الديار: زيتونة مباركة وزهرة مريميّة… البابا للشبيبة: السلام لكم العدّ التنازلي للزيارة التاريخيّة بدأ… ماذا عن اليوم التالي؟ «عجقة» وفود «وتهويل»… ووعد بابوي بحَراك ديبلوماسي

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Dec 02 25|09:06AM :نشر بتاريخ

وفي اليوم الثاني لزيارة البابا لاون الرابع عشر، بدأ «الحج» صباحا الى مار شربل بزهرة مريمية برائحة المسيح، وانتهى شعبيا بلقاء الشبيبة في حريصا، حارسة الرجاء، وعشاء في السفارة البابوية، وبينهما تم غرس الزيتونة المباركة على هامش لقاء العائلات الروحية اللبنانية في «البيت اللبناني» في وسط بيروت.

كانت الدعوة الى حماية الوحدة والسلام والعيش المشترك، في صلب كلمات الحبر الاعظم، وهو سمع كلمات وردية من المجتمعين حوله، لكن الكلام الاكثر وضوحا ومباشرة كان من نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، حين اكد ان الشيعة يؤمنون بضرورة قيام الدولة، لكن بغيابها «اضطررنا الى حمل السلاح لمقاومة الاحتلال، لسنا هواة حمل سلاح، ولا نريد التضحية باولادنا، ونطلب منكم مساعدتنا في الخارج»…

وفيما كان العدو يمارس حقده جنوبا موزعا قنابله على شبعا وكفرشوبا، وكفركلا، وميس الجبل، كان الحضور رمزيا ومعبرا بحضور سيدة من جنوب لبنان واخرى من عائلات جبل لبنان، في حضرة البابا، وكانت الرواية بالغة الدلالة عن استضافة العائلات النازحة جراء العدوان الإسرائيلي الاخير، وكانت الهدية حجر سقط من كنيسة يارون.

اليوم تنتهي الزيارة بدءا من دير الصليب والوداع بالصلاة في مرفأ بيروت، لتبدأ اسئلة اليوم التالي لانتهاء الزيارة، وان كان البابا قد توجه إلى الشباب بالقول «السلام لكم»، فهل سيتحول هذا الأمل الى حقيقة، في ظل استمرار حملة التهويل الاسرائيلية-الاميركية المتوعدة لبنان بجحيم حتمي، يلي «جنة» الايام الثلاثة التي عمت بحضور البابا؟

 

الفاتيكان على خط الاتصالات

وفي هذا السياق علمت «الديار» ان البابا كان متأثرا جدا لتلمسه في كل محطاته اللبنانية، الشعور بالقلق السائد لدى كل من قابله، طالبا المساعدة لايصال رسالة دعم للاستقرار وعدم العودة الى الحرب، بعدما صمت الآذان في دول القرار عن دعوات المسؤولين المنفتحة على الحوار والتلاقي لايجاد تسويات وابرام اتفاقات.

ووفق مصادر سياسية بارزة، ابلغت دوائر الفاتيكان الرئاسة الاولى ان رحلة البابا الى لبنان لن تكون مجرد زيارة رعوية، وان كانت مواقفه لم تتجاوز العناوين العامة حول السلام والوحدة، الا ان الفعل السياسي سيكون بعد مغادرته الاراضي اللبنانية، حيث ستعمل الدوائر الفاتيكانية، باشراف مباشر منه على التواصل مع عواصم القرار في العالم، لتجنيب لبنان مجددا «كأس الحروب» المر، حيث سيكون هناك رجاء بان تتحول الدعوات الكلامية الى افعال، على ان يكون التواصل متعدد الاتجاهات الدولية، لايجاد الحلول المنطقية والواقعية للقضايا العالقة، والتي قد تكون «شرارة» لمواجهة جديدة سيدفع ثمنها اللبنانيون جميعا.

 

ماذا بعد «الحج» الديبلوماسي؟

ومع مغادرة البابا اليوم، تشهد الساحة اللبنانية «حج ديبلوماسي»، قد تفك بعده «طلاسم» المرحلة المقبلة. ففيما اعلن عن زيارة مرتقبة لرئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو الى واشنطن نهاية الجاري، يسبقه اليها وزير اركان حربه ايال زامير، للبحث مع رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية دان كين، في كيفية التعامل مع الجبهات المفتوحة في المنطقة، ينتظر وصول المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس من «اسرائيل» الى بيروت، للمشاركة في اجتماع «الميكانيزم» خلال الساعات المقبلة، بعد ان سبقها زميلها توم براك الى سوريا والعراق، على وقع تسريبات بانفجار قريب على الجبهة اللبنانية، ووسط حديث عن نهاية هذا الشهر كمهلة نهاية لتحديد مسار الاحداث.

اما سفراء دول مجلس الامن ال15 فيحضرون في جولة ميدانية لتسطير «محضر»، حول التزام الاطراف كافة بمضامين اتفاق وقف الاعمال العدائية، حيث سيقومون بجولة في ال6 من الشهر الجاري جنوبا، للاستماع الى تقارير ميدانية حول « الهدوء الهش»، وسوف يدعون الاطراف المعنية الى تنفيذ التزاماتها، كما تقول مصادر ديبلوماسية «للديار»، اكدت ان الثقة بمؤسسة الجيش لا تزال مرتفعة، باعتباره المعني بحماية الاستقرار.

ولفتت المصادر الى ان الايجابية التي تركتها الجولة الميدانية على منطقة جنوب الليطاني، تركت اثارا ايجابية لدى واشنطن، لكن «للاسف» لم تبدل وجهة النظر القائلة، انه لا يزال هناك بطء في تنفيذ خطة نزع السلاح.

 

التهويل بحرب على ايران

وعشية الزيارات الاميركية الى واشنطن، سربت وسائل اعلام «اسرائيلية» كلاما منسوبا الى مسؤولين «اسرائيليين»، يرجحون ان جولة قتالية مع ايران على «الطريق»، وهي ستكون مواجهة أكبر من الحرب التي استمرت 12 يوما.

وذكر موقع»جي فيد» الإسرائيلي، أن مسؤولاً إسرائيليا كبيرا توعد بأن بلاده تعتزم إسقاط النظام الإيراني، قبل نهاية ولاية دونالد ترامب الرئاسية. من جهتها نقلت قناة «كان» عن مسؤول كبير آخر قوله، إن «الحكومة الإسرائيلية» حدّدت هدفا- أو تعتزم تحديده- لإجبار النظام الإيراني على الرد أو السقوط خلال فترة رئاسة ترامب. وأشار إلى أن «إسرائيل» تراقب عن كثب الإنتاج الصاروخي الإيراني، وهو إنتاج قد يتيح لطهران إطلاق أكثر من ألفي صاروخ بشكل متزامن، بما يهدف إلى إنهاك منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية.

 

حزب الله السوري؟

وفي سياق متصل، لا تزال المواجهات في بلدة بيت جن السوريّة تُلقي بظلالها على صُنّاع القرار بالمستويين الأمنيّ والسياسيّ في «اسرائيل»، والجديد ما كشف عنه موقع «واللا الاسرائيلي» بأنّ جيش الاحتلال يفحص احتمال تسرب معلومات حساسة قبيل العملية العسكرية، وذلك بعد وقوع القوة المتوغلة في كمينٍ خلال العملية الليلية.

ونقل الاعلام الإسرائيلي عن مصادر أمنيّة قولها، إنّ الكمين في بيت جن يظهر بوضوحٍ ضرورة منع تمركز جهات أسمتها معادية قرب الحدود مع سوريّة، وشددت المصادر على أنّ الوضع الحالي في دمشق، لا يسمح بالتوصل إلى أيّ اتفاقٍ معها، واصفةً إيّاها بدولة غير مستقرة.

وزعم ضابطٍ كبيرٍ في جيش الاحتلال ان «الجماعة الإسلامية» التي تأسست في لبنان، بدأت في بناء بنيةٍ تحتيّة في القرية، وتتعاون مع حزب الله منذ عدة سنوات، ويشتبه في أنّ مسلحي الجماعة يعملون تحت «مظلة نظام «أبو محمد الجولاني ضدّ «إسرائيل»، وهذه هي خلفية النشاط المكثف للجيش في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، لان «اسرائيل» تخشى ولادة حزب الله السوري على حدودها.

 

حزب الله وحملة التهويل

وكان حزب الله استنكر عبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن، حملة التهويل الكبيرة التي تجري في هذه الأيام على لبنان واللبنانيين والدولة ومؤسساتها والمسؤولين فيها والمقاومة وبيئتها، متهماً «العدو الصهيوني والمستكبر الأميركي وبعض الأوساط الأوروبية والعربية واللبنانية» بأنهم يقفون وراءها… واكد ان حزب الله لا يستبعد أي جنوح أو جنون للعدو الإسرائيلي، لأنه متأصّل في همجيته وإرهابه وتفلّته من كل القواعد، ومعه وقبله وأمامه الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب.

 

ما هو مصير الصاروخ «الفضيحة»؟

وفيما تقابل الوقاحة والصلافة الاميركية بصمت رسمي، عاد الحديث في «اسرائيل» عن الحاح الولايات المتحدة التي وجهت طلبا عاجلا إلى الحكومة اللبنانية، لضمان نقل قنبلة جوية إسرائيلية لم تنفجر في الضاحية الجنوبية، خلال تنفيذ عملية اغتيال الشهيد هيثم الطبطبائي ورفاقه، خشية أن تقع بين أيدي روسيا أو الصين، ويتمكنا من الوصول إلى تكنولوجيا عسكرية متطورة.

ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر مطلعة لم تسمها، أن الحديث يدور عن قنبلة انزلاقية ذكية من طراز GBU-39B تصنّعها شركة بوينغ الأميركية، استخدمها سلاح الجو الإسرائيلي بالغارة. وأضافت الصحيفة أن القنبلة، وعلى الرغم من إطلاقها في إطار عملية الاغتيال، لم تنفجر لسبب لم يتضح بعد، وبقيت سليمة نسبيا في موقع الهجوم، ما أثار قلقا في واشنطن من أن تتمكن أطراف أخرى، وعلى رأسها روسيا والصين، من الوصول إليها ودراسة تكنولوجيتها. وأشارت الصحيفة إلى أن القنبلة تحتوي على رأس حربي فعّال بشكل استثنائي نسبة إلى وزنها، إضافة إلى منظومات توجيه وتكنولوجيا لا تتوافر حاليا لدى موسكو أو بكين، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر لم تسمّها، ما يجعل استعادتها أولوية بالنسبة للولايات المتحدة.

 

محطات الزيارة البابوية

وكانت أبرز محطات زيارة البابا بالامس الى ضريح القديس شربل في دير مار مارون عنايا، في لفتة تسلّط الضوء على اهمية وقداسة هذا المكان الرمز. وقد استقبلته الرهبانية المارونية، ومعها حشود من المؤمنين الذين تحدوا الأمطار والبرد، واصطفوا على طول الطريق المؤدي إلى دير عنايا… وكان في استقباله الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي هادي محفوظ ورئيس دير مار مارون الأب ميلاد طربيه، فيما انتظره عند الضريح، إلى جانب رئيس الجمهورية جوزاف عون البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وعلى وقع الألحان الروحية السريانية والمارونية جثا الحبر الأعظم مصلّياً بصمت خاشع أمام الضريح، قبل أن يضيء شمعة مباركة قدمها للدير.

 

لبنان برعاية مار شربل

ألقى الأباتي محفوظ كلمة ترحيب معبرة، فيما قال البابا في كلمته أن ما يعلمنا إياه «هذا الإنسان الذي لم يكتب شيئا، وعاش مختفيا عن الأنظار وصامتا، لكن سرعته انتشرت في كل العالم»، وفي نداء قوي من أجل السلام، قال: «نريد اليوم أن نوكل إلى شفاعة القديس شربل كل ما تحتاج إليه الكنيسة ولبنان والعالم. من أجل الكنيسة نطلب الشركة والوحدة: بدءا بالعائلات، الكنائس البيتية الصغيرة، ثم الجماعات المؤمنة في الرعايا والأبرشيات، وصولا إلى الكنيسة الجامعة، شَرِكة ووحدة. أمّا من أجل العالم فلنطلب السلام. نطلب السلام، بصورة خاصة، من أجل لبنان وكل المشرق». وختم «أوكل لبنان وشعبه إلى حماية القديس شربل، حتى يسير دائما في نور المسيح».

بعدها، قدّم الرئيس العام للرهبانية للبابا أول طبعة من كتاب المزامير نُفّذَت عام 1610 في دير مار أنطونيوس ـ قزحيا. بدوره، قدّم رئيس دير مار مارون هديتَين باسم الدير، الأولى شمعة مسكوبة في مصنع الشمع الخاص بالدير، وعليها شعار البابا. فيما الثانية عبارة عن قنديل يرمز إلى القنديل المملوء ماءً الذي أضاءه القديس شربل وفيه ذخيرة للقديس.

 

زيارة سيدة الرجاء

ثم انتقل البابا لاون إلى بازيليك سيدة لبنان في حريصا، حيث ترأس لقاء مع الأساقفة والكهنة والمكرسين والعاملين في الحقل الرعوي، وألقى كلمة أشار فيها إلى «أن مزار حريصا هو علامة الوحدة لكل الشعب اللبناني، وفي وقوفنا مع مريم عند صليب يسوع تمنحنا الصلاة، وهي الجسر الخفي الذي يوحّد القلوب والقوة للاستمرار في الرجاء والعمل، حتى مع ضجيج الأسلحة من حولنا ومتطلبات الحياة اليومية». وقال: «إذا أردنا أن نبني السلام علينا التمسك بالمرساة التي تصلنا بالسماء ونتوجه إليها بثبات. لنحب ولا نخفْ من أن نفقد ما هو زائل، ولنعطِ بلا حساب».

وبعد الظهر، انعقد في ساحة الشهداء اللقاء الحواري بين الأديان، الذي جمع البابا برؤساء الطوائف في لبنان وأكثر من 300 مدعو، وتضمن ثماني كلمات للرؤساء الروحيين المسيحيين والمسلمين، إضافة إلى حضور منشدين من جوقات: «سيستاما بيروت ترنم»، و «دار الأيتام الاسلامية» و «مؤسسة الإمام الصدر».

 

البابا ولقاء العائلات الروحية

وانعقد اللقاء في خيمة بنيت خصيصاً لهذا الحدث، وضمت مسرحاً صمم بشكل دائري كرمز للعائلة الروحية المتحدة. وتخللته كلمة ترحيبية لبطريرك السريان الكاثوليك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان، ثم تلاوة للإنجيل مرنماً حسب الطقس البيزنطي، فتلاوة لآيات من القرآن الكريم.

بعد ذلك، تم عرض وثائقي يتضمن شهادات حياة عن العيش المشترك والحوار بين الأديان، تلته 8 كلمات لرؤساء الطوائف بينهم بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا اليازجي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي تمنى للبابا «التوفيق في قيادة السفينة المسيحية على النحو الذي تجسده وثيقة الأخوة الانسانية بين شيخ الأزهر والبابا الراحل فرنسيس»، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب الذي أمل في «أن تثمر الزيارة في تعزيز الوحدة الوطنية المهتزة في هذا الوطن المثقل بالجراح بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر». وقال «إننا مؤمنون بقيام الدولة لكننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن أنفسنا في مقاومة الاحتلال الذي غزا أرضنا، ولسنا هواة حمل سلاح وتضحية بأبنائنا. وبناء على ما تقدم، نضع قضية لبنان بين أيديكم بما تملكون من إمكانات دولية علّ العالم يساعدنا على الخلاص من أزماته المتراكمة وفي طليعتها العدوان الإسرائيلي وما خلّفه ويخلّفه من تبعات على وطننا وشعبنا».

ثم كانت كلمة لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى اعتبر فيها «أن الخير سينتصر على الشر»، ودعا إلى «فتح أبواب المحبة وإغلاق نوافذ التعصب والتطرف وأن يكون صوت السلام أقوى من أصوات الحروب»، فكلمة لرئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور الذي رأى في زيارة البابا «رسالة رجاء وبأن لبنان رغم ما يمر به من محن ما زال قادراً على النهوض برسالته».

 

شجرة الزيتون

وبعدها كانت كلمة البابا لاوون الرابع عشر، التي أعقبها غرسه شجرة زيتون رمزاً للسلام في وسط المكان. وأكد البابا انه «في زمن يبدو فيه العيش معاً حلماً بعيد المنال، يبقى شعب لبنان بدياناته المختلفة»، مذكّراً بقوة أمله وبدعمه الدائم للسلام و»أن الوحدة والشركة والمصالحة أمر ممكن. إنها رسالة لا تتغيّر عبر عقود: هذه الارض الحبيبة الشهادة الحقيقية بأن المسيحيين والمسلمين والدروز وغيرهم كثيرين يمكنهم أن يعيشوا معاً ويؤمنوا بالاحترام والحوار. إن كان لبنان مشهوراً بأرزه الشامخ، فإن شجرة الزيتون أيضاً تشكل حجراً اساسياً في تراثه». ..

بعد ذلك، عاد البابا لاون إلى الصرح البطريركي في بكركي، حيث احتشد حوالى 13 ألفاً من الشبيبة في باحة الصرح، في لقاء جسّد دور شبيبة لبنان في الرجاء ونقل رسالة السلام من لبنان إلى العالم العربي فالعالم بأسره. واختتم اليوم بعشاء في السفارة البابوية.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : الديار