تخفيضات الموازنة تهدد جهود الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان
الرئيسية دوليات / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Oct 22 25|00:45AM :نشر بتاريخ
يعاني عمل الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان تخفيضات في موازنته وسط أزمة مالية عميقة تعصف بالمنظمة الدولية، ما يشكّل "خطراً وجودياً" لهذا الجزء الأساسي من جهودها، وفق ما نبهت إليه جمعية غير حكومية الثلاثاء.
وحذّر تقرير صادر عن منظمة "الخدمة الدولية لحقوق الإنسان" من أن عدم سداد واشنطن مستحقاتها المالية للأمم المتحدة، إلى جانب جهود الصين وروسيا للكف عن تمويل بعض الهيئات الأممية، قد يُشكّل ضربةً قاصمة لمعركة الأمم المتحدة ضد انتهاكات حقوق الإنسان.
ورأت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ سويسرا مقراً أن "هذه الجهود (...) تشكّل خطراً وجودياً لمنظومة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في وقت تشهد المنظمة إصلاحات وتعاني بشدة من الأزمة المالية"، مُشيرة تحديداً إلى الخطر الذي يُهدد العمل الاستقصائي الحيوي.
ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية على سبيل المثال، حالَ عدم توافُر التمويل دون الشروع في تحقيق استقصائي في جرائم الحرب أمر به مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وقد تُعطّل الأسباب نفسها تحقيقات أخرى.
وفي ظل الوضع الراهن، تلحظ الأمم المتحدة خفض موازنتها العادية لسنة 2026 بنسبة 15 في المئة لمعالجة مشكلات سيولة مزمنة فاقمَتها سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
فالولايات المتحدة التي كانت دائماً تشكّل أكبر مساهم في الأمم المتحدة، علّقت مساهمتها المالية بعد مدة وجيزة من عودة ترامب إلى السلطة في كانون الثاني/يناير الفائت.
وإلى 30 أيلول/سبتمبر، كانت واشنطن مدينة للأمم المتحدة بمبلغ مليار ونصف المليار دولار من المستحقات غير المسددة، من بينها 300 مليون دولار من المتأخرات المتراكمة عن سنوات سابقة، بحسب الخدمة الدولية لحقوق الإنسان.
أما الصين التي تُعَدّ ثاني أكبر مساهم، فوفت بالتزاماتها "متأخرة جداً".
ولم تُسدد بكين دفعة العام الفائت إلا في 27 كانون الأول/ديسمبر، ما جعل هذه الأموال غير صالحة للاستخدام، إذ تشترط الأنظمة المالية للأمم المتحدة إعادة المبالغ غير المنفقة إلى الدول الأعضاء قبل نهاية السنة، بحسب تقرير المنظمة غير الحكومية.
ويهدف اقتراح "مبادرة الأمم المتحدة 80" للإصلاح إلى توزيع تخفيضات الميزانية على الركائز الثلاث للمنظمة، وهي السلام والأمن، وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة. لكنّ منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان تخشى أن تؤثر هذه التخفيضات "بشكل غير متوازن على ركيزة حقوق الإنسان نتيجة لسنوات من نقص التمويل".
ويتلقى هذا القطاع أقل من واحد في المئة من إجمالي موازنة الأمم المتحدة. وقد يكون للتخفيضات المقترحة تأثير كبير على مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التي سبق أن حُرِمَت هذه السنة تبرعات أميركية تبلغ عشرات الملايين من الدولارات.
وفي المجمل، لم تتلقَّ المفوضية سوى 73 في المئة من المساهمات الموعودة في موازنة 2025 العادية، أي أن 67 مليون دولار لم تُدفع. وأشارت الناطقة باسم المفوضية ليز ثروسيل في حديث لوكالة "فرانس برس" إلى أنه "عجز ضخم".
وأضافت أن هذا يعني "توفير حماية أقلّ للضحايا، وعدم القدرة على تأمين العدالة للبعض. لقد وصلت فاعلية النظام إلى الحدّ الحرج".
وقالت نائبة مدير آلية التحقيق المستقلة لبورما كاورو أوكويزومي لـ "فرانس برس" إن هذه التخفيضات قد تؤدي إلى الاستغناء عن خدمات 27 من موظفي هذه الهيئة المسؤولة عن جمع الأدلة حول الجرائم الخطيرة، أي ثلث هؤلاء.
وقد تتفاقم هذه الأزمة نتيجة جهود بعض الدول لإلغاء تمويل التحقيقات الاستقصائية في شأن حقوق الإنسان خلال مناقشة موازنة الأمم المتحدة.
واتهمت مديرة مكتب منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان في نيويورك مادلين سنكلير روسيا والصين، على وجه الخصوص، "باستغلال المفاوضات في شأن موازنة الأمم المتحدة لخدمة مصالحهما الخاصة وحماية حلفائهما من التدقيق، على حساب حقوق الإنسان".
ووثّق التقرير محاولات تعطيل المناقشات الفنية وتسييسها في اللجنة الخامسة للجمعية العامة التي تتفاوض فيها الدول على ميزانية الأمم المتحدة.
وأضاف التقرير أن كلا البلدين اتخذا مواقف متكررة لخفض تمويل حقوق الإنسان بشكل كبير، بدعم من "دول استبدادية" أخرى.
وبذريعة السعي إلى الكفاءة، نجحا في خفض تمويل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والتحقيقات في الانتهاكات المرتكبة في دول مثل روسيا وبيلاروس وكوريا الشمالية.
وتخضع دول أخرى للضغوط، وتوافق أحياناً على منع تمويل التحقيقات التي دعمتها هي نفسها في البداية.
وأكدت مُعِدّة التقرير أنجيلي دات أن "المقترحات التي قدّمتها الصين وروسيا تهدف بوضوح إلى شلّ عمل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان". وأضافت أن "الأمر لا يتعلق بالكفاءة".
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا