الجمهورية :مُراوحة على كل الجبهات ولا انفراجات... سلام يزور بري: لا تبريد ولا تسخين

الرئيسية صاحبة الجلالة / Ecco Watan

الكاتب : محرر الصفحة
Jun 03 25|09:08AM :نشر بتاريخ

الطاغي على المشهد الداخلي، هي المراوحة على كلّ الجبهات؛ فعلى الجبهة العسكرية، مراوحة أمنية محفوفة بالقلق من تدحرجها إلى وقائع ومنزلقات خطيرة، يُنذر بها تفاقم الإعتداءات الإسرائيلية وما يواكبها من تهديدات يطلقها المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل ضدّ «حزب الله». وعلى الجبهة السياسية، مراوحة مَرَضية خلف متاريس الإنقسام والخيارات والتوجّهات والتناقضات المتصادمة. وعلى الجبهة الحكومية، مراوحة صاخبة بين النقاط الخلافية والملفات الساخنة، تُبقي الحكومة معلّقة على خط التوتر العالي، على رغم من المحاولات التي تكثفت في الفترة الأخيرة لترميم الجسم الحكومي بعد الشقوق والتصدّعات التي أصابته جرّاء السجالات العالية النبرة بين «حزب الله» ورئيس الحكومة نواف سلام.

لا انفراجات

على أنّ الجامع المشترك بين هذه المراوحات؛ الأمنية والسياسية والحكومية بحسب مقاربة رسمية متشائمة لهذا الوضع، هو أنّ أفقها جميعها، لا يَشي بانفراجات، بل هي مفتوحة على احتمالات مجهولة بالنظر إلى تعقيداتها العميقة.

فعلى الجبهة الجنوبية، وفق هذه المقاربة الرسمية المتشائمة، تُجمِع التقديرات السياسية والعسكرية على أنّها الأخطر في ظلّ التفلّت الإسرائيلي من اتفاق وقف إطلاق النار، وأخطر ما يُحيط بهذا الأمر، ليس فقط ما يبدو أنّه تجاهل متعمّد لمطلب لبنان للدول الراعية لاتفاق وقف النار وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، بإلزام إسرائيل باحترام هذا الاتفاق ووقف عدوانها، بل هي المخاوف، التي بُدِئ يُعبّر عنها بصَوت عالٍ في أوساط سياسية وديبلوماسية، من سيناريوهات حربية أكثر قساوة واتساعاً.

على الجبهة السياسية، انقسام غير قابل للرّدم، وظيفته التوتير والتصعيد. وأمّا على الجبهة الحكومية فجمرٌ كامنٌ تحت رماد الإنفعالات والإحتقانات والمشاعر المتبادلة والملفات الحارقة، وقابل لأن يطفو على السطح في أيّ لحظة، على رغم من الجهود الرئاسية والسياسية التي تُبذل لإطفائه ومنع تثبيت قواعد إشتباك وتوتير بين وقت وآخر داخل الجسم الحكومي.

لزوم ما لا يلزم

وسط هذه الأجواء، يُنتظر وصول نائبة الموفد الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس إلى بيروت، خلال الأيام القليلة المقبلة. واللافت في هذا السياق أنّ الوهج الذي أُعطيَ لهذه الزيارة في الفترة الأخيرة، انخفض بصورة ملحوظة بعد الأخبار الأميركية التي تحدّثت عن قرب مغادرة أورتاغوس موقعها وإسناد ملف لبنان إلى شخصية أميركية بدلاً منها. إذ توقفت مزاريب التبصير والتنجيم عن ضخّ التفسيرات والتحليلات والسيناريوهات.

وفيما ذهبت بعض التقديرات إلى وصف زيارة أورتاغوس المرتقبة بأنّها زيارة وداعية... ولزوم ما لا يلزم، كان لمسؤول رفيع رأي آخر، إذ قال رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «لا أستطيع أن أنفي أو أؤكّد ما إذا كانت أورتاغوس ستبقى في موقعها أو ستُستبدَل، خصوصاً أنّه لم يصدر أي تأكيد رسمي أميركي حول هذا الأمر، وفي أي حال وحتى ولو كان خبر استبدال أورتاغوس صحيحاً، فبمعزل عن الأسباب، فهذا لا يُغيّر شيئاً بالنسبة إلينا، فالأشخاص يتغيّرون، وأمّا سياسة الولايات المتحدة فهي عينها لا تتغيّر بتغيّر الأشخاص».

الوزير الإيراني

في سياق الحضور الخارجي في لبنان، تحتل زيارة وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي إلى بيروت صدارة المتابعات الداخلية، وسط تساؤلات حول موجبات هذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات.

على أنّ شحّ المعلومات حول الغاية الحقيقيّة من زيارة وزير الخارجية الإيراني، أطلق العنان للتكهّنات المتضاربة والمتناقضة، بين رافض لها من حيث المبدأ، وفق ما يعكس المنضوُون في الخط السيادي المناوئ لما يُسمّونه المحور المعادي الذي تقوده إيران، وبين مَن يخشى في الخط نفسه من أنّ الغاية منها هي تطمين «حزب الله» ورفع معنوياته المنهارة، والقول بأنّ إيران ستبقى على حضورها إلى جانبه، وهو أمر ضرورة مواجهته بموقف رسمي حازم وحاسم برفض أن يكون لإيران موطئ قدم لها في لبنان، وباحترام سيادة لبنان وعدم التدخّل في شؤونه. وبين قائل في المقابل، وفق ما ورد في بعض التنحليلات، بأنّ الغاية منها إبلاغ «حزب الله» رسالة مباشرة بضرورة التجاوب، مع ما يضمَن الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وخصوصاً في ظلّ التطورات المتقدّمة التي بلغتها المفاوضات حول الملف النووي وقرب التوصّل إلى اتفاق. فيما يبرز في المقابل عدم مقاربة «حزب الله» لهذه الزيارة بأي موقف، بالتوازي مع تأكيد مصدر قيادي كبير في محور «الثنائي الشيعي» رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، على «عدم المبالغة في التفسيرات، وكذلك على عدم المبالغة في الفرضيات غير الواقعية والتعاطي بعدائية مع إيران، فالزيارة وفق مُمهّداتها تندرج في سياق الجولات التي يقوم بها وزير الخارجية الإيرانية على العديد من دول المنطقة، وأمر طبيعي أن يزور لبنان، شأنه في ذلك شأن أي مسؤول من دولة صديقة، وإيران دولة صديقة وتربطها بلبنان علاقات وثيقة به ديبلوماسية وغير ديبلوماسية، وسبق لها أن أعلنت على لسان أكثر من مسؤول إيراني بأنّها إلى جانب جهوزيتها لتقديم المساعدات، تحترم سيادة لبنان، وحريصة على علاقات ممتازة معه، وعلى عدم التدخّل في شؤونه الداخلية».

وبحسب القيادي عينه، فإنّه «ربما قد فات بعض الداخل عندنا بأنّ الدول العربية، ولا سيما دول الخليج وتحديداً السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة تُقيم علاقات شهر عسل مع إيران، والزيارات متتالية في ما بينها على مستوى كبار المسؤولين، فضلاً عن أنّ ايران في مفاوضات مع الأميركيِّين في ما خصّ الاتفاق النووي، والرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدّث عن اتفاق وشيك، فإنّ تمّ هذا الاتفاق فارتداداته الإيجابية ستنسحب على دول المنطقة، ولبنان لن يكون معزولاً عن تلك الإيجابيات في المنطقة، بل ستنعكس عليه بما يفتح آفاقاً كبرى لمزيد من الإنفراج والاستقرار».

تحذير أممي

من جهة ثانية، وفي ظل الحديث المتزايد عن التمديد لقوّات «اليونيفيل» وما يُروَّج عن إدخال تعديلات على مهامها في منطقة جنوب الليطاني، أكّدت مصادر رسمية لـ«الجمهورية» على أنّ موقف لبنان الرسمي يُشدّد على التمسك ببقاء قوات «اليونيفيل» والتمديد لها من دون أي تغيير أو تعديل في مهامها. فيما أكّد ديبلوماسي أممي لـ«الجمهورية»، أنّ «تمديد فترة انتداب قوات «اليونيفيل» مرجّح أن يحصل في الموعد المحدّد».

ورداً على سؤال فضّل الديبلوماسي الأممي ألّا يستبق قرار التمديد، وما إذا كان سيقترن بتعديلات معيّنة في مهام «اليونيفيل»، وأوضح «إنّ تمديد مهام قوات حفظ السلام سيتماشى بالتأكيد مع التطوّرات الجديدة في المنطقة (منطقة عمل «اليونيفيل» جنوب الليطاني بالتنسيق مع الجيش اللبناني)».

وشدّد المسؤول عينه على أنّ لبنان بحاجة ماسّة إلى الإستقرار، ملاحظاً أنّ «الوضع في المنطقة الجنوبية يتسمّ بخطورة كبيرة، ونخشى من انزلاق الوضع إلى تصعيد أكبر في ظل عدم الالتزام الكامل والتام باتفاق وقف الأعمال العدائية التي تطال في جانب منها مواقع وجنود حفظ السلام. وقد راسلنا المسؤولين في لبنان حول هذا الأمر، وكذلك وجّهنا مطالبات متتالية إلى الجانب الإسرائيلي بوقف استهداف «اليونيفيل»، والالتزام بالاتفاق والامتناع عن القيام بالأعمال العدائية، بما يُسهّل على الجيش اللبناني استكمال مهمّة انتشاره في الجانب اللبناني من الحدود في سياق القرار الدولي 1701».

سلام يزور بري

سياسياً، برزت أمس زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقر رئاسة المجلس في عين التينة، حيث عقدا اجتماعاً لأكثر من ساعة، أعلن على إثره سلام: «الموضوع لا «تبريد ولا تسخين»، الموضوع هو ما التزمناه في البيان الوزاري حرفياً، والرئيس بري أكثر من متفهّم لهذا الشيء وهو يَعرف أنّني لم أقل كلمة خارج ما نحن متفقون عليه في البيان الوزاري، وهذا ما صوّت عليه النواب وكلّنا ملتزمون به».

وأضاف سلام: «من جهة ثانية بحثنا مع دولة الرئيس بموضوع إعادة الإعمار في الجنوب، وهو ذكّرني بأنّني قلتُ بأنّني ملتزم بالإعمار، وأكّدتُ له مرّة ثانية أنّني ملتزم بإعادة الإعمار، ونواصل الجهد مع البنك الدولي والدول المانحة لحشد الدعم المطلوب، وإن شاء الله قريباً ترَون من الأموال القليلة التي استطعنا حشدها لليوم كيف سنحرك عملية إعادة الإعمار في الجنوب».

ورداً على سؤال أضاف: «في الموضوع الإصلاحي لم أرَ لدى الرئيس بري أية هواجس، البعض نقل للرئيس بري كلاماً مجتزءاً حول كلام قلته عن السلام أو كلام من هذا النوع، أنا قلتُ إنّني مع السلام المبني على مبادرة السلام العربية التي تقول بحلّ الدولتَين».

وحول حجم الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار، وهل العملية مرتبطة بنزع السلاح، فأوضح: «أولاً نحن بحاجة لأكثر من 7 مليار، التقديرات الأولية للبنك الدولي تُقدِّر الأضرار بـ 14 ملياراً، هل نحن قادرون على جمع 14 ملياراً بشهر أو بسنة أكيد لا، لكن كان طموحنا خلال الاجتماع الذي حصل في واشنطن منذ شهر تقريباً أن نحصل على 250 مليون دولار من البنك الدولي وهذا حصلنا عليه، وعلى 75 مليوناً من الفرنسيِّين. ونحن نسعى إلى اللقاء لنقدر على جمع مليار دولار قريباً، وخلال زيارة الرئيس ماكرون للبنان، وهو كان صاحب فكرة مؤتمر لإعادة الإعمار، لم يكن هناك ربط بعملية سحب السلاح، وأيضاً عندما أقرّ البنك الدولي مبلغ الـ 250 مليون دولار لم أرَ ربطاً بعملية السلاح، فعملية السلاح مسألة موجودة في البيان الوزاري، والذي يذكر بوضوح عن حصر السلاح. وأعتقد كلّنا ملتزمون بها، كما نحن جميعاً ملتزمون بإتفاق الطائف الذي يقول ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية».

وحول العلاقة مع «حزب الله» وإمكانية حصول لقاء مع «كتلة الوفاء للمقاومة» وتصريح النائب محمد رعد، قال سلام: «أنا أيضاً «تارك» للودّ مع الحاج محمد رعد، وسنقابل الودّ بالودّ، وأهلاً وسهلاً بالحاج محمد والحزب، في الوقت الذي يريدونه سواء في المنزل أو في السراي وفي الوقت الذي يختارونه».

وحول موضوع استبدال أورتاغوس، أجاب سلام: «لم نتبلّغ، أنا قرأتُ أنّها ستتسلّم منصباً جديداً في الإدارة».

رعد: شكراً لودّ دولة الرئيس

وفي وقت لاحق، علّق رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على كلام رئيس الحكومة من عين التينة، بقوله: «شكراً لودّ دولة رئيس الحكومة، وسنلاقيه في أقرب وقت وندلي برأينا في ما نراه مصلحةً لشعبنا وبلدنا».

انضم إلى قناتنا على يوتيوب مجاناً اضغط هنا


المصدر : جريدة الجمهورية