الديار: "هجوم" ديبلوماسي لبناني مُضاد... و"إسرائيل محشورة" واشنطن تخفف "قيودها": 90 مليون دولار للجيش زحمة مُوفدين في بيروت... وعون الى عمان ومسقط
الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan
الكاتب : محرر الصفحة
Dec 07 25|09:28AM :نشر بتاريخ
عكست برودة الطقس التي خيمت على البلاد خلال الساعات الماضية، «الفتور» السياسي المتنامي منذ لحظة إعلان تعيين سيمون كرم في لجنة «الميكانيزم»، الذي هب على الساحة كعاصفة «قصيرة المدى» ولكن «كثيفة التأثير»، بين من رأى فيه محاولة لإعادة «ضبط إيقاع المؤسسات»، ومن اعتبره رسالة سياسية موجهة إلى الداخل والخارج، وسط ترقب ثقيل ارخى بظلاله على المشهد، رغم احتواء الرئاسات الثلاث لموجات القلق والاستنكار التي حكمت المشهد
لوحة لم تكتمل إلا مع وصول وفد مجلس الأمن في جولة استطلاعية ، شغلت الأوساط السياسية والإعلامية معا، متخذة طابعا تقنيا وفق ما أُعلن رسميا، حاملة في طياتها أسئلة أكثر مما قدمت أجوبة، فاتحة باب التأويلات حول مغزى توقيتها، ودلالات الملفات التي طرحت في الغرف المغلقة بعيدا عن الإعلام، وسط حديث عن حمل الوفد الدولي لـ»دفتر ملاحظات» أكثر من «خريطة طريق»، وتذكير بأن المجتمع الدولي لم يعد يملك ترف الانتظار، في ظل اتساع دائرة القلق من انهيار أمني أو انفجار حدودي. فالتشديد على تنفيذ القرار 1701 لم يكن موجها إلى طرف دون آخر، بل إلى الدولة التي يريدها المجتمع الدولي أن تعود الى «الامساك بقرارها»، فيما يعرف الوفد جيدا أن ميزان القوى الداخلي لا يسمح بذلك بسهولة.
هكذا، ظهر لبنان وكأنه عالق بين آليتين: «الميكانيزم» الذي يفترض أن تضبط اشتباك الجنوب، والتي تحاول «تل ابيب « وخلفها واشنطن حرفها عن غاياتها من جهة، وزيارة مجلس الأمن التي أكدت أن المجتمع الدولي يتعامل مع لبنان كـ «حالة طوارئ» تحتاج إلى رقابة دائمة، وبين هذين الخطين تقف الدولة اللبنانية بشعبها وارضها على مفترق حساس.
فبين صقيع المناخ وصقيع السياسة، يبقى السؤال: هل ما نعيشه مجرد موجة عابرة؟ أم بداية فصل سياسي طويل وبارد، لا يملك أحد حتى الآن تقدير مداه؟
ختام الجولة
امس، اختتم وفد أعضاء مجلس الأمن زيارته إلى لبنان بمؤتمر صحافي في فندق «موفنبيك»، بعد جولة شملت لقاءات مع كبار المسؤولين وزيارة ميدانية للخط الأزرق، حيث تحدث رئيس المجلس الحالي، سفير سلوفينيا صاموئيل جبوغارد باسم الوفد، الذي ضم سفراء من الدنمارك والجزائر وفرنسا والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية، مؤكداً أن الزيارة «تأتي في توقيت دقيق مرتبط بتنفيذ القرارات الدولية واتفاق وقف الأعمال العدائية الصادر في 26 تشرين الثاني الماضي».
جبوغارد شدد على التزام المجلس باستقرار لبنان والمنطقة، لافتاً إلى أن الوفد عقد اجتماعات «مثمرة» مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، إضافة إلى إحاطات من قائد الجيش وقائد «اليونيفيل» والجنرال الأميركي المشارك في آلية وقف الأعمال العدائية. كذلك شملت الزيارة جولة على مواقع «اليونيفيل» على طول الخط الأزرق.
وأوضح أن المباحثات تناولت الوضعين السياسي والاقتصادي، مع تركيز خاص على دور «اليونيفيل» والجيش اللبناني، مجددا دعم المجلس «لسيادة لبنان ووحدته الإقليمية، وللتنفيذ الكامل للقرار 1701». ودعا جميع الأطراف إلى «الالتزام بوقف الأعمال العدائية»، مشيدا بالتقدم الذي حققه لبنان هذا العام، ومؤكدا «ضرورة حماية قوات حفظ السلام وتعزيز الدعم الدولي للجيش».
وأشار إلى أن النقاش حول مستقبل تنفيذ القرار 1701 بعد مغادرة «اليونيفيل» سيحتل حيزاً أساسيا عام 2026، وختم بالتشديد على دعم المجلس للإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية، تمهيداً لفتح الباب أمام دعم دولي لعملية التعافي.
زيارات عون
في غضون ذلك، يبدأ رئيس الجمهورية حراكا ديبلوماسيا خارجيا، حيث ستشكل زيارته إلى كل من الأردن وسلطنة عمان محطة أساسية، في مسعى لبناني لفتح هوامش دعم عربي وتحسين شروط الاستقرار. فالى عمان يحمل عون معه ملف الجنوب بكل ثقله، فيما تدرك المملكة أن أي اهتزاز أمني على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، قد ينعكس مباشرة على الأردن، عبر ارتدادات أمنية مصدرها الساحة السورية، حيث سيسعى عون لتفعيل قنوات التعاون الأمني، والاستفادة من قدرة الأردن على التواصل مع العواصم الغربية والخليجية، لتخفيف الضغوط على لبنان، على ما تشير مصادر متابعة.
أما في مسقط فستحمل الزيارة بعداً أكثر هدوءا وإن كانت لا تقل سياسية. فمسقط التي تلعب تقليديا دور الوسيط بين المحاور، وتحديدا واشنطن وطهران، تشكل بالنسبة للبنان منصة لتمرير رسائل غير مباشرة إلى ايران، ومحاولة لإدراج بيروت ضمن مسار التهدئة الإقليمي الجاري، دون اسقاط النقاشات حول إمكان حصول بيروت على دعم اقتصادي أو استثمارات، تسهم في لجم الانهيار، تقول المصادر.
وعلى الرغم من محدودية التوقعات، تبدو الزيارتان جزءا من استراتيجية لبنانية تهدف إلى بناء مظلة عربية، تخفف مخاطر الانزلاق إلى الحرب ، وتمنح الدولة هامش تنفس سياسي واقتصادي.
سلام في الدوحة
من جهته، وفي مستهل «منتدى الدوحة»، التقى رئيس الحكومة نواف سلام بالرئيس السوري أحمد الشرع، في خطوة تحمل دلالات سياسية مهمة، تركّزت على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث رأت مصادر مقربة من السراي، «ان مجرد ظهورهما معا في صورة واحدة، يعد خطوة ذات أهمية رمزية كبيرة، والابتسامات على وجهيهما تنقل رسالة إيجابية للشعبين اللبناني والسوري».
وكان سلام التقى ونائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عقب الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى الدوحة»، حيث أكد الأمير استمرار دولة قطر في دعم لبنان سياسيا واقتصاديا، مشيرا إلى أن الدوحة «ستعلن قريبا عن حزمة جديدة من مشاريع الدعم المخصصة للبنان».
من جهته، شدد سلام على «ضرورة تكثيف الحشد الديبلوماسي للضغط على «إسرائيل»، من أجل وقف اعتداءاتها والانسحاب من المناطق التي ما زالت تحتلّها»، داعيا قطر إلى «مواصلة دورها الحيوي في دعم هذا المسعى، وتعزيز الجهود الدولية الهادفة إلى ترسيخ الاستقرار في الجنوب»، مؤكدا التزام حكومته بالمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات، وتعزيز سيادة الدولة على كامل أراضيها، معربا عن تطلّعه إلى توسيع مجالات التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة.
كذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء سلسلة لقاءات رفيعة المستوى على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، شملت لقاء مع بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة «مايكروسوفت» ورئيس «مؤسسة بيل وميليندا غيتس». وخلال اللقاء وجه سلام دعوة رسمية لغيتس لزيارة لبنان، وتم الاتفاق على متابعة البحث في هذا الموضوع خلال كانون الثاني المقبل، تمهيدا لإمكان قيامه بزيارة إلى بيروت العام المقبل، بما يفتح الباب أمام مشاريع تعاون في مجالات التكنولوجيا والتنمية والابتكار الصحي.
شقير في العراق
هذا، وشهدت العاصمة العراقية سلسلة لقاءات وصفت بالبالغة الأهمية في التوقيت والمضمون، حيث أطلق المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير مسارا من المشاورات الأمنية - السياسية مع كبار المسؤولين العراقيين، بتكليف من رئيس الجمهورية، في خطوة تعكس حرص لبنان على تعزيز شبكة أمان إقليمية، تمنع الانزلاق إلى مواجهة واسعة، وتثبت الاستقرار في مرحلة شديدة الحساسية، بعد «الزوبعة» التي أثارها موضوع ادراج حزب الله على لوائح الارهاب العراقية، والذي انتهى بفتح تحقيق عراقي داخلي، لتحديد المسؤولين عن الخطأ الذي حصل.
فرنسا ومصر
ومواكبة للتطورات المتسارعة، يحط الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في بيروت الاثنين، حاملا معه اقتراح تعيين سفير سابق لبلاده في بيروت، رئيسا للوفد الفرنسي في لجنة الميكانيزم. اما وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، فأكد ان هناك جدية لدى الجانب اللبناني لتنفيذ قرار وقف الاعتداءات، مشيراً إلى تحرك بلاده مع الجانب الأميركي لخفض التصعيد والتركيز على المسار الديبلوماسي، هدفه دعم خطة الحكومة اللبنانية، مضيفا أن مصر تدعم كل مسار ديبلوماسي وسياسي يبعد شبح العدوان عن لبنان، ويحقّق الاستقرار في المنطقة، وسط حديث عن تحضيرات لزيارة رئيس الوزراء المصري الى بيروت خلال الايام المقبلة.
تشدد واشنطن
وفيما تركت رسالة بعض نواب الكونغرس الى رئيسي الجمهورية والحكومة، اثرها في بعض المواقف الداخلية، كشفت اوساط اميركية ان دوائر القرار في واشنطن، وخصوصاً لدى صقور الإدارة، تنظر إلى تعيين السفير سيمون كرم في الميكانيزم كخطوة «مطمئنة»، خففت من حدة الضغوط التي مورست في الأسابيع الأخيرة على بيروت، اذ ان الصقور الذين يطالبون بتشديد المقاربة تجاه لبنان، كانوا ينظرون إلى غياب شخصية لبنانية قادرة على مخاطبة الأميركيين بلغة مفهومة وواقعية كأحد أسباب التشدد، باعتبار أن لبنان كان يظهر ضعيف التمثيل أو غائب الصوت في الآلية الدولية.
وتابعت الاوساط، بان تعيين كرم بخبرته وعلاقاته العميقة في واشنطن، وبقدرته على قراءة المزاج السياسي الأميركي، أتاح فرصة جديدة امام السلطة، فالصقور الذين كانوا يميلون إلى رفع سقف الضغط نحو مقاربة أكثر قسوة، وجدوا في الخطوة اللبنانية رسالة «انفتاح ومسؤولية»، أقله في الشكل، بما يتيح الانتقال من مقاربة «الاتهام» إلى مقاربة «التفاوض المشروط»، رغم ان هذا الارتياح لن يترجم تراجعا كاملا في الضغط، لكنه ستخف حدته بالتأكيد، حيث ثمة اقتناع داخل تلك الدوائر بأن وجود شخصية مثل كرم ،يسهل على واشنطن فهم الصورة من داخل لبنان، لا من خلال «الرواية الإسرائيلية» فقط، ويمنح الديبلوماسية الأميركية منفذا للتواصل بعيداً عن الضجيج السياسي، كاشفة بان اول غيث هذا التغيير، تمثل في اعلان البنتاغون موافقته على «بيع محتمل» لمركبات تكتيكية متوسطة «إم 1085إيه 2» و»إم1078 إيه2 « وعتاد ذي صلة إلى لبنان، بتكلفة تقديرية 90.5 مليون دولار.
براك يحسمها
وامس، لفت المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك إلى أن «السفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى سفير ممتاز، وسيقوم بعمل رائع». وعمّا إذا هناك جولة جديدة من المفاوضات بين سوريا و»إسرائيل» قريبا، أشار إلى أنّ «الجولة مستمرة أساسا، طبعا هناك الكثير من التطورات في المنطقة، ولهذا التقدم يتم بخطوات صغيرة، لكن الحوار مستمر»، مشددا على أن «المفاوضات مستمرة وقد حافظت على وتيرة ثابتة، ونحن نقترب تدريجيا من محاولة الوصول إلى حل».
وعن زيارته إلى العراق، وعما اذا كان قد نقل تحذيرا للعراق بشأن احتمال ضربة إسرائيلية، إذا تدخل أي فريق عراقي دعما لحزب الله، قال براك: «لا تصدق كل ما تقرأه أو تسمعه في أماكن أخرى. وكما قلت سابقا، لا أعلق عادة على الحوارات الخاصة التي تجريها الولايات المتحدة الأميركية مع نظرائها، هذا ليس مناسبا».، مؤكدا «أننا بالطبع قلقون بشأن العراق، ونحن ندعم العراق بكل الطرق، والوضع حساس جدا في هذا الوقت. لكن العراق ولبنان والأردن وسوريا و»إسرائيل» وتركيا… مثل خمسة أصابع في قفاز واحد. ولذلك نحن قلقون بشأن الجميع، ونحاول المساعدة».
زيارة الجنوب
في غضون ذلك، علم ان قيادة الجيش الغت زيارة كانت مقررة الى قطاع جنوب الليطاني، مخصصة لسفراء وملحقين عسكريين، للاطلاع على الوضع الميداني ومعاينة التقدم الحاصل على الارض، والمهمات التي انجزها الجيش اللبناني، في مواجهة الاتهامات الاسرائيلية، وفي سياق المعركة الديبلوماسية التي اطلقتها الدولة اللبنانية في هذا السياق، غير ان سوء الاحوال الجوية حال دون اتمام الزيارة، التي تم تأجيلها لايام الى حين تحسن الاوضاع المناخية.
انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا