الجمهورية: لقاء ممتاز بين عون وبري... والحكومة لترميم صدوعها... المنطقة على كفّ العفريت النووي... ومخاوف من عدوان

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
May 31 25|08:22AM :نشر بتاريخ

المنطقة على كفّ العفريت النووي، وسط سباق محموم بين احتمالين يتجاذبانها إمّا في اتجاه الإستقرار الموعود ربطاً باتفاق حول الملف النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، أو في اتجاه الدفع بالمنطقة برمتها إلى جحيم النار ربطاً بالمخاوف الدولية والأخبار التي تعمّ الأرجاء الإقليمية والدولية عن استعدادات إسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية في إيران. واما لبنان وسط هذه الاجواء، فرازح في قلب الخطر، يتجاذبه وضع حكومي مهتزّ بالسجالات والتناقضات السياسية، وقلق كبير من الترويجات التي تخوّف من العامل الإسرائيلي والتحضيرات لعدوان جديد.

على مستوى المنطقة، كان لافتاً الإعلان الأميركي عن أنّ اتفاقاً بين واشنطن وإيران بات وشيكاً وفي غضون أسابيع، وهو ما تُجمع التحليلات والقراءات السياسية والإعلامية على أهميّته، كون هذا الإتفاق لا يشكّل فقط مصلحة لطرفيه، بل مصلحة وفائدة لكلّ منطقة الشرق الأوسط التي يضعها أمام متغيّرات وتحوّلات حقيقية.

 

ووفق تقديرات ديبلوماسية، فإنّ الإعلان الأميركي عن قرب التوصل إلى اتفاق جاء في معرض الترجيح لا التأكيد، والسرّية والغموض اللذين تحاط بهما المفاوضات بين واشنطن وطهران، يصعّبان للمراقب تحديد وجهة الأمور سواء في الاتجاه الإيجابي او السلبي، وبالتالي لا يلغيان عنصر المفاجأة، ولاسيما أنّ ما تبدو أنّها أمتار أخيرة (فترة الأسابيع القليلة وفق التقدير الأميركي) فاصلة عن بلوغ الاتفاق، هي برغم قصرها مسافة زمنيّة حساسة وحرجة جداً والأكثر عرضةً للإحتمالات باعتبارها فترة القرار النهائي والالتزامات.

وضمن هذا السياق، لا تتفق تلك التقديرات مع ما يُقال عن لعبة توزيع أدوار بين واشنطن وتل أبيب، من خلال تظهير التهديد الإسرائيلي كتمهيد جدّي لضرب المنشآت النووية في إيران، القصد منه التهويل على إيران والضغط عليها لحملها على تقديم تنازلات، حيث أنّ فرضية لعبة توزيع الأدوار أسقطها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلانه قبل أيام قليلة بأنّه وجّه تحذيراً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أي عمل عسكري ضدّ إيران. (يشار في هذا السياق إلى ما كشفته وكالة «رويترز» بالأمس عن رسالة سعودية إلى إيران تتضمن تحذيراً : «إمّا التوصل إلى اتفاق، وإما المخاطرة بضربة إسرائيلية»).

 

على أنّ ما يلفت الانتباه، هو أنّ التقديرات الديبلوماسية تُجمع على أنّ إسرائيل هي المتضرّر الوحيد من الاتفاق الأميركي الإيراني المحتمل، وربطاً بذلك، لا تُخرج تلك التقديرات من حسبانها احتمال لجوء إسرائيل إلى ما تسمّيها مخاطرة باستهداف البرنامج النووي الإيراني. الّا انّ هذا الاحتمال قائم إنما هو ضعيف بمجموعة أسباب:

- الأول هو أنّ إسرائيل لا تقوم بحرب بمعزل عن الولايات المتحدة، ومعلومٌ في هذا السياق أنّ الرئيس ترامب لا يريد إشعال الحروب، وقال إنه آتٍ لإطفاء الصراعات وليس لإشعالها.

- الثاني، هو أنّ الخبراء العسكريين الأميركيين والإسرائيليين على وجه الخصوص، يتقاطعون على تقدير أنّ إسرائيل وحدها لا تستطيع أن تدمّر البرنامج النووي الإيراني، وثمّة تجربة سابقة في هذا المجال حصلت في تشرين الأول الماضي، حينما هاجمت إسرائيل وحدها، أهدافاً عسكرية في إيران، وكان لافتاً تجنّبها استهداف المنشآت النووية، ما يعني أنّها لو كانت قادرة على ذلك لفعلت من دون تردد.

- الثالث، هو الآثار المدمّرة لمخاطرة من هذا النوع على كلّ دول المنطقة من دون استثناء أي منها، وتأثيراتها الدراماتيكية والبالغة الخطورة على مصالح الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة، وعلى السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.

 

استنفار إسرائيلي

وكان الإعلام الإسرائيلي قد كشف بالأمس عن استعدادات إسرائيلية لما سمّاهما سيناريوهين محتملين؛ هجوم إسرائيلي على إيران، أو هجوم إيراني مفاجئ على إسرائيل. حيث كشفت صحيفة «معاريف» العبرية «أنّ وزارات إسرائيلية عدة عقدت اجتماعاً سرّياً مغلقاً، صودرت فيه الهواتف المحمولة من الحاضرين كإجراء أمني، ونوقشت خلاله خطط الإستعداد للسيناريوهين، وجرى التركيز على ضرورة التحضير لسيناريو قد يحدث دون إنذار مسبقٍ كافٍ».

 

وقالت الصحيفة، إنّه «وفق التقديرات السرّية التي تمّ عرضها خلال الاجتماع، فإنّ أي مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران قد تؤدي إلى جولة قتال ممتدة بلا جدول زمني محدّد. وإنّ إسرائيل قد تتعرّض في هذه الحالة لقصف آلاف الصواريخ الثقيلة التي يصل وزن بعضها إلى 700 كيلوغرام. ومن المتوقع أن يُشلّ الاقتصاد الإسرائيلي بالكامل خلال الأيام الأولى (من يومين إلى أربعة أيام)، قبل أن يعود للعمل تدريجياً وفق أنظمة الطوارئ».

وبحسب الصحيفة، فقد شملت خطة الإستعدادات: «فتح كافة الملاجئ العامة البالغ عددها أكثر من عشرة آلاف ملجأ فوراً، تعزيز البنية التحتية للطوارئ، تحديد مناطق الإخلاء الآمنة، توسيع قدرات المستشفيات لاستيعاب الإصابات المتوقعة، تعزيز جهوزية قيادة الجبهة الداخلية».

 

مخاوف على جبهة لبنان

على أنّ الاحتمالات المفتوحة في المنطقة، ترخي بمخاوف على جبهة لبنان، وهو ما أشار إليه مرجع كبير، رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، حيث قلّل من احتمال إقدام إسرائيل على التشويش على المفاوضات النووية وخلق واقع يطيح باحتمالات اتفاق تقتضيه مصلحة الولايات المتحدة. وقال: «المؤكّد هو أنّ إسرائيل تدرك انّها أكثر الخاسرين من هذا الاتفاق، وبالتالي لا تريده أن يحصل، لكنها لن تستطيع منعه. إلّا أنّ الخطر يكمن في محاولتها التعويض عن خسارتها في أماكن اخرى، وربما بالتصعيد على جبهة لبنان».

وأكّد المرجع انّه لا يستند إلى معطيات تعزز هذا الخطر، إلّا انّه لفت إلى أنّ كل الاحتمالات واردة من إسرائيل التي لا تتوانى عن القيام بأي أعمال وخطوات عدوانية، وفي هذه الحالة لن نكون إلّا في موقع الدفاع عن بلدنا. مذكّراً في هذا السياق بما سبق وأكّد عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري بأننا أمام العدوان الإسرائيلي سنكون جميعاً في خط المقاومة، لا بل في صفوفها الأمامية لردّ العدوان.

وحول الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، قال المرجع: «لقد راهنّا على لجنة المراقبة أن تقوم بجهد معيّن وهذا ما وعدت به، لكنّها كمن خرج ولم يعد، علماً انّ الدول الكبرى وفي مقدّمها الولايات المتحدة الأميركية وكذلك «اليونيفيل» مدركة تماماً أنّ الخروقات والاعتداءات والاستهدافات للمدنيين والاغتيالات تأتي من مصدر واحد هو إسرائيل، وانّ من يمنع لبنان من بسط سلطته على كامل سيادته هو أسرائيل. هذا الوضع لا يمكن ان يستمر على ما هو عليه، ونحن حتى الآن نعضّ على الجرح ونصبر، وما زلنا على التزامنا باتفاق وقف إطلاق النار، ونعلّق الأمل على الديبلوماسية التي يقودها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون».

 

أورتاغوس

في هذه الأجواء، بقيت الزيارة المحتملة لنائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس بنداً أساسياً على خط المتابعات الداخلية وموائد التداول في الأوساط السياسية، وسط حديث عن حصول هذه الزيارة خلال الأسبوع الثاني من حزيران المقبل.

وفي زحمة التحليلات المتراكمة قبل وصول اورتاغوس إلى بيروت، يبرز ما يكشفه ديبلوماسي بارز، معروفة عنه خبرته في السياسة الأميركية لـ«الجمهورية»، حيث لخّص ما يحيط بزيارة أورتاغوس بالآتي:

اولاً، الزيارة ليست طارئة او مستجدة، بل هي مقرّرة سابقاً، وأورتاغوس نفسها أكّدت في زيارتها السابقة انّها ستعود في وقت لاحق في زيارة جديدة إلى بيروت.

ثانياً، ثمة مبالغة فاقعة لدى بعض المستويات السياسيّة والإعلاميّة في افتراض جدول أعمال وأجندة مطالب وطروحات وضغوطات تحاكي أهواء ورغبات سياسية ستحملها معها اورتاغوس، فيما لا تبدو في الأفق الأميركي حالياً أيّ خطة محدّدة تجاه لبنان، ما يعني أنّ زيارة أورتاغوس قد لا تخرج عن سياق زيارتها السّابقة، وخصوصاً في مجال التشجيع على الإصلاحات.

 

ثالثاً، ما من شك أنّ ملف سلاح «حزب الله» يشكّل نزعه في كلّ لبنان أولويّة لدى الولايات المتحدة الأميركية، وتبعاً لذلك لا تمانع واشنطن وضع جدول زمني لنزعه في أقرب وقت ممكن، ولكن ما يتصل بملف السلاح أخذه رئيس الجمهورية على مسؤوليته لإيجاد حلّ له عبر حوار مع الحزب، نظراً لحساسيّة هذا الملف، ومعلوم أنّه لم يبدر عن الأميركيين ما يتعارض مع توجّه رئيس الجمهورية، بل على العكس من ذلك، فهم يؤكّدون على دعمهم لعهده، ورغبتهم في تسهيل حكمه. وواضح للجميع انّهم ينتظرون من حكومته إنجازات، ويتجنّبون إثارة أيّ طروحات من شأنها أن تعوق طريق الحكم الجديد في لبنان وتتسبب بتوترات داخلية.

رابعاً، الأهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة في هذه المرحلة، هو بلوغ الإتفاق النووي مع إيران، وعلى خطٍ موازٍ إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأما بالنسبة إلى لبنان فدعمها واضح وكامل للرئيس عون. وتبعاً لذلك فإنّ إدارة الرئيس ترامب ووفق سياسة وقف الصراعات والتوترات، لا تريد ولا ترغب في أن يكون لبنان ساحة متفجّرة.

 

لقاء الرئيسين .. والوضع الحكومي

داخلياً، الوضع الحكومي متموضع على خط التوتر السياسي ربطاً بالسجالات الأخيرة على خط رئيس الحكومة ووزير الخارجية يوسف رجي من جهة، وبين «حزب الله» وحلفائه من جهة ثانية، الأمر الذي حرّك اتصالات على غير صعيد رئاسي وسياسي وحكومي وحزبي لتبريد الأجواء ومنع توسّع الصدوع التي تبدّت في الجسم الحكومي.

وقد كان الوضع الداخلي بكل تطوراته محل بحث بالأمس في اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون برئيس مجلس النواب نبيه بري في القصر الجمهوري في بعبدا. وفيما وصف رئيس المجلس أجواء اللقاء بالممتازة، علمت «الجمهورية» انّ البحث بين الرئيسين تناول أجواء الزيارات الخارجية الأخيرة التي قام بها رئيس الجمهورية، وتشاركا الارتياح للأجواء التي رافقتها، كما تناول الحديث الاستحقاق البلدي، وتشاركا في تقييمه بإيجابية وارتياح. فيما احتلت التطورات الأخيرة في ظلّ الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المناطق اللبنانية جانباً اساسياً في البحث بين الرئيسين.

 

وبحسب المعلومات، فإن الرئيسين تناولا في حديثهما التطورات الأخيرة على الخط الحكومي وما شابها من تشنجات وسجالات وضرورة وقفها وتجاوزها، والتقيا على ضرورة تفعيل العمل الحكومي، ولاسيما في اتجاه إكمال الخطوات الإصلاحية والتي تسرّع في عملية إعادة الإعمار.

يُشار في سياق العمل الحكومي إلى تحضير لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، بعد نهاية العقد العادي الحالي للمجلس الذي ينتهي اليوم 31 أيار، ورجحت مصادر مطلعة أن تمتد الدورة الاستثنائية إلى بداية العقد العادي الثاني للمجلس الذي يبدأ في اول ثلاثاء بعد الخامس عشر من تشرين الاول المقبل.

 

اجتماع أمني

 

ترأس الرئيس جوزاف عون، اجتماعاً أمنياً في قصر بعبدا، حضره وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، قائد الجيش العماد رودولف هيكل، مدير المخابرات العميد أنطوان قهوجي، والمستشار الأمني والعسكري العميد أنطوان منصور. خلال الاجتماع تمّ عرض شامل للأوضاع الأمنية في البلاد، مع تركيز خاص على التطوّرات في الجنوب في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، التي تعوق استكمال عملية انتشار الجيش اللبناني في المنطقة. كما تطرّق المجتمعون إلى الإجراءات المتخذة للبدء بتنفيذ خطة سحب السلاح من المخيّمات الفلسطينية في العاصمة بيروت، تنفيذاً للاتفاق الذي أُبرم خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة إلى لبنان.

ومساء أمس، زارا الرئيس عون والسيدة الأولى الصرح البطريركي في بكركي حيث اطمأنا إلى صحة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد استعادته عافيته بعد الوعكة الصحية التي ألمت به، وكان اللقاء مناسبة لعرض الاوضاع العامة في البلاد. وشكر البطريرك الراعي الرئيس عون وقرينته على زيارتهما.

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الجمهورية