البناء: أعنف عدوان جوي للاحتلال على الضاحية منذ وقف إطلاق النار: تدمير ونزوح عون: استباحة سافرة لاتفاق دوليّ ورسالة لأميركا ومبادراتها عبر دماء اللبنانيين رعد في ذكرى الخميني: إذا كان الهدف هو المقاومة فكيدوا كيدكم ولن تسقطوها
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Jun 06 25|08:38AM :نشر بتاريخ
شنّ الطيران الحربي وعدد من الطائرات المسيّرة في جيش الاحتلال أعنف عدوان جوي على لبنان منذ وقف إطلاق النار قبل سبعة شهور، حيث تعرّض عدد من الأبنية السكنية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بأكثر من عشرين غارة شنتها الطائرات المسيّرة والطائرات الحربية، وتناقلت المصادر الإعلامية كلاماً منسوباً لمصدر أمني لبناني يقول فيه إن الاحتلال الذي زعم أنه استهدف مواقع تحتوي على مصانع للطائرات المسيّرة رفض طلباً لبنانياً رسمياً عبر لجنة مراقبة وقف النار للكشف على الأبنية المعنية والتحقق من المزاعم الإسرائيلية وتولّي مسؤولية معالجة أوضاعها إذا ثبتت الاتهامات، ما يرسم علامات استفهام كبيرة حول صدقيّة الاتهامات من جهة، وحقيقة الهدف من العدوان من جهة مقابلة.
المصادر السياسية المتابعة للعدوان وضعته في سياق مناخ تصعيديّ يريده رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، وصولاً لاحتمال الذهاب إلى عدوان على إيران مستفيداً من مناخ التوتر والانسداد في المفاوضات الأميركية الإيرانية ومن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران بعواقب وخيمة إذا رفضت مقترح المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف. وقالت المصادر إن تصعيد نتنياهو ليس منعزلاً عن الوضع الداخلي في الكيان في ظل قانون حل الكنيست الذي سوف يتم التصويت عليه خلال أيام، ويمكن للهروب نحو الحرب أن يتفاداه، وفيما تقاطعت المواقف اللبنانية الرسمية والسياسية عند إدانة العدوان وتحميل واشنطن كراعٍ لاتفاق وقف إطلاق النار مسؤولية مواصلة الاحتلال اعتداءاته على لبنان الذي نفذ كل موجباته وفق الاتفاق، تفرّدت القوات اللبنانية على ألسنة مسؤوليها ونوابها بتبرير العدوان وترداد الرواية الإسرائيلية بربط وقف النار بنزع سلاح المقاومة.
رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون عبّر عن «إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي على محيط العاصمة بيروت«، مؤكداً «أن هذه الاستباحة السافرة لاتفاقٍ دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة دينية مقدسة، إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا». وقال «هي رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، إلى الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها. وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً».
في حديث سابق للعدوان كان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قد تحدّث في احتفال أقامته السفارة الإيرانية في بيروت، بحضور حفيد الإمام الخميني السيد علي أحمد الخميني، بمناسبة الذكرى الـ 36 لرحيل الإمام الخميني، فقال «إذا كان الهدف هو المقاومة فكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم لن تستطيعوا أن تُسقطوا إرادة المقاومة من شعبنا». ولفت رعد، إلى أن «هناك نوايا طيبة نسمعها من البعض لكن هناك واقع يفيد أننا لسنا في أحسن حال ونعيش بالفعل عصر الوصايات»، مضيفاً «لم يكن الصاروخ مصدر قوّتنا إنما كانت الروح هي التي تعطينا القوة».
ولم يرقَ للعدو الإسرائيلي مشهد طريق بيروت – الجنوب التي غصّت بالمواطنين المتوجهين الى الجنوب حتى القرى المحاذية للشريط الحدودي، فيما المستوطنون لم يعودوا حتى الآن الى مستوطناتهم في الشمال، فعمد الى تنغيص أجواء العيد، وشن عدوانًا جويًا جديدًا على الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض مناطق الجنوب، واستهدف بسلسلة غارات جوية عنيفة عددًا من المباني السكنية بذريعة وجود أسلحة وصواريخ.
ويعد عدوان الأمس الأوسع على الضاحية الجنوبية منذ وقف إطلاق النار، بعد تهديدات وجهها العدو لسكان الضاحية، ومهّد له بسلسلة غارات عبر مُسيّرات هجومية بدون طيار. وأدى العدوان إلى تدمير العديد من المباني السكنية وهي محض مدنية بالكامل، وتسبب باشتعال الحرائق في الأماكن المستهدفة، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات في الأرواح.
وجاء العدوان في وقت كان أهالي الضاحية والجنوب يستعدّون لاستقبال عيد الأضحى المبارك، وتسبب بحالة ذعر وإرباك لسكان المناطق المستهدفة الذين سارعوا إلى إخلاء منازلهم والابتعاد عنها لمسافات طويلة، فيما سُمع إطلاق نار كثيف وحركة نزوح في الضاحية بعد تهديد الجيش الإسرائيلي.
ووسّع العدو الصهيوني دائرة عدوانه فاستهدف مباني سكنية في بلدة عين قانا في إقليم التفاح بقضاء النبطية في الجنوب، قبل توجيه إنذار. وكشفت وسائل إعلام العدو منها القناة الـ14، أن العدوان الجديد على ضاحية بيروت الجنوبية جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإبلاغها مسبقًا بالعدوان.
وأفيد عن ورود اتصالات تهديد عشوائية لعدد من قرى الجنوب والبقاع الغربي وبيروت وعملت مخابرات الجيش على التحقق من الأرقام.
وهدّد المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، المتواجدين في الضاحية الجنوبية في بيروت وخاصة في الأحياء التالية: الحدث، حارة حريك، برج البراجنة في المباني المحددة بالأحمر وفق ما يُعرض في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها. وزعم أدرعي، أن «السكان يتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله ومضطرون لإخلاء هذه المباني فوراً والابتعاد عنها لمسافة لا تقلّ عن 300 متر». وبدوره، أشار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الى أننا «سنواصل فرض قواعد وقف إطلاق النار في لبنان دون أي تساهل».
وكشف مصدر أمني لبناني لقناة «الجزيرة» الى أن «الجيش حاول عبر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الكشف عن مواقع مهدّدة في الضاحية الجنوبية»، ولفت المصدر الى ان «إسرائيل» رفضت الاستجابة لطلب لبنان، وبدأت بقصف المواقع المحددة في الضاحية الجنوبية. وأفادت قناة «المنار» بأنّ «بعد التهديدات حصل تواصل بين لبنان وواشنطن والاقتراح أن يقوم الجيش بالكشف على المباني ووافق حزب اللّه». وتابعت: «أثناء تواجد الجيش داخل أحد المباني قام العدو بتنفيذ ضربة تحذيرية، دخل الجيش الى المبنى ولم يجد سلاحاً».
وأشار محللون وخبراء في الشؤون السياسية والعسكرية لـ «البناء» الى أن موجة الاعتداءات الإسرائيلية جاءت كرسائل تذكيرية للدولة اللبنانية بأن الضربات مستمرة حتى نزع سلاح حزب الله، وبالتالي الضغط على لبنان للرضوخ للشروط الإسرائيلية الأمنية والسياسية وفي مقدمتها الالتحاق بركب مسار السلام والتطبيع التي بدأت تذهب اليه بعض الدول العربية، كما تهدف الى زرع الرعب واليأس في بيئة المقاومة وتدفيعها ثمناً باهظاً عشية عيد الأضحى. أما الهدف الأهم فهو محاولة رئيس حكومة «إسرائيل» حرف الإنذار عما يحصل في داخل الكيان الإسرائيلي من خلافات داخلية والمأزق السياسي الذي ينتظر حكومته إلى حد احتمال فرط عقدها في ظل دعوات بعض الأحزاب الإسرائيلية إلى التصويت بعد حوالي الأسبوع على حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، وبالتالي التصعيد العسكري في لبنان يخدم مصلحة نتنياهو وفريقه ويخلق مناخ حرب ويُعيد توحيد الداخل الإسرائيلي وينقذ حكومته.
وإذ توقع الخبراء توقف الغارات مستبعدين توجه «إسرائيل» إلى توسيع الحرب على لبنان مع اجتياح بري للجنوب، كما ذكر الإعلام الإسرائيلي سابقاً، علمت «البناء» أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام أجروا سلسلة اتصالات مكثفة مساء أمس، مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى ومع مسؤولين فرنسيين وأوروبين ومع الأمم المتحدة ومع سفراء ووزراء خارجية دول عربية ومع رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب، للضغط على «إسرائيل» لوقف عدوانها وانسحابها من الجنوب ووقف خروقها. ومن المتوقع وفق المعلومات أن تؤدي هذه الاتصالات إلى عودة الهدوء بدءاً من صباح اليوم. لكن مصادر معنية لـ»البناء» نفت الحصول على ضمانات خارجيّة من «إسرائيل» بتمرير عطلة عيد الأضحى بأجواء هادئة.
في المواقف أعرب رئيس الجمهورية جوزاف عون عن «إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي مساء اليوم على محيط العاصمة اللبنانية بيروت»، مؤكداً «أن هذه الاستباحة السافرة لاتفاقٍ دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة دينية مقدسة، إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا».
وقال «هي رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، الى الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً».
بدوره، دان رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بشدة التهديدات والاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للبنان، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، معتبراً أنها تشكل «استهدافاً ممنهجاً ومتعمدًا للبنان، وأمنه، واستقراره، واقتصاده، خصوصاً عشية الأعياد والموسم السياحي».
وأكد سلام، في بيان، أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية وللقرار الدولي 1701، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لردع «إسرائيل» عن مواصلة اعتداءاتها، وإلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة.
كما اعتبرت المنسقة الخاصة لـ»الأمم المتحدة» في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت في بيان، أن الغارات التي تعرّضت لها الضاحية الجنوبية لبيروت هذه الليلة أثارت حالة من الذعر والخوف عشية عيد الأضحى المُبارك. ودعت المنسقة الأممية مرة أخرى إلى وقف أي أعمال من شأنها أن تقوّض بشكل أكبر تفاهم وقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701.
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة جدّدت دعوتها لخطاب التفاهم حول مصلحة البلاد واستقرارها والالتفاف حول أولويّة إنهاء الاحتلال الصهيوني وإخراجه من كل أرضنا اللبنانية المحتلة ووقف عدوانه وخروقه المستمرّة وإطلاق الأسرى والشروع جديًّا في إعادة الإعمار وفتح مسار الإصلاحات على كلّ الصعُد وفي مختلف المجالات.
وشكرت الكتلة بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد كل الدول التي تُبدي استعدادًا جدّيًّا للإسهام في إعادة إعمار ما هدّمته الحرب العدوانية الصهيونية ضد لبنان، وتُعرب عن تقديرها لموقف الجمهورية العراقية الثابت في دعمها للبنان والذي تم تأكيده مؤخرًا إبّان زيارة فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزف عون إلى بغداد. وأبدت انفتاحها وتعاونها مع رؤساء السلطات الدستورية في البلاد ومع القوى السياسية الجادّة في تحقيق الاستقرار، وذلك لمعالجة كل مكامن الخلل ونقاط الضعف التي تحول دون أن يُترجم لبنان تطلعاته نحو حفظ سيادته ورفض الوصايات عليه وممارسة حقّه الطبيعي في اتخاذ المواقف الوطنيّة المنسجمة مع قيم مكوّناته الإنسانيّة والأخلاقيّة ومبادئه الدستوريّة.
وكان النائب رعد قد أكد أنّ المقاومة راسخة في وجدان الناس، ضاربة في عمق الوعي الشعبي، ولا يمكن لأيّ مؤامرة أن تقتلعها أو تضعف حضورها.
وفي كلمة له في مراسم إحياء الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني، قال رعد: «ما من أحد يستطيع ضرب المقاومة في نفوس الناس. وإذا كان الهدف هو النيل من هذه المقاومة، فكيدوا كيدكم، واسعوا سعيكم، واحشدوا أدواتكم، فلن تستطيعوا إسقاط إرادة المقاومة من شعبنا المؤمن، الصامد، المضحّي».
وأضاف: «نسمع نوايا طيبة من بعض الجهات، لكن الواقع يُظهر أننا لسنا في أفضل حال، ونعيش، للأسف، مرحلة دقيقة من عصور الوصاية، تتعدّد فيها وجوه التدخّل، وتتكشّف نوايا الهيمنة بأشكال جديدة». وأشار رعد إلى أن ما يمنح المقاومة قوّتها ليس فقط ما تمتلكه من سلاح وعتاد، بل قبل كل شيء، ما تختزنه من إيمان، وما تحمله من وعي، وما تستند إليه من روحية عالية.
وأكد أنه «لم يكن الصاروخ وحده مصدر قوتنا، إنّما كانت الروح، هي التي تهبنا الصبر والبأس والثبات، وهي التي تحرّك أيدينا حين نطلق النار على العدو، وتملأ قلوبنا عزمًا حين نقف في وجه الزلازل السياسية والضغوط الاقتصادية».
وأضاف: «نحن أبناء مدرسة قدّمت قوافل الشهداء على مذبح العزّة، ولا يمكن أن تخضع لإملاء أو تهتزّ تحت ضغط. هذه المقاومة التي حمت لبنان، وفرضت معادلة الردع، ليست حالة عابرة، بل هي قدر هذا الشعب ومساره نحو السيادة والكرامة، وسيبقى هذا الشعب حاضنًا لمقاومته، وفيًا لتضحياتها، مؤمناً بأنها السبيل الوحيد لحماية الأرض والعرض، ولن تنجح كل المشاريع المشبوهة في تحويلنا إلى تابعين خانعين. نحن أمة المقاومة، وسنظل كذلك، لأننا أصحاب حق، وحملة رسالة، وجنود مشروعٍ لا يُهزم».
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا