افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025
الرئيسية افتتاحيات الصحف / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 03 25|08:58AM :نشر بتاريخ
"النهار":
ثلاثة أيام استثنائية بكل المقاييس عاشها لبنان مع زيارة استثنائية للبابا لاوون الرابع عشر، الذي خطف الأنظار وترك لدى اللبنانيين أعمق انطباعات التعلق بمواقفه ومشاعره حيال لبنان، والتي عكست عمق إدراكه ومعرفته بكل ما يتصل بمعاناة لبنان كما بتعقيدات تركيبته وأوضاعه الداخلية والخارجية، الأمر الذي ترجمته كلماته وعظاته ومحطات لقاءاته على امتداد الأيام الثلاثة التي اكتسبت بحق صفة تاريخية.
غادر البابا لاوون الرابع عشر مطار رفيق الحريري الدولي وكلماته تدوي في أسماع اللبنانيين، إن لجهة اصراره اللافت على إيقاظ وإحياء وتحفيز ثقة اللبنانيين بمستقبل لبنان وتحميلهم المسؤولية الكبرى عن إبقائه الوطن النموذج الفذ الفريد في المنطقة، وإن لجهة الجانب اللافت الآخر في محطاته الروحية غير المسبوقة مثل زيارته كأول بابا لضريح القديس شربل، أو أيضاً لجهة الجانب الاجتماعي الإنساني الذي جسدته زيارة دير الصليب ومن ثم مكان انفجار مرفأ بيروت. ومع ذلك لم تفت البابا الأجواء الشديدة الخطورة التي يبدو لبنان عبرها كأنه يعيش عداًّ تنازلياً غير مسبوق بين نهاية الأيام البابوية المفرحة والباعثة على الآمال العريضة ونذير التهديدات المتصاعدة بحرب أو بعملية حربية واسعة جديدة تنقضّ فيها إسرائيل على مواقع "حزب الله". ومن هنا اكتسب الإعلان الأخير أو النداء الأخير الذي اختتم به البابا زيارته قبيل دقائق من إقلاع طائرته وقعاً ودوياً كبيرين، إذ استبدل النبرة الإيمانية والقيمية بنبرة "زمنية" واقعية مباشرة عكست تحسّسه الكبير بمخاوف اللبنانيين من خلال مناداته المباشرة بوقف الهجمات والأعمال العدائية واختيار طريق التفاوض والحوار. صرخة لعلها تنطوي على ترجمة تأثير البابا والفاتيكان، ليس فقط عبر رحلة الحبر الأعظم للبنان ودلالاتها في هذا التوقيت الحرج والخطر والحساس فحسب، بل أيضاً من خلال الديبلوماسية الهادئة والصامتة والمصممة التي يتبعها الكرسي الرسولي في متابعته الدائمة لأوضاع ومعاناة لبنان.
وإذا كان من تجليات مؤثرة أخرى للحدث البابوي، فهي تمثلت في ضخامة الحشد الشعبي الذي اجتذبه القداس الكبير الذي ترأسه البابا وفاق عدد المشاركين فيه الـ150 ألفاً وفق المنظمين وتقديرات وكالات أنباء أجنبية.
وعلى الأهمية الكبيرة التي اتّسمت بها عظة البابا في القداس الكبير، فإن كلمته الوداعية في المطار لامست الأوضاع المعقدة والمخاوف، كما تميزت بإشارته إلى مناطق لم تشملها جولته كالجنوب والشمال. قال البابا مودعاً: "أنتم أقوياء مِثل أشجار الأرز، أشجار جبالكم الجميلة، وممتلئون بالثَّمار كالزيتون الذي ينمو في السهول، وفي الجنوب وبالقُرب من البحر. أُحيِي جميع مناطِقِ لبنان التي لم أتمكَّن من زيارتها: طرابلس والشمال، والبقاع والجنوب، الذي يعيش بصورة خاصّةٍ حالة من الصراع وعدم الاستقرار". وأضاف: "أُطلق نداءً من كل قلبي: لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَر جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط".
أما القداس إلالهي الذي أقيم على الواجهة البحرية لبيروت، فتحوّل إلى مشهدية حاشدة وسط حضور عشرات الآلاف من المؤمنين الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن دول الجوار، وتقدم المشاركين الرؤساء الثلاثة جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام وزوجاتهم وعشرات الشخصيات السياسية والديبلوماسية. وفي عظته دعا البابا "مسيحيي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله". وأضاف: "لكم يا مسيحيي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلّوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر اليكم بمحبة وإعجاب". وطلب من “المجتمع الدولي دعم لبنان، إسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام". ومن أبرز ما قال: "يجب أن يقوم كل واحد بدوره، وعلينا جميعًا أن نوحّد جهودنا كي تستعيد هذه الأرض بهاءها. وليس أمامنا إلا طريق واحد لتحقيق ذلك أن ننزع السلاح من قلوبنا، وتسقط دروع انغلاقاتنا العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاءات المتبادلة، ونُوقِظ في داخلنا حُلْمَ لبنان الموحد، حيث ينتصر السلام والعدل… هذا هو الحلم الموكول إليكم، وهذا ما يضعه إله السلام بين أيديكم. يا لبنان قم وانهض، كن بيتًا للعدل والأخوة! كُن نبوءة سلام لكل المشرق".
بداية اليوم الأخير للبابا في لبنان كانت في مستشفى دير الصليب، حيث تجمع الآلاف من مؤسسات الجمعية التربوية والكشفية والصحية في باحة الدير، ثم عرج بعد ذلك على موقع الانفجار في مرفأ بيروت حيث وقف في صلاة صامتة إجلالًا لأرواح شهداء الرابع من آب، في لحظة وجدانية مؤثرة، وكان إلى جانبه رئيس الحكومة نواف سلام. وتلا البابا لاوون الصلاة الصامتة أمام اللوحة التذكارية التي تحمل أسماء 245 شهيدًا وضحية في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، كما وضع إكليلًا من الزهر وأضاء شمعة لراحة أنفس الضحايا. بعدها، صافح البابا أفراد عائلات الضحايا، واستمع إلى شهاداتهم ومعاناتهم.
وبعد مغادرته نقل عن البابا تأكيده في حديث على الطائرة "الاستمرار في محاولة إقناع الفرقاء في لبنان بترك السلاح والعنف والتوجه للحوار”. وأشار إلى أنه إطّلع على رسالة "حزب الله" إليه، وتابع: “هناك اقتراح من الكنيسة بأن يتركوا السلاح ويسعوا للحوار"، كاشفاً أن "اللقاءات السياسية جرت بعيداً عن الاعلام وتركزت على تهدئة النزاعات الداخلية والدولية".
وغداة مغادرة البابا، تبرز مجدداً معالم السباق المتسارع بين الجهود الديبلوماسية والتهديدات الحربية. ويستقبل لبنان موفدين دوليين أبرزهم اليوم وزير الخارجية القطرية، فالمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس للمشاركة في اجتماع لجنة الميكانيزم اليوم في الناقورة. وأمس زارت أورتاغوس تل ابيب والتقت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية جدعون ساعر. وقال ساعر بعد اللقاء إنه أجرى مع أورتاغوس نقاشاً مفيداً في شأن الوضع في لبنان، وأضاف: "قلت لها إن حزب الله هو من ينتهك السيادة اللبنانية وإن نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية لمستقبل لبنان وأمن إسرائيل".
كما ستصل مساء غد الخميس إلى بيروت بعثة مجلس الأمن الدولي إلى دمشق وبيروت، والتي تضم سفراء الدول الدائمة وغير الدائمة العضوية في المجلس، على أن تمثل أورتاغوس الولايات المتحدة الأميركية ضمن البعثة.
أدرعي يتّهم "حزب الله" بـ"اغتيالات المرفأ"
نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على منصة "أكس" أمس، معلومات تتهم الوحدة 121 التابعة لـ"حزب الله" باغتيال من وصفهم بـ"الشخصيات التي توعدت بكشف النقاب عن دور حزب الله الإرهابي في انفجار مرفأ بيروت". وحددهم كالآتي:
"جوزف سكاف، الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الجمارك في مرفأ بيروت – تم إلقاؤه من مكان مرتفع حتى لقي حتفه من قبل عناصر الوحدة 121 في 2017 بعد أن طلب إخراج كميات نترات الأمونيوم التابعة لحزب الله من المرفأ.
منير أبو رجيلي، الذي كان يشغل منصب رئيس وحدة منع التهريب في دائرة الجمارك – تم اغتياله طعنًا من قبل عناصر الوحدة في ديسمبر 2020 على اثر معلومات أدلى بها حول ارتباط حزب الله بالانفجار في المرفأ.
جو بجاني، مصور كان من أول الذين تمكنوا من توثيق مشهد الانفجار وتم توظيفه من قبل الجيش اللبناني للمساعدة في عملية التحقيق – تم اغتياله بالرصاص وهو بسيارته في شهر ديسمبر 2020 من قبل عناصر الوحدة 121، والتي سرقت هاتفه الخلوي قبل فرارها من مشهد الاغتيال.
لقمان سليم، ناشط سياسي وصحافي كان يوجه انتقادات كثيرة إلى حزب الله – تم اغتياله هو الآخر بالرصاص وهو بسيارته في فبراير 2021 من قبل عناصر الوحدة، وذلك بعد فترة وجيزة من قيامه باتهام حزب الله ونظام الأسد بالمسؤولية عن الانفجار".
"الأخبار":
ما إن غادرت طائرة البابا لاوون الرابع عشر بيروت، بعد زيارة استمرّت ثلاثة أيام تحت شعار «طوبى لفاعلي السلام»، حتى وجد اللبنانيون أنفسهم في حالة استنفار جديد بانتظار شبح حرب يلوّح بها العدوّ الإسرائيلي منذ أسابيع، مع تحديد نهاية الشهر الجاري موعداً محتملاً لبدء جولة تصعيد جديدة، فيما نقلت تسريبات أن احتمال اندلاع الحرب يبقى قائماً في أي لحظة بعد مغادرة البابا.
هذه الأجواء القاتمة تعزّزت مع إعلان وزير خارجية العدوّ جدعون ساعر أن «حزب الله هو من ينتهك السيادة اللبنانية، وأن نزع سلاحه يبقى مسألة أساسية لمستقبل لبنان وأمن إسرائيل». وفي ظل هذا المناخ، يترقّب لبنان اليوم اجتماع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (الميكانيزم)، بمشاركة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي وصلت إلى تل أبيب أمس والتقت رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس.
وفي سياق الحملة المفتوحة على حزب الله، تبيّن أن ما تحدّث عنه زوّار العاصمة الأميركية قبل مدة، لجهة اعتبار الحزب «خطراً على المجتمع اللبناني»، لم يكن سوى صافرة انطلاق لحملة جديدة أطلقتها إسرائيل أمس، ويتوقّع أن تتوسّع بمشاركة قنوات إعلامية عربية وسياسيين وإعلاميين لبنانيين. وتتركّز هذه الحملة على تصوير الحزب كمنظمة إجرامية خارجة عن القانون، والدفع نحو المطالبة بحظره بالكامل.
وفي هذا الإطار، نشر جيش الاحتلال أمس ما قال إنها «معلومات» حول قيام حزب الله بتصفية شخصيات لبنانية «تمتلك معلومات» عن دوره في انفجار مرفأ بيروت. وقد جاء البيان ركيكاً ومليئاً بالثغرات، حيث عرض صور أربعة لبنانيين قُتلوا في ظروف غامضة خلال العقد الأخير، مدّعياً أن «وحدة سرية في حزب الله» نفّذت عمليات قتلهم لأنهم «عرفوا أكثر مما يجب عن انفجار المرفأ». وأشار البيان الاحتلال إلى أن الأربعة هم جوزيف سكاف الذي قُتل عام 2017، ومنير أبو رجيلي الذي قُتل في كانون الأول 2020، والمصوّر جو بجاني الذي اغتيل في الشهر نفسه، إضافة إلى الناشط لقمان سليم الذي قُتل في شباط 2021.
عودة التوتّر السياسي
وما إن غادرت طائرة البابا، الذي حثّ اللبنانيين في بيروت على الحوار ونزع السلاح من القلوب، حتى عادت قضية المفاوضات مع إسرائيل إلى الواجهة. فقد علمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية جوزيف عون سيُبلغ أورتاغوس رسمياً بأن لبنان «اختار بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، لتمثيله في المفاوضات»، وأنه سيكلّفه بعقد اجتماع مع مندوب إسرائيلي برعاية أميركية لإطلاق المسار التفاوضي.
وكشفت مصادر متابعة أن قرار عون الذي التقى سالم قبل أيام من زيارة البابا، «أحدث توتراً بين بعبدا وحارة حريك، وأثار استياءً في عين التينة»، لا سيما أن لبنان لم يحسم بعد آلية التفاوض، وطبيعة الوفد المفاوض، ولا شكل المفاوضات، ولأن عون «اتخذ القرار منفرداً، من دون التشاور مع أحد، حتى في اختيار سالم، ومن غير الواضح إذا كان التفاوض سيتم عبر الميكانيزم أو عبر قناة أخرى».
وتوقّعت المصادر أن تتّسع الهوّة حول هذا الملف، خصوصاً أن عون، الذي تحدّث خلال زيارة البابا عن «السلام بين أبناء إبراهيم»، سيستند إلى ما قاله البابا لدعم قبل مغادرته لبنان، بأن «الأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوار فتبني».
وبعد وصوله إلى روما، نقل موقع «سكاي نيوز» عن البابا قوله إن «الفاتيكان سيواصل السعي لإقناع الأطراف في لبنان بالتخلّي عن السلاح والعنف والالتزام بالحوار». ونقلت المؤسسة اللبنانية للإرسال عن البابا، في ردّه على سؤال لـLBCI حول إيصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمساهمة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية، قوله: «تواصلت وسأتواصل مع القادة لإحلال السلام».
وفي السياق نفسه، تردّدت أمس معلومات عن دور يقوم به السفير البابوي في لبنان، المونسنيور باولو بورجيا، في ملف المفاوضات. ونقلت شخصيات لبنانية التقته في اليومين الماضيين أنه «طمأنها بأن لا حرب في المدى المنظور»، وأن البابا «سمع كلاماً واضحاً من المسؤولين اللبنانيين، وسيجري اتصالات إقليمية ودولية بهدف خفض التوتر والدفع باتجاه مفاوضات جدّية».
وفي موازاة ذلك، تحدثت «القناة 14» الإسرائيلية، القريبة من نتنياهو، عن «وساطة تعمل عليها القاهرة بين إسرائيل وحزب الله لمنع اندلاع مواجهة واسعة»، مشيرة إلى أن «حزب الله يرفض حتى الآن هذه الوساطة بحجة أنه لا يريد تجاوز الحكومة اللبنانية». وأضافت القناة أن «دخول مصر على هذا الخط يُعدّ إشارة واضحة إلى مدى اقتراب الوضع في الشمال من الانفجار».
التهديد الإسرائيلي المتواصل
ومع توالي التقارير الصادرة في الأيام الأخيرة عن وسائل إعلام أجنبية وإسرائيلية حول احتمال تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة ضد بنى حزب الله في لبنان، وسط ما تصفه تل أبيب بـ«التعاظم الخطير والمتسارع» لقدرات الحزب بعد وقف إطلاق النار نهاية عام 2024، نقل موقع «والاه» الإسرائيلي عن «مصادر أمنية وسياسية» قولها إن «احتمالات التصعيد باتت مرتفعة، وإن صبر إسرائيل شارف على النفاد، فيما يواصل حزب الله إعادة بناء قوته العسكرية بوتيرة كاملة».
وبحسب الموقع نفسه، فإن «القيادة السياسية في إسرائيل وجّهت رسائل تهديد واضحة إلى لبنان عبر الوسطاء، محذّرة من أنّ استمرار سباق التسلّح الذي يقوده حزب الله سيدفع إسرائيل إلى خطوات أكبر وأكثر تشدّداً».
وأضاف الموقع أنّ تل أبيب «كانت تعتقد أن الضربة القاسية التي تلقّاها الحزب خلال عملية سهام الشمال بين أيلول وتشرين الثاني 2024 ستمنح الحكومة اللبنانية والجيش فرصة فعلية لفرض سلطة الدولة في الجنوب، لكنّ النتائج جاءت معاكسة». ووفق «والاه»، فإن «حزب الله، بقيادة أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، استأنف عملية إعادة بناء قوته على نطاق واسع، وشمل ذلك تعزيز منظومات الصواريخ والطائرات المُسيّرة، وتطوير قدرات قتالية جديدة، وإنشاء مراكز قيادة وغرف عمليات وبنى تحت الأرض، فضلاً عن تدريب عناصر جدد ورفع مستوى التأهيل العسكري».
وأضاف الموقع أنّ «الجيش الإسرائيلي كان قريباً من تنفيذ ضربات تحذيرية داخل بيروت، غير أنّ تلك العمليات جُمّدت مراراً تحت ضغط الإدارة الأميركية، قبل أن يُسمح الأسبوع الماضي بتخفيف بعض القيود، ما أتاح تنفيذ عمليات نوعية في مناطق لبنانية عدّة باستثناء العاصمة».
وفي هذا السياق، أكّد دبلوماسي أوروبي في حديث إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «ثمّة خطراً متزايداً من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية عقب اغتيال أحد قياديّي حزب الله»، مشدّداً على أنّ «من حقّ إسرائيل أن تتحرّك إذا حاول الحزب استعادة نشاطه في جنوب لبنان». وكشف الدبلوماسي أنّ «إسرائيل قد تُقدم على توجيه ضربة إلى إيران خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة»، لكنه أشار في المقابل إلى أنّ «واشنطن لن تسمح لإسرائيل في المدى القريب بشنّ هجوم واسع على إيران، حفاظاً على خطّتها المتعلقة بغزة».
"الجمهورية":
أنهى البابا لاوون الرابع عشر زيارته التاريخية للبنان على رجاء «وقف الأعمال العدائية، لأنّ القتال لا يجلب اي فائدة. فالأسلحة تقتل اما التفاوض والوساطة والحوار فتبني». طالباً من المجتمع الدولي دعم لبنان، وسماع «صوت الشعب الذي يطالب بالسلام». ومؤكّداً أنّ «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلّب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام». وفور وصوله إلى روما، قال البابا ردًا على سؤال لقناة LBCI حول إيصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية: «إنني تواصلت وسأواصل التواصل مع القادة لإحلال السلام».
وقد أبدت اوساط سياسية قلقها من مرحلة ما بعد زيارة البابا، مبدية تخوفها من تصعيد للاعتداءات الإسرائيلية بعد تراجعها في الأيام الاخيرة تحت تأثير وجود البابا.
وقالت هذه الأوساط لـ«الجمهورية»، انّ «لبنان كان مستظلاً في الأيام الماضية بالضمانة المعنوية للبابا والتي سقطت تلقائياً للأسف بمجرد مغادرته». وأشارت إلى انّه بعد انتهاء هدنة البابا يُخشى أن تشتد مجدداً الضغوط العسكرية الإسرائيلية المترافقة مع الضغوط السياسية الأميركية، الرامية إلى إلزام السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية بسحب سلاح «حزب الله» في مهلة أقصاها نهاية السنة الحالية.
واعتبرت الأوساط، انّ الاشتباك الداخلي سيتصاعد أيضاً بعد زيارة البابا، حيث من المتوقع أن يشتد التجاذب السياسي مجدداً حول ملفات عدة، من بينها الانتخابات النيابية، إضافة إلى انّ عدم دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى اللقاء مع البابا في قصر بعبدا سيترك تأثيرات سلبية على العلاقة بين رئيس الجمهورية ومعراب.
ضغط أميركي
على انّ فترة البهجة بزيارة البابا لاوون للبنان لا تبدو طويلة. ففي اللحظة التي أقلعت فيها طائرته عائدة إلى روما، أطلق الإسرائيليون مسيّراتهم لتجوب أجواء لبنان، من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية فالبقاع، وانطلقت سريعاً موجة تهديدات على ألسنة عدد من المسؤولين الإسرائيليين والمصادر الإسرائيلية، وكذلك أفيخاي أدرعي. وهو ما يؤكّد المخاوف التي كانت سائدة عشية الزيارة البابوية، من أنّ أسرائيل ستمنح لبنان هدنة موقوتة بثلاثة أيام فقط، لإمرار الزيارة ثم تستأنف ضرباتها، مع تلويح بتصعيد هو الأوسع والأعنف منذ وقف النار في تشرين الثاني 2024، على رغم من انطلاق مرحلة جديدة من الوساطات مع وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى إسرائيل ولقائها بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، عشية التوجّه إلى لبنان للمشاركة في اجتماع لجنة «الميكانيزم».
وقالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، إنّ واشنطن تضغط في هذه المرحلة لفرملة أي مغامرة إسرائيلية في لبنان، تسهيلاً لمسار المفاوضات المحتملة، لكنها تصطدم برغبة جامحة لدى نتنياهو في التفجير، ليس فقط لخدمة المشروع الإسرائيلي في المنطقة بل أيضاً لخدمة أهدافه السياسية الضيّقة، مع طلب العفو الذي تقدّم به إلى الرئيس الإسرائيلي، بذريعة التمكن من مواصلة الحرب و»تغيير» الشرق الأوسط.
موفدون
غداة مغادرة البابا، يستعد لبنان لاستقبال مجموعة من الموفدين الدوليين، منهم وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم، الذي سيلتقي الرؤساء الثلاثة في إطار المساعي الهادفة إلى معالجة التوترات. على أن تصل لاحقاً الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس الموجودة في تل ابيب.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إنّ اورتاغوس التقت أمس نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي قال بعد اللقاء: «أجريت مع أورتاغوس نقاشًا مفيدًا في شأن الوضع في لبنان، وقلت لها إنّ «حزب الله» هو من ينتهك السيادة اللبنانية، وإنّ نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية».
والتقت اورتاغوس ايضاً وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الذي قال: «إنني سعيد بلقاء المستشارة في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة والممثلة الخاصة للبنان مورغان أورتاغوس»، لافتاً الى «أننا أجرينا نقاشًا جيدًا حول الوضع في لبنان، وقد أكّدت أنّ من ينتهك سيادة لبنان هو «حزب الله»، وتفكيك سلاحه أمر حاسم لمستقبل لبنان وأمن إسرائيل». واكّد أنّ «الولايات المتحدة هي أعظم حلفائنا، وسنواصل تعاوننا الوثيق».
ونقلت قناة «كان» الإسرائيلية عن مايك وولتز السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة قوله إن الولايات المتحدة ستواصل جهودها لنزع سلاح حزب الله، وأضاف: «يجب أن يتجردوا من السلاح وأن يبقوا كذلك، سيكون الأمر صعباً ومعقداً». وتابع: «أحياناً نتقدم خطوة ونتراجع خطوتين، لكن الفرصة كبيرة»، معتبرًا «أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». واكد «أن الرئيس والإدارة يريدان دائما السلام لا الحرب، ولكن إذا لزم اتخاذ خطوات صعبة – فيجب اتخاذها»..
لا نفترق ابداً
وكان قد أُقيمت للبابا مراسم وداع رسمي في مطار رفيق الحريري الدولي في حضور الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام ووزراء ونواب وقادة عسكريين وروحيين.
وخاطب عون البابا مؤكّداً انّ زيارته «ستبقى محفورة في ذاكرة لبنان وشعبه». وقال: «لقد جئتم إلى لبنان حاملين رسالة سلام، وداعين إلى المصالحة، ومؤكّدين أنّ هذا الوطن الصغير في مساحته، الكبير برسالته، ما زال يشكّل نموذجًا للعيش المشترك وللقيم الإنسانية التي تجمع ولا تفرّق. وفي كلماتكم، وفي لقاءاتكم مع أبناء هذا البلد، لمسنا عمق محبتكم للبنان وشعبه، وصدق رغبتكم في أن يبقى وطن الرسالة، وطن الحوار، وطن الانفتاح، وطن الحرّية لكل إنسان والكرامة لكل إنسان». واضاف: «شكراً لك يا صاحبَ القداسة، لأنك استمعتم إلينا. وشكراً لأنكم استودعتم لبنانَ رسالةَ السلام. وأنا بدوري أقولُ لكم بأننا سمعنا رسالتَكم. وأننا سنستمرُ في تجسيدِها».
ومن جهته قال البابا: «المغادرة أصعب من الوصول كنّا معًا، وفي لبنان أن نكونَ معاً هو أمرٌ مُعدٍ. وجدتُ هنا شعبًا لا يحبُّ العَزلَةَ بل اللقاء. فإن كانَ الوصولُ يعني الدخول برفق في ثقافتِكم، فإنَّ مغادرة هذه الأرض تعني أن أحملكم في قلبي. نحن لا نَفتَرِق إذًا، بل بعدما التقينا سنمضي قُدُمًا معًا. ونأمل أن نُشرِكَ في هذا الرّوح من الأخوة والالتزام بالسّلام، كلَّ الشَّرِقِ الأوسط، حتّى الذين يعتبرون أنفسهم اليوم أعداء». واضاف: «التقيتُ في هذهِ الأيام القليلة وجوهًا كثيرة وصافحت أيادِي عديدة، مُستَمِدًّا من هذا الاتصال الجسدي والداخلي طاقة من الرّجاء. أنتم أقوياء مِثل أشجار الأرز، أشجار جبالكم الجميلة، وممتلئون بالثَّمار كالزيتون الذي ينمو في السهول، وفي الجنوب وبالقُرب من البحر. أُحيِي جميع مناطِقِ لبنان التي لم أتمكَّن من زيارتها: طرابلس والشمال، والبقاع والجنوب، الذي يعيش بصورة خاصّةٍ حالة من الصراع وعدم الاستقرار. أعانقُ الجميع وأرسل إلى الجميع أماني بالسّلام». وختم: «أُطلق أيضًا نداءً من كل قلبي: لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَر جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط! لِنَتَذَكَّرُ ما قاله لكم القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني: لبنانُ َأكثرُ من بلد إنّه رسالة! لِنَتَعلَّمْ أن نعمل معًا ونرجو معًا لِيَتَحَقَّق ذلك. بارك الله شعب، لبنان، وجميعكم، والشرق الأوسط، وكلَّ البشريّة !».
الواجهة البحرية
وكان البابا اختتم زيارته لبنان، والتي دامت ثلاثة أيام، بترؤسه القداس إلالهي الذي أقيم صباحًا عند الواجهة البحرية لبيروت، بعدما زار مرفأ بيروت وتلا الصلاة الصامتة أمام اللوحة التذكارية التي تحمل أسماء 245 شهيدًا وضحية في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، حيث رفع صلاة صامتة امتدت لعدة دقائق، ساد خلالها صمتٌ تام خيّم على المكان.
وخلال القداس، دعا البابا «مسيحيي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله». وأضاف: «ولكم يا مسيحيي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلّوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر اليكم بمحبة وإعجاب». وطلب من «المجتمع الدولي دعم لبنان، اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام». وأكّد أنّ «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام». وقال: «نحن مدعوون إلى عدم اليأس. وأقول للبنان انهض وكن علامة للسلام في المشرق». وأضاف: «يجب أن يقوم كل واحد بدوره، وعلينا جميعًا أن نوحّد جهودنا كي تستعيد هذه الأرض بهاءها. وليس أمامنا إلّا طريق واحد لتحقيق ذلك، أن ننزع السلاح من قلوبنا، وتسقط دروع انغلاقاتنا العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاءات المتبادلة، ونُوقِظ في داخلنا حُلْمَ لبنان الموحّد، حيث ينتصر السلام والعدل، ويمكن للجميع فيه أن يعترف بعضُهم ببعض إخوة وأخوات».
ونقلت «سكاي نيوزـ عربية» عن البابا قوله، انّه اطلع على رسالة «حزب الله»، وقال: «هناك اقتراح من الكنيسة بأن يتركوا السلاح ويسعوا للحوار». ولفت إلى «البحث عن حلول لا تقوم على العنف لكن أكثر فعالية هو أمر جيد للشعب اللبناني، وسنستمر في محاولة إقناع الأطراف في لبنان بترك السلاح والعنف والتوجّه للحوار».
مع الروحيين المسلمين
واجتمع البابا مساء الاثنين في مقر السفارة البابوية بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى ورئيس المجلس الإسلامي العلوي في لبنان الشيخ علي قدور، وعرض المجتمعون للواقع اللبناني والظروف الصعبة التي يمرّ فيها لبنان في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر، وتمنوا على البابا المساعدة في المحافل الدولية لتحقيق الاستقرار. فأكّد الحبر الأعظم أنّه سيواصل جهوده السياسية والديبلوماسية في هذا المجال.
رسالة شيعية
وسلّم العلامة الخطيب إلى البابا خلال اللقاء رسالة يشرح فيها رؤية الطائفة الإسلامية الشيعية للبنان والعلاقة مع المكونات اللبنانية، والظروف التي عاشتها وتعيشها هذه الطائفة ولبنان عموماً، في ظل العدوان الإسرائيلي. كما قدّم للبابا نسخة من كتاب «نهج البلاغة» الذي يتضمن خطب ورسائل الإمام علي بن أبي طالب.
وتضمنت الرسالة رؤية الطائفة الشيعية لمستقبل لبنان، واكّدت «أنّ الطائفة الإسلامية الشيعية، لم يكن لها على مرّ التاريخ مشروع سياسي مستقل أو منفصل عن الأمم التي عاشت في كنفها، بل لطالما نادت على هدي كبارها بالوحدة والتكامل، وهي في لبنان لم تخرج عن سياق هذا النهج». وأضافت: «عندما أسس الإمام المغيب سماحة السيد موسى الصدر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في أواخر الستينات، والذي نحمل اليوم شرف قيادته، كانت شعاراته الوحدوية ناموساً ونبراساً لجميع أبناء الوطن، وهو الذي دخل الكنائس وأقام فيها الصلوات تعبيراً عن هذا المنهج، ورفع الصوت عالياً في بداية الحرب الأهلية اللبنانية رافضاً المَسّ بالأخوة المسيحيين او عزلهم، وتحمّل الكثير الكثير من المواقف المناهضة لرؤيته ،حتى كان تغييبه في ليبيا عام 1978 ثمناً باهظاً لشخصه وللوطن اللبناني».
واعتبر الخطيب في رسالته «انّ العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان من شأنه أن يعيد تفجير الأوضاع على نطاق واسع، ونأمل من حضرتكم إستخدام سلطتكم لدى الدول الفاعلة لكبح جماح هذا العدوان، والإلتزام باتفاق وقف النار حرصاً على السلم في لبنان والمنطقة». وأضاف: «نحن كطائفة اكثر تمسكاً بالدولة التي تقوم بواجبها في الدفاع عن سيادتها وكرامة شعبها، ولسنا مغرمين بحمل السلاح وتقديم أبنائنا شهداء كبديل عن الدولة، وانما تمّ دفعنا إلى هذا، ولم يكن ذلك خياراً لنا حين تُركنا نواجه العدوان وحدنا، وتخلّت الدولة عن مسؤولياتها. وإذا كانت الدولة قاصرة عن الدفاع عن ترابها وشعبها، فلماذا يُراد سلب اهلنا حق الدفاع عن أنفسهم وهو حق إنساني فطري وشرعي وقانوني، أقرّته الشرائع الدينية والمدنية».
في غضون ذلك، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمام زواره، أنّ «زيارة البابا لاوون الرابع عشر كانت إيجابية على مختلف النواحي»، وقال: «يحتل لبنان مكانة كبيرة في اهتماماته، والفاتيكان لن يترك لبنان».
وتوجّه بري إلى البابا قائلاً: «إنّ أول معجزة أقدم عليها السيد المسيح في صور – جنوب لبنان. هذا هو الجنوب الذي تعتدي عليه إسرائيل». وأشار إلى أنّ «ما فعله البابا في زيارته خلال 48 ساعة من عمل ودور وإنتاجية، يحتاج إلى 40 يوماً».
"الديار":
ودع لبنان امس البابا لاون الرابع عشر، الذي ترك خلفه ساحات امتلأت بقدر نادر من الطمأنينة لايام ثلاثة، ووعودا بالتواصل مع قادة العالم لحل الازمة اللبنانية، حيث فصلت ساعات قليلة بين مشهد سلام، أعاد للبنانيين شيئاً من يقينهم المفقود، وبين عودة ثقيلة إلى واقع سياسي وأمني مفتوح على كل الاحتمالات، على صوت هدير الطائرات الحربية والمسيرات.
فنهاية الزيارة ادخلت معها البلاد في مرحلة جديدة – قديمة من اختبار إرادات القوى السياسية، والجهات الإقليمية والدولية، حيث التقاط الصور وإطلاق المواقف والتصاريح الإيجابية، لن يكونا كافييين لترميم الانقسامات على انواعها، أو لتبريد التوتر العسكري الذي يخيم.
غادر البابا لاون الرابع عشر، تاركا بلدا معلقا بين رجاء وقلق: رجاء بأن تشكل كلماته قوة دفع للاستقرار، وقلق من أن يغيب صوته في ضجة التصعيد السياسي والعسكري المتسارع، حيث يطوي لبنان صفحة الزيارة، ليفتح في المقابل صفحة مشوشة المعالم، تكتب فصولها بين الداخل المنقسم والإقليم المضطرب.
فهل يلتقط لبنان الفرصة الأخيرة قبل أن ينزلق نحو الأسوأ، أم أن المجهول سيغدو عنوان المرحلة المقبلة؟
يوم البابا الثالث والأخير في لبنان
في يومه الثالث والأخير في لبنان، بدأ البابا لاون الرابع عشر نهاره بزيارة دير راهبات الصليب في جلّ الديب، حيث التقى المرضى والمسنّين والمهمّشين، الفئة الأقرب إلى قلبه. في قاعة زيّنتها الورود البيضاء وصورة الطوباوي يعقوب، وجّه رسالة إنسانية لافتة دعا فيها إلى عدم نسيان الضعفاء، مؤكّدًا أنّ «مجتمعًا يتجاهل الفقر والهشاشة يفقد إنسانيّته». وقد بدت لحظة اللقاء مؤثرة، إذ بادل المرضى التراتيل والدموع، فيما شدّد البابا على ضرورة الثبات وعدم فقدان الفرح رغم الألم.
ومن جلّ الديب، انتقل الحبر الأعظم إلى موقع انفجار مرفأ بيروت حيث وقف صلاة صامتة أمام النصب التذكاري، وأشعل شمعة لراحة أرواح الضحايا. عانق أهالي الشهداء واحدًا واحدًا، مستمعًا إلى معاناتهم وغصّاتهم، وحمل معهم عطشهم إلى الحقيقة والعدالة. لحظة بدت كأنها تعيد فتح الجرح، لكنها أيضًا أعادت التذكير بأنّ بيروت لا تزال تنتظر إنصافًا يليق بما خسرته.
المحطة الأوسع جماهيريًا كانت الواجهة البحرية حيث احتشد أكثر من 150 ألف شخص ليشاركوا في القدّاس الاحتفالي الختامي. في عظته، دعا البابا اللبنانيين إلى نزع السلاح من قلوبهم، وإلى حماية حلم لبنان الموحد، قائلاً: «يا لبنان، قم وانهض!». وبعد ثلاث محطات مؤثرة شكّلت ذروة زيارة استثنائية، توجّه البابا إلى مطار بيروت حيث ودّع اللبنانيين بعبارة ستبقى في الذاكرة: «مغادرة هذه الأرض تعني أن أحملكم في قلبي».
زيارات دبلوماسية
وعلى وقع كلمات البابا الاخيرة، التي قال فيها «لتتوقف الهجمات والاعمال العدائية، ولا يظن أحد ان القتال المسلح يجلب اي فائدة، فالاسلحة تقتل اما التفاوض والوساطة والحوار فتبني ولنختر جميعا السلام»، عادت اسرائيل لعادتها القديمة، وعادت طائراتها الحربية والمسيرة الى الاجواء اللبنانية، بقاعا وجنوبا وفوق الضاحية الجنوبية، في وقت تلتقط فيه بيروت انفاسها، استعدادا لموجة استقبالات دبلوماسية، تبدأ مع الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس ووزير الخارجية القطري، لتنتهي الجمعة مع وفد المندوبين الدائمين في مجلس الامن.
الزيارة القطرية
وفيما ارتفعت حظوظ زيارة وزير خارجية قطر الى بيروت، والمتوقعة خلال ساعات، بما تحمله معها من دلالات، خصوصا انها تاتي في لحظة اقليمية ضاغطة، وبعد فترة من الانكفاء القطري الطويل نسبيا، نتيجة تركيز الدوحة على ملف غزة، تبدو هذه الزيارة وفقا لمصادر دبلوماسية، تجديدا لالتزام الدوحة بلعب دور الضامن والوسيط لبنانيا، في مسار يستكمل «ورقة الافكار» المصرية المتعثرة، وغياب اي مبادرة اخرى قادرة على موازنة التعقيدات، خصوصا ان الزيارة سبقها تواصل مع كل من باريس، القاهرة، وطهران.
ورات المصادر ان تحرك الدوحة منسق مع واشنطن، حيث شهدت «الامارة» اكثر من اجتماع على هامش لقاءات ثنائية عقدت خلال الفترة الماضية تناولت الملف اللبناني، وسبل احداث خرق يساعد في الخروج من الازمة الحالية، اذ علم ان الوزير القطري يحمل معه نصائح و»معطيات» وربما «افكارا»، كما رسائل تتقاطع كلها مع مهمة مورغان اورتاغوس.
اورتاغوس في الجنوب
وبين التصعيد الإسرائيلي والضغوط الأميركية، وقبيل اجتماع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، «الميكانزيم» اليوم، في حضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، حطت الاخيرة في تل أبيب، حيث التقت كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس، مطلعة على سلسلة من التقارير الامنية والعسكرية، على ما كشفت المعلومات، ستحملها معها الى اجتماع «الميكانيزم»، مؤكدة على «ضرورة سحب السلاح من منطقة الجنوب على نحوٍ كامل حتى من داخل المنازل والأملاك السكنية، وأنه يجب على الجيش اللبناني أن يتولى هذه المهمة»، وفقا لمصادر مطلعة، قبل ان تغادر في اليوم نفسه، دون ان تلتقي أي من القيادات السياسية.
اوساط وزارية لبنانية اكدت ان ما تطلبه واشنطن لجهة الدخول الى المنازل لن يكون ممكنا حاليا، وان الجيش اللبناني ليس في وارد الرضوخ لهذا المطلب، خصوصا ان ثمة قوانين وانظمة ترعى هذه الامور ولن يسمح بخرقها، حتى في أي ظرف من الظروف، ملمحة الى ان بيروت ستجس نبض اورتاغوس لجهة ضم شخصية مدنية الى الوفد اللبناني في لجنة مراقبة وقف النار، آملة ان يساهم ذلك في التخفيف من الضغوط الاميركية المتزايدة، خاتمة بانه على ضوء نتائج زيارة اورتاغوس سيتحدد مصير الاتصالات الجارية لاعادة تحديد موعد جديد لقائد الجيش العماد رودولف هيكل في واشنطن.
الرد اللبناني
لكن خلف هذا المشهد، تبرز معطيات أكثر حساسية، على ما تقول اوساط سياسية، مشيرة الى أن التواصل السياسي بين واشنطن والدولة اللبنانية ما زال متوقفا عند سقف صارم وضعته الإدارة الأميركية، وأن الرسائل الجديدة، غير المعلنة، وجدت طريقها من بوابة السفارة الأميركية، مؤكدة ان السفير الاميركي ميشال عيسى، نقل رسالة متشددة بضرورة بدء تنفيذ القرارات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية في الخامس من آب الماضي، مع إصرار أميركي واضح على أن التنفيذ أهم من القرار نفسه، ولا تراجع في الموقف.
علما انه بعيد انتهاء الاستقبال الرسمي في القصر الجمهوري لقداسة البابا، شهدت احدى زوايا القاعة الكبرى، خلوة «عالواقف» بين السفير عيسى واحد مستشاري رئيس الجمهورية، لم يفصح عن مضمونها.
وتتابع الاوساط بان رئيس الجمهورية يحاول من خلال المبادرات التي يطلقها فتح قناة تفاوض غير مباشرة مع إسرائيل برعاية أميركية، لكن هذه الجهود لا تزال من دون آذان صاغية لا في واشنطن ولا في تل أبيب، علما انه اعاد التاكيد على «الاستعداد للالتحاق بمسارات السلام الإقليمية» في كل كلماته امام قداسة البابا، مدرجا هذه الاشارات في سياق فرملة عجلة الانحدار نحو مواجهة كبيرة يخشاها الجميع، في ظل تسارع التطورات وازدياد الحديث عن مرحلة إقليمية حساسة قد تتبلور قبل نهاية العام.
وختمت الاوساط، بالاشارة الى ان ما يقلق ويربك الاجواء في بيروت، الدور الجديد الذي يلعبه السفير الاميركي في تركيا والموفد الخاص الى سوريا، في ضوء المواقف التي يطلقها، وما يجري تسريبه من لقاءاته السياسية، تحديدا بعد زيارته الى العراق، والتي اكدت المعلومات الواردة لاحد المسؤولين ان ما نقل عن رسائل تبلغها الرئيس السوداني «ليس دقيقا»، دون كشف المزيد من التفاصيل.
وفد مجلس الامن
والى الجمعة حيث يتوقع ان يعود وفد مجلس الامن الذي سيزور دمشق، لعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات سياسية وعسكرية، على ان يكون برئاسة المندوب الأستوني الدائم لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار بوصفه رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، ويضم كلا من المندوبين الدائمين الأميركي مايك والتز والبريطانية بربارا وودوارد والفرنسي جيروم بونافون والروسي فاسيلي نيبينزيا والصيني هو فو كونغ، بالإضافة إلى بقية الأعضاء الجزائري عمار بن جامع والصومالي أبو بكر عثمان والباكستاني عاصم افتخار أحمد والدنماركية كريستينا ماركوس لاسينا واليونانية أغليا بالتا والغويانية كارولين رودريغيز – بيركيت والبنمي إيلوي ألفارو دي ألبا والكوري الجنوبي تشا جي – هون، والسيراليوني مايكل عمران كانو.
ووفقا للمعطيات فان الوفد سيعاين الوضع على الارض خلال زيارة يقوم بها الى منطقة جنوب الليطاني، حيث سيستمع لشرح مفصل من قبل القيادة العسكرية اللبنانية وقوات الطوارئ الدولية، للوضع وللعقبات التي تواجه تطبيق القرار 1701،، فضلا عن الاجتماع مع قائدي آلية وقف الأعمال العدائية اللفتنانت جنرال جوزيف كليرفيلد والجنرال فلاتين سيلير، واجتماع آخر مع قادة «اليونيفيل»، كما ستكون له ايضا لقاءات يوم الجمعة مع كل من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذين سيبلغونهم بموقف موحد حول رفض الحرب والإصرار على الاستقرار ووقف الضربات الإسرائيلية، بينما سيكون التركيز على البحث عن بدائل لليونيفيل، بالإضافة إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل.
اختبار الجهوزية
ومع اظهار التطورات المتسارعة في الجنوب أن الأنظار في إسرائيل تتجه بثبات نحو الجبهة الشمالية، وسط تحذيرات من أن الهدوء الظاهر يخفي وراءه واقعا أكثر خطورة، مع تزايد القلق من احتمال انفجار واسع، في وقت تبدو فيه كل الأطراف مقتنعة بأن السؤال لم يعد ما إذا كان التصعيد سيقع، بل كيف ومتى.
فوسط أجواء الترقب والتحضيرات العسكرية التي يحكى عن انها باتت بحكم المنجزة، قامت إسرائيل مؤخرا بصيانة صافرات الإنذار في مدن تل أبيب والقدس وحيفا وبئر السبع، في خطوة فسرت على أنها جزء من استعداداتها لأي مواجهة عسكرية محتملة، حيث يطرح هذا الإجراء علامات استفهام حول انعكاساته على لبنان، لا سيما في ظل التحذيرات الدولية المتكررة من مخاطر اندلاع حرب جديدة.
وفي هذا السياق علم أن رئيس الأركان الإسرائيلي ايال زامير سيزور الولايات المتحدة الأميركية، خلال الايام المقبلة للبحث في ملف لبنان وإيران وكيفية التعامل معهما عسكريا، في محاولة للحصول على ضوء أخضر من أجل توسيع نطاق العمليات الامنية والعسكرية ضد لبنان، بعد الحصول على قرار بتخفيف بعض القيود على عمليات جيشه خلال الايام الماضية، حيث ابدى المراقبون تخوفهم من تصعيد، لا سيما أنه يسبق في العادة الزيارات العسكرية الإسرائيلية لواشنطن أو العكس.
تصاعد التوتر
وفي هذا الاطار أكد دبلوماسي أوروبي في حديث لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، أن «هناك خطرًا من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية بعد اغتيال احد قياديي حزب الله»، مشددا على أن «من حق إسرائيل التحرك إذا حاول حزب الله استعادة نشاطه في جنوب لبنان»، كاشفا عن أن «إسرائيل قد تشن ضربة على إيران خلال 12 شهرا»، مشيرا إلى أن «واشنطن لن تسمح لإسرائيل قريبا بشن هجوم واسع على إيران حفاظا على خطتها بشأن غزة».
رفع سقف السحوبات
على الصعيد الاقتصادي، يستمر النقاش في الصالونات الاقتصادية والسياسية حول «مغزى» قرار حاكم مصرف لبنان، برفع سقف السحوبات المالية وفقا للتعميمات الصادرة سابقا، حيث تكشف المعلومات ان قرار البنك المركزي جاء بعد توافر قناعة لدى جميع الاطراف بان قانون «الفجوة المالية» لن يصدر قريبا، نتيجة عدة عوامل، اولها الخلاف السياسي حوله، ثانيها، الخلاف مع المصارف، وثالثها، تعطيل التشريع في المجلس النيابي على خلفية الخلاف حول قانون الانتخابات.
اسباب كانت كفيلة لمبادرة الحاكم الى اتخاذ الاجراء من ضمن الامكانات المتوافرة في مصرف لبنان وبشكل لا تؤثر فيه على ثبات سعر الصرف، وفي الوقت نفسه على عدم احداث تضخم اقتصادي، في مقابل التخفيف من الاعباء على اصحاب الودائع، في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة.
"نداء الوطن":
ودّع لبنان الحبر الأعظم لاوون الرابع عشر، ليستقبل من جديد ملفاته الساخنة والمصيرية التي لا مفرّ منها. ثلاثة أيام شكّلت استراحة وطنية ومعنوية، غمرها الفرح والرجاء، وحملت رسائل دعم وتصويب في آنٍ للدولة والكنيسة. إذ أفادت معلومات لـ "نداء الوطن" بأن البابا خلال لقائه الخاص مع الأساقفة الكاثوليك في مقر السفارة البابوية، أمس الأوّل، كان "شديد الصراحة"، خصوصًا في ما يتعلّق بإصلاحات كنسية داخلية، بات تنفيذها ملحًّا وضروريًّا، وتخضع لمراقبة وعناية فاتيكانية حثيثة.
وبين إقلاع الطائرة البابوية من مطار رفيق الحريري الدولي، واستعداد بيروت لإنزال دبلوماسي عربي ودولي مرتقب اليوم وغدًا، فجّر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، "قنبلة أمنية" فوق ملف تفجير المرفأ، مشيرًا إلى أن "الفرقة 121 في حزب الله اغتالت شخصيات تجرّأت على كشف الحقيقة". والمفارقة أن أهمية هذه "المتفجّرة" لا تكمن في مضمونها أو المعلومات التي أوردتها، بل في توقيتها، إذ جاءت بعد ساعات من وقفة وجدانية مؤثرة للبابا أمام موقع الانفجار، إجلالًا لأرواح ضحايا الرابع من آب.
مقاربات جديدة للشرق الأوسط
وإذا كان اليومان الأولان من زيارة خليفة بطرس، قد اتسما بالأبعاد الروحية والإنسانية والثقافية، فإن اليوم الأخير، حمل مواقف أكثر وضوحًا في مقاربة الإشكاليات السياسية الجوهرية. ففي القدّاس الإلهي الذي أُقيم صباح أمس على الواجهة البحرية لبيروت، بحضور آلاف المؤمنين والمسؤولين، شدّد البابا لاوون الرابع عشر على أن "الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة، تتجاوز الانقسامات السياسية والدينية، وتفتح صفحة من المصالحة والسلام". ودعا في عظته إلى عدم اليأس، متوجّهًا إلى لبنان النازف والمشلول، بالقول: "قم انهض وكن علامة للسلام في المشرق". وخلال مراسم الوداع في المطار، دعا الحبر الأعظم في كلمته إلى أن "نُشرك الشرق الأوسط بأسره في الالتزام من أجل السلام والأخوّة، بما في ذلك مَن يُعتبَر اليوم عدوًّا". أضاف: "علينا أن نوحد الجهود كي يستعيد لبنان رونقه. وهناك طريقة واحدة لذلك: أن نجرد القلوب من السلاح، وأن نُسقط دروع انغلاقنا العرقي والسياسي، وأن تنفتح معتقداتنا الدينية على اللقاء المتبادل وأن نوقظ في داخلنا حلم لبنان الموحد حيث ينتصر السلام والعدالة، وحيث يعترف الجميع ببعضهم البعض كإخوة وأخوات".
العبرة في الإفادة من الزيارة
في هذا السياق، رأت مصادر كنسية أن كلام البابا، رغم صياغته الهادئة المعهودة في أدبيات الكرسي الرسولي، حمل في مضمونه رسائل مباشرة تتقاطع مع التحذيرات الدولية والعربية للبنان بضرورة التحرّك قبل فوات الأوان. فالفاتيكان، وإن كان يختلف في أدواته ووسائله عن سائر القوى الدولية، إلا أنها تلتقي معًا في الدعوة إلى استعادة الدولة اللبنانية سيادتها الكاملة، وحصر السلاح بيد الشرعية وحدها. وأكد المصدر لـ "نداء الوطن" أن العبرة تبقى في كيفية الإفادة من زيارة الحبر الأعظم، مشيرًا إلى أن البابا يُولي الوضع اللبناني اهتمامًا بالغًا، وقد وعد بالتواصل مع عواصم القرار، وعلى رأسها واشنطن، للعمل على إيجاد مخرج للأزمة وتجنب انزلاق البلاد نحو حرب جديدة. كما سيجري اتصالات مع الدول الفاعلة، بما فيها تل أبيب، للحؤول دون العودة إلى أتون الدمار. ولفت المصدر إلى أن البابا اطّلع على مختلف وجهات النظر خلال زيارته، وهو من أشدّ الداعمين لقيام دولة قوية، لأن بقاء الوضع على ما هو عليه يعني بقاء الفوضى واستمرار دورة العنف، في ظلّ قناعته بأن السلاح غير الشرعي يشكّل وقودًا دائمًا للأزمات والانهيارات.
وبينما يتهيّأ لبنان، لاستقبال وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي سيجول على المسؤولين، والموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، وترقب وصول بعثة مجلس الأمن الدولي، آتية من سوريا، وتضم 14 سفيرًا يمثلون الدول الأعضاء في المجلس، كشفت مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ "نداء الوطن" أن الوفود الدولية التي ستحطّ هذا الأسبوع ستتحدّث بصوت واحد، حاملة رسالة واضحة إلى المسؤولين: ضرورة تفكيك البنية العسكرية لـ "حزب الله" في أسرع وقت ممكن، لتجنب تصعيد إسرائيلي وشيك، حيث عاود الطيران المسير الإسرائيلي، فور مغادرة البابا، تحليقه فوق الضاحية الجنوبية والبقاع. وفي معلومات من الزميلة جويس عقيقي إلى الـ mtv، أفادت بأن أورتاغوس ستشارك فقط في اجتماع "لجنة الميكانيزم" في الناقورة وتغادر بعدها الأراضي اللبنانية من دون أن تلتقي أي مسؤول سياسي، على أن تعود إلى بيروت يوم الجمعة المقبل لتلتقي عددًا من المسؤولين السياسيين في لبنان.
الخيارات شارفت على الانتهاء
إذًا، لم يعد أمام الدولة اللبنانية، وفق المصادر الدبلوماسية، متسع من الخيارات، وحتى خيار "التفاوض مع إسرائيل" تجاوزته التطوّرات الميدانية. وتشير المصادر إلى أن الأجواء الإقليمية غير مطمئنة، ولا وجود لأي مبادرات أو وساطات تهدويّة في الأفق، خصوصًا بعد سقوط المبادرة المصرية، التي أسقطها "حزب الله" بتشدّده وإصراره على شروطه. في المقابل، تطرّق الإعلام الإسرائيلي إلى الاجتماع الذي جمع أورتاغوس، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، وشارك فيه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، شلومي بيندر، مقدّمًا عرضًا مفصّلًا حول تعاظم قدرات "حزب الله". أما الرسالة التي ستنقلها أورتاغوس وفق الإعلام الاسرائيلي إلى المسؤولين اللبنانيين في وقت لاحق من هذا الأسبوع، فهي واضحة وحاسمة: "إمّا أن تتحرّكوا أنتم... أو ستتحرّك إسرائيل". توازيًا، أكد دبلوماسي أوروبي في حديث لـ "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، أن "هناك خطرًا من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية بعد اغتيال قيادي في حزب الله"، مشددًا على أن "من حق إسرائيل التحرك إذا حاول "حزب الله" استعادة نشاطه في جنوب لبنان". إلى ذلك، كشف الدبلوماسي عن أن "إسرائيل قد تشن ضربة على إيران خلال 12 شهرًا"، مشيرًا إلى أن "طهران تواصل التصعيد وتتجاهل التحذيرات الدولية مع ارتفاع التوتر في لبنان والضفة الغربية".
"الأنباء" الالكترونية:
اختتم الحبر الأعظم البابا لاوُن الرابع عشر زيارته الروحية الى لبنان، والتي أتت في سنة اليوبيل التي تحمل عنوان "حجاج الرجاء". ولا شك في أن هذه الزيارة التاريخية بأبعادها الداخلية والخارجية، حملت رسائل أمل وإخاء ورجاء للبنانيين جميعاً بكل محطاتها. ولعّل الصلاة الصامتة في موقع انفجار مرفأ بيروت كانت كبرى رسائل التضامن مع أهالي الضحايا والجرحى، الذين يرجون معرفة الحقيقة ويطلبون العدالة حيث أن لحظات المواساة، ومصافحته أهالي الضحايا، كبارهم وصغارهم، صرخة دعم وتضامن، أحيت من جديد التشديد على إنجاز تحقيقات انفجار المرفأ التي تواجه عقبات وتشهد تعطيلاً بخلفيات سياسية وقانونية، تمنع تبيان الحقيقة واستكمال التحقيقات سريعاً، وفق ما أشارت مصادر خاصة الى "الأنباء الإلكترونية".
وفي هذا السياق، جدّد الحزب التقدميّ الاشتراكي أمس دعوته القضاء اللبنانيّ إلى تذليل العقبات أمام استئناف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وصدور القرار الاتهامي ومحاسبة المرتكبين إحقاقاً للعدالة، بدلاً من انتظار العدوّ الإسرائيلي أو الناطق باسم جيشه لإعطاء اللبنانيين دروساً حول ما يجب أن يفعلوا"، وفق بيان صادر عن "التقدمي".
وذكّر "التقدمي" بالأسئلة التي طرحها الرئيس وليد جنبلاط على القضاء اللبناني مطلع تشرين الثاني الفائت، مطالباً بمعرفة أين أصبحت التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت والاغتيالات التي تلت الانفجار وعمل المحقّق العدلي طارق البيطار.
مقاربات جديدة
زيارة المحبة والسلام، لرأس الكنيسة الكاثوليكية تزوّد منها اللبنانيون بجرعة دعم وأمل وإيمان، خصوصاً أن الأزمات الاقتصادية والسياسية جمّة، وسط مخاوف من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، في أعقاب هدوء حذر شهدته الأجواء اللبنانية وتحديداً العاصمة، أثناء وجود البابا في لبنان.
ففي ختام القداس الذي ترأسه في الواجهة البحرية، رأى البابا أن الشرق الأوسط يحتاج "إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام"، داعياً الى توقَّف الهجمات والأعمال العدائية، "ولا يظن أحد بعد الآن أن القتال المسلح يجلب أية فائدة. فالأسلحة تقتل، أما التفاوض والوساطة والحوارُ فتبني".
عون يتمنى
وفي كلمته الوداعية، توّجه رئيس الجمهورية جوزاف عون الى البابا لاون بالقول: "جئتم إلى لبنان حاملين رسالة سلام، وداعين إلى المصالحة"، مشيراً الى أن لبنان "ما زال يشكل نموذجاً للعيش المشترك وللقيم الإنسانية التي تجمع ولا تفرّق"، "وأنا بدوري أقولُ لكم إننا سمعنا رسالتَكم، واننا سنستمرُ في تجسيدِها"، مطلقاً أمنية "وهي أن نكونَ دائماً في صلواتِكم، وأن تتضمّن عظاتُكم لكلِّ مؤمنٍ ومسؤولٍ في هذا العالم التأكيدَ على أنَّ شعبَنا شعبٌ مؤمنٌ يرفض الموتَ والرحيل".
وفي هذا الإطار، ثمّنت مصادر سياسية ما صدر عن الحبر الأعظم من مواقف، منبعها روحي وإنساني وأخلاقي، تجاه هذا البلد الذي عانى الكثير من الأزمات والحروب ودفع أثماناً باهظة، مشيرةً الى تشديده على عدم فقدان "فرح الرسالة" رغم الظروف الصعبة.
واعتبرت المصادر أن زيارته الى لبنان في هذه التوقيت المفصلي، حيث يواجه البلد انقساماً سياسياً داخلياً، وأزمات اقتصادية وقضايا جوهرية من بينها حصر السلاح بيد الدولة، وكذلك اعتداءات إسرائيلية، اختصرها بقوله يجب أن يقوم كل واحد بدوره، وعلينا جميعاً أن نعمل من أجل أن يبقى لبنان أرضاً للسلام والعدل والتلاقي بين الأديان".
أورتاغوس في بيروت
بعد زيارتها الى تل أبيب التي التقت خلالها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، تصل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت في الساعات المقبلة، بحيث يقتصر برنامج زيارتها على حضور اجتماع لجنة "الميكانيزم"، ومن المتوقع ألا تجري أي لقاءات سياسية.
وفي هذا السياق، رأت مصادر مراقبة لـ"الأنباء الإلكترونية" أن "الضغوط الأميركية على لبنان تزداد مع اقتراب المهلة التي حددت لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية"، موضحة أن "ثمة حراكاً سعودياً ومصرياً لتجنيب لبنان أي تصعيد محتمل".
وأشارت المصادر الى أن الجيش اللبناني يقوم بدوره، ولكن الأهم تعزيزه بالعتاد المتطور، لافتةً الى أن "الحرب الحاصلة على لبنان هي أحادية الجانب، في ظل استمرار إسرائيل في خطتها بإقامة مناطق عازلة في الجنوب والضفة الغربية وكذلك في سوريا لرسم واقع جديد تريد من خلاله حماية أمنها".
وفي سياق متصل، لفتت المصادر الى أن "ثمة مخاوف جدية من ضربة إسرائيلية جديدة على إيران، هو ما تعمل على تجنبه المملكة ومصر وقوى إقليمية أخرى، خصوصاً في ظل التطورات الأخيرة في غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان، لما يتسبب ذلك في تهديد الأمن الإقليمي".
"اللواء":
قبل أن يُنهي البابا لاوون الرابع عشر محطاته التاريخية في اليوم الثالث لرحلته الى لبنان، ويعلن أن السلام هو عنوان زيارته ومحادثاته، كانت المسيَّرات الاسرائيلية المعادية تنغِّص على اللبنانيين الآمال المعلَّقة على دور للفاتيكان في السعي مع اصدقاء لبنان من اجل سلام في الداخل ومع المحيط، وإبعاد أيادي الشر عن العبث مجدداً بالاستقرار اللبناني، وتخريب الفرصة المتاحة أمام البلد للنهوض من جديد..
على أن الأنكى شحنة رسائل التهديد والوعيد التي جاءت بها الموفدة الاميركية مورغن اورتاغوس مساءً، على ان تشارك في اجتماع «الميكانيزم» اليوم حول وقف الاعمال العدائية، بعد أن التقت طاقم الحرب والدبلوماسية والامن في اسرائيل.
وبدا المشهد منحصراً بين التطلع الى السلام الدائم في لبنان وتطلع اسرائيل على لسان مسؤوليها لحرب جديدة او اقله لضربات تشمل كل لبنان للضغط على الدولة اللبنانية لتحديد مواعيد لما تسميه اسرائيل «نزع سلاح حزب لله» ضمن مهل امنية، اقصرها نهاية الشهر الجاري.
ومع اتساع النشاط الاميركي من سوريا الى لبنان، وبدء محادثات اميركية – اسرائيلية حول غزة وسوريا ولبنان، بدأ من زيارة رئيس الاركان زامير التي أُرجئت الى الزيارة المرتقبة لنتنياهو نهاية الشهر لعقد قمة خامسة مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان زيارة الحبر الأعظم الى بيروت انتهت انما مفاعيلها لم تنتهِ لاسيما انها منحت جميع اللبنانيين جرعات من الأمل وأظهرت تقدير البابا لمعاناة اللبنانيين وتوقهم الى السلام والأمان، مشيرة الى ان هذه الزيارة التي حفلت بمحطات متعددة ومواقف تدعو الى نبذ العنف والتعايش والحلم بالمستقبل، سيتابعها الحبر الأعظم بعدما حمَّله رئيس الجمهورية تمنياته بحمل القضية اللبنانية في عظاته والتأكيد ان الشعب اللبناني يرفض الموت والرحيل.
واعتبرت هذه المصادر ان البابا لاوون الرابع عشر دخل في التفاصيل اللبنانية الدقيقة ووصلت إليه أصداء عن الواقع اللبناني وعلى ما يبدو فإنه سيعمل على اجراء الاتصالات اللازمة في سياق وضع الملف اللبناني في أولويات المتابعة.
الى ذلك أوضحت المصادر ان مواكبة رئاسة الجمهورية لهذه الزيارة أدت الى نجاحها على مختلف المستويات، وهذا الامر يُسجل في عهد الرئيس عون.
ومن روما، نقل عن البابا لاوون قوله انه تواصل وسيتواصل مع القادة، في اشارة الى ترامب وسواه، لوضع حدّ للاعتداءات الاسرائيلية وإحلال السلام.
وفي حين قال الرئيس عون في وداع البابا: «سمعنا رسالتكم، وسنستمر في تجسيدها»، نُقل عن الرئيس نبيه بري قوله ان زيارة البابا كانت ايجابية في مختلف النواحي، ولبنان يحتل مكانة كبيرة في اهتمامات البابا، والفاتيكان لن يترك لبنان، مشيراً الى ان ما فعله البابا خلال 48 ساعة يحتاج الى عمل وانتاجية الى 40 يوماً.
وتوجه الى البابا قائلاً: إن اول معجزة اقدم عليها السيد المسيح في صور، جنوب لبنان، هذا هو الجنوب الذي تعتدي عليه اسرائيل.
كتب الرئيس نواف سلام الذي رافق البابا في وقفته في المرفأ، على منصة «إكس»: «العدالة لشهداء وضحايا انفجار المرفأ، العدالة لبيروت وكل أهلها، العدالة للبنان». وقال سلام في مداخلة متلفزة: «نحن كلّنا مع المحبة والشراكة في لبنان ومع السلام في المنطقة بأكملها ودائماً هناك خوف على لبنان ولكن نقوم بكلّ ما يجب من أجل منع أي تصعيد أو حرب».
البابا: متابعة قضايا لبنان
انهى البابا لاوون الرابع عشر زيارته للبنان وغادر بيروت بعد رسالة لشعبه أكد فيها انه سيتابع قضاياه وسيصلي له، وسط معلومات عن اتصالات اجراها وسيجريها مع الدول المعنية لا سيما اميركا والكيان الاسرائيلي لمنع التصعيد، ووعد للرئيس نبيه بري بناءً لطلب الرئيس بأن تشمل زيارته المقبلة للبنان منطقة الجنوب. ووصل البابا الى روما مساء امس، وقال على الطائرة التي نقلته من بيروت ردًا على سؤال عن ايصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الاميركي ترامب ونتنياهو للمساهمة في وضع حد للاعتداءات الاسرائيلية: تواصلت وسأتواصل مع القادة لإحلال السلام. وسنسعى لذلك من خلال علاقات الفاتيكان مع معظم دول العالم.
اليوم الثالث
وفي اليوم الثالث للزيارة، وصل البابا صباحاً الى مستشفى دير راهبات الصليب في جل الديب، ثم قصد موقع انفجار مرفأ بيروت واقام صلاة على نية شهداء الانفجار.
والمحطة الابرز كانت عند الواجهة البحرية لبيروت، حيث ترأس قداساً، شارك فيه الرؤساء عون ونبيه بري ونواب سلام، وما لا يقل عن 150 الف مشارك.
وامام المحتشدين، اعلن البابا: ارفع شكري لانني قضيت هذه الايام معكم، وانا احمل في قلبي آلامكم وآمالكم، واصلي من اجلكم، علينا جميعاً ان نوحد جهودنا لكي تستعيد هذه الارض بهاءها.
وقال: نحن جميعاً مدعوون ألَّا نصاب بالاحباط وألَّا نرضخ لمنطق العنف ولا لعبادة صنم المال وألَّا نستسلم امام الشر.
وكان البابا لاوون اختتم زيارته للبنان، بترؤسه القداس إلالهي الذي أقيم صباحا على الواجهة البحرية لبيروت، وسط حضور الآلاف من المؤمنين الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن دول الجوار، لرفع الصلاة من أجل السلام والاستقرار، في حضور الرؤساء الثلاثة.
وفي ختام القداس، دعا البابا «مسيحيِّي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله». وأضاف: ولكم يا مسيحيِّي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر اليكم بمحبة وإعجاب.
وطلب من «المجتمع الدولي دعم لبنان، قائلاً: اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام». وأكد أن «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام».
وفي عظته قال البابا لاوون: نحن مدعوون إلى عدم اليأس وأقول للبنان انهض وكن علامة للسلام في المشرق. وقال:أنتم أقوياء مِثل أشجار الأرز، أُحيِي جميع مناطِقِ لبنان التي لم أتمكَّن من زيارتها : طرابلس والشمال، والبقاع والجنوب، الذي يعيش بصورة خاصّةٍ حالة من الصراع وعدم الاستقرار. أعانقُ الجميع وأرسل إلى الجميع أمانيَّ بالسّلام. وأُطلق أيضًا نداءً من كل قلبي : لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَرْ جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط .
ومساء أمس تم نشر حديث صحافي للبابا لاوون اكد فيه عزمه على «الاستمرار في مساعي إقناع مختلف الأطراف اللبنانية بالتخلي عن السلاح والعنف، والانخراط في حوار بنّاء يحقق مصلحة لبنان وشعبه». وقال: البحث عن حلول تقوم على الحوار لا على العنف، هو الطريق الأكثر فعالية لخدمة الشعب اللبناني وتحقيق الاستقرار. وأشار البابا إلى أنه اطّلع على رسالة حزب الله، موضحًا أن الكنيسة قدّمت اقتراحًا يدعو الحزب إلى ترك السلاح والسعي نحو الحوار، مضيفًا أن اللقاءات السياسية التي جرت خلال الزيارة كانت بعيدة عن الأضواء، وتركزت على تهدئة النزاعات الداخلية والإقليمية.
ومن المطار، قال البابا: أحيي كل مناطق لبنان التي لم اتمكن من زيارتها طرابلس والشمال والبقاع والجنوب الذي يعيش بصورة خاصة حالة من الصراع وعدم الاستقرار.
وفي كلمة وداعية وجهها الرئيس عون للبابا قال: جئتم الى لبنان حاملين رسالة سلام، وداعين الى المصالحة، ومؤكدين ان هذا الوطن الصغير في مساحته كبير برسالته وما زال نموذجاً للعيش المشترك وللقيم الانسانية التي تجمع ولا تفرق.
واعاد الرئيس عون التأكيد ان شعبنا شعب مؤمن يرفض الموت او الرحيل، شعب مؤمن قرر الصمود بالمحبة والسلام والحق.
بري لا يتخوَّف من حرب واسعة
وبالتزامن مع وصول اورتاغوس، نقل زوار عين التينة عن الرئيس بري انه «لا يتوجس حرباً واسعة، دون ان يعني ذلك عدم استمرار التصعيد، الذي لم يتوقف أصلاً».
ويتزامن وصول اورتاغوس الى بيروت مع وصول وفد قطري قد يكون برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث سيجتمع الى الرؤساء الثلاثة في اطار االمساعي الهادفة الى معالجة التوترات، ويصل ايضا الى بيروت قادما من سوريا، وفد اممي يضم سفراء 15 دولة في مجلس الامن لمواكبة انتشار ومهمات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب.
وما ان غادر البابا حتى عاد طيران العدو الاسرائيلي الى التحليق بكثافة فوق بيروت والضاحية الجنوبية ومناطق الجبل، اضافة الى التحليق الذي لم ينقطع فوق الجنوب والبقاع، مع استمرار التهديدات الاسرائيلية باللجوء الى القوة لنزع سلاح حزب الله، وهو ما ابلغه وزير الخارجية جدعون ساعر الى الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس التي التقته امس في تل البيب مع رئيس الوزراء بنيامين نتياهو ووزير الحرب الاسرائيلي يسرائيل كاتس. قبل ان تنتقل الى بيروت للمشاركة في اجتماع لجنة الميكانيزم اليوم او غداً. وقال ساعر: قلت لها إن «حزب الله» هو من ينتهك السيادة اللبنانية وإن نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية».
وفي السياق الحربي، ذكر موقع «ارم نيوز» الاماراتي، أنّ إسرائيل تُمهّد مسرح عملياتها العسكرية تأهبًا لـ «حرب رباعية» تشمل قطاع غزة ولبنان وإيران وسوريا، بعد ما وصفته بـ «تمدد حالة عدم الاستقرار الأمني على الجبهات الأربع».
وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»: أن قوات الجيش الإسرائيلي المنتشرة في سوريا لن تنسحب، وستظل داخل الأراضي السورية لفترة طويلة، وكذلك الحال في لبنان، الذي دشنت إسرائيل في جنوبه 3 مواقع عسكرية ثابتة.
وأضافت: أن إسرائيل تواجه اختبارات متزايدة مع اشتعال عدة جبهات وبررت التأهب العسكري بما أسمته «إعادة بناء قوة حماس في غزة، واستئناف تسليح حزب الله في لبنان، واستغلال إيران كل يوم للتعافي».
وعلى الجبهة اللبنانية، سوَّقت الصحيفة الإسرائيليّة إلى «انعدام الأمل في التوصل إلى حل طويل الأمد». ورجَّحت مواصلة الجيش الإسرائيلي عملياته اليومية في جنوب لبنان، «لضمان السيطرة الأمنية، والحيلولة دون تمكين حزب الله من إعادة رص صفوفه».
وإلى ذلك، أكد دبلوماسي أوروبي في حديث لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، أن «هناك خطرًا من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية بعد اغتيال قيادي في حزب الله»، مشددا على أن «من حق إسرائيل التحرك إذا حاول حزب الله استعادة نشاطه في جنوب لبنان».
وكشف الدبلوماسي عن أن «إسرائيل قد تشن ضربة على إيران خلال 12 شهرًا»، مشيرا إلى أن «واشنطن لن تسمح لإسرائيل قريبًا بشن هجوم واسع على إيران حفاظًا على خطتها بشأن غزة».
كما نقلت قناة «كان» الإسرائيلية عن مايك وولتز السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة قوله: إن الولايات المتحدة ستواصل جهودها لنزع سلاح حزب الله، وأضاف: «يجب أن يتجردوا من السلاح وأن يبقوا كذلك، سيكون الأمر صعباً ومعقداً».
وتابع: «أحياناً نتقدم خطوة ونتراجع خطوتين، لكن الفرصة كبيرة، معتبرًا أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». واضاف:أن الرئيس والإدارة يريدان دائما السلام لا الحرب، ولكن إذا لزم اتخاذ خطوات صعبة فيجب اتخاذها.
كلمة لقاسم بعد غد
الى ذلك، يُلقي الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كلمة خلال المهرجان الذي يقيمه الحزب بعنوان «نَجيع ومِدادٌ»، يوم الجمعة المقبل في مرقد السيد الشهيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، والمخصّص لتكريم عدد من العلماء الذين استشهدوا في سياق الصراع مع إسرائيل، بينهم شخصيات قيادية بارزة في الحزب، ومنهم الأمينان العامان الشهيدان السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين.
الوضع عى الأرض مسيَّرات ومحلِّقات تعتدي
على الارض، وقبيل مغادرة البابا لاوون، كانت المحلِّقات الاسرائيلية فوق المطار والضاحية الجنوبية وبيروت، وحتى قبل المغادرة، وعند منتصف الليل القت مسيَّرة معادية غالونات متفجرة على احد المنازل في قرية عيترون، والقت اخرى قنابل صوتية على شاطئ رأس الناقورة على مجموعة من الصيادين.
كما سجل تحليق طيران اسرائيلي مسيَّر في محيط سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية.
وليلاً، قصفت المدفعية الاسرائيلية المنطقة بين راميا وبيت ليف.
الى ذلك، أفادت معلومات عن وصول تهديد اسرائيلي عبر لجنة الـ«ميكانيزم» باستهداف أحد المنتزهات على النهر في خراج بلدة طيرفلسيه، قضاء صور. وكانت اسرائيل قد طلبت عبر اللجنة من الجيش اللبناني، ضرورة إبعاد جرافة كانت تعمل على جرف ركام منتزه قد دمره الطيران الحربي التابع للعدو الإسرائيلي قبل أيام.
أكبر خفض لعديد اليونيفيل
وفي تطورجنوبي آخر، بدأت الأمم المتحدة في تنفيذ أكبر عملية خفض لقوات «اليونيفيل» منذ سنوات، مقتطعةً ربع قوامها دفعة واحدة، في جنوب لبنان. وأكدت المتحدثة باسم البعثة كانديس أربيل، في حديث صحفي، أن التخفيض يأتي نتيجة تقليص الميزانية المرصودة لليونيفيل، مشيرة إلى أن عملية خفض العدد بدأت بالفعل، وأن استكمالها متوقع في مطلع عام 2026.، سنبذل قصارى جهدنا لتقليل أي آثار سلبية قد يخلفها نقص التمويل على عملياتنا في لبنان.
وقد بلغ عدد أفراد القوة نحو 9. 9 آلاف عنصر حتى 20 تشرين الثاني 2025، بعدما كان قوامها يصل إلى5 ،10 آلاف عنصر في الفترة السابقة، بحسب تقارير صحفية. اي شمل الخفض حتى الان 600 جندي.
وأضافت أربيل، أن القوة لم تسجل خلال العام الماضي أي تحركات عسكرية لحزب الله أو لأي مجموعات مسلحة غير حكومية داخل منطقة انتشارها، مؤكدة عدم ملاحظة إعادة بناء مواقع عسكرية أو إدخال أسلحة غير مصرّح بها.
"البناء":
مرت زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر على لبنان بسلام، ونجحت ترتيبات الزيارة بضمان مناسباتها وحشودها وتنقلاتها بأمان، كما نجحت إدارة هذه المناسبات بتقديم صورة عن كفاءة يتمنى اللبنانيون رؤيتها في كل مناحي عمل الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك تأمين الكهرباء وتعبيد الطرقات، ورغم ما يثيره الحديث عن السلام من سجال ونقاش بين اللبنانيين، عبرت عبارة طوبى لصانعي السلام كشعار للزيارة ردّده الجميع، كل كما يفهم المعنى، سلام لا يفرّط بالكرامة وليس تنازلاً عن الحق والأرض، بعيداً عن دعوات الاستسلام، أو سلام مستعجل بلا شروط يلهج به البعض ويعتبره لخلاص واقعي رغم كل التغول والتوحش الإسرائيلي، بينما هاجس السلام البابوي هو سلام العلاقات بين الأديان التي يجد في لبنان مختبراً للتعايش السلمي بينها، ويجهد للحفاظ على ما يراه فيه من فرصة للحفاظ على التنوع والتعدد الثقافي والحضاري والديني.
خاطب البابا المسؤولين اللبنانيين من قصر بعبدا وخاطب الشباب في بكركي وبعد صلاة صامتة في الواجهة البحرية خاطب اللبنانيين جميعاً من ساحة الشهداء، فقال «يبقى شعبُ لبنان، بدياناته المُختَلِفَة، مذكّرًا بقوة بأنّ الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المُسبَقَةِ ليست لها الكلمةُ الأخيرة، وأنّ الوحدة والشركة والمصالحة والسّلامَ أمرٌ مُمكن. إنّها رسالة لم تتغيَّر عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة: الشهادة للحقيقة الدائمة بأنّ المسيحيين والمسلمين والدّروز وغيرهم كثيرون، يُمكنهم أن يَعِيشُوا معاً ويَبنُوا معًا وطنًا يَتَّحدُ بالاحترام والحوار».
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قد قال أمام البابا لاوون الرابع عشر خلال استقباله في قصر بعبدا بحضور المرجعيات الروحية والسلك الدبلوماسي وشخصيات رسمية وعسكرية، إضافة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، أن لبنان «وطن الحرية لكل إنسان. والكرامة لكل إنسان»، مؤكداً: «لن نموت، ولن نرحل، ولن نيأس، ولن نستسلم». وتابع: لبنان «وطن فريد في نظامه؛ حيث يعيشُ مسيحيون ومسلمون، مختلِفين، لكنْ متساوون. في نظامٍ دستوري قائم على التساوي بين المسيحيين والمسلمين. بالانفتاح على كل إنسان وضمير حر»، بينما قال البابا في قصر بعبدا، «أنتم شعب لا يستسلم؛ بل يتحدى الصعاب ويعرف دوماً أن يبدأ من جديد. صمودكم منارة لا يمكن الاستغناء عنها لصانعي السلام الحقيقيين. طوبى لصانعي السلام»، وتابع «أمّا يا مَن تحملون المسؤوليات المختلفة في هذا البلد، فلكم تطويبة خاصة إن استطعتم أن تقدّموا هدف السلام على كل ما عداه». وختم بالقول «إن من الجراح ما يحتاج سنوات طويلة وأحياناً أجيالاً كاملة كي يندمل، وإذا لم نعمل على التقارب بين مَن تعرّضوا للإساءة والظلم فمن الصعب السير نحو السلام».
في لقاء المرجعيات الروحية لفتت كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب الذي خاطب البابا قائلاً، «إننا مؤمنون بضرورة قيام الدولة، لكننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن أنفسنا في مقاومة الاحتلال الذي غزا أرضنا. ولسنا هواة حمل سلاح وتضحية بأبنائنا. بناء على ما تقدّم نضع قضية لبنان بين أيديكم بما تملكون من إمكانات دولية، لعل العالم يساعد بلدنا على الخلاص من أزماته المتراكمة، وفي طليعتها العدوان «الإسرائيلي» وما خلّفه ويخلّفه من تبعات على وطننا وشعبنا».
بقيت الزيارة منذ بدايتها حتى ختامها تحظى بالاهتمام، لكن ما خطف الأضواء كان الفرح الذي ظهر في استقبال كشافة المهدي، حيث انتشرت فيديوهات عفوية تظهر فتية الكشافة وهم ينقلون تعبيرات الحب للبابا، وينقلون إيماناً عميقاً بالعيش المشترك، وبالتوازي كان غضب القوات اللبنانية من استثناء رئيسها سمير جعجع من لقاءات البابا مصدر عشرات التعليقات الي نشرها مريدو القوات.
بعد ثلاثة أيّامٍ عاشها اللبنانيون على رجاء المصالحة والسلام القائم على الحق والعدالة خلال زيارة البابا لاوون الرابع عشر، ارتفعت خلالها الدعوات إلى نبذ العنف وإعادة بناء الجسور بين أبناء الوطن الواحد. غير أنّ المشهد الداخلي يعود سريعًا إلى إيقاعه السياسي والأمني المعقّد، مع اجتماعات مرتقبة للرؤساء والقادة العسكريين، وملفّات حسّاسة تتقدّمها مسألة ضبط السلاح جنوب الليطاني ومحاولات الحدّ من التصعيد الإقليمي المتصاعد، خلال استقبال لبنان بعثة مجلس الأمن الدولي التي تصل بيروت الخميس، آتيةً من دمشق.
وتصل غداً الى بيروت بعثة مجلس الامن الدولي آتية من سورية ويتوقع أن يشارك في الوفد الزائر الذي يقوده المندوب الأستوني الدائم لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار بوصفه رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، كل من المندوبين الدائمين الأميركي مايك والتز والبريطانية بربارا وودوارد والفرنسي جيروم بونافون والروسي فاسيلي نيبينزيا والصيني هو فو كونغ، بالإضافة إلى بقية الأعضاء الجزائري عمار بن جامع والصومالي أبو بكر عثمان والباكستاني عاصم افتخار أحمد والدنماركيّة كريستينا ماركوس لاسينا واليونانية أغليا بالتا والغويانية كارولين رودريغيز – بيركيت والبنمي إيلوي ألفارو دي ألبا والكوري الجنوبي تشا جي – هون، والسيراليوني مايكل عمران كانو.
ويلتقي وفد البعثة الأممية الرؤساء الثلاثة جوزاف عون، نبيه برّي ونواف سلام وقائد الجيش العماد رودولف هيكل للاطلاع على مدى سيطرة الجيش على المنطقة المحرّرة هناك. وأفادت المعلومات أن لجنة الميكانزيم التي ستشارك في جلستها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ستعقد اجتماعها اليوم قبل يوم واحد من جلسة مجلس الوزراء الذي سيستمع الى التقرير الثالث عن حصر السلاح جنوب الليطاني، والذي سيقدمه قائد الجيش رودولف هيكل.
إلى ذلك يصل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم إلى بيروت في زيارةٍ يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة، في إطار المساعي العربية ومنها المصرية والسعودية لمعالجة التوترات عند الحدود.
وكانت أورتاغوس التقت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير حربه يسرائيل كاتس الذي قال: أجريت مع أورتاغوس نقاشًا مفيدًا بشأن الوضع في لبنان وقلت لها إن «حزب الله» هو مَن ينتهك السيادة اللبنانية وإن نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية.
هذا وأفادت قناة «كان» العبريّة أنّ السّفير الأميركيّ لدى الأمم المتّحدة، مايك وولتز، من المتوقّع أن يصل إلى تل أبيب الأسبوع المقبل.
وقال وولتز بشأن الوضع في لبنان إنّ الولايات المتّحدة ستواصل جهودها الرّامية إلى نزع سلاح «حزب الله»، مؤكّدًا «يجب أن يتجرّدوا من السّلاح وأن يبقوْا كذلك، سيكون الأمر صعبًا ومعقّدًا، أحيانًا نتقدّم خطوةً ونتراجع خطوتيْن، لكنّ الفرصة كبيرةٌ».
وأضاف وولتز أنّ لـ»إسرائيل» «الحقّ في الدّفاع عن نفسها»، موضّحًا أنّ «الرّئيس والإدارة يريدان دائمًا السّلام لا الحرب، ولكنْ إذا لزم اتخاذ خطواتٍ صعبةٍ، فيجب اتخاذها».
وأكد دبلوماسيٌّ أوروبيٌّ في حديثٍ إلى صحيفة العدو يديعوت أحرنوت أنّ «هناك خطرًا من تصاعد التوتّر على الجبهة اللّبنانيّة بعد اغتيال قياديٍّ في حزب الله»، مشدّدًا على أنّ «من حقّ «إسرائيل» التحرّك إذا حاول حزب الله استعادة نشاطه في جنوب لبنان».
وكشف الدبلوماسيّ أنّ «»إسرائيل» قد تشنّ ضربةً على إيران خلال 12 شهرًا»، مشيرًا إلى أنّ «واشنطن لن تسمح لـ»إسرائيل» في المدى القريب بشنّ هجومٍ واسعٍ على إيران، حفاظًا على خطّتها بشأن غزة». وأضاف أنّ «طهران تواصل التصعيد وتتجاهل التحذيرات الدوليّة، مع ارتفاع منسوب التوتّر في لبنان والضفّة الغربيّة».
على خط آخر أنهى البابا لاوون الرابع عشر زيارته التاريخية للبنان التي استمرّت ثلاثة أيام من مطار رفيق الحريري الدولي حيث أقيمت له مراسم وداع رسمية، في مبنى كبار الزوار، بحضور الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام ووزراء ونواب وقادة عسكريين وروحيين.
بعد مغادرته لبنان، أكَّد بابا الفاتيكان أنَّ الكرسيَّ الرسوليَّ «سَيستمرُّ في محاولة إقناع الأطراف في لبنان بترك السلاح والعنف والتوجّه إلى الحوار»، مشيرًا إلى أنَّ البحث عن حلولٍ «لا تقوم على العنف لكنها الأكثر فعاليّة هي أمرٌ جيّدٌ للشعب اللبناني».
وأوضح البابا أنَّ الجانب السياسي «ليس السبب الرئيسي» للزيارة التي وصفها بأنّها ذات بُعدٍ «مسكونيّ» ترتبط بمجمع نيقية و»لقاء البطاركة من أجل وحدة الكنيسة»، لكنّه أقرّ بأنّه عقد خلال الرحلة لقاءاتٍ شخصيّة مع «سلطات سياسية وممثّلين عن مجموعات مختلفة لها علاقة بصراعات داخلية ودولية».
وشدَّد البابا على أنَّ عمل الكرسي الرسولي في هذا المجال «لا يكون علنيًّا بل يتمّ خلف الكواليس»، مضيفًا أن «الشيء الوحيد الذي فعلناه وسنستمر في فعله هو محاولة إقناع الأطراف بترك السلاح والعنف، والقدوم إلى طاولة الحوار؛ فالبحث عن حلول غير عنيفة، ولكن أكثر فعالية هو أمرٌ جيّدٌ للشعب».
وحول السؤال عن إمكان تحرّكٍ ملموسٍ للتوسّط بين الأطراف اللبنانية بعد الخطاب الذي تضمَّن دعوةً إلى التفاوض، أشار البابا إلى أنَّ هدف الكنيسة هو «تهدئة النزاعات الداخلية والدولية» عبر تشجيع منطق الحوار، مؤكّدًا أنَّ اللقاءات السياسية «جرت بعيدًا عن الإعلام وتركّزت على تهدئة النزاعات الداخلية والدولية».
وبشأن ما تردّد عن لقاءٍ مع ممثّل عن الطائفة الشيعية ورسالةٍ وُجّهت من «حزب الله» إلى الكرسي الرسولي، قال البابا: «نعم، لقد اطّلعتُ على رسالة حزب الله، ومن الواضح أن هناك اقتراحًا من جانب الكنيسة بأن يتركوا السلاح ويسعوا للحوار، ولكن.. أكثر من ذلك أفضل عدم التعليق».
وأكد البابا لاوون الرابع عشر في عظته في القداس الإلهي الذي أقيم في واجهة بيروت البحرية، بعدما تلا الصلاة الصامتة أمام اللوحة التذكاريّة التي تحمل أسماء 245 شهيدًا وضحيّة في انفجار مرفأ بيروت، وأضاء شمعة، أنه «علينا جميعاً أن نوحّد جهودنا كي تستعيد هذه الأرض بهاءها»، لافتاً إلى أنّه «ليس أمامنا إلا طريق واحد لتحقيق ذلك أن ننزع السلاح من قلوبنا، وتسقط دروع انغلاقاتنا العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاءات المتبادلة، ونُوقِظ في داخلنا حُلْمَ لبنان الموحّد، حيث ينتصر السلام والعدل، ويمكن للجميع فيه أن يعترف بعضُهم ببعض إخوة وأخوات».
ودعا البابا لاوون الرابع عشر خلال القدّاس الإلهي «مسيحيي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة من أجل تخطي الانقسامات ولفتح صفحات جديدة باسم السلام».
وطلب من «المجتمع الدولي دعم لبنان، اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام».
وكان البابا لاوون الرابع عشر استهلّ اليوم الثالث من زيارته إلى لبنان بجولة على مستشفى راهبات دير الصليب – جل الديب، حيث أشار في كلمة له إلى أن «يسوع يسكن فيكم هنا، وأنا أحييكم تحية مودّة وأؤكد أنكم في قلبي وصلاتي»، لافتاً إلى أن «ما نشهده في هذا المكان هو عبرة للجميع، ولأرضكم، ونحن لا يمكن أن ننسى الضعفاء»، مؤكداً أن «صرخة الضعفاء التي نسمعها دائماً تخاطبنا».
وشكّلت المحطّة الثانية للبابا لاوون الرابع عشر في اليوم الثالث والأخير من زيارته التاريخية للبنان، محطة وجدانية وإنسانية بامتياز، إذ توجّه إلى موقع الانفجار في مرفأ بيروت حيث وقف في صلاة صامتة إجلالًا لأرواح شهداء الرابع من آب.
وكان رئيس الحكومة نواف سلام في استقبال البابا، واعتبر في مداخلة متلفزة أن «زيارة البابا إلى المرفأ تمثل وقفة للعدالة لأهالي الضحايا وهي عدالة لبيروت ولكل لبنان».
وكان البابا دعا خلال اللقاء المسكونيّ والحواريّ بين الأديان، في وسط بيروت، إلى أن يكونوا «بُناة سلام»، وأن يواجهوا عدم التسامح، ويَتَغَلَّبُوا على العُنف، ويرفُضُوا الإقصاء. وكان البابا في مستهل اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان، زار ضريح القديس شربل في عنايا وصلّى «من أجل إحلال السلام» في البلد الصغير الذي يستقبله بحفاوة، داعياً القيّمين على الكنيسة إلى تعزيز حضور الشباب ودورهم مهما كبرت التحديات.
ومن بازيليك سيدة لبنان حريصا قال البابا: «من الضروري حتى وسط أنقاض عالم يعاني من فشل مؤلم، أن نقدّم لهم آفاقاً حقيقية وعملية للنهوض والنمو في المستقبل».
وفي اليوم الأول، شدّد البابا لاوون الرابع عشر، خلال كلمته من قصر بعبدا، على أنّ السلام أكثر من مجرّد كلمة، مؤكّدًا أنّه أمنية ودعوة وعطيّة، وورشة عمل مشرّعة دائمًا. وأعرب عن ثقته بأنّ ملايين اللبنانيين، في الداخل والخارج، يخدمون السلام بصمت.
وأشار البابا لاوون إلى أنّ الشعب اللبناني لا يستسلم وينهض من قلب المحن، موجّهًا رسالة إلى اللبنانيين: «أنتم شعب لا يستسلم، بل شعب يصمد أمام الصعاب ويعرف كيف يولد من جديد» مشيرًا إلى أنّ عمل السلام هو بداية متجدّدة ومتواصلة، وأن الالتزام بالسلام لا يعرف الخوف أمام الإخفاقات المتكررة. وجدّد قوله إنّ لبنان بلد متنوّع، ولغته المشتركة هي لغة الرجاء، معتبرًا أنّه يستطيع أن يفاخر بـ مجتمعه المدني النابض بالحياة والغنيّ بالكفاءات.
وختم البابا داعيًا اللبنانيين إلى عدم الانفصال عن شعبهم ووضع ذواتهم في خدمته، معربًا عن أمله بأن يتحدّثوا دائمًا بلغة الرجاء للانطلاق من جديد كشعب واحد.
وأضاف البابا أنّ هناك جراحًا شخصية وجماعية تحتاج إلى مداواتها سنوات طويلة، وأحيانًا أجيالاً كاملة. وأكد أنّ الحقيقة لا تُبلغ إلا من خلال اللقاء، وأن الحقيقة والمصالحة تنموان معًا.
وأكد أنّه لا توجد مصالحة دائمة من دون هدف مشترك، ومن دون الانفتاح على مستقبل يَغلِب فيه الخير على الشر، لافتًا إلى أنّ ثقافة المصالحة تحتاج إلى اعتراف السلطات والمؤسسات بتقديم الخير العام.
وشدّد على أنّ السلام ليس مجرد توازن هش بين أناس يعيشون تحت سقف واحد وهم منفصلون، بل هو القدرة على العيش معًا من أجل مستقبل مشترك، وعندها ـ كما قال ـ يُحقق السلام تلك البحبوحة التي تدهشنا حين تتخطى الحواجز والحدود.
وأشار إلى أنّ فاعلي السلام يجرؤون على البقاء، حتى لو كلفهم ذلك بعض التضحية، مضيفًا أنّ العودة إلى الوطن تتطلّب شجاعة وبصيرة رغم الظروف الصعبة، وأنّ السلام لا ينمو إلا في سياق حي وعملي.
"الشرق":
الاجواء السياسية الهادئة التي خلفتها زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان خلال الايام الثلاثة الماضية ومناخ الاجماع الداخلي حولها لا سيما دعواته المتكررة الى ارساء السلام الدائم وتشجيع اللبنانيين عليه، ستبقى مخيمة على البلاد في الايام المقبلة، وقد شدد في ختامها على وجوب “وقف الاعمال العدائية لان القتال لا يجلب اي فائدة فالأسلحة تقتل اما التفاوض والوساطة والحوار فتبني”.
زيارة لا بدّ من الاقرار بأنها عكست مشهدية رائعة في كل محطاتها وأوصلت الى العالم صورة عن لبنان الحقيقي وشعبه التواق الى العيش بسلام والدولة القادرة على الامساك بأمنها وبسط سيادتها وتنظيم اعظم المناسبات على اعلى المستويات.
الحبر الاعظم غادر لبنان لكنّه حمله في قلبه ووجدانه، ولأجله سيرفع صلواته، فعسى الا تحمل الايام المقبلة انباء غير سارة نتيجة ما تروّج له اسرائيل وما يخشاه المسؤولون العرب والاجانب من ضربة محتملة قد توجهها الدولة العبرية الى لبنان في وقت غير بعيد. في هذا الشأن يحمل الى بيروت غدا وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن ال ثاني حيث سيجتمع الى الرؤساء الثلاثة في اطار االمساعي الهادفة الى معالجة التوترات، وبعده المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس الموجودة في تل ابيب، وقد التقت اليوم وزير الخارجية جدعون ساعر الذي اعلن انه اجرى معها نقاشًا مفيدًا بشأن الوضع في لبنان وأبلغها إن “حزب الله” هو من ينتهك السيادة اللبنانية وإن نزع سلاحه أمر بالغ الأهمية”.
لتتوقف الهجمات
غادر الحبر الاعظم البابا لاون الرابع عشر لبنان على وقع رسالة تطمين لشعبه أكد فيها انه سيتابع قضاياه وسيصلي له، وذلك بعد 3 ايام أمضاها معهم. من المطار، وقبيل مغادرته، قال: التقيتُ في هذهِ الأيام القليلة وجوهًا كثيرة وصافحت أيدِيًا عديدة، مُستَمِدًّا من هذا الاتصال الجسدي والداخلي طاقة من الرّجاء. أنتم أقوياء مِثل أشجار الأرز، أشجار جبالكم الجميلة، وممتلئون بالثَّمار كالزيتون الذي ينمو في السهول، وفي الجنوب وبالقُرب من البحر. أُحيِي جميع مناطِقِ لبنان التي لم أتمكَّن من زيارتها: طرابلس والشمال، والبقاع والجنوب، الذي يعيش بصورة خاصّةٍ حالة من الصراع وعدم الاستقرار. أعانقُ الجميع وأرسل إلى الجميع أماني بالسّلام. وأُطلق أيضًا نداءً من كل قلبي : لِتَتَوَقَّف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظِنَّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلّحَ يَجلِبُ أَيَّةَ فائِدَة. فالأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوارُ فتَبني. لِنَختَر جميعًا السّلامَ وليَكُن السّلامُ طريقنا، لا هدفًا فقط! لِنَتَذَكَّرُ ما قاله لكم القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني: لبنانُ أكثرُ من بلد إنّه رسالة ! لِنَتَعلَّمْ أن نعمل معا ونرجو معًا لِيَتَحَقَّق ذلك. بارك الله شعب لبنان، وجميعكم، والشرق الأوسط، وكلَّ البشريّة ! شكرًا وإلى اللقاء!”
نداء للمجتمع الدولي
وكان البابا لاوون اختتم زيارته لبنان ، بترؤسه القداس إلالهي الذي أقيم صباحا على الواجهة البحرية لبيروت، وسط حضور الآلاف من المؤمنين الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن دول الجوار، لرفع الصلاة من أجل السلام والاستقرار، في حضور الرؤساء الثلاثة. وفي ختام القداس، دعا البابا “مسيحيي لبنان إلى أن يضعوا مستقبلهم أمام الله”. وأضاف: “ولكم يا مسيحيي المشرق، أبناء هذه الأرض بكل ما للكلمة من معنى، تحلوا بالشجاعة، فالكنيسة كلها تنظر اليكم بمحبة وإعجاب”. وطلب من “المجتمع الدولي دعم لبنان، اسمعوا صوت الشعب الذي يطالب بالسلام”. وأكد أن “الشرق الأوسط يحتاج إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام”. وفي عظته قال البابا لاوون “نحن مدعوون إلى عدم اليأس وأقول للبنان انهض وكن علامة للسلام في المشرق. اضاف: أصلّي كي تبقى هذه الأرض مضاءة بالإيمان وأصلّي أن يثبت لبنان في نعمة المسيح. وتابع: إنّ هذا الجمال يظلّل بالفقر والمعاناة وبالجراح وبالظرف السياسي الهش وغير المستقر وبالأزمة الاقتصادية وبالعنف والنزاعات”.
وقفة وجدانية
قبل الوصول الى القداس، عرج البابا الى موقع الانفجار في مرفأ بيروت حيث وقف في صلاة صامتة إجلالًا لأرواح شهداء الرابع من آب، في لحظة وجدانية مؤثرة. وتلا البابا لاوون الصلاة الصامتة أمام اللوحة التذكارية التي تحمل أسماء 245 شهيدًا وضحية في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، حيث رفع صلاة امتدت لعدة دقائق، ساد خلالها صمتٌ تام. كما وضع إكليلًا من الزهر وأضاء شمعة لراحة أنفس الضحايا. بعدها، صافح البابا أفراد عائلات الضحايا، واستمع مطولًا إلى شهاداتهم ومعاناتهم، كما قدّم هدايا رمزية للأطفال الذين حضروا برفقة ذويهم.
العدالة للشهداء
في المقابل، كتب رئيس الحكومة نواف سلام الذي رافق البابا في وقفته في المرفأ، على منصة “إكس”: “العدالة لشهداء وضحايا انفجار المرفأ، العدالة لبيروت وكل أهلها، العدالة للبنان”. وقال سلام في مداخلة متلفزة: “نحن كلّنا مع المحبة والشراكة في لبنان ومع السلام في المنطقة بأكملها ودائماً هناك خوف على لبنان ولكن نقوم بكلّ ما يجب من أجل منع أي تصعيد أو حرب”.
اما بداية النهار الاخير للبابا في لبنان فكانت في مستشفى دير الصليب ، حيث تجمع الآلاف من مؤسسات الجمعية التربوية والكشفية والصحية في باحة الدير.
وزير الخارجية القطرية
وغداة مغادرة البابا، يستعد لبنان لاستقبال سلسلة موفدين دوليين ابرزهم اليوم وزير الخارجية القطرية فالمبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس التي زارت تل ابيب امس، وذلك للبحث في كيفية حماية لبنان من التصعيد الاسرائيلي المقبل، حيث عاود الطيران المسير الاسرائيلي، فور مغادرة البابا، تحليقه فوق الضاحية الجنوبية والبقاع.
امس، ووقت عادت الى الاجواء المسيّرات الاسرائيلية بعدما غابت خلال الزيارة البابوية، أكد دبلوماسي أوروبي في حديث لصحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، أن “هناك خطرًا من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية.
"الشرق الأوسط":
لم تكد طائرة البابا ليو الرابع عشر تغادر أجواء بيروت، حتى عادت المسيّرات الإسرائيلية للتحليق فوق العاصمة وضواحيها، في إشارة واضحة إلى أنّ الهدوء الذي رافق الزيارة، كان محسوباً ومؤقّتاً، وفرضته اعتبارات الزيارة، أكثر منه تبدّلاً في الوتيرة العسكرية الإسرائيلية، وذلك بالتوازي مع اجتماعات أميركية – إسرائيلية وتحذيرات أوروبية من انزلاق إضافي على الجبهة اللبنانية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إنّ رئيس الوزراءالإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس التقيا الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس «في ظل التهديدات الإسرائيلية للبنان»، وهي إشارة إلى أنّ ملف الجبهة الشمالية كان حاضراً في أولوية النقاشات.
وفي موازاة ذلك، نقلت«يديعوت أحرنوت» عن دبلوماسي أوروبي، أنّ «هناك خطراً من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية بعد اغتيال قيادي في حزب الله»، عادّاً أنّ «من حق إسرائيل التحرك، إذا حاول حزب الله استعادة نشاطه في جنوب لبنان».
هذه المؤشرات تتقاطع مع ما نشره موقع «والاه» الإسرائيلي عن تقديرات أمنية ترى أنّ «صبر تل أبيب يقترب من نهايته، وأنّ إعادة حزب الله بناء قوته منذ نهاية 2024 تجري وفق وتيرة خطيرة ومتسارعة، رغم الاغتيالات والضربات التي تعرَّض لها».
عودة المسيّرات
وغابت المسيّرات منذ يوم الأحد الماضي، بالتزامن مع وصول البابا إلى لبنان، حيث لم يُرصد تحليق مسيّرات إسرائيلية في بيروت والضاحية وفي عمق جنوب لبنان، واقتصرت التحركات الإسرائيلية على إطلاق نار بمحاذاة المواقع العسكرية، وقنابل مضيئة في المنطقة الحدودية. لكن هذا الواقع، لم يستمر طويلاً، فقد شهدت فترة بعد ظهر الثلاثاء، تحليقاً لطيران إسرائيلي مسيَّر في محيط سلسلتَي جبال لبنان الشرقية والغربية وصولاً إلى مدينة بعلبك، كما سُجِّل تحليق مسيَّر منخفض فوق عدلون وكوثرية السياد جنوباً.
في خضم هذا المشهد المتقلب، يقدّم العميد الركن المتقاعد خليل الحلو قراءة أكثر تفصيلاً لطبيعة الهدوء الراهن وحدوده، إذ قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تراجع وتيرة الهجمات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، وغياب المسيّرات عن المشهد الميداني، لا يعكسان تغييراً في الاستراتيجية، بل ما يمكن وصفه بالهدوء الذي يسبق العاصفة».
وأوضح أنّ ما جرى «مرتبط مباشرة بزيارة البابا، لأنّ إسرائيل تدرك أنّ أيّ عملية كبيرة خلال وجود شخصية بهذا الوزن، ستنعكس سلباً عليها في الإعلام الدولي، لا سيما الإعلام الفاتيكاني الذي لا ينظر إليها بعين الرضا في الأساس، خصوصاً فيما يتعلق بملفات غزة والشرق الأوسط».
وأضاف الحلو أنّ إسرائيل «تواجه أيضاً ضغطاً أميركياً داخلياً، فالمظاهرات داخل الجامعات، والتجاذبات السياسية في واشنطن، وارتفاع حدّة الانتقادات داخل الكونغرس، تجعلها حذرة من أي عمل عسكري قد يخلق ضجة إضافية في لحظة انتخابية حساسة». وعدّ أنّ «علاقتها المتوترة أساساً مع أوروبا، تجعلها أكثر ميلاً لتجميد العمليات الكبيرة خلال هذه الفترة».
أهداف إسرائيل
وأكد أنّ «الوضع الجيواستراتيجي لم يتغيّر إطلاقاً، فالهدف الإسرائيلي لا يزال نفسه، متمثلاً بتفكيك البنية التحتية لحزب الله»، مشيراً إلى أنّ «الإسرائيليين يعدّون، أنّ القرار 1701 فشل في نزع سلاح الحزب عام 2006، وأن التفاهمات التي أُعيد إحياؤها سقطت مجدداً عام 2023، وبالتالي يرون أنّ الحزب ما زال قادراً على تنظيم صفوفه».
وانتقد الحلو تصريح «حزب الله» عن اللجوء إلى العمل السري، قائلاً إنّ «الإعلان عن عمل يُفترض أنه سرّي يعكس تناقضاً، ويُستخدَم من إسرائيل لتبرير أي ضربات مقبلة». وأضاف: «ثقة المجتمع الدولي بقدرة الدولة اللبنانية على اتخاذ قرارات واضحة تراجعت بشدة، فمن قرار الحكومة في أغسطس (آب) بحصر السلاح إلى التراجع عنه بعد شهر، وصولاً إلى الحديث اليوم عن ضبط السلاح بدلاً من نزعه. هذه مقولات قد تصلح للاستهلاك الداخلي، لكنها لا تُقنع الأطراف الخارجية التي لا تستطيع الانتظار سنوات لمعالجة الملف بمنهجية لبنانية تقليدية».
وتابع الحلو: «هناك مَن يعتقد أنّ إسرائيل غير جديّة، وأن كل ما يحصل سيَعبُر كما عبر سابقاً، لكنني لا أشارك هذا الرأي. في مراحل سابقة لعبت أوروبا والولايات المتحدة أدواراً مباشرة لكبح إسرائيل. أما اليوم، فالظروف مختلفة تماماً». وذكّر بأنّ «الرئيس الأميركي السابق جو بايدن كان قد رفض توسيع الحرب إلى لبنان عام 2023 لاعتبارات تتعلق بمفاوضاته آنذاك مع إيران، في حين يتبع ترمب الذي وصل اليوم، سياسة مختلفة تقوم على الضرب والتصعيد، ثم التفاوض، لا العكس».
وعن المرحلة المقبلة، قال إنّ «الاحتمال الأبرز هو تكثيف الحملة الجوية الإسرائيلية التي كانت قد بدأت قبل فترة».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا