الأخبار: إسرائيل تواصل التهديد والبابا لم يكن بعيداً عن الضغط لـ«الحوار»: عون قرّر إبلاغ واشنطن تكليف سالم بمحاورة إسرائيل

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Dec 03 25|09:15AM :نشر بتاريخ

ما إن غادرت طائرة البابا لاوون الرابع عشر بيروت، بعد زيارة استمرّت ثلاثة أيام تحت شعار «طوبى لفاعلي السلام»، حتى وجد اللبنانيون أنفسهم في حالة استنفار جديد بانتظار شبح حرب يلوّح بها العدوّ الإسرائيلي منذ أسابيع، مع تحديد نهاية الشهر الجاري موعداً محتملاً لبدء جولة تصعيد جديدة، فيما نقلت تسريبات أن احتمال اندلاع الحرب يبقى قائماً في أي لحظة بعد مغادرة البابا.

هذه الأجواء القاتمة تعزّزت مع إعلان وزير خارجية العدوّ جدعون ساعر أن «حزب الله هو من ينتهك السيادة اللبنانية، وأن نزع سلاحه يبقى مسألة أساسية لمستقبل لبنان وأمن إسرائيل». وفي ظل هذا المناخ، يترقّب لبنان اليوم اجتماع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (الميكانيزم)، بمشاركة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التي وصلت إلى تل أبيب أمس والتقت رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس.

وفي سياق الحملة المفتوحة على حزب الله، تبيّن أن ما تحدّث عنه زوّار العاصمة الأميركية قبل مدة، لجهة اعتبار الحزب «خطراً على المجتمع اللبناني»، لم يكن سوى صافرة انطلاق لحملة جديدة أطلقتها إسرائيل أمس، ويتوقّع أن تتوسّع بمشاركة قنوات إعلامية عربية وسياسيين وإعلاميين لبنانيين. وتتركّز هذه الحملة على تصوير الحزب كمنظمة إجرامية خارجة عن القانون، والدفع نحو المطالبة بحظره بالكامل.

وفي هذا الإطار، نشر جيش الاحتلال أمس ما قال إنها «معلومات» حول قيام حزب الله بتصفية شخصيات لبنانية «تمتلك معلومات» عن دوره في انفجار مرفأ بيروت. وقد جاء البيان ركيكاً ومليئاً بالثغرات، حيث عرض صور أربعة لبنانيين قُتلوا في ظروف غامضة خلال العقد الأخير، مدّعياً أن «وحدة سرية في حزب الله» نفّذت عمليات قتلهم لأنهم «عرفوا أكثر مما يجب عن انفجار المرفأ». وأشار البيان الاحتلال إلى أن الأربعة هم جوزيف سكاف الذي قُتل عام 2017، ومنير أبو رجيلي الذي قُتل في كانون الأول 2020، والمصوّر جو بجاني الذي اغتيل في الشهر نفسه، إضافة إلى الناشط لقمان سليم الذي قُتل في شباط 2021.

عودة التوتّر السياسي

وما إن غادرت طائرة البابا، الذي حثّ اللبنانيين في بيروت على الحوار ونزع السلاح من القلوب، حتى عادت قضية المفاوضات مع إسرائيل إلى الواجهة. فقد علمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية جوزيف عون سيُبلغ أورتاغوس رسمياً بأن لبنان «اختار بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، لتمثيله في المفاوضات»، وأنه سيكلّفه بعقد اجتماع مع مندوب إسرائيلي برعاية أميركية لإطلاق المسار التفاوضي.

وكشفت مصادر متابعة أن قرار عون الذي التقى سالم قبل أيام من زيارة البابا، «أحدث توتراً بين بعبدا وحارة حريك، وأثار استياءً في عين التينة»، لا سيما أن لبنان لم يحسم بعد آلية التفاوض، وطبيعة الوفد المفاوض، ولا شكل المفاوضات، ولأن عون «اتخذ القرار منفرداً، من دون التشاور مع أحد، حتى في اختيار سالم، ومن غير الواضح إذا كان التفاوض سيتم عبر الميكانيزم أو عبر قناة أخرى».

وتوقّعت المصادر أن تتّسع الهوّة حول هذا الملف، خصوصاً أن عون، الذي تحدّث خلال زيارة البابا عن «السلام بين أبناء إبراهيم»، سيستند إلى ما قاله البابا لدعم قبل مغادرته لبنان، بأن «الأسلحة تقتل، أمّا التفاوض والوساطة والحوار فتبني».

وبعد وصوله إلى روما، نقل موقع «سكاي نيوز» عن البابا قوله إن «الفاتيكان سيواصل السعي لإقناع الأطراف في لبنان بالتخلّي عن السلاح والعنف والالتزام بالحوار». ونقلت المؤسسة اللبنانية للإرسال عن البابا، في ردّه على سؤال لـLBCI حول إيصال صرخة اللبنانيين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمساهمة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية، قوله: «تواصلت وسأتواصل مع القادة لإحلال السلام».

وفي السياق نفسه، تردّدت أمس معلومات عن دور يقوم به السفير البابوي في لبنان، المونسنيور باولو بورجيا، في ملف المفاوضات. ونقلت شخصيات لبنانية التقته في اليومين الماضيين أنه «طمأنها بأن لا حرب في المدى المنظور»، وأن البابا «سمع كلاماً واضحاً من المسؤولين اللبنانيين، وسيجري اتصالات إقليمية ودولية بهدف خفض التوتر والدفع باتجاه مفاوضات جدّية».

وفي موازاة ذلك، تحدثت «القناة 14» الإسرائيلية، القريبة من نتنياهو، عن «وساطة تعمل عليها القاهرة بين إسرائيل وحزب الله لمنع اندلاع مواجهة واسعة»، مشيرة إلى أن «حزب الله يرفض حتى الآن هذه الوساطة بحجة أنه لا يريد تجاوز الحكومة اللبنانية». وأضافت القناة أن «دخول مصر على هذا الخط يُعدّ إشارة واضحة إلى مدى اقتراب الوضع في الشمال من الانفجار».

التهديد الإسرائيلي المتواصل

ومع توالي التقارير الصادرة في الأيام الأخيرة عن وسائل إعلام أجنبية وإسرائيلية حول احتمال تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة ضد بنى حزب الله في لبنان، وسط ما تصفه تل أبيب بـ«التعاظم الخطير والمتسارع» لقدرات الحزب بعد وقف إطلاق النار نهاية عام 2024، نقل موقع «والاه» الإسرائيلي عن «مصادر أمنية وسياسية» قولها إن «احتمالات التصعيد باتت مرتفعة، وإن صبر إسرائيل شارف على النفاد، فيما يواصل حزب الله إعادة بناء قوته العسكرية بوتيرة كاملة».

وبحسب الموقع نفسه، فإن «القيادة السياسية في إسرائيل وجّهت رسائل تهديد واضحة إلى لبنان عبر الوسطاء، محذّرة من أنّ استمرار سباق التسلّح الذي يقوده حزب الله سيدفع إسرائيل إلى خطوات أكبر وأكثر تشدّداً».

وأضاف الموقع أنّ تل أبيب «كانت تعتقد أن الضربة القاسية التي تلقّاها الحزب خلال عملية سهام الشمال بين أيلول وتشرين الثاني 2024 ستمنح الحكومة اللبنانية والجيش فرصة فعلية لفرض سلطة الدولة في الجنوب، لكنّ النتائج جاءت معاكسة». ووفق «والاه»، فإن «حزب الله، بقيادة أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، استأنف عملية إعادة بناء قوته على نطاق واسع، وشمل ذلك تعزيز منظومات الصواريخ والطائرات المُسيّرة، وتطوير قدرات قتالية جديدة، وإنشاء مراكز قيادة وغرف عمليات وبنى تحت الأرض، فضلاً عن تدريب عناصر جدد ورفع مستوى التأهيل العسكري».

وأضاف الموقع أنّ «الجيش الإسرائيلي كان قريباً من تنفيذ ضربات تحذيرية داخل بيروت، غير أنّ تلك العمليات جُمّدت مراراً تحت ضغط الإدارة الأميركية، قبل أن يُسمح الأسبوع الماضي بتخفيف بعض القيود، ما أتاح تنفيذ عمليات نوعية في مناطق لبنانية عدّة باستثناء العاصمة».

وفي هذا السياق، أكّد دبلوماسي أوروبي في حديث إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «ثمّة خطراً متزايداً من تصاعد التوتر على الجبهة اللبنانية عقب اغتيال أحد قياديّي حزب الله»، مشدّداً على أنّ «من حقّ إسرائيل أن تتحرّك إذا حاول الحزب استعادة نشاطه في جنوب لبنان». وكشف الدبلوماسي أنّ «إسرائيل قد تُقدم على توجيه ضربة إلى إيران خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة»، لكنه أشار في المقابل إلى أنّ «واشنطن لن تسمح لإسرائيل في المدى القريب بشنّ هجوم واسع على إيران، حفاظاً على خطّتها المتعلقة بغزة».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الاخبار