البناء: لبنان سنة ثانية لوقف النار: تخلٍّ أميركي عن الاتفاق وتهديد إسرائيلي بالحرب

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Nov 28 25|09:23AM :نشر بتاريخ

 الخلاصات التي تقولها السنة الأولى من وقف إطلاق النار، لا تحتاج إلى تحقيق إجماع ممنوع عليها بقوة الولاءات والمواقف المسبقة، لإثبات صحتها، حيث التخلّي الأميركي عن اتفاق وقف إطلاق النار وصولاً للتخلي عن القرار 1701 كمرجع يحكم الوضع على حدود لبنان الجنوبية يتردّد صداه في كل تصريحات المبعوث الأميركي توماس برّاك، عن نهاية ساكيس بيكو ومعها مفهوم الحدود المعترف بها دولياً لصالح حدود مفيدة وحدود آمنة تحقق “إسرائيل” السيطرة على النفط والمياه وتضمن الاطمئنان بالسيطرة على الجغرافيا لا بالترتيبات الدولية. ويزيد هذا التخلّي يقيناً ما يتعرّض له التعامل الأميركي مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، ما أدّى إلى إلغاء زيارة مقرّرة لقائد الجيش إلى واشنطن، وحيث الخطاب الأميركي لا يقتصر على المطالبة بنزع سلاح المقاومة من كل لبنان ليس لضمان انسحاب إسرائيلي كامل بل لضمان عدم شن “إسرائيل” حرباً جديدة، أما الانسحاب فيحتاج إلى تفاوض على الخرائط، حيث جاهرت واشنطن بدعم التوسّع الإسرائيلي بدافعي الأمن والثروات الطبيعية المائية أو النفطية او كلتيهما بالنسبة للبنان وسورية، بمعزل عن تفاوت الظروف، ووجود وعدم وجود السلاح، والقبول أو عدم القبول بالتفاوض.
التهديد الإسرائيلي بالحرب هو الآخر لا يحتاج إلى إثبات، وآخر نسخة منه كلام وزير حرب حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس الذي منح الدولة اللبنانية حتى نهاية العام لنزع سلاح المقاومة، وإلا فإن حكومته ذاهبة لفعل ذلك بالقوة عبر العودة للحرب، ومهلة نهاية العام التي نسبها كاتس لأميركا، بهدف ضمان الدعم الأميركي للحرب مأخوذة عن خطة توماس برّاك الي قدّمت للحكومة اللبنانية وأقرتها في جلسة 5 آب، ورفضت “إسرائيل” الاستجابة لها لأنها تنصّ كرد على قرار الحكومة اللبنانية بإعلان وقف الاعتداءات، وسقطت الورقة والخطة بسبب هذا الموقف الإسرائيلي، فهل “إسرائيل” جادة في الذهاب إلى الحرب أم إلى خلق حالة حرب؟ وهل أميركا بوارد مساندة حرب أم حالة حرب؟ والهدف من حالة الحرب التلاعب باللبنانيين للحصول منهم على كل تنازلات ممكنة، بوضع جدول زمني لنزع السلاح مجدداً، وتحريك مبادرات عربية ودولية لهذه المهمة، وجذب لبنان للتفاوض الجاري بين “إسرائيل” وسورية دون جدوى ونتائج، على أمل أن تنجح الشراكة في ارتكاب الخطيئة ستراً للفضيحة، لكن هل لدى “إسرائيل” ثقة بأن حملة تدمير جوّي تحقق الأهداف دون عمل بري ضخم يحقق ما عجزت الحرب السابقة في ظروف أفضل عن تحقيقه؟ وماذا لو فشل العمل البري ولم ينجح التفاوض مجدداً بإلزام المقاومة بالتنازل عن الوجود جنوب الليطاني حتى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، كما ينص القرار 1701، وهل تخاطر أميركا بتغطية حرب إسرائيلية جديدة محفوفة بمخاطر الفشل وارتكاب المجازر، في سنة انتخابية صعبة تفاعلت خلالها أصوات الناخبين مع الحروب الإسرائيلية؟
بعد سنة على وقف إطلاق النار، لم يتوقف إطلاق النار إلا من جانب المقاومة، ولم يتم تفعيل حق الدفاع لا من الجانب الإسرائيلي بداعي الحرب الوقائية، فهل اكتسبت الدولة والمقاومة خبرات كافية لوضع ملامح استراتيجية موحّدة للدفاع الوطني، وقد صار واضحاً أن القضية ليست قضية سلاح المقاومة بل قضية الاحتلال المرتبط ببرنامج إسرائيلي مصمم على اقتطاع جزء من الجنوب والسيطرة الأمنية على جزء ثانٍ يصل إلى نهر الليطاني والتحكم بالسيادة اللبنانية على جزء ثالث يصل إلى نهر الأولي، فهل تستطيع المقاومة إقناع بيئتها بأنها غير كافية لمواجهة الخطر الإسرائيلي وأنه لا بدّ من الدولة على عللها المعلومة ومواقف رموزها بعجرها وبجرها؟ وهل اقتنعت الدولة بأنّها غير كافية وأن العلاقة الضرورية مع أميركا لا تحقق المطلوب، وأن العلاقات بالعرب ضرورية، لكنها لن تستعيد الأرض ولن تحمي السيادة بوهم نزع السلاح المحفوف بخطر التدمير الذاتي، وأنه لا بد من المقاومة؟

لم تُحقِق زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أيّ ثغرة في جدار أزمة التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضدّ لبنان والاحتلال لجزء كبير من الجنوب اللبناني، إذ أنّ الوزير المصري حمل جملة تنازلات تتعلق بسلاح حزب الله في شمال الليطاني من دون أيّ ضمانات واضحة بمسألة الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووقف الاعتداءات. ووفق معلومات «البناء» فإنّ فحوى الاقتراح الذي حمله الوزير المصري هو إعلان نوايا من حزب الله بموافقته على تسليم سلاحه في جنوب وشمال الليطاني وإعلان من «إسرائيل» موافقتها على الانسحاب من نقطتين من النقاط الخمس المحتلة، وبعد ذلك تنطلق مفاوضات بين الجانبين على هذا الأساس في القاهرة برعاية عربية – دولية على غرار اتفاق غزة بين حركة حماس و»إسرائيل».
غير أن الوزير المصري وفق المعلومات سمع كلاماً واضحاً في المقار الرسمية لا سيما في بعبدا وعين التينة بأنّ لبنان طبق كلّ موجباته والتزاماته في اتفاق وقف إطلاق النار فيما «إسرائيل» منذ عام حتى الآن لم تطبق أي من البنود الرئيسية في الاتفاق وهي وقف الأعمال العدائية والانسحاب الكامل من الجنوب وإعادة الأسرى، كما أن الجيش اللبناني انتشر في كامل جنوب الليطاني وتسلّم السلاح ويمنع أيّ مظاهر مسلّحة باستثناء المناطق التي تحتلها «إسرائيل» ما يعيق استكمال تنفيذ مهمة الجيش، وبالتالي «إسرائيل» استمرّت باحتلالها واعتداءاتها ولم يستطع أو لا يريد الأميركي تقديم ضمانة ولا الضغط الجدي على «إسرائيل»، كما أنّ «إسرائيل» ترفض التفاوض ولم يأتِ أي جواب إسرائيلي ولا حتى أميركي على دعوات رئيس الجمهورية للتفاوض ولا على المبادرات بخاصة المبادرة التي أطلقها في خطاب عيد الاستقلال وردت عليها «إسرائيل» بضرب الضاحية الجنوبية واغتيال القيادي الجهادي في الحزب هيثم الطبطبائي. وسُئِل الوزير المصري ما الضمانة بأن تلتزم «إسرائيل» بأي اتفاق أو مفاوضات طالما أنها نكثت ونقضت وتنصّلت ونسفت اتفاق 27 تشرين والقرار 1701 وانقلبت على كل الاتفاقات والقرارات؟ وما جدوى التوصل إلى اتفاق جديد طالما هناك اتفاق 27 تشرين ولم تطبقه «إسرائيل»؟
وفي سياق ذلك، أشارت مصادر مقرّبة من «حزب الله بحسب قناة «الجديد»، إلى أنّه «لم يُعقَد أيّ لقاء مباشر مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والحزب متمسّك بموقفه بضرورة الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية الذي لم يُطبَّق يوماً». وقال: «مطالب وتنازلات عدة تُفرض على حزب الله من دون أيّ تنازل من الجانب الآخر وعليه فإن الأمور على حالها والمساعي تراوح مكانها إلى ما بعد زيارة البابا لاوون الرابع عشر إن قررت «إسرائيل» الانتظار».
وفي ذكرى عام على انتهاء الأعمال القتالية واتفاق 27 تشرين الثاني، أشارت قوات «اليونيفيل»، في بيان، إلى أنّ «هناك تحديات كثيرة: أسلحة ومعدات غير مصرّح بها تُكتشف، والجيش الإسرائيلي يستمرّ بالاحتفاظ بمواقع داخل الأراضي اللبنانية، وقد سُجل أكثر من 10,000 انتهاك جوي وبرّي خلال الأشهر الاثني عشر الماضية».
وأضافت: «يبقى الاحترام التام للقرار 1701 نصاً وروحاً السبيل لتحقيق الهدوء الدائم. لقد عانى المدنيون على طول الخط الأزرق كثيراً نتيجة هذه الأعمال العدائية، ويجب أن تظل سلامتهم واستقرار المنطقة أولويّة قصوى».
إلى ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الأمين العام المساعد للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ في الأمم المتحدة خالد خياري خلال استقباله في قصر بعبدا، أنّ لبنان يرحب بأي مساعدة تقدّمها الأمم المتحدة والدول الصديقة بهدف تثبيت الاستقرار في الجنوب ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدنيين والقرى والبلدات الجنوبية والتي وصلت إلى الضاحية الجنوبية من بيروت. وقال «يصادف اليوم مرور سنة كاملة على إعلان اتفاق وقف الأعمال العدائية، وفي وقت التزم فيه لبنان التزاماً كاملاً مندرجات هذا الاتفاق، لا تزال «إسرائيل» ترفض تنفيذه وتواصل احتلالها للأجزاء من المنطقة الحدودية وتستمر في اعتداءاتها غير آبهة بالدعوات المتكررة من المجتمع الدولي لالتزام وقف النار والتقيد بقرار مجلس الأمن الرقم 1701، فضلاً عن أنها استهدفت أكثر من مرة مواقع القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل».
وأكد الرئيس عون للمسؤول الأممي أنه أطلق مبادرات عدة بهدف التفاوض لإيجاد حلول مستدامة للوضع الراهن، لكن لم يتلقّ أيّ ردة فعل عملية على رغم التجاوب الدولي مع هذه المبادرات والتي كان آخرها عشية عيد الاستقلال.
كما أكد الرئيس عون أنّ الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملاً في منطقة انتشاره في جنوب الليطاني منذ اللحظة الأولى لإعلان الاتفاق قبل عام تماماً، رافضاً الادّعاءات الإسرائيلية التي تطاول دور الجيش وتشكك بعمله الميداني، لافتاً إلى أنّ هذه الادّعاءات لا ترتكز على أي دليل حسي، مع الإشارة إلى أنّ لجنة «الميكانيزم» كانت وثقت رسمياً ما قام ويقوم به الجيش يومياً، في إطار منع المظاهر المسلحة ومصادرة الذخائر والكشف على الأنفاق وغيرها.
من جهته، أطلق رئيس الحكومة نواف سلام سلسلة مواقف مستغربة في توقيتها ومضمونها وتعاكس مواقف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وتأتي في توقيت تكثيف العدوان الإسرائيلي على لبنان وعدوان الضاحية واستمرار الاحتلال للأراضي اللبنانيّة في الجنوب، ولفت سلام إلى أن «لبنان متأخّر في موضوع حصر السلاح وبسط سلطة الدولة وسيادتها، وهذا ما نصّ عليه اتفاق الطائف، لافتاً إلى أنّ المقاومة كان لها دور في تحرير الجنوب وكان لحزب الله دور أساسيّ فيها». وانتقد رئيس الحكومة بشدّة «سردية» حزب الله المتعلّقة بسلاحه، وقال أمام وفد الهيئة الإدارية لنادي الصحافة: «إن الحزب يقول إن سلاحه يردع الاعتداء، والردع يعني منع العدو من الاعتداء، ولكنه اعتدى والسلاح لم يردعه. كما أنّ هذا السلاح لم يحمِ لا قادة الحزب ولا اللبنانيين وممتلكاتهم، والدليل على ذلك عشرات القرى الممسوحة». وسأل: «هل سلاح حزب الله قادر حالياً على ردّ الاعتداءات الإسرائيلية الراهنة؟ هذا السلاح لا ردع ولا حمى ولا نصر غزة. ونحن لم نطبّق الـ1701 في العام 2006، ولا بدّ من التذكير بأنّ مقدّمة اتفاق وقف الأعمال العدائية تحدّد الجهات الستّ التي يحق لها حمل السلاح».
من جهتها، شدّدت كتلة الوفاء للمقاومة على أنّ «من حق لبنان وشعبه القيام بكلّ ما من شأنه أن يؤدِّي إلى كفِّ يدِ العدوّ ويمنع تطاوله على ‏سيادتنا الوطنيّة»، محملة المجتمع الدولي «المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة في عدم إدانته ‏الاعتداء الصهيوني».
ولفتت الكتلة في بيان عقب جلستها الدورية برئاسة النائب محمد رعد، إلى أنه «أمام هذا العدوان وأبعاده ودلالاته، فإنَّ من حق لبنان وشعبه القيام بكلّ ما من شأنه أن يؤدِّي إلى كفِّ يدِ العدوّ ويمنع تطاوله على ‏حرمات شعبنا وسيادته الوطنيّة.. وأنَّ المجتمع الدولي يتحمَّل المسؤوليّة القانونيّة والسياسيّة في عدم إدانته ‏الاعتداء الصهيوني على بلدٍ مؤسِّس، ويتحمَّل مسؤوليته تجاه حفظ أمنه وحقِّه في استرجاع أرضه المحتلَّة‎.»‎
أضافت: «سنةٌ انقضت وشعبنا المعتدى عليه وبلدنا المنتهكة سيادته وحرمته، ومقاومتنا المتحمّلة بصبر الالتزام بما ‏التزمت به انطلاقًا مما توجبه المصلحة الوطنيّة في هذه المرحلة، وأنَّ حقوق اللبنانيين وأمنَهُم وكرامتهم ‏ومصالحهم لا يمكن أن تُرتَهَنَ لنزقِ ذلك الكيان العنصري العدواني الذي لا يردعه عن انتهاكاته قانون ‏دوليّ ولا دولة قاصرة عن الدفاع عن سيادة بلدها وكرامة شعبها».‏
وتابع البيان: «والأنكى من ذلك كله أنَّ العدوّ المحتل وبمساعدة جوقة من الانتهازيين المستسلمين يبرِّرون الاعتداء على ‏لبنان وشعبه ويعتبرونه ــ دون وجه حق أو منطق ــ عملًا استباقيًا ضدَّ رد فعل مفترض أو محتمل يمنع ‏استقرار الاحتلال ويدافع عن سيادة البلد المنتهكة‎».
ميدانياً، شنّ الطيران الحربي سلسلة غارات على المنطقة الواقعة بين عربصاليم وجرجوع وأطراف اللويزة وأيضاً الجرمق والجبور والزغارين بين سجد والريحان والمحمودية. وزعم جيش الاحتلال أنه أغار على بنى تحتية تابعة لحزب الله في مناطق مختلفة بجنوب لبنان. وأشار إلى أنه في إطار الغارات استهدف عددًا من مواقع الإطلاق التي خُزّنت فيها وسائل قتالية تابعة لحزب الله، كما هاجم مستودعًا احتوى على وسائل قتالية إلى جانب مواقع عسكرية استخدمها عناصر حزب الله للدفع بمخططات ضد قوات الجيش الإسرائيلي، إلى جانب بنى تحتية إضافية، وفق ادعاء الاحتلال.
وكان إعلام العدو واصل حملة التحذير والتهويل بحرب جديدة على لبنان.
فقد نقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصدر عسكريّ قوله إن «نتنياهو يعقد اجتماعاً مع عدد من الوزراء وكبار المسؤولين بشأن لبنان، فيما نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر قولها «إن الإدارة الأميركية حددت للحكومة اللبنانية يوم 31 كانون الأول موعداً نهائياً لنزع سلاح حزب الله»، بحسب «روسيا اليوم». ونقلت القناة 7 العبرية عن كاتس قوله «لا نثق بأن حزب الله سيتخلّى عن سلاحه من تلقاء نفسه وواشنطن أمهلته حتى نهاية العام». وأكد أنه «إذا لم يتخلّ حزب الله عن سلاحه حتى نهاية العام فسنعمل بقوة مرة أخرى في لبنان». وأشار إلى «أننا لم نشهد وضعاً أمنياً أفضل على الحدود الشمالية منذ عشرين عاماً».
على صعيد آخر، أشار وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقرّرات جلسة مجلس الوزراء، إلى أنّ «رئيس الحكومة نواف سلام أكّد أننا نتابع تنفيذ خطة الجيش بشأن السلاح من خلال التقارير الشهرية». وأعلن مرقص أن مجلس الوزراء أقرّ معظم بنود جدول أعماله، موضحًا أنّ مجلس الوزراء أقرّ تعيين أعضاء الهيئة العامة للمتاحف.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : البناء