جناحه في مقر المؤتمر، وعقد معه اجتماعاً حضره رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، فيما حضر عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي وعضو الوفد اللبناني إلى القمة المستشار الخاص لرئيس الجمهورية العميد اندره رحال. في مستهلّ الاجتماع، جدّد الرئيس عون إدانته للاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة، مؤكداً وقوف لبنان إلى جانب قطر وتضامنه معها ومع الشعب القطري الشقيق. وشكر الرئيس عون أمير قطر على الدعم الذي تقدمه بلاده للبنان في مختلف الظروف مشيراً إلى أن هذا الدعم هو موضع امتنان جميع اللبنانيين. وردّ أمير قطر مرحباً بالرئيس عون والوفد المرافق شاكراً تضامن لبنان مع قطر وإدانته للعدوان الإسرائيلي، مشدداً على وقوف قطر إلى جانب لبنان ودعمها الدائم للشعب اللبناني، وسعيها الدؤوب من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان.

كما أكد الرئيس عون للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، على هامش أعمال القمة العربيّة – الإسلامية في قطر، «حرص لبنان على إقامة علاقات متينة مع إيران تقوم على أسس الاحترام المتبادل والصراحة وعدم التدخل في الشؤون الداخليّة، بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين»، وشدّد الرئيس الإيراني بدوره، على التزام بلاده بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

كما التقى الرئيس عون الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، والوزير رجي وأعضاء الوفد اللبناني، وعرضا العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها، وضرورة التنسيق بما يضمن المحافظة على الاستقرار على طول الحدود.

كما تطرّق البحث إلى «أهمية التعاون لما فيه مصلحة البلدين، لا سيما ترسيم الحدود البحرية، وملف النازحين السوريين حيث أعرب الرئيس الشرع عن ارتياحه لبدء عودة مجموعات من النازحين إلى الأراضي السورية».

وتناول البحث «ضرورة التنسيق في ما خص النقاط التي أثيرت بين الوفدين اللبناني والسوري خلال المحادثات التي أجريت في بيروت في ملف الموقوفين، وتأكيد أهمية التعاون القضائي بين البلدين للبت في هذا الملف، وفقاً للقوانين المعمول بها».

وتم الاتفاق على «التواصل بين وزيري الخارجية، وتشكيل لجان مختصة منها لجنة اقتصادية وأخرى أمنية، والعمل على تعزيز الجهود لتوفير الاستقرار بين البلدين، وتبادل الزيارات للمسؤولين». وتطرّق البحث أيضاً إلى «مواضيع اقتصادية، وموضوع النقل البحري، والوضع في الجنوب في ضوء استمرار الاحتلال الإسرائيلي، حيث وضع الرئيس عون الرئيس السوري في أجواء الاتصالات الجارية لتحقيق الاستقرار في الجنوب بشكل دائم».

وحذّر الرئيس عون من «الفتنة التي تحاول «إسرائيل» خلقها عبر الاعتداءات التي تقوم بها».

كما التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، بحضور الوزير رجي وأعضاء الوفد اللبناني، والوفد الأردني. خلال اللقاء، شكر الرئيس عون «العاهل الأردني على الدعم الذي قدّمته بلاده للجيش اللبناني»، فيما أبدى الملك الأردني «الاستعداد لتقديم المزيد من الآليّات التي تساعد الجيش على القيام بالمهام الموكلة اليه».

ومساء أمس، غادر رئيس الجمهورية العاصمة القطرية الدوحة، عائداً إلى بيروت بعد انتهاء أعمال القمة.

على صعيد آخر، أفادت معلومات قناة «الجديد» عن «توقيف مالك سفينة روسوس إيغور غريتشوشكن الذي يحمل الجنسيتين الروسية والقبرصية في بلغاريا وهي السفينة التي حملت نترات الأمونيوم الى مرفأ بيروت».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : البناء