الجمهورية: أهل الوفاء يقولون كلمتهم: إلى العمل درّ... عون يهنئ: المسؤولية تبدأ بعد الانتخابات

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : المحرر السياسي
May 06 25|09:04AM :نشر بتاريخ

 هدأت العاصفة الإنتخابية البلدية والإختيارية، وقال جبل لبنان كلمته، وفرض سلطاته المحلية كما يريدها على أرض الواقع، وثبّت صفحة جديدة أحبطت كلّ الممارسات والمبالغات ومحاولات الهيمنة ومصادرة التمثيل وإخضاع هذه المنطقة لمنطق التعالي والتهويل والإستئثار السياسي والفئوي، وباتت الضرورة تقتضي التفرّغ للانتقال إلى المرحلة التالية التي يفترض أن ترتقي المجالس البلدية والاختيارية الجديدة بالمنطقة إلى مدار العمل الجاد والمسؤول والانتاج.

وإذا كانت العمليّة الانتخابيّة قد جرت في أجواء تنافسيّة ديموقراطيّة، قال فيها أبناء جبل لبنان كلمتهم في هذا الاستحقاق، ولم يتركوا مجالاً لتجار السياسة للنزول كعادتهم إلى ساحة الاستثمار السياسي والإعلامي وادّعاء الانتصارات الوهمية ومحاولة تجييرها لهذا الطرف السياسي او ذاك، فالانتصار المشهود هو لأبناء هذه المنطقة حصراً وليس للسياسة والأحزاب ومفتعلي الشواذات. واما الانتصار الأكبر والأكيد، فيتجلّى في صدقية العمل البلدي والإنمائي والخدماتي الذي تنتظره هذه المنطقة في شتى المجالات، والتنافس النزيه والقوي في آن معاً، على الصالح العام، لتثبت بذلك أنّها على قدر الأمانة التي مُنحت لها، بدءًا من منطقة المتن - التي قدّم أبناؤها على عادتهم، نموذجاً فريداً في ثباتهم على النهج والوفاء لتاريخهم وللأمينين على مصالح عرينهم المتني ونمائه من دون تمييز، وعلى إبقائه، كما هو على الدوام، عنواناً حضارياً وواحة لأكثر المناطق جمالاً في لبنان - وامتداداً من الساحل إلى آخر القرى والبلدات في أعلى الجبل.

عون يشكر

وتزامناً مع توالي صدور نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، توجّه رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الفائزين، مثنياً على إنجاز المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية، معتبراً انّ انتخابات جبل لبنان عكست من خلال إقدام المواطنين على المشاركة الفاعلة فيها إصرارهم على إيصال أصواتهم وإيمانهم العميق بأهمية العمل البلدي ودوره الأساسي في تعزيز التنمية المحلية. وقال: «إنّ هذه الانتخابات تؤكّد أنّ لبنان يخطو على مسار النهوض والتعافي، رغم كل الأزمات والتحدّيات التي مرّ فيها».

وإذ نوّه بالجهود التي بذلتها وزارة الداخلية والقوى الأمنية في سبيل إتمام هذا الاستحقاق والمحافظة على حسن سير العملية الانتخابية، لفت إلى أنّ المسؤولية تبدأ بعد الانتخابات، وأنّ خدمة المواطنين وتلبية احتياجاتهم هي الهدف الأساس من العمل البلدي والاختياري. مشيراً إلى أنّه «رغم التنافس فيها، فإنّها تبقى مناسبة لتعزيز الوحدة والتضامن بين أبناء الوطن»، معوّلاً على استكمال مراحلها اللاحقة بالزخم والمناقبية اللتين اتسمت بهما المرحلة الأولى.

عنوانان ملحّان

في موازاة ذلك، يتصدّر المشهد السياسي عنوانان ملحّان، أوّلهما العنوان الدائم المتمثل بالملف الأمني والإرباكات الناجمة عن استمرار الإعتداءات الإسرائيلية على المناطق اللبنانية، مع ما يواكبها من مخاوف تعبّر عنها أوساط سياسية مختلفة من احتمالات خطيرة وتحضيرات إسرائيلية لرفع وتيرة التصعيد على جبهة لبنان. وضمن هذا السياق، أبلغ مسؤول كبير إلى «الجمهورية» قوله: «منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي وإسرائيل تتفلّت من هذا الإتفاق وترفع وتيرة التصعيد، يعني هذا ليس بالشيء الجديد».

واستدرك المسؤول عينه قائلاً: «بعض «الخبريات» التي تُروّج في بعض الإعلام عن عدوان إسرائيلي وشيك تثير الخشية مما يبيته الذهن الإسرائيلي من نوايا عدوانية، وهذا ما نأخذه في الحسبان دائماً، إلّا أنّ ما نسمعه في الغرف المغلقة من الموفدين، وكذلك في المداولات المستمرة مع الجهات الدولية، خصوصاً الدول المعنية باتفاق وقف إطلاق النار يشي بغير ذلك، ويؤكّد بأنّ الفرنسيّين حاضرون بصورة دائمة على خطّ عدم تفلّت الوضع، وأنّ الأميركيين لا يرغبون بتصعيد، وأنّ أولويتهم في هذه المرحلة هي تثبيت الأمن والاستقرار في لبنان، ولعلّ أهم الإشارات الأميركية في هذا الاتجاه تجلّت في مسارعتها إلى إحياء لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار واستبدال رئيسها برئيس جديد وعد بتفعيل عمل اللجنة وبمواكبة حثيثة للتطورات عبر حضور دائم للجنة واجتماعات متواصلة بصورة دوريّة في خدمة الهدف الذي شُكّلت لأجله. وتبعاً لذلك، نحن في انتظار الانطلاقة الجديدة للجنة، وفي ضوء ما ستقوم به، يُبنى على الشيء مقتضاه».

العنوان السياسي

وأما الثاني فهو العنوان السياسي الذي يتوزّع على مجموعة خطوات ومحاور مرتبطة ببعضها، وتنضبط في مجملها في مسار إعادة إنهاض البلد اقتصادياً ومالياً، بدءًا بالحراك المكثف لرئيس الجمهورية وزياراته الخارجية لحشد الدعم والمساعدات للبنان، والتي تندرج في سياقها زيارة مرتقبة قريباً إلى دولة الكويت، مروراً بالخطوات الحكومية في المجالين الإنقاذي والإصلاحي وصولاً إلى مواكبة مجلس النواب لهذا المسار وإقرار مجموعة القوانين التي تخدم عملية الإصلاح، وتندرج في هذا السياق جلسة تشريعية للمجلس النيابي قد تُعقد الأسبوع المقبل يرجح أنّ يكون مشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي مدرجاً في جدول أعمالها، إضافة إلى مشاريع القروض المقدّمة من البنك الدولي. وهو ما سيتقرّر في اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد غد الخميس.

في سياق متصل، وفيما أكّدت مصادر مالية لـ«الجمهورية» أنّ إجراءات مكمّلة للإتصالات مع المؤسسات الماليّة الدولية ستتوالى في المرحلة المقبلة»، كشفت مصادر رسمية عن زيارة باتت وشيكة لوفد خليجي إلى بيروت، مرتبطة بملف المساعدات التي يحتاجها لبنان في المجال الاقتصادي وإعادة الإعمار»، مرجّحة في الوقت عينه «أن تلي خطوة دولة الإمارات العربية المتحدة برفع حظر سفر رعاياها إلى لبنان خطوات مماثلة من دول خليجية اخرى، وخصوصاً أنّ المسؤولين في لبنان تلقّوا من بعض الديبلوماسيين في الآونة الأخيرة إشارات إيجابيّة واعدة بهذا المعنى، وتتقاطع جميعها على التأكيد على قيام السلطات اللبنانية بتبديد أسباب الحظر، والمبادرة إلى خطوات ملموسة لتوفير الأمن والاطمئنان لكل الوافدين إلى لبنان خصوصاً من دول الخليج».

الإصلاحات بعد الانتخابات

من جهة ثانية، وفيما تتقاطع المستويات الرسمية جميعها على التعاطي مع المساعدات العربية والدولية للبنان كملف مؤجّل لاعتبارين أولهما ارتباط تلك المساعدات بسلة الإصلاحات الموعودة التي قد لا يكون في مقدور حكومة نواف سلام أن تنجزها في الوقت المتبقي من عمرها بالنظر إلى الاستحقاقات المقبلة، وفي مقدّمها استحقاق الانتخابات النيابية، التي لن يطول الوقت حتى يُغرق البلاد بأكملها في كوما الانتخابات النيابية والتحضيرات لها اعتباراً من الأشهر القليلة المقبلة. وتبعاً لذلك، تُثار شكوك في أوساط سياسية مختلفة، بتمكّن الحكومة من الإيفاء بما هو مطلوب منها قبل الانتخابات النيابية المقبلة، وعلى ما يُقال في هذه الأوساط فإنّ الاصلاحات الجدّية رُحّلت تلقائياً إلى المجلس النيابي المقبل والحكومة الجديدة التي سيتمّ تشكيلها وقتذاك، ولاسيما أنّ النواب الحاليين لن يقوموا باتخاذ أي خطوة تشريعية غير شعبية في المجلس الحالي». وأما الاعتبار الثاني فهو ربط هذه المساعدات بحسم الملف الخلافي الشائك المتعلق بسلاح «حزب الله».

ملف السلاح

وإذا كانت الدولة قد قرّرت التصدّي المباشر لملف السلاح الفلسطيني، ومنع المنظمات الفلسطينية وتحديداً حركة «حماس» من الإضرار بالأمن والمسّ بالسيادة الوطنية، وهو ما اكّد عليه مجلس الدفاع الأعلى، وتُرجم بإجراءات فورية ألزمت «حماس» بتسليم مطلقي الصواريخ المشبوهة في اتجاه اسرائيل، إلى السلطات اللبنانية، فحتى الآن لم تتبلور بعد كيفية مقاربة ملف السلاح، ولا يؤشر الأفق إلى أنّها قد تتبلور بسهولة، وكذلك إلى موعد تبلورها، في انتظار ما سيقرّره رئيس الجمهورية في هذا الشأن وفق ظروفه والتوقيت الذي يراه مناسباً.

وفيما بقي هذا الملف أكثر الملفات الداخلية سخونة، ونقطة السجال الحادة بين المطالبين بنزعه، والمتمسكين به، فإنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما يُنقل عن ديبلوماسيين فرنسيين وبريطانيين حول هذا الأمر، فإنّهم حيال ملف سلاح «حزب الله» يتناغمون مع موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون، فيما الأميركيون الذين يريدون النزع الفوري لسلاح الحزب، ليس فقط جنوب الليطاني بل في كل لبنان، لوحظ أنّهم خففوا من نبرتهم الحادة تجاه هذا الامر، بما يعني الميل نحو موقف الرئيس عون.

وفي دردشة له مع «الجمهورية»، قال سفير دولة اوروبية كبرى «انّ دول الاتحاد الاوروبي إلى جانب الرئيس جوزاف عون في سعيه إلى حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها، وتشاركه تأكيده أنّ هذا الأمر، إلى جانب مجموعة الخطوات الأصلاحية يشكّل الحاجة الملحّة لقيام دولة قادرة على الإنقاذ والإصلاح».

تحذير من الانقسامات

وفي سياق متصل، دعا مصدر ديبلوماسي عربي اللبنانيين إلى التنبّه في المرحلة الراهنة، وتجنّب حصول أي انقسامات داخلية، وخصوصاً في ظل التباين في نظرتهم إلى سلاح «حزب الله» بين من يتمسك به وبين من يعتبره سبباً لاستمرار الأزمة وتعميق الانقسام، وهذا أمر لا يبعث على الاطمئنان». ولفت إلى «اننا نتواصل مع جميع الأطراف في لبنان، ونؤكّد على أنّ الجميع أمام مسؤولية إفادة لبنان من فرصة النهوض المتاحة امامه، ونعتبر أنّ عهد الرئيس عون واعد للانتقال بوضع لبنان الصعب إلى الاستقرار والازدهار من جديد». وإذ أشار الديبلوماسي عينه إلى أنّ «بلاده تقدّر التزام لبنان باتفاق وقف إطلاق النار، وتشدّد في الوقت نفسه على التزام إسرائيل باتفاق وقف الأعمال العدائية»، لاحظ انّ «حزب الله» يستطيع ان يشكّل عاملاً مساعداً في إنهاض البلد، وقلنا هذا الكلام بشكل مباشر لمن يعنيهم الأمر، وتمنينا الّا يظهر أي طرف في لبنان نفسه وكأنّه منفصل ومتجاهل لمعاناة الشعب اللبناني».

حملة أميركية

إلى ذلك، أفاد تقرير نشرته مجلة «thecradle» عن «حصار مالي» يواجهه «حزب الله». وأشار إلى انّ واشنطن تشنّ حملة مالية واقتصادية شاملة ضدّ الحزب بهدف عزله». والهدف من وراء ذلك هو إضعاف مكانة الحزب بين مؤيديه والسكان على نطاق واسع».

ووفق التقرير، فإنّ «الاستراتيجية الأميركية الحالية تستمد قوتها من أدوات عديدة مثل الحصار والعقوبات، ولكن بالرغم من ذلك، فقد نجح «حزب الله» في حشد ما يقرب من مليار دولار من المساعدات منذ اتفاق وقف إطلاق النار دعماً للمدنيين النازحين وبدء مرحلة مبكرة من إعادة الإعمار في جنوب لبنان ومنطقة البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت».

واشار التقرير إلى أنّ «واشنطن تصعّد جهودها لخنق «حزب الله» عبر القطاعين المصرفي والتجاري» لافتاً إلى انّ «جميع الأنشطة المالية من التحويلات المالية إلى التجارة الأساسية، تخضع الآن لتدقيق دقيق لضمان قطع كل الطرق المؤدية إلى الحزب». ولفت إلى انّ «واشنطن وتل أبيب عازمتان على تفكيك القرض الحسن، باعتباره ركيزةً من ركائز البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية لـ»حزب الله»، مع هذا، تضغط الولايات المتحدة على مصرف لبنان المركزي لإغلاقه نهائياً».

وخلص التقرير إلى «انّ ما يجري هدفه واضح وهو قطع موارد «حزب الله» وإضعاف مؤسساته، ما سيؤدي إما إلى امتناع قاعدته عن التصويت أو إلى انحيازها نحو الفصائل المنافسة، وهذه النتيجة قد تُحدث تغييراً في ميزان القوى في البرلمان اللبناني، مما يُضعف حصة حزب الله النيابية».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الجمهورية